|
الصراع داخل الاتحاد المغربي للشغل-حصيلة و آفاق بعد 15 شهر من اندلاعه
أحمد أطلسي
الحوار المتمدن-العدد: 4111 - 2013 / 6 / 2 - 01:21
المحور:
الحركة العمالية والنقابية
مرت الآن على تاريخ 5 مارس 2012 ما يناهز العام و 3 أشهر. إنه التاريخ الذي انطلق فيه فصل جديد (و لكنه يكاد يكون غير مسبوق) من فصول الهجوم البيروقراطي المافيوزي المسنود من قبل النظام على كافة رموز النضال و الصمود و الكفاح النقابي المستقل و لو نسبيا عن -اجهزة الدولة و الباطرونا. و ذلك منذ تأسيس الاتحاد المغربي للشغل عام 1955.
و لأن الكل يعرف القرارات اللاديمقراطية ل5 مارس 2012 (و ما قبلها في الحقيقة حيث بدأ الهجوم البيروقراطي المافيوزي بعرقلة انعقاد المؤتمر الجهوي لمنطقة الرباط-سلا-تمارة) و ما تلاها من قرارات و ممارسات أقل ما يقال عنها أنها إقصائية، لا ديمقراطية و معادية لأبسط قواعد العمل النضالي الكفاحي، فإن مساهمتي هاته ستركز من جهة على حصيلة ما أسميناه داخل «التوجه الديمقراطي» العامل في صفوف الاتحاد المغربي للشغل "بتدبير الصمود" وفقا لموقفه المبدئي في رفض كل تلك القرارات و فضحها و التشهير بها و بالقيادات و العناصر المتورطة فيها و فضح تواطئ أجهزة النظام مع تلك البيروقراطية المتنفذة و مافيا العمل النقابي الجاثمة على صدور الجزء المنقب من الطبقة العاملة و الشغيلة في الاتحاد المغربي للشغل، و من جهة أخرى على طرح بعض الأفكار حول آفاق هذا الصمود و الخيارات المتاحة.
1- الحصيلة التنظيمية ل"تدبير الصمود"
تلى استصدار قرارات 5 مارس 2012 اللاديمقراطية و ما تلاها من قرارات و ممارسات أخرى في الأسابيع الأولى من مارس نوع من الارتباك و الصدمة في صفوف المناضلات و المناضلين، ربما نظرا لهول القرارات و استهدافها في لبداية لأحد معاقل النضال العمالي المكافح (الرباط-سلا-تمارة) و بعض الرموز التي ساهمت في تجربة «التوجه الديمقراطي» على مدى عشرين سنة على الأقل. لكن المناضلات و المناضلين بهذا الموقع سرعان ما استجمعوا قواهم و قرروا على الأقل رفضهم لتلك القرارات و تشبتهم بالاتحاد المغربي للشغل و الصمود و النضال من أجل فرض المنازعة على "شرعية " الأجهزة المنصبة من فوق. كانت تلك أولى النتائج العملية التي ستحكم كل المراحل اللاحقة : التشبت بالاتحاد المغربي للشغل و رفض كل القرارات اللاديمقراطية التي اتخدتها البيروقراطية المتنفذة. مع شروع البيروقراطية المتنفذة في التطبيق العملي لمخطط التصفية في حق «التوجه الديمقراطي» سيتضح أن هذا الشعار/المبدأ (التشبت بالاتحاد و رفض القرارات) غير كاف و تنقصه الفاعلية و يستلزم اتخاذ تدابير عملية. فكانت الإجابات تباعا و على النحو التالي:
1-1 في القطاع العام و القطاعات المهيكلة كجامعات وطنية - إصرار مناضلات و مناضلي قطاع التعليم على تنظيم مؤتمر موازي مع المؤتمر المفبرك الذي دعت إليه الأمانة الوطنية للاتحاد و ترأسه فعلا زعيم البيروقراطية المتنفذة أمين عام الاتحاد. و بالتالي كانت النتيجة الطبيعية "مؤتمران تنظيمان"، فاضطرت الجامعة الوطنية للتعليم إلى فك الارتباط على مستوى القانون الأساسي مع مركزية الاتحاد المغربي للشغل. و كان مؤتمرا ناجحا و قويا أكد أحقية «التوجه الديمقراطي» في السيادة داخل جامعة التعليم. إلا أن هذا القرار "السيادي" لمناضلات و مناضلي التعليم شكل تدشينا لفصل جديد في الصراع مع البيروقراطية المتنفذة و الفساد في الاتحاد حيث أكد عدم إمكانية فرض الشرعية و القانونية من داخل الاتحاد المغربي للشغل حتى و إن توفر «التوجه الديمقراطي» على أغلبية كاسحة نظرا لاستعداد البيروقراطية المتنفذة بالتضحية بآلاف المنخرطات و المنخرطين و المناضلات و