|
الى اين نحن ذاهبون ؟
جمال الهنداوي
الحوار المتمدن-العدد: 4112 - 2013 / 6 / 3 - 21:22
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
تثير الاحداث المؤسفة التي تعصف بالمشهد السياسي والامني الكثير من الجدل هذه الايام –وبنحو مقلق-عن ماهية العلاقة التي تربط بين ابناء الشعب العراقي وعن طبيعة التعايش المستقبلي بين مكونات الوطن واطيافه وعن الاطار الجامع التي يجب ان نتقدم به الى الآخر القابع فيما وراء الحدود والذي يتابع نفس هذا التدافع وان كان بقلق اقل.. والمقلق في هذا الجدل انه يبدو انه قد حسم امره تجاه تثبيت صورة العراق على انه اطار قسري لجمع خليط من الاقوام والمتبنيات المتنافرة على ارضية وواقع الخلاف الداخلي المستمر مما يقدم المناخ الملائم لكل هذا الانحراف الذي نرتطم به يوميا نحو المنعطفات العنصرية والطائفية والقبلية بسلاسة ويسر تتعارض مع الممارسة الطويلة للتعايش والتواشج المستند على وحدة الدين والتاريخ والجغرافيا. ومثل هذا الخلل للرؤية الوطنية الجامعة يكون اكثر تطرفا وانغلاقا عند الحديث عن الوجهة الحضارية المستقبلية وعن الهوية التي نودّ أن نُعرف بها..وفي الاجابات على الاسئلة الحائرة حول من نحن، وما هو تاريخنا المشترك، وماذا يجمعنا حالياً، وما هو الرمز او الخطاب الذي يعبر عن كينونتنا الوطنية ..والاهم هو الى أين نحن ذاهبون. لم يكن من المنتظرأن تصل الأوضاع الحالية إلى ما وصلت إليه من تأزيم لولا ذلك الاسراف في كل تلك الشعاراتية والتحشيد «الإيديولوجي» المركبة تركيبا قسريا على الواقع العراقي والتي اعتمدت الانغلاق والتقوقع والتريب المستمر من الآخر المختلف فرعيا كأساس مكين لتحليل طبيعة الوضع والعلاقات على الارض. والمؤسف ان هذا التوجه ليس ممارسة تختص بها القوى المناهضة للعملية السياسية بقدر تمددها وشمولها لفئات مشاركة محسوبة على السلطة.. الخطورة في هذا التوجه الذي اصبح يقترب من الممارسة اليومية تكمن في تذبذبه المتعدد الاتجاهات بناء على معطيات وتحولات الاحداث الاقليمية والدولية وتجاوزه لمصالح وتطلعات وآمال الشعب العراقي –حتى لدى الاطراف التي تدعي احتكار الخطاب والتمثيل الفئوي –نحو تغليب مطامح ومطامح واجندات قوى وكيانات خارجية تجد مصلحتها في استمرار التناقض بين مكونات الشعب العراقي الواحد.. قد يكون مخرجاً-ومبرئاً-للبعض احالة الاحتقانات الطائفية والايديولوجية التي يعاني منها المجتمع الى كونها ناتجا عرضيا لنشاطات بعض الاحزاب والتيارات السياسية او للممارسات الاعلامية المغذية للتقاطع الفئوي وتغليب الاطار النمطي للمجتمع ..ولكن هذا لا ينفي انه سيكون من الاجحاف الشديد نقل هذه الامور من خانة العوارض الى المسببات.. فلن نكون مجانبين كثيرا للصواب لو توجهنا باللوم الى الهيكلية السياسية واسلوب ادارة العملية السياسية في العراق ضمن اطارها المؤسسي في الدولة، وتهاونها في تحصين المجتمع من انعكاسات هذه العوارض والتفلتات على المجتمع والحياة العامة والى هذه الدرجة من السوء الاقرب الى التخريب المتعمد.. وان الدولة مطالبة في ان تزامن جهدها الامني في محاربة قوى التطرف والارهاب مع مناهضة الخطاب الافنائي المتطرف المتصاعد من جميع القوى والكيانات السياسية رغم تباين طروحاتها ورؤاها ومتبنياتها الايديولوجية.. ان الدولة مطالبة بتخليق واستنباط الوسائل التي تحقق الاندماج بين جميع اطياف الشعب واعلاء الشعور بالمواطنة الحرة الجامعة ..