|
هل من فائدة تُذكر للتبشير ( أو التبليغ) !!!
توماس برنابا
الحوار المتمدن-العدد: 4114 - 2013 / 6 / 5 - 10:26
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
يذكر سفر أشعياء في العهد القديم (الى الشريعة و الى الشهادة ان لم يقولوا مثل هذا القول فليس لهم فجر (اش 8 : 20) ) والشهادة كلمة يهودية ترادف التبشير في المسيحية أو التبليغ أو الدعوة في الأسلام!! وفي العهد الجديد يقول بولس الرسول (لانه ان كنت ابشر فليس لي فخر اذ الضرورة موضوعة علي فويل لي ان كنت لا ابشر (1كو 9 : 16) ) والمسيحيين يرون في التبشير ضرورة حيوية حيث قال المسيح للتلاميذ (لكنكم ستنالون قوة متى حل الروح القدس عليكم و تكونون لي شهودا في اورشليم و في كل اليهودية و السامرة و الى اقصى الارض (اع 1 : 8) ) !!!
وأنا هنا أتأمل ما الفائدة من التبشير في الأساس؟ هل الفائدة تعود على الله أم الناس أم المُبشر؟!
هل هناك حرب ضروس مستعرة بين قوى الشر متمثلة في إبليس وجنوده وقوى الخير متمثلة في الروح القدس والمؤمنين كما تؤكد هذه الأيات ؟ (التي سلكتم فيها قبلا حسب دهر هذا العالم حسب رئيس سلطان الهواء الروح الذي يعمل الان في ابناء المعصية (اف 2 : 2)....... اصحوا و اسهروا لان ابليس خصمكم كأسد زائر يجول ملتمساً من يبتلعه هو (1بط 5 : 8)....... و انا اعطيها حياة ابدية و لن تهلك الى الابد و لا يخطفها احد من يدي (يو 10 : 28))....فإن كانت هناك هذه الحرب الدؤوب الضروس بين هذه القوى الروحية ( الله وجنوده من الملائكة وأبليس وجنوده من الملائكة الساقطين الشياطين) فماذا يمكن للأنسان الضعيف أن يفعل تجاه هذه القوى؟! ولماذا لا يتولى الأمر الله وملائكته فهم الأقدر والأقوى؟! لماذا يُصدر الله الأنسان الضعيف في حربه مع الشياطين وتنازعهم على أرواح وأنفس البشر؟! ألا يمكن لله أن يتولى أمر الشياطين بنفسه؟! أليس هو القدير كلي القدرة القادر على كل شئ؟! فلماذا يحتاج الى ذراع بشر حيث مكتوب (هكذا قال الرب ملعون الرجل الذي يتكل على الانسان و يجعل البشر ذراعه و عن الرب يحيد قلبه (ار 17 : 5) ) !!! فكيف يتكل الله على الأنسان في أمر تبشير عباده؟! لماذا لا يقوم بالأمر بنفسه بمقدرة عجيبة على مخاطبة الناس والعقول ولو عن بعد أو يكلف ملائكته بهذا الأمر؟!!!