المناضلين مقابل هيمنتها على النقابة و كذا تواطئ الدولة معها في تزكية قراراتها و ممارساتها و قمع «التوجه الديمقراطي» و التضييق عليه. - بعدما وقع سيتجه مناضلات و مناضلو قطاع الجماعات المحلية نحو نفس الطريقة ل"تدبير الصمود". فبعد القرارات اللاديمقراطية (التوقيف أو التجميد أو الحل) التي اتخذتها الأمانة الوطنية في حق المكتب الوطني لجامعتهم الذين أفرزه آخر مؤتمر و ربما انطلاقا من تجربة قطاع التعليم، سيفك مناضلات و مناضلو قطاع الجماعات المحلية ارتباطهم من الوجهة القانونية مع الاتحاد المغربي للشغل. و كانت النتيجة، مؤتمر قوي للجامعة الوطنية لموظفي و أعوان الجماعات المحلية و توسع تنظيمي مقابل تقزم الجامعة المزكاة من قبل موخاريق و "رفاقه" و معهم الدولة. - لمواجهة قرار التخلص من الاتحاد النقابي للموظفين الذي اتخذته الأمانة الوطنية، سينحو مناضلات و مناضلو الاتحاد النقابي للموظفين نفس المنحى و في نفس نهاية الأسبوع الذي انعقد فيه مؤتمر الجماعات المحلية و يفك الاتحاد النقابي للموظفين/ات ارتباطه قانونيا مع الاتحاد المغربي للشغل و يوسع مجال تدخله إلى المؤسسات العمومية. فكانت النتيجة نجاح المؤتمر في جمع أغلب الجامعات الوطنية و النقابات الوطنية في الوظيفة العمومية و موت محاولات البيروقراطية إحياء أو تأسيس "اتحاد نقابي للموظفين" خاضع لها. - رغم محاولات البيروقراطية الانقلاب على الجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي من خلال تأسيس "نقابة" صورية للفلاحين الصغار و مهنيي الغابة و من خلال محاولة استمالة بعض المناضلات و المناضلين ببعض الفروع و الجهات إلا أن الجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي ظلت موحدة، قوية و منحازة بوضوح للتوجه الديمقراطي و حاضنة له في العديد من المواقع و اللحظات و المحطات رغم كونها لازالت في الاتحاد المغربي للشغل ليس فقط من خلال تشبتها به (على غرار «التوجه الديمقراطي») و لكن كذلك من الناحية القانونية (القانون الأساسي و عدم تزكية البيروقراطية المتنفذة لجامعة وطنية أخرى في نفس القطاع). - إذا كان حال الجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي هو كذلك فإن الأمر يكاد يكون نفسه بالنسبة لعدد آخر من النقابات الوطنية التي لم تتمكن البيروقراطية المنفذة من النفاذ إليها رغم حجمها "الصغير". و تندرج في هذه الخانة مثلا قطاعات المالية (رغم طرد كاتبها العام من الاتحاد بموجب قرارات 5 مارس 2012) و البيئة و التجهيز و الصيد البحري و التعاضد... و هي القطاعات التي تنشط منذ انطلاق الصراع ضمن «التوجه الديمقراطي». - اصطفاف مناضلات و مناضلين إلى جانب «التوجه الديمقراطي» كانوا دائما في صراع داخل قطاعاتهم ضد البيروقراطية المتنفذة و ضد الفساد و الريع النقابيين حتى في عز التعايش التنظيمي بين «التوجه الديمقراطي» و البيروقراطية المتنفذة و تشكيلهم لحركات تصحيحية (أستعمل هذا المصطلح رغم تحفظي عليه للاختصار) دون تأسيس اتحادات أو مكاتب نقابية فاكة للارتباط مع الاتحاد المغربي للشغل. الأمر هنا يتعلق بقطاعات الأبناك و البريد و شركة ريضال لتوزيع الماء و الكهرباء بمنطقة الرباط-سلا-تمارة. مكنت هذه الصيغة ل"تدبير الصمود" من فضح و إضعاف البيروقراطيات المتنفذة و الخاضعة لرغبة الأمانة الوطنية و هي تشتغل وفق الشروط الذاتية لقطاعاتها و وفق وضعها المتفاوت من حيت القوة. فقاطعت مؤتمرات البيروقراطية المتنفذة و شرعت في تنظيم حركاتها التصحيحية عكس الفترة السابقة لقرارات 5 مارس و تشتغل بشكل مستقل من الناحية التنظيمية عن البيروقراطيات المتنفذة. و هذا ربما الجانب الإيجابي في العملية. كما أن الحركة التصحيحية