الخبر:
جريدة الثورة : كتاب جديد عن مآثر
القائد يصدر في رومانيا.
يقول السيد الفراتي عبد
الرحمن الكواكبي في كتابه "طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد" : لو كان الاستبداد
رجلا واراد التعريف بنفسه لقال: انا الشر وابي الظلم وامي الاساءة واخي الغدر واختي
المسكنة وعمي الضرر وخالتي الذل وابني الفقر وابنتي البطالة ووطني الخراب وعشيرتي
الجهالة".
وليس اصدق من هذه الكلمات واكثرها تطابقاً
على نموذج صدام، وامثاله ممن عفى عليهم الزمن لعناً كدكتاتور رومانيا المقبور
تشاوشيسكو، الذي يبدو انه بقي له من الاذناب مايتحرك هنا وهناك احياناً، ومن بين
هذه الاذناب كاتب يدعى الكسندرو بيترليسيانو مدير دار بروما للنشر في
رومانيا، هذا الكويتب النكره زار صدام ونَعم بمكرمته ليعود الى بوخارست ويعكف على
تنضيد اوراق استلمها من وزارة اعلام النظام ليؤلف كتاباً من 234 صفحة عن حياة ومآثر
صدام.
فات هذا الكويتب وهو يهدي كتابه بمناسبة البيعة، ان يراجع تاريخ بلده
القريب وبالذات في 26 (كانون الاول) 1989 يوم اعدم تشاوشيسكو، بعد يوم واحد من
تمثيلية بيعة بوخارست التي جمع لها الشعب الروماني لأظهار شعبيته , حيث القى
خطابه الأخير قائلا " ان رومانيا لن تشهد اي اصلاح , قبل ان يثمر الصفصاف اجاصا
" لكن الشعب الروماني في اليوم التالي , نزل الى الشوارع حاملا
اغصان الصفصاف وعليها ثمر الاجاص الناضج بلون الدم، وليرمي به الى مزبلة التاريخ
الشهيرة. تشاوسيسكوالذي كان صديق صدام الاول وتلميذه الذي
فاقه بطشاً وارهاباً ، ليصبح الاوحد الفرد، ففي الوقت الذي سمح فيه شاوشيسكو
لزوجته" ألينا " التي كانت تسمى "الكاتبة ام الشعب" و"العالمة" وفق تعليمات
شاوشيسكو ،و سمح لها ان تصبح اشهر كاتبة ومنظّرة في عصرها، بينما انفرد صدام
حسين في عصره بكل الالقاب والمؤلفات . كانت" ألينا" تجند كَتَبة ووراقين من بينهم
الكسندرو بيترليسيانو هذا، ليعدّوا لها بحوثها العلمية ونظريّاتها التي لم تشفع لها
يوم حكم عليها بالاعدام، ولم يخّلدها المجد الزائف مثلما لم يخلّد شاوشيسكو المقبور
كل ما كتب عنه زيفاً, وحتى ما بناه من سرقة شعب رومانيا ليقيم مقرا رئيسيا
كبيراً للشيوعية، في بناء ضخم هو ثاني اضخم بناء في العالم بعد مبنى البنتاجون
الامريكي واكبر من قصر فرساي الفرنسي الشهير بنحو 5 مرات والذي يبلغ حجمه ضعفي
اهرامات المكسيك، كل هذا البناء كان يريد له تشاوشيسكو ان يردد كلمة نعم،برلمان
لايعرف غير هذه الكلمة،بناء هائل كان يحلو لشاوشيسكو التجول في ارجاءه ويراهن على
اكتماله في سنة 1990 ليسمع (( بالروح بالدم نفديك ياشاويش !! )) تتردّد في فضاءاته
غير ان شعب رومانيا قرّر ان يكون هذا الصرح رمزاً للحرية، فاعدم شاوشيسكو وتحول
البناء الكبير بمساحة بـ 265 ألف متر مربع الى برلمان (( قلت : ما احوجنا لمثل هذا
البناء ليجمع فرقاء المعارضة العراقية، مكان بمثل هذا الاتساع لابد ان يجمع
الكل،ليت صدام ينفق اموال العراق في مثل هذا الصرح بدل كوبونات النفط المجانية
للعرب والمحبين!)).