بدلا من الانحدار نحو الانتماءات الطائفية والعرقية المشظية لمجمل التاريخ النضالي المشترك لقوى الشعب ضد الديكتاتورية والاستبداد وسياسات الاقصاء والتهميش والاستئثار..وعلى الدولة ان تكون الوعاء الحاضن للجميع ..وان تحافظ على مسافتها من الجميع ..وان تكون الخيمة التي يستظل بها الجميع.. نعتقد ان الأوان لم يفت بعد على ان ننفتح على إمكانات التواصل مع بعضنا بعضا..وان الدولة ما زالت في الموقع الذي يؤهلها للمبادرة في اعلاء مبدأ سيادة القانون وحل الخلافات عن طريق احترام الدستور والاحتكام اليه واشاعة ثقافة مناهضة لممارسات القوى المعادية للحرية والديمقراطية وحقوق الانسان والتي تجد في عتمة الغبار التي يثيرها التعثر الرسمي في حل التناقضات السياسية وسيلة مثلى للامعان في سياسات التشهير والتشطير عن طريق اشاعة العنف والتخريب والتحريض وانتهاك حقوق المواطنين و تحشيد الكتابات المتطرفة التي تحاول ربط مجريات الأوضاع الداخلية بما يدور حاليا على المستوى الإقليمي أو العالمي. واننا نستطيع من خلال الحوار والمكاشفة والاحتكام الى الآليات الديمقراطية والدستورية ..ان نعمل على معالجة المتعلقات والمخلفات التي ما زالت تحتاج الى الكثير من البحث والدراسة المعمقة والواعية والمستندة الى الوضوح والشفافية والطرح الحر الشجاع..وليس عن طريق اللجوء الى استخدامات الامكانات المجتمعية والمؤسسية في ادارة النزاع والصدامات السياسية..
#جمال_الهنداوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ما زال هناك وقت للحوار
-
جريدة التآخي..عقود من الحب
-
فتنة مفتحة العيون
-
حرب الروايات
-
ما بعد المسائلة والعدالة
-
قطري حبيبي
-
هيمنة ..أم تأهيل
-
جهاد النكاح..ما الغريب
-
اللجان التفاوضية ومشكلة التمثيل
-
صراعات قد لا تحل بالعصي
-
لا حياد مع الارهاب
-
تقية جون كيري
-
جحر واحد وعشرات اللدغات
-
القرضاوي..في خريفه
-
سيدي رئيس مجلس النواب..لم تكن موفقا
-
حديث الاستقالة
-
مأزق المثقف تحت ظلال المنابر
-
عمائم ملونة..افق كالح
-
الشعار..بين الواقعية والتلفيق
-
نأمل بالحب..
المزيد.....
-
السعودية.. شقيقة الأمير الوليد بن طلال وابنة الأميرة منى ريا
...
-
البحرية الكورية الجنوبية تجري أول مناوراتها في 2025
-
عبد العزيز آل سعود: كيف استطاع -نابليون العرب- توحيد المملكة
...
-
في ذكرى 6 يناير.. ذكريات الهجوم على مبنى الكابيتول الأمريكي
...
-
عودة ترامب تربك حسابات أوروبا في علاقاتها بروسيا وأوكرانيا
-
عاصفة تهدد 62 مليون أمريكي
-
انهيار جسر في ولاية أوريغون أثناء مرور قطار شحن عبره (صورة)
...
-
أنقرة: نحو 40 ألف سوري عادوا من تركيا إلى وطنهم منذ الإطاحة
...
-
مشروب بثلاث مكونات قد يساعدك على -تنظيف القولون وفقدان الوزن
...
-
-آبل- تتوصل لتسوية بقيمة 95 مليون دولار في قضية التجسس على م
...
المزيد.....
-
الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات
/ صباح كنجي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت
...
/ ثامر عباس
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|