بشركة ريضال تمكنت من إنجاز اختراق واضح في انتخابات منذوبي الأجراء بحصولها على 40% من المقاعد رغم اختلافي شخصيا حول أهمية المناذيب و دورهم. - هناك قطاعات كقطاع الصحة العمومية و قطاع التكوين المهني يقال بوجود مناضلات و مناضلين ديمقراطيين بها و انعقدت مؤتمراتها تحت الإشراف المباشر للأمانة الوطنية و تحضى بالتزكية و لكني شخصيا لم أسمع بأي موقف من هؤلاء للتنديد على الأقل بما وقع من 5 مارس 2012 إلى الآن أو يعملوا من أجل التعريف بأفكارهم أو غير ذلك. إنهم في صمت كما فعل بعض الرفاق الذين اختاروا عدم التنديد بقرارات 5 مارس 2012 و المشاركة في المؤتمرات المطبوخة و الهياكل المنصبة. - دائما في خانة القطاع العام و القطاعات المهيكلة كجامعات وطنية، تشكل حالة الجامعة الوطنية للماء الصالح للشرب حالة ربما شادة. حيث منذ تأسيها كانت هذه الجامعة في أيدي «التوجه الديمقراطي» و هذا الأخير يشكل أغلبية واضحة في الجهاز التقريري و يقودها مناضل تقدمي (سابقا؟). غير أن هذه القيادة اختارت الارتماء في أحضان البيروقراطية المتنفذة، لكن مقاومة كبيرة و "حركة تصحيحية" تعمل جاهدة لتصحيح هذا المنحى و قدد حققت تقدما كبيرا في هذا المجال (آخر دورة للجنة الإدارية الوطنية بالدار البيضاء فرضت على القيادة الانهزامية التراجع عن العديد من القرارات).
1-2 في القطاع الخاص و الاتحادات المحلية و الجهوية القطاع الخاص هو الآخر يتم فيه تدبير الصمود بأشكال مختلفة: • ففي منطقلة الرباط-سلا-تمارة، أمام رفض السلطات الاعتراف بنتائج المؤتمر الجهوي ليوم 1 يوليوز 2012 كجواب على مؤتمر 13 ماي 2012 المفبرك و الذي ترأسته البيروقراطية التمنفذة مركزيا في الاتحاد، اضطر المناضلات و المناضلون إلى تأسيس اتحاد جهوي بجهة الرباط-سلا-زمور-زعير فاك للارتباط قانونيا مع الاتحاد المغربي للشغل. في الحقيقة لم يضف هذا الاتحاد الأخير لحدود الساعة أي شيء كبير، فعقد مؤتمر باسم الاتحاد المغربي للشغل في 1 يوليوز كان ناجحا جدا و حضرته 65 مؤسسة من القطاع الخاص و 19 من القطاع العام و تمكن «التوجه الديمقراطي» من الحفاظ على جل مواقعه حتى بدون ذلك الاتحاد النقابي الفاك للارتباط مع إمش، غير أن ذلك الاتحاد مكن من حل بعض الإشكالات ذات الطابع القانوني من حوار مع مناذيب الشغل و السلطة... و بالمقابل خلق مشاكل كذلك للمكاتب النضوية تحت لوائه من قبيل فقدان الانتماء إلى مركزية كبرى و لها تمثيلية في لجن المؤسسات رغم ضعف الصلاحيات... • تكاد تكون حالة تازة الصامدة مماثلة لحالة الرباط-سلا-تمارة، غير أني شخصيا لا أملك عنها تفاصيل أخرى و كيف يشتغل المناضلات و المناضلون مع القطاع الخاص بها، صمد الاتحاد المحلي لنقابات خريبكة أمام محاولة الانقلاب و بقي قانونيا و رسميا في الاتحاد المغربي للشغل رغم انخراطه الصريح ضمن «التوجه الديمقراطي». • نحا مناضلو و مناضلات الحسيمة نفس المنحى الذي قام به «التوجه الديمقراطي» بمنطقة الرباط-سلا-تمارة و أسسوا اتحادا محليا فاكا للارتباط و يشتغل بهذه الصفة مع القطاع الخاص و هو متشبت بالاتحاد المغربي للشغل و منخرط ضمن «التوجه الديمقراطي». • في باقي الاتحادات المحلية و الجهوية التابعة للاتحاد المغربي للشغل التي لم يطلها الانقلاب أو لا يقودها و لا يساهم في قيادتها «التوجه الديمقراطي»، هناك مناضلات و مناضلين عدة منخرطون ضمن «التوجه الديمقراطي» و خاصة من قطاعات التعليم و الجماعات المحلية و القطاع الفلاحي و الاتحاد النقابي للموظفين/ات و الماء الصالح للشرب و المالية و بعض أعضاء الحركات التصحيحية الأخرى، لكن لا أسمع شخصيا عن ما قد يكونون يفعلونه مع القطاع الخاص و كيف يدبرون العلاقة معه.
