|
فكرة ربط نهرى النيل والكونغو بين الحقيقة والخيال العلمى
رياض حسن محرم
الحوار المتمدن-العدد: 4113 - 2013 / 6 / 4 - 15:07
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
هذه الفكرة ليست جديدة فعمرها يزيد على قرن من الزمان حينما أعد مهندس الرى الإنجليزى "وليم جارستين" عام 1904 تقريرا عن زيادة مياه النيل لتنامى الحاجة الى استصلاح مزيد من الأراضى الزراعية وطرح فى تقريره عدة مقترحات منها تجفيف المستنقعات وشق قناة جونجلى ومنها كذلك فكرة ربط أحد روافد نهر الكونغو بالنيل الأبيض لزيادة تدفق المياه بنهر النيل، وظل هذا المقترح محل نقاش يهدأ أحيانا ويطفو الى السطح عندما تواجه المصريين مشكلة للنهر تنذر بنقص مياهه. لماذا نهر الكونغو؟: نهر الكونغو يعد من أكبر أنهار العالم بعد الأمازون من حيث حجم المياه التى يحملها حيث يحمل الكونغو سنويا 1450 مليار متر مكعب، أى تزيد بحوالى 17 ضعفا ما يحمله نهر النيل عند أسوان اى حوالى 84 مليار متر مكعب، ويبلغ طول نهر الكونغو من منبعه ببحيرة تنجانيقا فى زامبيا الى مصبه بالمحيط الاطلنطى 4700كم ولكنه رغم قصره النسبى فإنه يعد النهر الأعمق فى العالم حيث يصل متوسط عمقه الى220 متر، والميزة الأساسية أن مياه هذا النهر تتدفق طوال العام وليست مرتبطة بموسم الفيضان لفترة محدودة مرتبطة بسقوط الأمطار فى موسم واحد فقط، وتشارك فى دول حوض الكونغو تسع دول هى أنجولا وبورندى والكاميرون وافريقيا الوسطى وجمهوريتى الكونغو الديموقراطية والشعبية ورواندا وتنزانيا وزامبيا وبعضها يتشارك فى حوضى النهرين النيل والكونغو، ويتيح التدفق المستمر للمياه إمكانية توليد طاقة كهربية هائلة تعد الأكبر فى العالم، علما بأن معظم دول حوض الكونغو تعتمد فى مشاريعها الزراعية على مياه الأمطار لذا فإن كامل كمية المياه تقريبا تذهب الى المحيط بدون استخدام لهذا لا توجد أى منازعات بين الدول المتشاركة فى اقتسام حصص المياه. إن أى تفكير جاد فى إمكانية الربط بين نهرى النيل والكونغو يستلزم أن تجرى دراسات علمية متعمقة تشمل الدراسات الهندسية والهيدرولوكية والاركيولوجية والاقتصادية والاجتماعية والبيئية من مختلف جوانبها قد تمتد لعدة سنوات يشارك فيها جهات دولية متخصصة، على أن الأهم من ذلك هو الحصول على موافقة الدول التسع المتشاركة فى حوض الكونغو وأعتقد أنها عملية معقدة وصعبة وتحتاج الى مفاوضات شاقة وطويلة مع تلك الدول، وعلينا أن نضع فى الحسبان مصلحة هذه الدول فى الموافقة على هذا المشروع والمقابل المادى الذى تتحمله الميزانية المصرية من مساعدات تقنية ومادية لأخذ تلك الموافقات علما أن الدول المتشاركة فى الحوضين بيننا وبينها مشاكل متعددة ليس أهونها أنها قد وقعت على اتفاقية عنتيبى ولا تعترف بالحصص المخصصة لمصر والسودان، كما لا يجب أن نهمل الدور الإسرائيلى المعاكس لاى مشروع تنموى مصرى وخاصة انها أقامت علاقات وثيقة مع نلك الدول، ويجب أن نضع فى الحسبان أن مصر والسودان أعلنت إحتجاجها على قيام إحدى هذه الدول ( تنزانيا) ببناء سد "شين يانقا" لمياه الشرب وليس للرى من بحيرة فيكتوريا والذى يستهلك أقل من نصف مليار متر مكعب من مياه البحيرة الأمر الذى يؤدى عمليا لنقص المياه الواردة لمصر والسودان بأقل من 30 مليون متر مكعب، وقد تجاهلت تنزانيا هذه الإحتجاجات وأكملت مشروعها. إن إتفاقية تقسيم مياه النيل الموقعة عام 1959 والتى تعتبرها الدول الأربع المتشاركة فى الحوضين ( بوروندا ورواندا وتنزانيا والكونغو) مجحفة بحقها وتمت بضغط من دولة الإحتلال ولا تعطى لهذه الدول أية حقوق فى المياه وإقامة مشاريع على