|
الطريق الى جنيف 2
عبدالرحمن مطر
كاتب وروائي، شاعر من سوريا
(Abdulrahman Matar)
الحوار المتمدن-العدد: 4109 - 2013 / 5 / 31 - 02:09
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
هل أضحت الطريق الى التسوية السياسية ‘معبدّة؟ وهل أنضجت الأطراف الدولية والإقليمية، معطيات الدخول الى عملية التفاوض ..في ظل الانقسامات الحادة التى تعيشها قوى المعارضة التي تتنازع المواقع والمقاعد والامتيازات؟.. تشير التطورات الميدانية، الى أن نظام الأسد، أضحى أكثر تفككاً وقابلية للانهيار, رغم ارتكابه المضطرد للمجازر" بانياس" وعملياته التدميرية " القصير- ريف دمشق ". وان هذا التفكك لن ياخذ بمفهوم السقوط، الذي تسعى لتحقيقه قوى المعارضة، عبر تغيير جذري، يقود الى إزاحة النظام الذي تفرد بحكم سوريا لما يقرب من نصف قرن. ومع دخول الثورة عامها الثالث، لايزال النظام يحتفظ بقوى عسكرية وأمنية ، تمكنه من الإيحاء بأنه قادرعلى البقاء ، ومواصلة مواجهة العمليات العسكرية لقوى المعارضة، التي استطاعت تحقيق خطوات مهمة على الارض، وفقا للمفهوم العسكري ، هي ضربات موجعة ومؤثرة في بنية النظام، الذي يرى أن أهم عوامل قوته، يتمثل في أن مدينة دمشق، ماتزال بعيدة عن قدرة الثوار في بسط السيطرة عليها، مع أن كثيراً من العمليات النوعية، استهدفت مواقع هامة، في قلب دمشق . الحركة الاقليمية والدولية المتواترة بحثا عن حل، بدت اكثر من واقعية، في التعبير عن حقيقة الحاجة الى نهاية الوضع. لقاءات كيري – لافروف تحمل اعترافاً صريحاً بأن الحل الأمني، الذي لجأ إليه النظام ، على رغم الوقت والمُهل التي حظي بها ، منذ اندلاع الانتفاضة، قد فشل. استغرق النظام وقتاً ودماً، ليدرك هذه الحقيقة. ذلك أن نظرته الأمنية السياسية العمياء، لم تكن قادرة على فهم أن ما يحدث في سورية منذ 15آذار 2011 هو ثورة، على رغم كل ما رافق الحراك الثوري من نجاحات واخفاقات، وتداخلاتٍ وتشابكات دولية واقليمية، سياسية واجتماعية وثقافية، ليتأكد أن ما يجري هو ثورة بكل المقاييس، وإن كانت البوصلة المسلحة، قادت المسار الى مواجهة فرضها النظام نفسه على الشعب، فيما امتطه قوى الاسلام السياسي المسلح. نضوج الفكرة وعلى رغم أن القوى الأساسية في اللعبة الدولية ، تركت السوريين لوحدهم ، في مواجهة نظام الاستبداد وحلفائه، وتصاعد وتيرة حملاته الوحشية عبرالمجازر، وضرب المدنيين وتدمير المناطق، وتزايد تهجيرالسكان، دون أن تشكل حاضناً أو داعماً موازياً لقوى الثورة، يبدو أنها تحاول الوصول الى حلول توافقية، تسوية ما، في ظل مبادرات تولد لكي تموت، بتفاهم روسي اميركي، وضعت الأخيرة بيضها في السلة الروسية، طالما تأخذ موسكو أمن اسرائيل، كأولوية في سياق أي تطور للأوضاع في سورية، تقدمت " اسرائيل " بإيصال الرسائل الى دمشق، عبرضربة موجعة، دعمت حجج النظام وبثت فيه مجدداً روح القوة. من هنا طُويت - مؤقتاً - ورقة الابراهيمي، الذي بقي دوره في الأزمة حامل رسالة، وليس منتجا لأفكار وحلول، حيث لا يسمح الصراع الدولي بذلك، ليُفشل النظام كل مبادرة للحل، بتفاهم مع موسكو وطهران، وصمت دولي، اميركي بالدرجة الاولى، كسبا لمزيد من الوقت. وفي الحقيقة لم يكن جوهر المبادرات جديدا، بل إن الافكار ذاتها كانت على الطاولة منذ بداية الثورة، والواقع ان الحديث عن التفاوض والتسوية في كل مرة يجيئ مترافقاً مع مذبحة جديدة ،يرتكبها النظام .بما يشبه الدفع للقبول بالحل اوالصوملة، على أساس أن لاتقوم على المبدأين الاشتراطيين: عدم الحوار مع النظام، وسقوطه. مبادرة معاذ الخطيب، تتقدم على كل ما سبق، من حيث الرؤية وشروط التفاوض، ولكنها اصبحت من الماضي، مع تقدم المجتمع الدولي لإحياء بنود جنيف . معطيات واضحٌ للمتتبع أن " لاأحد ينتصر " ليست مجرد رؤية ، بقدر ماهي تعبير عن حال. فثمة ثلاث معطيات: الأول هو ان القوى الدولية تنظر لما يجري في سورية، على انه صراع قوى، وليس انتفاضة شعبية على القهر والاستبداد. وهي بذلك تترك الاطراف كي تُنهك وتنهي انفسها. المعطى الثاني، يتمثل في أن