1-3 في مسألة القيادة و إنتاج المواقف و القرارات النضالية و الأدبية
كما يعرف الجميع، انعقد المؤتمر الوطني العاشر للاتحاد المغربي للشغل في دجنبر 2010 بعد وفاة "الزعيم" المحجوب بن الصديق. حينها لم تنطلق الشرارة الأولى لما سيصبح انتفاضات شعبية و جماهيرية واسعة في كل من تونس و مصر ثم باقي دول شمال إفريقيا و منها المغرب مع حركة 20 فبراير و الشرق الأوسط و حتى أوربا و الولايات المتحدة الأمريكية. و مع ذلك و نظرا لثقل تاريخ الاستبداد بالقرار و الرأي من قبل "الزعيم" داخل النقابة و نظرا كذلك لحجم «التوجه الديمقراطي» في العديد من القطاعات و بعض الاتحادات المحلية و الجهوية ربما أهمها الرباط-سلا-تمارة، اضطرت البيروقراطية المتنفذة و المافيا النقابية بالاتحاد لتأمين "الانتقال" من "عهد المحجوب" إلى عهد "جديد" للتعاون مع بعض المناضلات و المناضلين الرموز في «التوجه الديمقراطي» و تم التحضير الثنائي لكل تفاصيل المؤتمر من مشاريع أوراق و تفاصيل الهياكل و غيرها... علما أن المؤتمر انعقد بدون تنظيم مؤتمرات محلية و جهوية و قطاعية لتهييئ المؤتمر الوطني و دون عقد جموعات عامة لانتداب المؤتمرين و دون مناقشة مشاريع الأوراق في الفروع و القطاعات... أي أن التهييء لم يكن قط في نظري ديمقراطيا (بالمعنى القاعدي الجماهيري) و ليس بمعنى مشاركة طرف أو حتى أطراف في القرار و التوافق عليه. و كان من نتائج هكذا مؤتمر أن تم تمرير مشاريع الأوراق وفق تصور معين فيه ما فيه من إيجابيات و تمرير هياكل بدون انتخاب حقيقي و وفق منهجية التفاوض و الكوطا (لجنة إدارية يفوق عددها 150 أغلبيتهم الساحقة محسوبون عللى البيروقراطية المتنفذة و أمانة وطنية من 15 عضو منهم 3 أو 4 من «التوجه الديمقراطي» مع احتفاظ أباطرة الفساد بعضويتهم و بالمناصب الأهم –الأمانة العامة و نيابتها و أمانة المال و نيابتها-). و رغم التميز في بعض القضايا من قبيل طرح مالية الاتحاد و الخروج بتوصيات في هذا الباب و غيره فإن المهم بالنسبة للبيروقراطية المتنفذة و المافيا النقابية و من خطط لهم هو تأمين انتقال "الحكم" من المحجوب إلى موخاريق أو فاروق أو حتى غيره من أباطرة الفساد النقابي خصوصا أنهم يعلمون سهولة الانقلاب على المقررات و بالأغلبية العددية التي تملكها البيروقراطية المتنفذة و التي تم التوافق عليها و ارتكازا إلى اختلال موازين القوى لصالح البيروقراطية المتنفذة –و هذا هو الأهم-.
فهل كان لزاما المساهمة في تأمين ذلك الانتقال مقابل تمرير تصور تنظيمي معين يعتقد محرروه أنه يؤسس لتغيير و اختراق فكري في النقابة؟ التاريخ بدأ في تقديم الإجابات و سيقدم إجابات أخرى.
