أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عباس علي العلي - في نقد القراءة التاريخية لعبد الكريم سروش للدين المحمدي _ ج2















المزيد.....

في نقد القراءة التاريخية لعبد الكريم سروش للدين المحمدي _ ج2


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 4110 - 2013 / 6 / 1 - 06:01
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


في مفصلية مهمة من فكر سروش هناك خط متقصد ومتعمد يضع القارئ البسيط الغير مهتم بالعمق المعرفي ولا بسر الفكرة من وراء المباني للفظية المطروحة يراد منه ان نسلم بها كحقيقة من خلال المساوات بين الدين كفكرة معرفية ومنتج بشري لا شك فيه مع كل الطروحات الوضعية وهي أن الفكر عموما دون النظر للكونية ومصدريته قابل لأضافه الصفة الخبرية عنه والتي يقررها المنطق بقانونه المأثور (أن الخبر قابل للتصديق والتكذيب الطبيعي وذاتيا من حيث كونه خبر) فيشير إلى فهم أجمالي وكأنه حقيقة ثابته (ان المعرفة الدينية، كأي معرفة أخرى، هي حصيلة جهد البشر وتأملهم، وهي دائما مزيج من الآراء الظنية واليقينية، ومن الحق والباطل، ولا مجال لإنكار تطور هذه المجموعة وتكاملها).
هذه المفصلية التي لا تفرق بين الفهم كونه مصداق خارجي للدين متصل بالقارئ والمتلقي وبين الدين كموضوع ذاتي خالص , نعم الفهم مختلف دوما ولا خلاف فيه ولا أعترض على ما ينتج منه كونه طبيعي عقلي ولكن لخلاف أن نجعل من الماهية والوجود شيء واحد ,فأما أن يكون جوهر الدين فوقي خارجي عن الذات البشرية وتختلف الإفهمات والتفسيرات حوله وهذا غير مستنكر ولا تعارض بينه وبين حقيقة كون التعامل العقلي البشري يفترض التنوع والتعدد ,أو أن يكون المعطى الأسي والمكون للدين هو فكرة البشر عن الوجود وما يحتمل العقل من تصورات عنه ,هذا ما لا يحدده على وجه الدقة فكر سروش ويشكل التناقض الحقيقي في فكره فهو مثلا يشير إلى حقيقة الخارج المؤسسة للدين وإن علل في الاخر الاختلاف في نتيجة التعقل لا في نتيجة المصدر (نحن لا نقول إن الوحي الذي أتى به الأنبياء يكمله البشر إنما نقول إن فهم البشر لمفاد الوحي يتطور).
هذا النتيجة التي يقررها تتناقض بالكية مع افتراض أكيد أن ما جاء به الوحي من خلال الأنبياء معرض للصدقية والتكذيب لان في ذلك هدم لمفهوم الوحي كونه رسول الصادق العالم الكامل , هنا يفترض الدكتور سروش ان الباعث للوحي قابل أن يكذب أو يصدق بالذاتية كونه خبر وقد جزم بذلك , ليصل إلى تأسيس مفهوم نقض المعصومية عن الوحي وبالتالي تصبح القضية لدينية برمته من حيث لتكوين والمصدر معرضة للنقض والتكذيب وأن على الإنسان أن يصحح لله مورد الخطأ والنقص وممارسة التصويب(ولكننا نقول إن السير في الطريق الصعبة غير المعبدة، والسقوط والنهوض، والصلح والحرب، والخطأ والصواب، والتخطئة والتصويب، هو الذي يصحح المسار وييسر الارتقاء).
المتن الفكري لسروش إذا في واقعه بسيط جدا ويتلخص بأن كل التفكير البشري حول الدين هو صورة للفهم على أنه تاريخي وغير معصوم من الخطأ بل يفترض بناء على ما يؤمن أنه اصلا قابل للنقض ومحكوم بجزء كبير منه بذلك. بهذه الفكرة يقطع ليس في عصمة الرسالة والنبي بل يتجاوز بذلك ما هو اكثر عمقا بهدفيته وهو وجود الله كمنظم خارجي ذي قوة وسلطان على الخلق وفي عقلانية الايمن بالله ، لأنه إذا كانت كل المعرفة الإنسانية عن الدين معرضة للخطأ، فلا أحد يمكنه أن يطالب بتطبيق الشريعة الإسلامية باسم الله، وبالتالي هدم مرتكز الإيمان أصلا لأن في وجود الله محل شك وقد لا يكون هناك رب حقيقي يمكن ن ننسب إليه الدين لأننا نؤمن بالله كما يقول من خلال إيماننا بالدين الذي نزعم أنه أرسله لنا.
نعم علينا أن نفرق بين الفهم التاريخي للدين وبين أن نجعل أسس الدين شيء من التأريخ الذي يجب أن ينظر على أنه بحاجة للتغير في قواعده ومرتكزاته, في الحال الأول الفهم متغير متنوع وقد يتبدل بحسب معطيات الزمن وأحكامه وهذا مما لا شك فيه , لكن الإشكالية تثور عندما نؤمن بالحال الثاني وهو حاجة الدين للتغير بدل حاجته لتغير القراءات وتغير الأفهام وهو ما يخلط كثيرا فيه الدكتور سروش فيقول مثلا(مكِّن الرؤية الإنسانية للقرآن من التمييز بين الجوانب الجوهرية للدين وجوانبه التاريخية. بعض أجزاء الدين محددة تحديدا تاريخيا وثقافيا ولم تعد اليوم ذات أهمية).
