أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالخالق حسين - هل يطيح الربيع التركي بأردوغان؟















المزيد.....

هل يطيح الربيع التركي بأردوغان؟


عبدالخالق حسين

الحوار المتمدن-العدد: 4111 - 2013 / 6 / 2 - 14:38
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



وأخيراً وصلت شرارة الربيع العربي إلى تركيا، حيث اجتاحت تظاهرات حاشدة مدينة اسطنبول أولاً، ثم انتشرت في مدن تركية أخرى مثل أنقرة وغيرها، احتجاجا (كما بدى في أول الأمر) على مشروع حكومي يقضي بتحويل حديقة تاريخية تدعى (غيزي بارك) إلى مركز ثقافي وتجاري، ولكن يبدو أن هناك أساباً متراكمة أخرى سنأتي عليها لاحقاً. وقد واجهت حكومة أردوغان هذه التظاهرات السلمية بالعنف من قبل قوات الشرطة مما تسبب في اصابة العشرات خلال اشتباكات وقعت بين المتظاهرين وقوات الأمن، تطلب إدخال نحو 60 مصاباً إلى المستشفيات، واعتقال أكثر من ألف لحد الآن، الأمر الذي زاد في النار اشتعالاً، فانتشرت التظاهرات إلى مدن تركية أخرى، وطالب المتظاهرون بإقالة حكومة أردوغان التي وصفتها بعض الهتافات بالفاشية. فهل وصل الربيع العربي إلى تركيا؟ (1)

فمن يتابع تعليقات المعلقين السياسيين ومراسلي وكالات الأنباء، يعرف أن التظاهرات التي اجتاحت المدن التركية هي ليست احتجاجاً على "تحويل حديقة تاريخية تدعى (غيزي بارك) إلى مركز ثقافي وتجاري" فحسب، وإنما كانت هناك تراكمات تغلي تحت السطح، وتذمر شعبي واسع بصمت، وما قضية تغيير حديقة تاريخية في اسطنبول إلا القشة التي قصمت ظهر البعير، والفتيل الذي أشعل الانتفاضة لأسباب كثيرة. لقد تمادت حكومة أردوغان في الاستبداد، والتضييق على الحريات الشخصية، وتقليص العلمانية، وتطبيق أحكام الشريعة الإسلامية تدريجياً رغم أن أنه وعد في البداية أنه حريص على العلمانية والحريات الشخصية. كذلك زجت حكومة أردوغان المئات من الضباط والصحفيين والكتاب العلمانيين في المعتقلات بتهمة التآمر على النظام الديمقراطي!! وفصل الكثير من القضاة وتعيين المتعاطفين مع أيديولوجية حزبه مكانهم، الأمر الذي بات يهدد النظام العلماني الذي تشرب الشعب التركي بثقاته منذ مصطفى كمال أتاتورك مؤسس الدولة التركية الحديثة وإلى الآن، مع التزامه بتعاليم الإسلام المعتدل كدين وليس كسياسة لفرض نظام ثيوقراطي قروسطي.

كذلك، استغل رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان الربيع العربي، فطرح نفسه، مع أمير دويلة قطر، أنه من أنصار الديمقراطية في البلاد العربية، ويدعو إلى تصالح الإسلام السياسي مع الديمقراطية والحداثة. والمضحك المبكي أن أردوغان وأمير قطر، يريدان تحقيق الديمقراطية في سوريا والعراق على أيدي تنظيمات تابعة للقاعدة مثل "جبهة النصرة" في سوريا، وفلول البعث والقاعدة في العراق، وهما معروفان بعدائهما الشديد للديمقراطية وحرية وحقوق الإنسان. كما وطرح أردوغان نفسه كوريث شرعي لسلاطين الدولة العثمانية، والوصي الملكف لحماية أهل السنة في بلاد الشام والعراق.

اعتقدَ أردوغان أنه سياسي محنك يضع معاوية وماكيافيللي في جيبه. إذ نتذكر الغضبة المسرحية التي افتعلها قبل سنوات مع الرئيس الإسرائيلي شمعون بيرز في لقاء دافوس، وخرج من اللقاء احتجاجاً على مدير الندوة، أنه لم يمنحه وقتاً كافياً لإلقاء مداخلته معادلاً لما منحه للرئيس الإسرائيلي. وعند عودته إلى بلاده استقبلته جماهير حزبه في مطار أنقرة استقبال الأبطال الفاتحين! بينما نعرف حقيقة العلاقة الودية الاستراتيجية بين تركيا وإسرائيل. ومن ثم طرح أردوغان نفسه المدافع الشرعي عن حقوق الشعب الفلسطيني، ولعبته في إرسال المساعدات عن طريق البحر لسكان غزة، وتعرض القوات الإسرائيلية لها. كذلك رفعه شعار الإسلام المعتدل، وحرصه على العلمانية الديمقراطية في تركيا، وغيرها من الوسائل التي استبشر الجميع بها خيراً، وصار أردوغان مثالاً يقتدى به من قبل الديمقراطيين العرب. وأخيراً تبين أن كل هذه الأساليب ما هي إلا لكسب الوقت، حيث كشف أردوغان عن وجهه الحقيقي تدريجياً كأي إسلامي أخواني.

