|
كسر الجمود والتطبيع
ريما كتانة نزال
الحوار المتمدن-العدد: 4112 - 2013 / 6 / 3 - 13:18
المحور:
ملف - القضية الفلسطينية، آفاقها السياسية وسبل حلها
يحق للبلد أن تلطم على وجهها لدى كل لقاء تطبيعي مع الاحتلال، وأن تطأطئ رأسها المدن التي شارك أبناؤها بالمحافل التطبيعية في واقع تجافيه الحياة الطبيعية. ويحق "لنابلس" وغيرها أن ترش كنافتها بالماء المملَّح عوضا عن تقطيرها بالسكر، ويحق للهيئات الوطنية والاجتماعية إصدار البيانات والمواقف لتعرية اللقاءات والضغط لكبح جماح الراكضين خلف مصالحهم وأوهامهم. لا أحد يرى بأن اللقاءات المشتركة تذهب الى أي مكان وطني، عدا عن أنها تتم في الوقت الذي يستبيح الاحتلال فيه دمنا وأرضنا ويدمر مستقبلنا كشعب وكيان. ولا أحد مقتنع بأن هذه اللقاءات ستؤدي إلى كسر جمود الملف السياسي أو تدفع بالمفاوضات كما يزعم المنظرون لها، لأن هذه الملفات مرهونة برسم تحريك الموقف السياسي الاسرائيلي باتجاه الاقرار بالحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني، ولأن متطلبات التحريك تحتاج إلى وقف البناء الاستيطاني كنقطة رئيسية وشرط مسبق كانت السبب في وقف المفاوضات. وأكثر من ذلك، فإن الأكثرية الفلسطينية لا ترى سوى المصالح الخاصة خلف اللقاءات، وتحريك الجيوب المتضخمة التي لم تشكُ من الجمود في كل الظروف. المبررات التي يتلطى خلفها جميع المنخرطون في المشاريع والاجراءات التطبيعية، سواء كانت من قطاع رجال الأعمال أو قطاعات البيئة والتكنولوجيا أو بعض البلديات والمثقفين أو الشباب، تنطلق في احسن التوصيفات، من أوهام تسكن في عقولهم وحدهم، وهو الأمر المثير للاستغراب، لأن وضع المرء لذاته في الاتجاه المعاكس للكل الوطني يدل على عدم اكتراثه بموقف الاجماع الوطني. أما مبرر كسر الحواجز النفسية بحوار "الطرف الآخر"، أو عبر اللقاءات المشتركة التمهيدية لتقبُّل الحلول فهو الوهم المضحك المبكي. فالحواجز النفسية لا بد أن يكسرها الاحتلال لأنه هو من بنى جدرانها الفاصلة، وهو الذي لا زال يمعن في تعنته لاستحاقات السلام، وهو من يتنصل ويرفض الانصياع لقرارات الشرعية الدولية والاعتراف بالحقوق الشرعية للشعب الفلسطيني وبمسؤوليته الأخلاقية عن نكبته وتشرده. كيف يمكن للشعب الفقير والغلبان أن يستوعب هذه الأنشطة في الوقت الذي يعاني الأمرين من سياسة الاحتلال، وبينما تشهد الحملة الدولية لمقاطعة اسرائيل وسحب الاستثمارات منها الفعالية والاتساع. ان المواطن لا يمكن أن يمتنع عن المقارنة بين النموذج الذي قدمه العالم الانجليزي "ستيفن هوكنغ" الذي قاطع مؤتمرا اسرائيليا بسبب حضور ورعاية "شمعون بيريس" وبين الخلط الذي يتسبب به بعض أبناء جلدتنا من الذين يتجاوبون مع لقاءات تزور الواقع والعلاقة بين الاحتلال والشعب الفلسطيني، وتضلل الرأي العام العالمي لطغيان هذه اللقاءات في الاعلام على الصورة القبيحة للاحتلال، وتحرف الانظار عن الخطر المباشر المحدق بالقضية وأولوية مجابهته.. ما الرسائل التي يريد المنخرطون في هذه اللقاءات إيصالها وما وظيفتها في المرحلة الراهنة! هل هي رسالة الموافقة على أن المشكلة لدينا وليس بالاحتلال، حيث برقياتهم توصل إشارات الموافقة الضمنية على الحلول الاقتصادية بديلا للحرية والاستقلال، وحلول الاقتصادي مكان السياسي في