كان تشاوشيسكو صديقاً مقرباً لصدام يدرب مخابراته على
ايدي رجال مخابرات السكرتاتا الرومانية، و يبيع لصدام خبرات القتل والتعسف بالدولار
لانه كان موصوفاً بالجشع والنفاق، ومشهورة تجارته مع اسرائيل بتسفير كل يهودي مقابل
3 آلاف دولار.
اعدم شاوشيسكو وبقي من كلابه من ينبح إستجداءً
لصدام.
ايضاً يعرفُ لدى جميع المعارضة العراقية خبر الاحتفالات
لسنوية التي يقيمها النظام في سفارته في بوخارست والتي تحضرها حشود من مخابرات
النظام في اوربا، في هذه الاحتفالات تشترى الضمائر بثمن بخس، ومن بين هذه الذمم
المشتراة الكسندرو بيترليسيانو.
سيحق لنا اليوم وغداً مناشدة الشعب الروماني
بمحاكمة سرّاق الشعب العراقي،وليس في رومانيا وحدها بل في العلم كلّه، نناشد منظمات
حقوق الأنسان في كل العالم بالوقوف والتصدي لإنتهاكات حقوق الأنسان العراقي من قبل
السلطة ، ومن الأقلام الرخيصة المشتراة لتزوير واقع المأساة العراقية، نناشد
البرلمان الروماني الهائل ان يتذكّر شاوشيسكو فقط،ويتذكّر معه لوعة الشعب الروماني
وعزلته، والاقلام الشريفة ودفاعها عن هذا الشعب وعن مقدراته، نناشدهم و نطلب مساندة
شرفاء القلم في رومانيا،من الذين تحدث عن بطولتهم الناشر والكاتب الفرنسي الدكتور
جورج بيسكوسي ( في حوار معه منذ ايام في صحيفة الزمان) ، والذي كان يطبع الكتب
المناهضة ل شاوشيسكو. سنطلب منهم ومن كل كاتب روماني وقف بوجه الدكتاتورية مساندتنا
وكل فنان بطل. و حيث يفتخر المبدع العراقي ببطولة ذلك الفنان المخرج الذي
يحكى انه هو مفجّرالثورة الكبرى في رومانيا يوم عرض مشاهد متلفزة لمجازر ارتكبت
في قرية من الريف الروماني وسببت هذه المشاهد الهياج الشعبي العارم الذي أطاح
بنظام الطاغية، سنطلب من ذاك الفنان نصرتنا بالقصاص وفضح الزيف الثقافي الهائل
المباع في محافل الطغاة.
المبتدأ:
يحكى ان
كويتباً عالماً بكل شي ء إلا جهله، ضاق به العيش بين اهله، فقرّر طلب الرزق سفراً
،وكان له ما اراد من سفر حتى استقر به الترحال في مدينة لها سلطان أبله، يطوف
بحراسه بين الاحياء لجمع الرشاوى والاتاوات، وكان الكويتب العالم الدجال يجلس منذ
الصباح حتى المساء أمام منزل استأجره لإصطياد الرزق، والقلم والكتاب لا
يفارقانه أبدا.
وحدث ان مرّّ به السلطان الأبله ذات مرة ووجده لاينفكّ عن
هذا الاعتياد، فأمر من معه من الاوغاد ،ان يحضروه عنوه ، ليستطلع السلطان أمره، قال
للسلطان بعد ان أَمَرَه بالاتاوة والضريبة: يامولاي اني علامة أتنسك للعمل ولا أقوم
بأي عمل آخر بل أعيش على هدايا طلاب المعرفة وهم قلّة يامولاي فالجهل في الناس
عميم، قال له السلطان ناهرا ومستنكرا: وما عملك، قال :ً لقد اُنعِمتُ من الله
بموهبة عجيبة فاصبحت اعرف آداب الارض وعلومها وفنون الحياة، حداً لا أسأل عن
سؤال ، أيا كان نوعه وشأنه، إلا ويلقى مني على الفور جوابه وحلّه.