وهل تعود فائدة التبشير على الناس المُبشرين حيث يتم تخليصهم من براثن إبليس والشياطين وإعطاؤهم فرصة للحياة الأبدية التي تبدأ من هنا في الحياة الدنيا؟! نعم ربما تبشير مكلوم أو محزون أو مظلوم أو مُعوز أو جائع أو يتيم بعالم أخر يخلو من المتاعب والانين (و سيمسح الله كل دمعة من عيونهم و الموت لا يكون فيما بعد و لا يكون حزن و لا صراخ و لا وجع فيما بعد لان الامور الاولى قد مضت (رؤ 21 : 4) ).... مثل هذا الأمل قد يرفع من معنويات هؤلاء الناس ويجعلهم يتشبثون بعالم أفضل... ولكنهم يهملون هذه الدنيا وتزداد متاعبهم وأحزانهم وأضطهاداتهم هنا !!! فهذا التبشير والاخبار السارة المُقدمة لهم لهي مثل الأفيون الذي يُخدر العقل عن الواقع المرير أملاً في سعادة وهمية في عالم أخر لا دليل أبداً على صحته و وجوده!!!....... ولكن دعونا نتأمل ما الذي سيحدث أذا تم تبشير كل مصر مثلاً؟! هل يعلم الجميع عدد المسيحيون في مصر من كافة الطوائف؟! البعض يقول تسعة مليون وأخرون يقولون 15 مليون ويبالغ البعض قائلين أن أعدادهم تزيد عن العشرين مليوناً بدليل تعتيم الدولة على عددهم الحقيقي! ولكن كم عدد الكنائس الرسمية في مصر من كافة الطوائف؟...... حسب أخر إحصائية لعام 2007 بلغت الكنائس المصرية المُسجلة نحو 2069 كنيسة !!! أي نعتبرها 2500 كنيسة أذا أضفنا الجمعيات المسيحية والكنائس الغير مُسجلة. هل تعرفون ما معنى هذا؟! معناه أذا أعتبرنا أن متوسط عدد أعضاء ومترددي كل كنيسة 400 عضو من النساء والرجال ( وهذا عدد كبير مبالغ فيه لكنائس مسجلة في الصعيد حيث لا يزيد المقاعد فيها عن خمسين مقعد لخمسين فرد... ولكننا نتحدث في المتوسط لأن هناك كنائس أخرى أعداد الاعضاء تزيد عن الألف) .... هذا معناه أن 2500 كنيسة مضروبة في 400 فرد يكون الناتج مليون مسيحي فقط في مصر متردد على الكنائس... وإذا كنا منُصفين وأضفنا مليونان أخران للأطفال سيكون العدد على أقصى تقدير مبالغ فيه هو ثلاثة ملايين من المصريين المسيحيين يترددون على الكنائس.... بل حتى إن أردت أن تجعل المسيحيين الأخرين الباقيين الذين قد يبلغوا 12 مليون أخرى أن يحضروا الكنائس فلن تجد مكانا ولو موطئ قدم لهم في هذه الكنائس!!! ولذلك ظهرت الحاجة الى القنوات الفضائية للتبشير وعدم جدوى الكنائس في التبشير لهذه الغفور المسيحية التي لم تسمع رسالة المسيح أبداً....فالكنائس بكل مساحتها لن تقوى على إستضافة أكثر من ثلاثة ملايين وفي أوقات مختلفة... لأنها لا تستطيع الا إستضافة مليون واحد فقط في ذات الوقت !!! فما بالك إن فكرت في التبشير لغير المسيحيين؟! وأني أتأمل ماذا سيحدث مثلاً أذا تم تبشير مصر كلها... هل سنتوجه الى بقية الدول في العالم... وماذا أذا أمن العالم كله... هل ستقوم الساعة ويأتي المجئ الثاني؟! أني اتسائل فقط... لأنه رغم جهود المبشرين والناس مصممين على عدم الأستماع! فلماذا إجبارهم وإزعاجهم؟!!!
وهل الفائدة للتبشير تعود على المُبشرين؟! في الأدلجة المسيحية يتأدلج المسيحي على أن قيمته من قيمة دم المسيح الغالي وهدفه الأساسي هو إمتداد ملكوت الله أي التبشير وتبليغ رسالة المسيح لأكبر عدد من الناس ليقبلوا المسيح مخلص شخصي للحياة!!! ويتناسى هؤلاء أي هدف حياتي أخر بل يُخضعوا كل الأهداف الحياتية الثانوية الأخرى لهذا الهدف الأساسي!!! وربما يفشل الانسان في حياته الأجتماعية وفي دراسته لكنه يشعر بالأنجاز حينما يدخل مجال الخدمة المسيحية فيشعر بالنشوة والسعادة أن له هدف في حياته بل ويتمادي الى أن ينتفخ على أقرانه الناجحين في حياتهم المهنية بأن مصيرهم جهنم لأنهم لم يقبلوا المسيح ولم يخدموه بعد مثله !!! أعرف أناس لا حصر لهم فشلة في دراستهم ثم حياتهم المهنية وحينما تم قبولهم في الخدمة المسيحية ( لحكمة واضحة !!!) أنتفخت أوداجهم وأصابهم الكبرياء المغلف بسلوكيات التواضع المبالغ فيه على أخوانهم وأخواتهم بالبيت ثم على الأخرين في الكنيسة والشارع... لا لسبب الا وأنه أخيراً أصبحت لهم قيمة بإعتراف رجال الدين والقسوس ( والشيوخ في الأسلام) وتجدهم يقوموا بالخدمة بتعصب وبتشدد يثابوا عليه !!!!