تقدم القوى المسلحة، لايزال دون تخطيط استراتيجي متكامل، يقوم على قيادة عسكرية مشتركة، أو موحدة. ما يجعل من القوى العسكرية - في الواقع – جماعات مسلحة ، منفردة ومنفصلة عن بعضها ، في الانتماء والأداء. لذلك فإن أي تقدم يُحكى عنه، فيه من المبالغة على الأرض كثيرا، فتلك الجماعات لاتملك من العتاد والامداد – باستثناء جبهة النصرة - مايمكّنها من خوض عمليات نوعية محدودة، تحرز فيه اختراقاً، يعيق النظام عن مزيد من العدوان، ويجبره على الإنكفاء. وإن ظلت الوقائع الميدانية كما هي عليه اليوم، بنجاحات محدودة، مع استمرار الجهود السياسية بطيئة كما هي الحال، فإن فرص الذهاب الى حل سياسي، هو الأكثر راهنية، وقد يقود الأطراف في الغد، الى قبول ماظل مرفوضاُ بشكل مبدئي، منذ انطلاق الانتفاضة في ربيع 2011 . الثالث : فشل أطر المعارضة السياسية عن صوغ رؤية للحل، بما فيها الإئتلاف الوطني الذي يعاني من ضعف وتهميش اقليمي ودولي. الرابع : غياب أي قدرة للإتلاف وقوى المعارضة السياسية، على إدارة المناطق المحررة، او تولي أيٍّ من ملفاتها، في ظل سيطرة " الهيئات الشرعية " المعبرة عن إدارة القوة المسلحة للمجتمعات المحلية، بما خلقته من إشكاليات كبرى . ان ركون الاطراف الى اساليب محددة: المعارضة، دون تعدد اساليب العمل الثوري .والنظام، الى اسلوب القمع والقتل والتدمير. هو جزء من معيقات التوصل الى حل . خاصة بعد أن فرض النظام عسكرة الثورة، أو قاد اليها بذكاءٍ، لا شك في أنه سينقلب عليه وبالاً مرّاً، لن يؤول إلاّ لسقوطه ، ولو بصيغة التسوية . شروط التفاوض ان رفض الحل، هو من قبيل المكابرة، وتفريط في قوى وقدرات المعارضة بالذات، هو دليل فوضى. إذ أن رحيل النظام- حتى وإن كان في لحظته الأخيرة- هو شكل من أشكال السقوط المحكم، بل وتعجيلٌ به ، ودفعٌ إليه. وهنا يبرز المعادل السياسي الرافع لقوى الثورة. وذلك يعني اختصار مرحلة من الفوضى تلي السقوط، وهي مرحلة مفتوحة على احتمالاتٍ شتى ، فيما يتيح الحل إدارة سلسة لانتقال السلطة. وتجاوزاً لمجهولات السقوط التي سيكون فيها السلاح والمال، قوَتيْ فعالية تحدد شكل المرحلة الانتقالية . في واقع الحال، وضع الائتلاف شروطاً لبدء عملية تفاوض مع النظام ، وبغض النظر عن مبدا التفاوض ، وابعاده، فإن موقف الإئتلاف يطرح تساؤلين أساسين عن معنى التفاوض في ظل هكذا شروط، والثاني عما إذا كان الإئتلاف والمعارضة عموما في موقف قوي قادر على فرض شروط كهذه. وهذا يعكس حالة التشرذم والتخبط الكبرى والممتدة، داخل الإئتلاف، الذي تحكمه الاختلافات من مسألة الحوار والتفاوض، وغالباً فإن غياب الاتفاق على أسس مشتركة للتفاوض، والرؤية باتجاه المستقبل، تحكم إطار العمل السياسي الذي لم ينضج بعد، فهل نضجت شروط التفكير بالتفاوض ؟! لن يكون التفاوض من اجل الحل خيانة لأحد، وقد أثبتت قوى الثورة قدرة ما، على فرض مسارات التغيير. ولن يكون عيباُ، بقدر ماهو فعل سياسي. هنا لا أدعو الى تسوية أو حوار مع النظام، وإن كان ذلك هو ماتقود اليه التطورارات المختلفة، والتي ترتبط بشكل وثيق بالقوى الاقليمية والدولية. ولكن الحل الممكن في اعتقادي يجب ان يستند الى عامل
أساسي، هو مبدأ محاكمة النظام، وفقاً لمعايير دولية، ومحاكم وطنية. الأطراف الدولية تقود الوضع الى تسوية، وعلينا إدراك المعطيات التي تتوافر أمامنا، دون أن ننتظر الغرب والشرق كي يتكرم علينا من دمائنا التي تُسفك كل يوم. على عاتق السوريين انضاج الظروف الوطنية التي تقود لاسقاط النظام، وانتاج الحلّ الذي يحقق للثورة غاياتها الكبرى.
#عبدالرحمن_مطر (هاشتاغ)
Abdulrahman_Matar#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مركز الدراسات المتوسطية : المناطق المحررة والشرعية الثورية
-
الطغمة المستبدة
-
الطائفية : العتبة الدامية !
-
الادارة الإنتقالية - تجربة الرقة
-
قضية الفساد في مجال الإغاثة والدعم الإنساني في الثورة السوري
...
-
الحرية أولاً
-
اسلاميون ومدنيون..وفوضى المستقبل
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|