أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عامر الدلوي - خدمات ما بعد البيع















المزيد.....

خدمات ما بعد البيع


عامر الدلوي

الحوار المتمدن-العدد: 4110 - 2013 / 6 / 1 - 13:16
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


هناك سياق دأبت عليه معظم شركات التصنيع الكبرى " وبات عرفا ً دوليا ٌ تقريبا ً " سواء للأجهزة المنزلية أو السيارات لا بل حتى للأسلحة في بعض الأحيان .. حفاظا ً على سمعتها وجودة منتوجها لضمان إستمرارها في سوق المنافسة القوية القائم حاليا ً و بسبب من الثورة التقنية الهائلة والتي تسير بسرعة قاربت من سرعة الضوء .. وهذا السياق بوب تحت عنوان " خدمات ما بعد البيع " في سوق التجارة الدولية .
ولم يقتصر هذا السياق على الشركات المصنعة ودولها .. بل إن الكثير من الشركات في بلدان التخلف الإقتصادي " الدول المستهلكة " والتي تقوم بإستيراد وبيع تلك المنتوجات , أخذت وبإتفاق مع الشركات المصنعة تعمل على إيجاد مثل هذا النظام في بلدانها , تلافيا ً لوفرة من المشاكل الفنية التي باتت تخلفها عمليات الإنتاج الكمي الواسع والأتمتة في بلدان التصنيع , وخير دليل على ذلك , هو الأخبار التي تصلنا بين الفينة والأخرى عن قيام هذه الشركة بسحب أعداد كبيرة من منتوجاتها من الأسواق لظهور الخلل والعيوب فيها .
في بلدان التخلف الإقتصادي سادت مفاهيم مناقضة كليا ً لهذا السياق , ففي كل عمليات الإنتاج المحدود للصناعات البسيطة والتي تجلب هامش ربح كبير جدا ً " الأغذية ومشتقاتها , الحلويات , المشروبات الغازية والعصائر .. إلخ " ساد مفهوم صنع وأرمي في السوق ولا تلتفت إلى النوعية , وكما ساد مفهوم هنا في العراق أثناء الحروب والحصار والإنفتاح على اسواق بلدان الجوار إنك حتى إذا ما قمت بتعبئة التراب في أكياس و رميته في السوق العراقية فإنه سيباع دون النظر إلى محتوياته أصلا ً .
ولقد لعب هذا المفهوم دورا ً كبيرا ً في تخريب الواقع الإقتصادي في البلد , في ظل توقف الإنتاج المحلي لا بل إنعدامه تقريبا ً .. وأمتد هذا المفهوم الخطر ليشمل كل جوانب الحياة .. فالتاجر الدنئ " ونستثني منهم القلة الشريفة " لا يهمه ماذا سيحصل حتى لو مات مليون أنسان جراء توزيع بضاعته التي هي عبارة عن تراب معبأ بأغلفة جميلة وبراقة وفقا ً لمفهومه السائد في أوسخ عملية إقتصادية رافعا ً شعار " التجارة شطارة " , لذلك تراه وقد لجأ إلى كل الوسائل القذرة من أجل إدخال بضاعته إلى السواق وضمان إنسيابيتها , قدم الرشى إلى سلطات المنافذ الحدودية " الكمرك والصحة والبيطرة " وجند شبكة من فاقدي الضمير والذمة ليكونوا موزعين لها .. وأستخدم نفوذه وصلاته بالمسؤولين لنقل أي موظف هناك لا يتقبل منه الهدايا والرشى .. لا بل في أحيان كثيرة استخدم قتلة مأجورين للتخلص منهم .
ومن المؤسف جدا ً أن يمتد هذا التخريب إلى المؤسسات العلمية آنذاك , فتخرجت أجيال من المدارس والكليات لا تتقن أي شيء مما درسته خلال تلك السنين , وأنظم الآلاف منهم إلى جيش العاطلين عن العمل والذي تنامى بشكل فظيع خلال سنوات الحروب والحصار , وخصوصا ً بعد فقدان الوطن للكثير من الكفاءات العلمية الواعدة , بين قتيل ومعوق وأسير وطالب لجوء سياسي أو إنساني .
وانا أستعرض هذه الصورة البائسة , والتي تمر تفاصيلها أمام عيني كشريط سينمائي , حدثت إنتقالة في العرض , كما تسمى في علم السينما " فلاش باك " ولكن إتجاه هذه الإنتقالة كان إلى الأمام وليس كما يعنيه المصطلح السينمائي المذكور آنفا ً .