بعد التذكير بالمؤتمر العاشر للاتحاد و نتائجه الأدبية و التنظيمية، أود التطرق إلى كيف تصرف «التوجه الديمقراطي» من ناحية التعامل مع هذا المؤتمر: - إذا كان الكل يتفق على أن القرارات التي اتخذتها مختلف قطاعات «التوجه الديمقراطي» و خاصة التعليم و الجماعات المحلية و الاتحاد لنقابي للموظفين و القطاع الفلاحي و الاتحادات المحلية و الجهوية إما بفك الارتباط القانوني مع التشبت بالاتحاد أو التشبت بالاتحاد قانونيا و تنظيميا أو غيرها من الأجوبة التي ذكرتها في الجزء الأول من هذه المساهمة، إذا كنا نتفق أن هذه القرارات اتخذت من حيث الشكل داخل الأجهزة التقريرية، فإن أمورا أخرى لم تكن تتم داخل «التوجه الديمقراطي» بناء على قرارات من داخل الأجهزة أو نقاش واسع داخل القواعد. و يمكن هنا ذكر ما يلي: • انبرى الثلاثي المناضل المكون من الرفيقة خديجة غامري و الرفيقين عبد الحميد أمين و عبد الرزاق الإدريسي أعضاء الأمانة الوطنية للاتحاد المطرودين تعسفا و بشكل لا ديمقراطي من الاتحاد على اتخاذ مبادرات من خلال بعث رسائل سواء للأمين العام أو أعضاء الأمانة الوطنية الآخرين أو للمجلس الوطني للاتحاد أو لقطاعات أخرى أو هيئات نقابية دولية أو للحكومة أو غيرها تضمنها مواقف و توجهات ليست بالضرورة محل إجماع أو محل نقاش و حسم من قبل كامل «التوجه الديمقراطي». و على سبيل المثال لا الحسر، أذكر ما يلي: - التركيز على بعض العناصر دون أخرى في صفوف الأمانة الوطنية كعناصر استئصالية دون تحميل المسؤولية للجميع الفاعلين منهم و الصامتين المتواطئين كذلك. وقد شكل هذا تناقضا صريحا مع تحليلاتنا حول أسباب الهجوم. فنحن نربطها بطبيعتنا الكفاحية و النضالية و بتهديدنا للفساد و البيروقراطية المتنفذة و بالتالي لولي أمرها الرأسمال و النظام. كما أننا نقول أن الهجمة تنخرط في خطة شاملة لإسكات كل الأحرار و قتل حركة 20 فبراير و من يدعمها و إسكات تجربة «التوجه الديمقراطي» خاصة بالرباط. فهل فاروق شاهير فقط هو من له المصلحة في هذا؟ هو أداة كغيره من أدوات النظام و الباطرونا. و أنا أعتبر أن محاولة إفهام من يقرأ تلك الرسائل أن عناصر استئصالية هي من وراء كل القرارات و الممارسات فيه نوع من تشويه وعي العمال و الشغيلة بمن هم الأعداء الرئيسيون و من هو طابورهم الخامس داخل النقابات... كان يجب الحرص على تبيان دور كل طرف و ترابط المصالح بينها و عدم طرح البعض كحكم فقط يمكن اللجوء إليه في الوقت الذي يشكل فيه رأس حربة منفذي المخطط. - التشبت باسم «التوجه الديمقراطي» ككل بنتائج المؤتمر العاشر و المطالبة باسمه بضرورة احترامها. و هذا موقف لا يتقاسمه الجميع. و من المفروض على أي "قيادة" و أي ناطق رسمي باسم «التوجه الديمقراطي» التصريح بما هو متفق عليه أو محسوم فيه بالآليات الديمقراطية. و قد بينت أعلاه إحدى وجهات النظر من المؤتمر العاشر المتواجدة داخل هذا «التوجه الديمقراطي» و بينت كيف يمكن أن يستغل مطلب التشبت بنتائج المؤتمر العاشر من قبل البيروقراطية المتنفذة لتحيلنا على "الديمقراطية العددية" التي كان لها الحسم يوم 5 مارس 2012 خلال أشغال اللجنة الإدارية و خلال التداول حول الموقف من دستور العبيد الذي زكته هذه الأخيرة... - عندما أدعو (و معي بعض المناضلات و المناضلين الآخرين من تجارب مختلفة) إلى عدم التكلم باسم «التوجه الديمقراطي» بدون الرجوع إلى قاعدة هذا التوجه فإنني لا أطالب بإسكات الرفيق أمين أو عبد الرزاق أو غامري لكي لا يعلو إلا صوت البيروقراطية المتنفذة. هذا تجني و سوء فهم إن لم أقل محاولة تسفيه لأصحاب هذا الطرح. يمكن لأي مناضلة و مناضلة التصريح بآرائه و مواقفه مما يجري و الدفاع عنها داخل و خارج الهياكل البديلة التي خلقناها و لكن لكي يتكلم عن «التوجه الديمقراطي» يجب أن ينتدبه هذا التوجه أولا و في هذه الحالة كذلك يجب أن يعبر عما حسم داخل التوجه و عما هو متفق عليه أو مبدئي لا خلاف عليه. - سآتي في الجزء المخصص للآفاق و أعود لتقديم مقترحات في موضوع القيادة و تصريف المواقف و القرارات وطنيا من قبل «التوجه الديمقراطي».