لقد كشف أردوغان عن خبثه في موقفه من العراق بعد انسحاب القوات الأمريكية نهاية عام 2011، فراح يلعب بالورقة الطائفية، ويدعم الفئات المعارضة للعملية السياسية، وخاصة تلك التي تستخدم العنف، بدأ بإطلاق تصريحات بذيئة ضد رئيس الوزراء العراقي لا تليق بمسؤول كبير يحترم نفسه، وتعاونه مع جميع الأطراف المعادية للحكومة المركزية في بغداد. كما وجعل من بلاده ملجأً للإرهابيين العراقيين الهاربين من وجه العدالة من أمثال الإرهابي طارق الهاشمي وعدنان الدليمي، وملتقى لعقد المؤتمرات للتآمر على الحكومة العراقية المنتخبة... وبلغ تدخل أردوغان السافر في الشأن العراقي إلى حد أن رفع المتظاهرون في ساحات الاعتصامات في المناطق الغربية صوره وأعلام تركيا، إلى جانب صور وأعلام صدام حسين، بل وخاطبه أحد خطباء الاعتصامات في الرمادي بحفيد السلطان محمد الفاتح ودعاه ليأتي ويحرر لهم العراق من "الاحتلال الصفوي".

من نافلة القول أن اللعب بنار الطائفية خطر كبير، و تركيا الأردوغانية ليست محصنة ضد إشعال الفتنة الطائفية. فنحو 30% من الشعب التركي هم بكتاشيون (علويون)، أي من نفس مذهب العلويين في سوريا، ولا شك أنهم يتعاطفون مع نظرائهم في سوريا، وما يتعرضون لحرب الإبادة بسبب فتاوى يصدرها شيوخ الوهابية، وعلى رأسهم يوسف القرضاوي، الذي أصدر فتوى قريباً أحل بها قتل (النصرية) ويقصد (المسلمين العلويين)، ووصفهم بأنهم أخطر على الإسلام من اليهود والنصارى!. ولذلك فالذين يلعبون بالنار الطائفية في العراق وسوريا، يجب أن يعلموا أنهم يجلبون البلاء على أنفسهم وشعوبهم.

لقد حذرنا مراراً أن الديمقراطية لا يمكن إقامتها عن طريق فلول البعث والقاعدة، وأن هذه الحرب المشتعلة في سوريا والتي صرف عليها أمير دويلة قطر نحو ثلاثة مليارات دولار حسب ما جاء بتقرير في صحيفة (فايننشال تايمز) اللندنية المعروفة، تحت عنوان: "قطر أنفقت نحو ثلاثة مليارات الدولار في العامين الماضيين لتمويل الانتفاضة السورية"(2).

نؤكد مرة أخرى أن هذه الحرب التي تدور رحاها في سوريا، والتي يخطط لها في العراق أيضاً، ليست من أجل الديمقراطية. وقد تبين الآن أن الغرض من إسقاط نظام بشار الأسد، هو لأسباب عديدة مختلفة ليست الديمقراطية من بينها، فلكل جهة متورطة بهذه الحرب هدفها الخاص بها، لا يستفيد منها أي شعب في المنطقة، ناهيك عن الشعبين العراقي والسوري، ومنها مثلاً:
أولاً، مد أنابيب الغاز القطري إلى أوربا و إسرائيل عبر العراق وسوريا،
ثانياً، الحرب في سوريا والعراق بالوكالة بين السعودية والدول الخليجية من جهة، وبين إيران وحزب الله والعراق من جهة أخرى.
ثالثاً، إشعال حرب طائفية في المنطقة لصالح الوهابية السعودية والقطرية، وإسرائيل،
رابعاً، إسقاط نظام بشار الأسد كخطوة أولى لعزل إيران تمهيداً لإسقاط حكومتها وتدمير برنامجها النووي، على غرار إسقاط حكم البعث الصدامي، والذي ما كان ممكناً إلا بعد عزله إقليمياً وعالمياً.

ولكن للتاريخ منطقه، إذ لا يصح إلا الصحيح، و"تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن". فكما حذرنا أن من يشعل الحرائق في بيت جاره لا بد وأن تصل النيران إلى بيته، وأفضل مثال هو بشار الأسد. وقد شارك أردوغان بنشاط وخبث في إشعال الحرائق في سوريا والعراق، والآن وصل الحريق إلى بيته. وهاهو السلطان أردوغان "حفيد محمد الفاتح" يواجه غضبة الشعب التركي، ولا شك أنها انتفاضة الربيع التركي على غرار انتفاضات الربيع العربي التي أطاحت بعدد من الأنظمة العربية الجائرة.