مما سبق نستنتج أن فائدة ومردود التبشير أو التبليغ في أي دين هو الوهم... إما بأن له الحياة الآخرى السعيدة بدلاً من الدنيا الفانية الشريرة... أو في كون الانسان مُبشر أو خادم... حينما يشعر بأن له قيمة وسط الشعب الذي يخدمهم ويبشرهم بعد فشله ورفضه من المجتمع لأن لا دراسة ولا مهنة له !!!
#توماس_برنابا (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الإختراق الصهيوني للمسيحية !!!
-
الطرب المقدس !!!
-
أليست س – س = صفر ؟!...وأليس الجمع بين الأخلاق ونقيضها في آن
...
-
لماذا القولبة والإستنساخ الفكري ... يا أهل الخير؟!!
-
هل الشعور بالراحة والطمأنينة داخل الكنيسة مصدره إلهي ؟!!
-
أيها الخراف المسيحيون... لماذا تلوموا الذئاب على إفتراسكم ؟!
...
-
ما تفسير مشاعرالتعزية والرهبة التي تنتاب المسيحي ؟
-
عوامل تعرية حصون المتدين الذهنية !!!
-
مغضوب عليهم من الله بلا ذنب أقترفوه -8- التوائم الملتصقة !
-
مغضوب عليهم من الله بلا ذنب أقترفوه -7- الخنثى والعاجز جنسيا
...
-
مغضوب عليهم من الله بلا ذنب أقترفوه -6- ضحايا الكوارث الطبيع
...
-
مغضوب عليهم من الله بلا ذنب أقترفوه -5- الحيوانات !
-
مغضوب عليهم من الله بلا ذنب أقترفوه -4- المعوق !
-
مغضوب عليهم من الله بلا ذنب أقترفوه -3- الأجنة والاطفال الرض
...
-
مغضوب عليهم من الله بلا ذنب أقترفوه -2- المثلي !
-
مغضوب عليهم من الله بلا ذنب أقترفوه -1- أبن الزنا !
-
عقل المتدين المُجزء !!!
-
الإله الذي يُشمخ عليه !!!
-
الإله الشحاذ !!!
-
التدرج السُباعي نحو الإلحاد الواعي !!!
المزيد.....
-
وجهتكم الأولى للترفيه والتعليم للأطفال.. استقبلوا قناة طيور
...
-
بابا الفاتيكان: تعرضت لمحاولة اغتيال في العراق
-
” فرح واغاني طول اليوم ” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 اس
...
-
قائد الثورة الإسلامية: توهم العدو بانتهاء المقاومة خطأ كامل
...
-
نائب امين عام حركة الجهاد الاسلامي محمد الهندي: هناك تفاؤل ب
...
-
اتصالات أوروبية مع -حكام سوريا الإسلاميين- وقسد تحذر من -هجو
...
-
الرئيس التركي ينعى صاحب -روح الروح- (فيديوهات)
-
صدمة بمواقع التواصل بعد استشهاد صاحب مقولة -روح الروح-
-
بابا الفاتيكان يكشف: تعرضت لمحاولة اغتيال في العراق عام 2021
...
-
كاتدرائية نوتردام في باريس: هل تستعيد زخم السياح بعد انتهاء
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|