2- آفاق العمل و الخيارات الممكنة أمام «التوجه الديمقراطي»
ماذا يمكن استخلاصه من الحصيلة التنظيمية للخمسة عشرة شهرا من "تدبير الصمود" داخل الاتحاد المغربي للشغل و كيف السبيل لتجاوز السلبيات المذكورة في تلك الحصيلة و تطوير الإيجابيات العديدة التي أفرزها صمودنا؟ ما هي آفاق العمل بعد هكذا حصيلة؟ سأحاول الإدلاء بوجة نظري –و هي وجهة نظر شخصية- في هذا الباب: - هناك تنوع واضح في أشكال تدبير الصمود. من جهة هذا شيء إيجابي لأنه يأخذ بعين الاعتبار الشروط المحلية أو القطاعية التي يناضل فيها «التوجه الديمقراطي» و لكن من جهة أخرى خلق وضعية لا تساعد على تجميع الطاقات و حشدها للتقدم في المعركة. هكذا يمكين تلخيص الواقع التنظيمي كالتالي: • قطاعات فاكة للارتباط وطنيا على مستوى القانون الأساسي و بالتالي عمليا تتوسع و تستقطب و لكن تبتعد نسبيا عن واقع الصراع اليومي لتجسيد التشبت بالاتحاد المغربي للشغل. • قطاعات قانونيا لا زالت في الاتحاد المغربي للشغل و لكنها منخرطة بشكل واضح في «التوجه الديمقراطي». إلا أنها محرومة من البطائق لسنة 2013 و في بعض الأحيان من المقرات و تحاصر في تمثيليتها للاتحاد المغربي للشغل في المنتديات و في أجهزة الاتحاد وطنيا (نموذج المجلس الوطني الأخير الذي منع الرفيق الهندوف عبد الرحيم من المشاركة فيه) و ربما لن تزكيها الأمانة الوطنية عند عقد مؤتمراتها الوطنية مستقبلا. • "حركات تصحيحية" متشبتة بالاتحاد المغربي للشغل، متصارعة بشكل تناحري مع المافيا النقابية و البيروقراطية المتنفذة في قطاعاتها و لكنها محرومة من البطائق، خارجة عن الهياكل الرسمية لقطاعاتها و محاصرة في التمثيلية و في الحوارات... و لكنها تنشط بقوة مع «التوجه الديمقراطي» و تشترك في هياكله البديلة التي خلقها في بعض المناطق. • مناضلات و مناضلين ديمقراطيين أو على الأقل يدعون ذلك في قطاعات أخرى لا مشكلة لها مع قرارات 5 مارس 2012. لم تندد بها، لا تحاول طرح المسألة من داخل هياكلها و لا من داخل الهياكل المركزية و لكن البعض منا في «التوجه الديمقراطي» يحسبها على هذا التوجه. مما يخلق واقعا غير مفهوم. بحيث انتقدنا جميعا و بقوة ما قام به بعض المناضلات و المناضلين في قطاع الجماعات المحلية و التعليم فضلوا المشاركة في مؤتمرات البيروقراطية المتنفذة عوض مؤتمرات «التوجه الديمقراطي» بدعوى التشبت بالاتحاد المغربي للشغل و ها هو البعض منا يتسامح و يشجع من له الإمكانية أن يبقى في الاتحاد المغربي للشغل و يناضل في الهياكل المزكاة من قبل الأمانة الوطنية أن يبقى في حين يهاجم و هوجم من هم في حكم مجموعة جرسيف و بني ملال/أزيلال و ربما غيرهم. ماذا نريد بالضبط؟ • القطاع الخاص المرتبط بمناضلات و مناضلي «التوجه الديمقراطي» من طبقة عاملة في قطاعات الصناعة و النسيج و الخدمات قبل 5 مارس 2012 هم الآن في حيص بيص باستثناء بعض الاتحادات المحلية و الجهوية التي خلقت اتحادات فاكة للارتباط (الرباط-سلا-زمور-زعير و الحسيمة...) أو التي نجحت في دفع المؤامرة و لو مؤقتا (خريبكة و وجدة...) أو التي حافظت من خلال توافق مؤقت هو الآخر مع البيروقراطية المتنفذة على تواجدها في الهياكل المزكاة (العرائش مثلا). ماذا يمكن فعله لتجاوز هذا الوضع المعيق في نظري لتوحيد المواجهة؟ أعتقد أن الوقت قد حان للتفكير في توحيد "الحركة التصحيحية" و ذلك من خلال الدعوة إلى مجلس وطني موسع ينتذب إليه المشاركون من قبل كافة مكونات «التوجه الديمقراطي» قطاعيا (التعليم، الجماعات المحلية، الفلاحة...) و جغرافيا (الرباط-سلا-تمارة، تازة، الحسيمة...). يمكن للاتحاد النقابي للموظفين/ات أو الاتحاد الجهوي لنقابات الرباط-سلا-تمارة أو الجامعة الوطنية للتعليم أو غيرها أن تأخذ المبادرة و تدعو إلى مثل هكذا لقاء.يتم في هذا اللقاء مناقشة الواقع و رسم الآفاق و ربما فرز "قيادة وطنية للتوجه الديمقراطي".