إذ ترآءت لناظري لقطات هي بإعتقادي المتواضع من أصعب اللحظات التي تمر على الناس الوطنيين الشرفاء ألا وهي لحظات " تحرير " بلدهم الذي عجزت أحزاب الدعارة السياسية المسماة زورا ً و بهتانا ً بالمعارضة العراقية عن الإتيان بفعل ثوري يزيح النظام البعثي المنخور والفاسد بقواها الذاتية فلجأت إلى من ارتضت لنفسها أن تكون عبدة لهم من الشقاوات الكونيين لتنجز لها مالم تستطع هي من القيام به .. وفق شروط ذليلة .. أولها .. أن يكون العراق سوقا ً مفتوحا ً للبضائع .. وأن تقوم تلك العبدة بدور ... شركة تقدم خدمات ما بعد البيع .
وأول البضائع التي تم تسويقها بنجاح .. الطائفية .. كيف ذاك ؟
في أول حكومة شكلت .. ألغيت وزارة الأوقاف .. وصار هناك وقف سني و وقف شيعي .. الكم الهائل " ما شاء الله " من الأضرحة والمقامات " المقدسة " و ما تدره من إيرادات هائلة سنويا ً سال لها لعاب أئمة الكفر والضلالة .. فما باتوا يقبلون اليوم بالعودة بهذه المؤسسات إلى السقف الذي كان يجمعها والذي كان معبرا ً بحق وحقيق عن وحدة العراقيين وأعني بذلك وزارة الأوقاف والشؤون الدينية .. لذلك صاروا ومن أجل الحفاظ على منابع الثروة هذه يروجون لأتعس بضاعة في التاريخ خلفها أتعس إختراع لبني البشر منذ الخليقة .. وأوصلوا الإمور إلى ما آلت إليه من بحر دم ٍ لا يقبل التوقف عن الجريان ولم تتمكن كل سدودهم اليوم وبعد أن أكتوت أصابعهم بناره من وقف سيله العارم الذي لم يستثنى حتى الأخوة من أتباع الديانات الأخرى .. فتركهم بين قتيل و مهجر في الداخل إلى لاجئين في بلدان العالم .
وظل العراقي البسيط آملا في بعض المؤسسات الدينية وأعني بها المرجعيات الدينية والحوزة العلمية وتفرعاتها من جهة و مفتي الديار العراقية ورابطة علماء السنة وكليات الفقه القائم على أسس المذاهب الأربعة وتفرعاتها في أن تجد له مخرجا ً من أزمته المستعصية على الحل غير مدرك بأن أمنيته تلك ما كانت تمثل إلا عشم إبليس في الجنة , وغير مدرك بأن هذه المؤسسات هي من عنيت من أول حرف كتبته في هذا المقال .
أما كيف ؟ قد يتسائل بعضكم .. فأجيب ببساطة ..
الشركة المصنعة للسيارة مسؤولة عن أي خطأ مصنعي فيها .. قد يتسبب في حوادث تؤدي لقتل راكبيها أوغيرهم من مستخدمي الطرقات العامة .. لذلك نجدها تسارع في سحب سيارتها المنتجة والموزعة في دول مختلفة من العالم وبأرقام قد يصعب على صاحب عقل محدود الآفاق مثلي تصور عملية جمعها وإعادتها إلى بلد المنشأ .. وهذه الأرقام قد تصل أحيانا ً إلى الملايين .
إذن لماذا لاتكون الحوزة العلمية والمرجعية الدينية و صنوها في الجانب الآخر مسؤولين بالتكافل والتضامن عما يروجه خريجوا مدارسهم وجامعاتهم من سفاسف تستخف بالعقل البشري لحد الإستهبال ؟
ولماذا لا يقومون مثلاً بسحب الشهادات الممنوحة لهؤلاء ومنعهم من أرتقاء المنابر في كل المناسبات الدينية وتعميم ذلك بكتب ملزمة لكل المؤسسات التابعة لهم في كل ارجاء الدنيا .. مثلما حسنا ً تفعل شركات صناعة السيارات العالمية في سحبها للسيارات الفاشلة من السوق .. مع الفارق طبعا ً في أن خطر السيارات الفاشلة أقل خطرا ً على الناس إذا ما علمنا بأنها هفوات تكنولوجية بسيطة يمكن تصليحها بساعات .. من خطر أصحاب العقول والذين لا يعرفون سوى عملية غسيل الأدمغة التي يمارسونها على مستمعيهم المساكين .. عبر سيل من الروايات القائمة على معجزات خرافية لم يأتي بها كتاب و ما أنزل الله بها من سلطان .. وعبر تغذية لروح الكراهية للجانب الآخر .. الأمر الذي قاد منذ القرن الهجري الثاني وغلى الآن إلى صراعات دموية لها أول وليس لها كما يبدو آخر .
لماذا لم نسمع صوتا ً معارضا ً على الأقل لما يطرحه هؤلاء من سفاسف إستهبالية من قبل المراجع العليا السنية والشيعية ؟
هل لأن السكوت هو علامة الرضا !!!!!!!!
ليفتنا أحد وله الأجر والثواب