ليس هذا فقط فقد أسس سروش لفكرة أخرى بعد فكرة الخداع بادعاء الوعي , وهي أن النبي هو من يصنع القرآن وقد صنعه وفق ذاتية ومزاجية خاصة به دون ان يكون للوحي الذي ينكره مرة ويثبته مرة اخرى دور في ضبط لغة القرآن وضبط الأحكام فكل ما وصلنا من القرآن هو الجانب الشخصي المزاجي لروح ونفسية النبي وتعقله للفكرة التي ينادي بها , فهو صانع القرآن ومبتدعه وبالتالي لا بد أن تظهر شخصيته من بين المباني والمعاني التي تحمل أسلوبيته في السرد فيقول(لعب شخصيته أيضا دورا في تشكيل النص: تاريخه الشخصي، وشبابه، وأبوه، وأمه وكل ما عايشه من تجارب. ولمزاجه دور أيضا. فإذا قرأت القرآن تلاحظ أن النبي يكون أحيانا حاد المزاج وبليغ اللسان، بينما ينتابه في أوقات أخرى قليل من الملل وتكون حماسته أقل. كان لكل هذه الأمور دور هام في تشكيل القرآن. وهذا هو الجانب الإنساني البحت في مسالة الوحي),إذا لقرآن ليس معصوما ولا محفوظا ولا كلام الله القديم بل هو باختصار تجربة النبي الحسية فقط.
وليس فقط أنه تجربة تتفاعل مع الواقع بقانون التكييف والموائمة ولكن يشترط لها أيضا روح المبادرة من المجتمع فالشريعة والدين مجرد أفكار صامته غي قادرة على البوح أو الإفصاح عن مشروع محدد أوعن طرح اجابات وتصورات وحلول استشرافية بل وحتى عن اجابت حالية ما لم تسأل ويسأل الدين عنها , يطرح سروش مقولة بأن الشريعة صامتة والمقصود هنا ان الشريعة لا تطرح الاجابات من ذاتها ,فلو لم يطرح لواقع موضوعه وعلات وجوده للنقاش لا يمكن ان يكون للدين دور في كشف الرؤية التصورية ولا التكوينية التكيفية عنه ,ولا بد من أن هناك من يسأل وهي تجيب لكي تستجلب الإجابة من قراءة أنية مرتبطة بالزمن والمكان وحالية السؤال ومحله، اذن المشكلة تدور حول استراتيجية السؤال والاتجاهات التي يقود اليها , فترتيب الأحكام وصياغة شكليتها مرتبطة دوما بالسؤال وكأن مجتمع مكة ليس بذاك المجتمع البدوي الجاهلي ولكنه مجتمع المدينة الفاضلة التي تصوغ مستقبلها وفكرته عنه من خلال هذا السؤال الذي يكشف عن اشياء كثيرة أيضا منها مستوى تطور المجتمع ونسبة الحرية المدنية فيه وعلاقة السلطة بالمجتمع ومكانة الشريعة في حياة هذا المجتمع.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدكتور علي الوردي وإشكالية الحكم على العقل
- عصر الحرية ومفهوم الذاكرة
- الدين نحن
- ما هو الدين
- مصادر القوة ومضاعفات التفرد
- الانفصام بين الصورة والأصل ج2
- الانفصام بين الصورة والأصل ج1
- خصيصة الأبدية للفكر الرسالي
- آدم الإنسان والحيوان شبيه الإنسان
- حوارية الخلق والجعل في النقل المقدس ,دراسة في قصدية النص
- تطور فكر التطرف وعلاقته بتنامي الفكر السياديني الإسلامي
- عقلانية الدين علمانية حقيقية ج2
- عقلانية الدين علمانية حقيقية ج1
- الهروب من الفكر والتفكر تهرب من مواجهة الحقيقة


المزيد.....




- مستوطنون يعتدون على أراضي المواطنين شرق سلفيت
- نص تهنئة شيخ الأزهر للعاهل السعودي ومحمد بن سلمان بنجاح موسم ...
- اجعل أولادك يمرحون مع اجمل أغاني العيد وحمل الآن تردد قناة ط ...
- هطول أمطار على المسجد الحرام ومشعر منى وسط موجة حر قياسية
- أقوى الاناشيد الجديدة للاطفال .. تردد قناة طيور الجنة الجديد ...
- قائد الثورة الاسلامية يهنئ المسلمين بعيد الاضحي المبارك
- الفاتيكان يوضح سبب امتناعه عن التوقيع على البيان الأوكراني ف ...
- اليابان.. حشود غفيرة وخطبة بأربع لغات في صلاة العيد بالجامع ...
- -حركة طالبان الباكستانية- تعلن وقف إطلاق النار لمدة 3 أيام ب ...
- “أسعدي صغارك بأغاني البيبي” ضبط تردد قناة طيور الجنة بيبي عر ...


المزيد.....

- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عباس علي العلي - في نقد القراءة التاريخية لعبد الكريم سروش للدين المحمدي _ ج2