ما هي الخيارات الممكنة و المتاحة؟ في نظري، لا زالت الخيارات الممكنة أمام «التوجه الديمقراطي» لا تخرج عن ثلاث، كما سبق أن كتبت شخصيا و كتب آخرون:
- الخيار الأول: التشبت بالاتحاد المغربي للشغل كمركزية جماهيرية، مستقلة فعلا عن الدولة و الأحزاب و الباطرونا، تقدمية و ديمقراطية بدون أي تنازل و التراجع عن قرارات 5 مارس و ما تلاها. هذا الخيار يتطلب تعبئة واسعة و حشدا لجميع القوى و استعدادا لمعركة المقرات و معركة تثبيت المشروعية ميدانيا. يجب العمل عليه بشن حملة واسعة و تعبوية في صفوف القواعد في كل القطاعات و المناطق. هذا الأمر هو الغائب حاليا. لم تهب القواعد للدفاع عن «التوجه الديمقراطي» إلا في ما نذر من حالات و غالبا ما خاض معركة المقر في كل من الرباط و تازة و الحسيمة المناضلات و المناضلون الأكثر "تورطا" في الصراع مع البيروقراطية فقط، بل اختار البعض منا ألا يصارح العمال و الشغيلة بالصراع "الفوقي" مع البيروقراطية المتنفذة خوفا من أن يذهبوا إلى حال سبيلهم. و هذا يساؤلنا جميعا عن أي نوع من العمل النقابي قمنا به مع القواعد و خاصة العاملات و العمال لأكثر من عشرين سنة؟ و يساؤل "سياستنا" مع البيروقراطية النقابية المتنفذة و تعايشنا معها رغم الصراعات التي كانت تتخذ أشكالا بين الحين و الآخر. و بالتالي في حالة ما إذا نجحنا في فرض التشبت بدون تنازلات مبدئية فإن اقتراح خط نقابي بديل عن خط البيروقراطية القائم على الزبونية و التوسط لدلى السلطات أو أرباب العمل و السفريات في "مهمات" إلى الخارج و التفرغ النقابي و الريع بشتى أنواعه... هو الكفيل بعدم تكرار ما جرى و يجري.
- الخيار الثاني: فك الارتباط مع البيروقراطية المتنفذة نضاليا (و هذا حاصل) و تنظيميا من قبل جميع المكونات (كما تم تقديمها أعلاه) و تنظيم الصفوف من أجل الالتحاق إما بنقابة قائمة (هي الكونفدرالية الديمقراطية للشغل رغم سيادة البيروقراطية فيها هي كذلك) أو بسيرورة التوحيد التي ربما تعمل عليها بعض الأطراف بين الكدش و الفدش و ربما المنظمة الديمقراطية للشغل. هذا الخيار سيعفي من التورط في المزيد من تشتيت الطبقة العاملة المغربية المنقبة و الشغيلة المنقبة و لكن لن يعفي من الصراع (بأشكال ربما جديدة) ضد شكل آخر من البيروقراطية.