وصف أردوغان المحتجين في بلاده قائلا: "كل الطرق ماعدا صناديق الاقتراع تظل غير ديموقراطية"، أي أنه لا يتأثر بالاحتجاجات وإنما الحكم لصناديق الانتخابات. وهذا صحيح بدون أي شك. ولكن أردوغان هذا ينكر حكم الديمقراطية وصناديق الاقتراع في العراق، إذ نراه يقف دائماً مع التظاهرات والاعتصامات الطائفية، وينظم لقادتها المؤتمرات للإطاحة بنظام منتخب من الشعب العراقي ديمقراطياً. وهذه هي إزدواجية أردوغان.

أردوغان هذا أصابه الغرور، خاصة بعد فوزه لثلاث مرات في الانتخابات العامة حيث اعتقد أنه صار بإمكانه أن يفعل ما يشاء وفوق المساءلة. وعلى قدر ما يخص موقفه من العراق، فبدلاً من أن يقيم علاقات حميمة ودعم النظام الديمقراطي فيه راح يؤجج الفتنة الطائفية ويدعم فلول البعث وأتباع القاعدة أعداء الديمقراطية، وينظم لهم المؤتمرات للتآمر على الحكومة العراقية المنتخبة(3 و4).
فهل سيطيح الربيع التركي بأردوغان؟
لم يبق مما تبقى من حكمه إلا فترة قصيرة عن الانتخابات القادمة، وبالتأكيد ستشغله هذه التظاهرات عن تدخلاته السافرة في شؤون دول الجوار، وهي بالتأكيد بداية النهاية لمرحلة أردوغان وحزبه الإسلامي، ومن المرجح أن حزبه سيفشل في الانتخابات القادمة إن لم يطاح به بهذه الانتفاضة.
ـــــــــــــــــــ
روابط ذات علاقة
1- اشتباكات بين الشرطة التركية والمحتجين في إسطنبول وأنقرة
http://www.bbc.co.uk/arabic/worldnews/2013/06/130602_turkey_taksim_clashes.shtml
2- بعدما أنفقت ثلاثة مليارات دولار في سوريا... أميركا: وداعًا قطر! - إيلاف
http://www.elaph.com/Web/news/2013/5/812757.html

3- تركيا تجمع مطلوبين للقضاء في مؤتمر يدعو لتغيير النظام بالعنف بينهم الهاشمي والجنابي والكربولي والدايني
http://www.akhbaar.org/home/2013/5/147948.html

4- العراق يفكك "خلية للقاعدة كانت تنتج سلاحا كيمياويا"
http://www.bbc.co.uk/arabic/middleeast/2013/06/130601_iraq_gas_qaeda.shtml



#عبدالخالق_حسين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عن مواقف النجيفي اللادستورية
- تقسيم العراق بين الممكن والرغبات
- هل ينجح البعث في إشعال الحرب الأهلية؟؟
- الإعتصامات في خدمة الديمقراطية والمالكي!!
- لماذا مطالبة المالكي بالاستقالة؟ (تكملة)
- لماذا مطالبة المالكي بالاستقالة؟
- العراق إلى أين؟
- هل حقاً فشلت التجربة الأمريكية في العراق؟
- غيابهم أفضل من حضورهم
- هل كان إسقاط البعث يستحق كل هذه التضحيات (2-2)
- هل إسقاط البعث يستحق كل هذه التضحيات؟
- في الذكرى العاشرة لتحرير العراق من الفاشية
- قراءة في كتاب: إغلاق عقل المسلم
- ما مستقبل المرأة بعد الربيع العربي؟
- نحو علاقة عراقية-أمريكية متكافئة
- من وراء تظاهرات (العز والكرامة)؟
- تضامناً مع المفكر أحمد القبانجي
- في العراق فقط، الخيانة الوطنية عمل وطني!
- هل صححت السعودية سياستها من العراق؟
- هل الحل في تقسيم العراق؟


المزيد.....




- ماذا يعني إصدار مذكرات توقيف من الجنائية الدولية بحق نتانياه ...
- هولندا: سنعتقل نتنياهو وغالانت
- مصدر: مرتزقة فرنسيون أطلقوا النار على المدنيين في مدينة سيلي ...
- مكتب نتنياهو يعلق على مذكرتي اعتقاله وغالانت
- متى يكون الصداع علامة على مشكلة صحية خطيرة؟
- الأسباب الأكثر شيوعا لعقم الرجال
- -القسام- تعلن الإجهاز على 15 جنديا إسرائيليا في بيت لاهيا من ...
- كأس -بيلي جين كينغ- للتنس: سيدات إيطاليا يحرزن اللقب
- شاهد.. متهم يحطم جدار غرفة التحقيق ويحاول الهرب من الشرطة
- -أصبح من التاريخ-.. مغردون يتفاعلون مع مقتل مؤرخ إسرائيلي بج ...


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالخالق حسين - هل يطيح الربيع التركي بأردوغان؟