أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ليديا يؤانس - مَنْ هُوّ الله حتى أُطيعه؟ (02) هل حقاً موجود؟















المزيد.....

مَنْ هُوّ الله حتى أُطيعه؟ (02) هل حقاً موجود؟


ليديا يؤانس

الحوار المتمدن-العدد: 4114 - 2013 / 6 / 5 - 02:23
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


طَرَقتْ على المِنضدة بقبضةِ يدها بقوةٍ فإنسَكَبتْ القهوة على أوراقي التى أمامي. كُنتُ جالسة في تيم هورتونز "Tim Hortons" مقهى عِندنا يُقدم المشروبات والمأكولات الخفيفة وكنت أحاول التركيز في كتابة موضوع. ثارغضبي على ضياع ما كَتبتهُ وحدقتُ بِها! قالت بلكنة إنجليزية آمرة "أريد أن أتكلم مَعكِ!"
فتاة في سِنْ المُراهقة ترتدى ملابس رثة قذرة تُغطي القليل مِنْ جسدها القذر وشعرها المُلبد الذى لم تغسله أو تُمشطة يمكن مِنْ شُهور. أخذتُ حقيبة يدي لأُعطِيها بعض الدولارات لِشراء قهوة وساندوتش، أنني أعرِفهُم هؤلاء الذين سُكناهُمْ الشوارع والذين يُعرفون بإسم هومليس "Homeless". قالت بإصرار "أُريد أن أتكلم مَعكِ!" أفسحتُ لها بجانبي وأستطرَدَتْ قائلة: نشأتُ في منزل يقولون أنهُم يؤمِنون بالله ولكن ليس هُناك أى دليل على ذلك. أبي وأُمي كانا مُدمِنان الخَمر ودائمي الشِجار وأنا آخر شئ يُفكِران فيه.
أدمنتُ المُخدرات والجنس وأصبحتُ منبوذة مِمن حَولي، شَعرتُ بالمرارة والوحدة وحاولتُ الإنتحار. سُجِنت بسبب الإدمان ووضعوني في مصحة للعلاج. في هذة الظروف الصعبة كُنتُ أتمني أن يكون هُناك إله يرعاني! هل حقاً الله موجود؟

من أكثر وأصعب المواضيع جَدلاً هو "الإيمان بوجود الله." البعض لا يعتقِدون بوجودهِ، والبعض لا يعتقدون أنهُم في إحتياج لوجوده، والبعض الآخر يعتقِدون بوجودهِ.

لماذا بعض الناس لا تؤمن بوجود الله؟
لأنه مِثل هذة الفتاة المُراهقة، البعض يشُك في أن الله موجود بسبب الذين يقولون أنهُم مؤمنون ولكن لا توجد أى أدلة في حياتهم تُثبِت ما يقولونه.

عندما سألت صديقي رئيس تحرير إحدى الجرائد عن وجود الله، قال طبعاً أؤمن بوجود الله ولكن لا أُريدهُ أن يقول لي ماذا أفعل! ولا أُريدهُ أن يسألني عن تصرفاتي.

صاحب محطة بنزين قال لي: رائد فضاء روسي سافر بعيداً في الفضاء وحينما رجع قال أنهُ ليس هُناك أى علامات على وجود الله... إذا كان الله موجود فهل هُناك وسيلة لإثبات وجوده؟

البعض يعتقدون أن بعض الناس تؤمن بوجود الله لإنهم فشلوا في حياتهم ولديهُم مشاكل شخصية. أنهُم يرون الله كالعُكاز الذى يتكئ عليه ذوي الحاجات والظروف الصعبة.
قال لي ضابط البوليس البولندى ذو الثانية والخمسون عاماً أنني أرى الله كشئ يحتاج إليه الأطفال والنساء والعجزة والمحتاجين. الضابط عِندهُ ثقة شخصية! وقليل مِنُ الكبرياء! ولكِنهُ لم يرى إحتياجه لله وبالتالى يعتقد بعدم وجود الله.

بعض الناس يقولون شيئاً واحداً وهُوّ: أنه لا يُمكنك معرفة ما إذا كان هُناك إله أم لا! يبدو أنهم يتجاهلون حقيقة هامة أننا غالباً ما نتجاهل ما يعرفه الآخرون!

البحث عن المجهول قد يؤدى بنا إلى إنكار شئ موجود فعلاً، وذلك ببساطة لأننا لا نراه أو نفهمه. فمثلاً أنت تُؤمِنْ بالكهرباء ولكنك لا تراها ولكن إن وضعت إصبعك داخل قبس الكهرباء حينئذ ستؤمن أنه يوجد كهرباء.
أنا شخصياً تقابلت مع مؤمنين يَندرِجون تحت هذا التصنيف ببساطة لأنهم لا يرون شيئاً ملموساً، أنهم يخشون أن ينكروا وجود الله ولكن قلبهم يشك في وجوده.