التفاوض. الرسائل والخطوات التطبيعية المنطلقة من المصالح لا تيغي مسؤولية المستوى السياسي الذي لا يطرح الموقف المعتمد وطنيا في اللحظة الملائمة، أو يصمت أو يغمض عينه عن الحدث مع كل ما ينطوي عليه ذلك.. وفي المقابل يصبح التساؤل مشروعا حول السياسة الرسمية التي ينبغي التعامل فيها مع هذه اللقاءات والحوارات الجانبية في الوقت الذي لا زالت المفاوضات السياسية موقوفة على الصعيد الرسمي..! أعتقد بأنه لا بد من ملء فراغ المفردات، وبأن المصلحة الوطنية تملي حاليا العمل على وقف كافة اللقاءات المشتركة مع الاسرائيليين، تلك اللقاءات التي تبدو وكأنها قد مدعومة بضوء أخضر من المستوى الرسمي.. أو أنها نتاج فهم الديبلوماسية على نحو خاطئ مفاده بأن طريق الاقتصادي بات معبَّداً للولوج في الحوار الاقتصادي قبل انتهاء السياسي. ان هذه الافعال لا تخدم سوى الاحتلال، ولا وظيفة لها سوى الاعتبارات الخاصة، لكنها مؤذية للمشاعر وتزيد في توسيع فجوة وأزمة الثقة والخراب المجتمعي، كما وتسهم في حرف الأنظار عن المهام المباشرة ذات الأولوية الوطنية. توقفوا وفكروا، الشعب ليس مجرد فئة مستهدفة بالاستهلاك، أو شريحة اجتماعية محدودة لها مصالحها وفئات لها مصالحها مع نظيرتها في اسرائيل، لكن الشعب الفلسطيني ومصالحه الوطنية أكبر من ذلك بكثير، والأجدى أن تنصب الجهود لمجابهة الاحتلال على الأرض واستكمال العمل لعزله دوليا، وإعداد ملفاتنا لتقديمه إلى المحاكم الدولية عوضا عن اعطائه شهادات السلوك وأوراق التوت..
#ريما_كتانة_نزال (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تقدم نسبي على مشاركة المرأة في المجالس المحلية الفلسطينية..!
-
القوائم النسوية في انتخابات المجالس المحلية
-
نطفة تهرب من السجن
-
الانتخابات المحلية ما بين التجارب السابقة والانتخابات القادم
...
-
عرفات يُقتل لكنه لا يموت..
-
المرأة المصرية: السماء لم تعد تمطر ذهبا ولا فضة
-
رنا: حكاية وطن جاءها في حقيبة
-
عندما تحل ذكرى -ريشيل كوري-
-
تماهي الهوية الفكرية اتجاه المرأة في الاحزاب
-
استبعاد المرأة عن لجان المصالحة وتفعيل منظمة التحرير
-
المراوحة النسائية والثورة على الذات
-
الخلاف بين جيش الاحتلال والمستوطنين!
-
حلقات العنف المتدحرج في المجتمع الفلسطيني
-
النصف الفارغ من كوب المرأة
-
الحزن والفرح في فلسطين
-
نصف -دزينة- من النساء
-
خطاب الرئيس: الى نيويورك
-
التأجيل الرابع للانتخابات المحلية..
-
هل سيتم الالتفاف على قرار محكمة العدل العليا..!
-
ظاهرة اغتيال الشخصية الناجحة
المزيد.....
-
فيديو جديد من داخل الطائرة الأذربيجانية يظهر ما حدث لجناحها
...
-
-حزب الله- يدين بشدة الهجمات الإسرائيلية على اليمن بمشاركة أ
...
-
الكويت: ضبط 1.8 حبة كبتاغون داخل مقاعد وطاولات قهوة
-
عدد خطوات المشي المطلوب يوميا لمكافحة الاكتئاب
-
-النسر الأصلع- يصبح رسمياً الطائر الوطني للولايات المتحدة بع
...
-
الجيش الإسرائيلي يؤكد شنّ غارات على مواقع متفرقة في اليمن
-
قفزة في بلاغات الجرائم الإلكترونية بالمغرب.. وخبراء يكشفون ا
...
-
دعوات أمريكية لمنع عودة ترامب إلى السلطة والرئيس المنتخب يحذ
...
-
بوتين: الأوكرانيون -يعاقبون أوروبا- و-يعضون يدها-
-
سحب الجنسية الكويتية من 3700 حالة جديدة
المزيد.....
|