النهر، وقد تمت تلك الاتفاقية بينما عدد سكان مصر فى حينها 25 مليون نسمة والسودان 12 مليون، علما بأن عدد سكان مصر وحدها سوف يصل الى 100 مليون خلال عدة سنوات والسودان كذلك سيتضاعف عدد سكانها عدة مرات ولا ننسى ان الدولة الوليدة فى جنوب السودان تطالب بحصتها المستقلة من المياه أيضا. مزايا الربط بين النهرين: 1- يوفر الربط لمصر زيادة فى عائد المياه يصل الى 95 مليار متر مكعب يمكن أن تزيد الرقعة الزراعية الى 80 مليون فدان وإمكانية توليد كهرباء تصل الى 18 الف ميجاوات بما يساوى أكثر من 10 أمثال ما يتم توليده من السد العالى حاليا. 2- يحقق الربط درجة عالية من الأمان المائى لمصر بحيث لا يرتبط بمستوى الأمطار السنوى على هضبة الحبشة. 3- يمكن فى حال تنفيذ هذا المشروع إنشاء خط تنموى يصل من مدينة كيب تاون جنوبا الى الأسكندرية شمالا. الصعوبات الجغرافية المحتملة للمشروع: 1- بالنظر الى الطبيعة الطبوغرافية لنهر الكونغو فإن مياه النهر تتدفق فى إتجاه معاكس لنهر النيل وفى حال الرغبة فى إعادة توجيه مسار هذه المياه فإنه يستلزم إقامة قناة على مسافة 1000 كم تقريبا فى منطقة إستوائية شديدة الوعورة ممتلئة بالغابات والمستنقعات وبها اختلافات كثيرة فى مناسيب المياه. 2- يوجد شك فى مدى استيعابية نهر النيل لهذا التدفق الكبير للمياه من نهر الكونغو وقدرة السد العالى على مواجهة هذا التدفق وامكانية حجز المياه ببحيرة ناصر. علينا أن ندرك أيضا طبيعة الصراعات الداخلية والقبلية والحروب الأهلية فى تلك الدول التى يمكن أن تعيق التنفيذ فى أى مرحلة، ومشروع قناة جونجلى الذى أوقفته الحرب الأهلية بين شمال السودان وجنوبه ليست بعيدة، على أن فكرة دراسة هذا المشروع تستحق درجة عاية من التفكير المستقبلى والجرأة الخيالية.
#رياض_حسن_محرم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
جوزيف روزنتال..ذلك الشيوعى التائه
-
تجربة اليسار فى أمريكا اللاتينية
-
من التاريخ الفضائحى للإخوان.. عبد الحكيم عابدين ونساء الجماع
...
-
إغتيال حسن البنا ... حصاد العنف
-
إيران والإخوان المسلمين
-
يهود مصر .. عود على بدء (2)
-
يهود مصر ..عود على بدء
-
سؤال الوقت... كيف؟
-
تحية فخر واعزاز الى أحفاد -محمد نور الدين-
-
الإخوان المسلمون ..محنة رابعة أم جرس النهاية
-
البلتاجى ...تلك الشخصية الغامضة.. طبيب أم جنرال
-
ما أشبه الليلة بالبارحة.. بين مارس 54 ونوفمبر 2012 وتبادل ال
...
-
الإعلان الدستورى الجديد شرعنة لدولة فاشية
-
ساعة ونصف من المتعة والنكد
-
من التاريخ الأسود للإخوان ...إن لله جنودا من حلاوة
-
الصراع مع إسرائيل..والثورات العربية
-
وحدة فصائل اليسار... وحتى لا تفلت اللحظة
-
انتخابات المجلس الوطنى الليبى، أول إنتصار كبير للتيار المدنى
-
عملية رفح... محاولة لتفكيك الحدث
-
عملية سوزانا..فصل فى الصراع العربى الإسرائيلى
المزيد.....
-
ماذا يعني إصدار مذكرات توقيف من الجنائية الدولية بحق نتانياه
...
-
هولندا: سنعتقل نتنياهو وغالانت
-
مصدر: مرتزقة فرنسيون أطلقوا النار على المدنيين في مدينة سيلي
...
-
مكتب نتنياهو يعلق على مذكرتي اعتقاله وغالانت
-
متى يكون الصداع علامة على مشكلة صحية خطيرة؟
-
الأسباب الأكثر شيوعا لعقم الرجال
-
-القسام- تعلن الإجهاز على 15 جنديا إسرائيليا في بيت لاهيا من
...
-
كأس -بيلي جين كينغ- للتنس: سيدات إيطاليا يحرزن اللقب
-
شاهد.. متهم يحطم جدار غرفة التحقيق ويحاول الهرب من الشرطة
-
-أصبح من التاريخ-.. مغردون يتفاعلون مع مقتل مؤرخ إسرائيلي بج
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|