لماذا بعض الناس لا يعتقدون في إحتياجهم لله؟
البعض لم يعترفوا بأنهم لا يؤمنون بوجود الله، ولكن نمط حياتهم وأولوياتهم وتصرفاتهم غالباً ما تُظهِر العكس. أنهم يعيشون حياتهم كما لو أن الله غير موجود، أنهُم لا يعيرون أى إهتمام لحضوره أو سلطانه عليهم. كثيراً ما نسمع "الحياة قصيرة جداً يجب أن نعيشها!" عبارة متداولة على ألسنة الكثيرين الذين يتهافتون على مباهج الحياة وكل ما هو مادي.

في البلاد الرأسمالية مثل أمريكا وكندا وغيرهما الناس يشعرون بالغِطاء الأمني وبالتالى يشعرون بقيمة أنفُسهم وإمكانياتهم المادية والعلمية وبالتالى تراهُم في وقت الإزدهار المادي ليسوا في إحتياج إلى الله.
لذا اليهود يُدركون المخاطر التى تَحدُث مِنْ الإزدهار المادي لإن الكتاب يقول في (تثنية 8: 11-14) " إحترز مِنْ أن تنسى الرب إلهك ولا تحفظ وصاياه وأحكامه التى أنا أوصيك بها اليوم لئلا إذا أكلت وشبعت وبنيت بيوتاً جيدة وسكنت وكثرت بقرك وغنمك وكثرت لك الفضة والذهب وكثر مالك يرتفِع قلبك وتنسى الرب إلهك الذى أخرجك مِنْ أرض مصر مِنْ بيت العبودية."

الناس غالباً لا يركزون على الله والحياة الأبدية إلى أن يحدث شئ مأساوي في حياتهم، حينئذ يبدأون في التفكير في الله.

كثيراً ما عَلَمَ يسوع المسيح عن خُطورة الماديات لإن الأشياء المادية لا تأتي بسعادة، وأيضاً بالإحصائيات أكثر ناس غير سُعداء في العالم هُمْ الأغنياء. ولهذا بكِثرة إعتمادنا على الأشياء التى لدينا لا نشعر بالحاجة إلى الإعتماد على الله. أراني أسمع لسان حال الغنى يقول: إني أنا غني وقد إستغنيت ولا حاجة لي إلى شئ!
واحداً مِنْ الأغنياء قال لي: ما الذى مُمكِن أن يُعطيه الله لي وهو ليس عِندي؟ قُلت: الحياة الأبدية! الرجل إعتبر ما سمِعهُ مِني أسوأ ما سمع في حياته!

لماذا بعض الناس يؤمنون بوجود الله؟
رُبما لأنهم نشأوا في عائلات مؤمنة وتوارثوا الإيمان أباً عن جِدْ.
رُبما لأنهم آمنوا نتيجة البحث والدراسة والإقتناع، وكما يقول أينشتاين العالم الفيزيائي: العلم بدون دين أعرج والدين بدون علم أعمى.
البعض يعتقد بأن هُناك إلهاً كما في الديانات اليهودية والمسيحية والإسلام وهو ما يُعرف بالإيمان بالله الواحد. المؤمنون بالله يعتقدون أن الله لهُ كيان شخصي أو بطريقة ما نشعُر بهِ أو نعرفه كشخص.

شخص الإنسان إما أن يكون ذكراً أو أنثى ولكن شخص الله بالطبع لا هو ذكر ولا هو أنثى.
نقصد بالشخص أى الفرد بكل تصرفاته وأفعاله وحركاته مثل المشى والجلوس والكلام والسمع والبصر مع الفارق بأن الله يملُك القوة المُطلقة. مِنُ المُفترض أن قوة الله غير محدودة فهو يعمل أى شئ بقوته وفي نفس الوقت لا يحتاج إلى عضلات أو عظام لأداء ما يقوم به.
المؤمن يؤمن بأن الله لديه القدرة على الخلق والحفظ والإبادة وأنه قادر على أن يُحرِك المخلوقات والكواكب والجبال والمصادر المائية، أما الإنسان بفكره وإمكانياته العلمية والتكنولوجية فهي محدودة.

أى من هذة الديانات الأَصَحْ؟
كثيراً مِنْ الشر في أيامنا هذة يُصنع بإسم الدين وبالرغم مِنْ ذلك مُعظم الناس في العالم يؤمنون بوجود الله. مُمكِنْ لا يتفقوا في مَنْ يكون هُوّ؟ ومالذى يستطيع أن يعملهُ أو لا يعملهُ؟

بعض التعاليم الدينية وصلت لنتائج ضارة لأنها غالباً تجعل الناس يتيهوا ويلفوا في حلقة مفرغة وبالتالى تضيع الحقائق.