- الخيار الثالث: فك الارتباط مع البيروقراطية المتنفذة نضاليا (و هذا حاصل) و تنظيميا من قبل جميع المكونات (كما تم تقديمها أعلاه) و تنظيم الصفوف من أجل تأسيس مركزية نقابية جديدة. هذا الخيار ينطوي على "جرم" تقسيم الطبقة العاملة المغربية و الشغيلة المنقبتين و ينطوي على خطر بروز بيروقراطية نقابية من صفوف «التوجه الديمقراطي» و لكنه قد يكون فرصة لمحاولة تنزيل تصور نقابي يساري ديمقراطي و مكافح على أرض الواقع.
طبعا، شخصيا أميل للخيار الأول و لكن طرح الخيارات كلها أمام الجميع و فتح نقاش حولها مع و بين القواعد لن يكون إلا مفيدا و لن يعمل إلا على تقوية «التوجه الديمقراطي» كيفما كانت صيغة و مكان تواجده. و الكلمة في الأخير لمكونات التوجه الديمقراطي من خلال نقاش منظم حول الموضوع يشارك فيها ممثلو كل المكونات بالمعنى القطاعي و الجغرافي.
عزيز إسباعين مناضل في صفوف الاتحاد المغربي للشغل-»التوجه الديمقراطي» منذ 1997 قطاع البريد الرباط 01/06/2013
#أحمد_أطلسي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أشغال ندوة -أوجه الهجوم على الحريات النقابية و سبل المواجهة-
-
الهروب من النقاش الحقيقي و الاختباء وراء السب و الشتم في ما
...
-
قراءة في نتائج مؤتمر بوزنيقة للجامعة الوطنية للبريد والاتصال
...
-
بيان اللجنة التحضيرية للملتقى الوطني لمناضلات و مناضلي الجام
...
-
نداء اللجنة التحضيرية للملتقى الوطني يوم 8 دجنبر 2012 للرافض
...
-
نداء رقم 2- بخصوص المجلس الوطني و المؤتمر و أشياء أخرى بقطاع
...
-
نداء تضامن مع الرفيق دداو مصطفى، معتقل سياسي سابق و نقابي با
...
-
تداعيات الصراع الدائر داخل الاتحاد المغربي للشغل على الجامعة
...
-
بيان للرأي العام البريدي و الوطني -مجموعة من المناضلات و الم
...
-
على هامش الصراع الدائر داخل المنظمة النقابية الاتحاد المغربي
...
-
محاولة لإنضاج النقاش الدائر حول الهجوم البيروقراطي داخل الات
...
-
آفاق الصراع الحالي ضد البيروقراطية المتنفذة داخل الاتحاد الم
...
-
على ضوء الهجوم البيروقراطي الأخير بالاتحاد المغربي للشغل: تو
...
المزيد.....
-
نقابة الصحفيين الفلسطينيين تطلق حملة صحفيات بزمن الحرب
-
الحكومة الجزائرية : حقيقة زيادة رواتب المتقاعدين في الجزائر
...
-
تأكيد المواقف الديمقراطية من الممارسة المهنية وعزم على النهو
...
-
وزارة المالية العراقية : موعــد صرف رواتب المتقاعدين في العر
...
-
“اعرف الآن” وزارة المالية تكشف حقيقة زيادة رواتب المتقاعدين
...
-
مركز الفينيق: رفع الحد الأدنى للأجور في الأردن: استثمار في ا
...
-
تعرف على موعد صرف رواتب الموظفين شهر ديسمبر 2024 العراق
-
تغطية إعلامية: اليوم الأول من النسخة الأولى لأيام السينما ال
...
-
النقابة الحرة للفوسفاط: الامتداد الأصيل للحركة النقابية والع
...
-
مركز الفينيق: رفع الحد الأدنى للأجور في الأردن: استثمار في ا
...
المزيد.....
-
الفصل السادس: من عالم لآخر - من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الفصل الرابع: الفانوس السحري - من كتاب “الذاكرة المصادرة، مح
...
/ ماري سيغارا
-
التجربة السياسية للجان العمالية في المناطق الصناعية ببيروت (
...
/ روسانا توفارو
-
تاريخ الحركة النّقابيّة التّونسيّة تاريخ أزمات
/ جيلاني الهمامي
-
دليل العمل النقابي
/ مارية شرف
-
الحركة النقابيّة التونسيّة وثورة 14 جانفي 2011 تجربة «اللّقا
...
/ خميس بن محمد عرفاوي
-
مجلة التحالف - العدد الثالث- عدد تذكاري بمناسبة عيد العمال
/ حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
-
نقابات تحمي عمالها ونقابات تحتمي بحكوماتها
/ جهاد عقل
-
نظرية الطبقة في عصرنا
/ دلير زنكنة
-
ماذا يختار العمال وباقي الأجراء وسائر الكادحين؟
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|