#عامر_الدلوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مزارب المشاية في أطراف الولاية
- لماذا عيد الحب وليس الحدث الحقيقي
- بالونات السيد المالكي الإختبارية
- الطريق السريع محمد القاسم
- ولاية السفيه .. محاولة جس نبض أم مخطط متكامل مسبق
- لقلب الشجاع
- إبتكار عراقي بإمتياز .. الحسينيات المتحركة
- الرابع عشر من تموز .. نقطة مضيئة في تاريخ وطن ..
- في ذكراها التاسعة والأربعين.. الخلود لشهدائها والمجد للأحياء ...
- أنْتَ شَمْسٌ و المِلُوكِ كَواكِبٌ
- ما لا يعرفه عنك أحد أيها الأمير
- هل هناك تغيير قادم في قيادة الحزب الشيوعي العراقي
- بين - ويكيبيديا - وقيادة حشع ..هوة لا بد من ردمها !!!!
- في ذمة الخلد أيها المناضل الكبير
- مجدا ً لحزب الشيوعيين العراقيين
- ويحبون المال حبا ً جما ً
- على هامش إنعقاد لقاء التيار البؤسقراطي العراقي في فندق الشير ...
- رسالة مفتوحة إلى دولة رئيس الوزراء
- الخيانة الطبقية للبرجوازية وبقايا الإقطاع تتجسد في تنكر الحز ...
- في الطريق نحو المؤتمر التاسع ...... النظام الداخلي الجديد (ا ...


المزيد.....




- ماذا نعرف عن الحاخام اليهودي الذي عُثر على جثته في الإمارات ...
- الاتحاد المسيحي الديمقراطي: لن نؤيد القرار حول تقديم صواريخ ...
- بن كيران: دور الإسلاميين ليس طلب السلطة وطوفان الأقصى هدية م ...
- مواقفه من الإسلام تثير الجدل.. من هو مسؤول مكافحة الإرهاب بإ ...
- الإمارات تعلق رسميا على مقتل -الحاخام اليهودي-.. وتعلن القبض ...
- الإمارات تعلق رسميا على مقتل -الحاخام اليهودي-.. وتعلن القبض ...
- من هم المسيحيون الذين يؤيدون ترامب -المخلص-؟
- المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية: مذكرتا اعتقال نتنياهو وجال ...
- الأميرة المسلمة الهندية -المتمردة- التي اصطادت النمور وقادت ...
- تأسست قبل 250 عاماً.. -حباد- اليهودية من النشأة حتى مقتل حاخ ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عامر الدلوي - خدمات ما بعد البيع