بعض المؤمنين يُحِملون الناس أحمالاً ثقيلة. فنجد مثلاً هِتلر إستخدم الدين ليتلاعب بوجهة نظر الناس وسلوكياتهم تجاه اليهود.
بإسم الدين أُُتِهمَ العالِمْ الفلكي والفيلسوف والفيزيائي الإيطالي جاليليو بالهرطقة لأنه إعتقد بأن الأرض تدور حول الشمس.
أيضاً بإسم الدين وإكرام الله كثيراً مِنْ الحروب إشتعلت والآف الناس تدمروا.

إذا أدى الإيمان بالله إلى الكثير مِنْ المُعاناة والمآسي، كيف يكون لدينا الثقة فيما يقوله لنا الرُعاة والمُبشرين عن الله؟ وكيف نصدق ما يزعمون إثباته من خلال كُتبهم؟

كل أصحاب ديانة أو عقيدة عِندهُم ثقة كاملة بأن ديانتهُم وكِتابهُم مُقدسْ ويقول الحقيقة عن الله. اليهود يرجِعون إلى التوراة (العهد القديم)، والمسيحيين يرجِعون إلى العهد القديم والعهد الجديد معاً، والمُسلمين يرجِعون إلى القرآن... ولكن أيهُم الأَصَحْ؟ المُورمون يرجِعون إلى كتاب مورمون. وأيضاً كُتب كونفوشيوس وبوذا وكِبار المُفكرين الهُندوس جميعهُم مكتوبين لمُساعدة الناس على فِهم وجود وحضور الله... ولكن أيهُم الأَصَحْ؟
عدد الطوائف والمذاهب والمعتقدات الدينية في العالم شئ مُذهِلْ... ولكن أيهُم الأَصَحْ؟

البعض يُجادل في وجود الله ببساطة لوجود العديد مِنْ وجهات النظر الدينية في العالم اليوم. أنهم يتكلمون في "عالمية فكرة الله!" وهذا جعل الناس تُحاول التأكد مِنْ حقيقة وجود الله. والكثيرين أيضاً أُحبِطُوا بهذة التعددية والإختلافات وتوقفوا عن البحث وإكتفى كُلْ مِنهُم بقوله "أنا أعرِفْ الصَحْ!"

وجود الإنسان في حد ذاته أكبر دليل على وجود الله. بالطبيعة الله بداخلنا لأنه حينما خلق آدم نفخ فيه وهذة النفخة مِنْ روح الله. وعلى ذلك الإنسان بالطبيعة يوجد بداخله الله... ولكن الله الذى بِداخِلك ينتمى لأى دين أو وِجهة نظر أو عقيدة؟

وللحديث بقية......



#ليديا_يؤانس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- باباً مفتوحاً
- مَنْ هُوّ الله حتى أُطيعه؟ (01) تساؤلات وإستفسارات
- تمرد أصحاب الحق
- عايزين نِفرَح!
- لماذا تبكين؟
- مِنْ -بَرْ- ل -بَرْ- وَالمِسكِينْ لَيسَ لهُ بَِرْ
- ََتسَاقَطَتْ الآمَالْ وَلَكِنْ!
- هل بِصلب يسوع المسيح غُفِرتْ كُلْ الخَطَايَا؟
- مِنْ أى روح أَنتُمْ؟
- الشَيطان فَقَدَ عقلهُ
- أَطفَالْ بُؤسَاءْ
- كَيفَّ يَكُون هَذَا؟
- الجُمعة العَظيمة أَمْ الحَزينة!
- مِحتَاجِينْ زِيَارةِ إلِهيةِ!
- النَاصِري والنَصَارى والنَاصِريِيِنْ
- العُنفْ دَليلْ الضَعفْ
- المرأة في مَحكَمِة الإنسانية
- هل هذا جوع جنسي ولا .......؟
- أرسلتُكُم للعالم لا لِتُهينوا العالم!


المزيد.....




- عمال أجانب من مختلف دول العالم شاركوا في إعادة بناء كاتدرائي ...
- مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى بحماية شرطة الاحتلال الإسرائي ...
- أجراس كاتدرائية نوتردام بباريس ستقرع من جديد بحضور نحو 60 زع ...
- الأوقاف الفلسطينية: الاحتلال الإسرائيلي اقتحم المسجد الأقصى ...
- الاحتلال اقتحم الأقصى 20 مرة ومنع رفع الأذان في -الإبراهيمي- ...
- استطلاع رأي إسرائيلي: 32% من الشباب اليهود في الخارج متعاطفو ...
- في أولى رحلاته الدولية.. ترامب في باريس السبت للمشاركة في حف ...
- ترامب يعلن حضوره حفل افتتاح كاتدرائية نوتردام -الرائعة والتا ...
- فرح اولادك مع طيور الجنة.. استقبل تردد قناة طيور الجنة بيبي ...
- استطلاع: ثلث شباب اليهود بالخارج يتعاطفون مع حماس


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ليديا يؤانس - مَنْ هُوّ الله حتى أُطيعه؟ (02) هل حقاً موجود؟