سرّ
السلطان بخبره، واصبح الرجل من فورها نديم سهره،وصار يفرض له
الهدايا في المجلس ،
حيث تحضر وفود العامة وعلماء المدينة بكل طيب
ومستظرّف من الهدايا،وتنهال عليه الأسئلة فيبادر بالإجابة.
يُسئل: كم عدد
نجوم السماء، أيها العلامةوالشيخ الجليل؟
فيجيب: اكتب على ورقة رقم 9 وزد عليه
ثلاثة وتسعين صفرا تجد الجواب الوافي..
آخر: متى وجد البشر على الأرض وأين
ياجناب العالم؟
يجيب: منذ سبعة ملايين وثلاثة الاف وخمس وتسعين سنة وسبعة
اشهر ويوم واحد ،و وجدوا في مكان يدعى مكانوس او ظلّّ الفيل.
قال الثالث: هل لك ان تخبرني عن قائل المثل السائر: اذا زاد في
قِدرك مرق....
---: هو الافلح ابن عمويه.
فافزعت نباهة هذا
الفطحل وسعة معرفته السلطان ومن حضر من العلماء والرعية الخائفين،وانتشر خبره
كالنار في ا لهشيم، وماعاد يشغل الناس غير سين وجيم، وزادت هيبة السلطان عند العامة
والوقار، وأزاد معها السلطان ظلماً بعد ان مكنه العارف من الاسرار ، فتنبّّه نفر من
شباب طموح الى امر يفضح هذا المشعوذ ويقلب ا لطاولة فوق رأسه ورأس السلطان، فعمدوا
الى ا لتجول بين الاحياء حتى جمعوا الناس في مكان، قبل موعد الحضور عند
السلطان،واخبروهم عن امره وخبره، وبلادة السلطان ودجل الجاهل وسرّه ، وصاروا الى
فكرة ان تجمع المدينة على سؤالين، يسئل بهما العلاّمة عن شيئين مختلفين، يجمعون
لأسمهما الاحرف ، قال احدهم : حرف العين، وقال آخر: الصاد، وثالث
:الغين،ورابع :ميم. واتفقوا على كلمة عصغم، وبالطريقة ذاتها إختاروا كلمة: سفطع.
وانتهوا الى مجلس السلطان بحشد ضمّ نصف المدينة، ففتح لهم السلطان جنائن قصره
الفسيح وأمن شرهم بعدما راى في سالف مجالسه ايمان الرعية، وأستأنسهم بالعالم(
الشفيّة)، وداوم العلامة البليغ بالإجابات حتى جاء دور الأسئلة المحيرة،وقال من
اختاروه للمبادرة : ماذا يكون ال عصغم ؟ يامولانا وعالمنا حفظك الله ونصر سلطاننا
العظيم، علىاكتشافه لك ، واسعادنا بك .
رفع العالم يده ودعا للسلطان وهبتْ عاصفة
من التهليل والدعاء،رددتها الحشود في كل الارجاء، ثم قال : اما عن ال عصغم فهو أذن
البعوضة!.
فتعالى تعظيم الناس للسلطان ونباهة
عالمه،وصار لهم لغط وبلبلة، فاشار السلطان.. ان هدوء او مقصلة،فسكت الخلق، حتى بادر
من اختاروه للسؤال الثاني:أزدني يامولاي عن السفطع وما صلته بالعصغم؟.
تلفت
العالم الفطحل فرأى من صمت الناس وانتظارهم الحل، ما لم يره من قبل، فعاجله بالجواب
: والسفطع هو ما لا تصله الشمس من ظلّ خلف أذن البعوضة. فهبت الجموع بالتهليل ، فظن
ّّالسلطان انه التبجيل،وحملوا الفطحل العلامة فوق الانامل، واتجهوا به الى منصة،
حيث بدى السلطان في وسواس ، وقبل ان ينادي بالحراس،رموه بجثة العلامة ، فسقط
السلطان من عرشه وداس من داس في كرشه،وتحرر العباد،وعمت الافراح في البلاد.