|
تأريض الإسلام (13)
زاغروس آمدي
(Zagros Amedie)
الحوار المتمدن-العدد: 4108 - 2013 / 5 / 30 - 21:28
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
ثانياً: الدعوة الجهادية للقتال
قَاتِلُواْ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ . من وحي محمد بن عبدالله القريشي
من أين إذن استمد المسلمون ذرائعهم ودوافعهم لغزو القبائل والشعوب الأخرى، واستباحتهم أرواح الناس واستعباد أولادهم وسبي نسائهم وسلب أموالهم وأملاكهم، مادام القرآن ينص بنص صريح على عدم جواز إجبار الناس على الدخول في الإسلام "لا إكراه في الدين". وقيادتهم وجرهم بالسلاسل والسيوف إلى "دار المتعة واللذة" التي وعد "الكريم" بها أتباع "المزمِّل" ويعترف إعترافا صريحا بعقيدتهم ، ويؤجل النظر في أمرهم الى يوم "الطامة الكبرى"؟. طبعا كما يعرف الكثيرون أن المسلمين استمدوا تلك الذرائع لشرعنة أطماعهم وغزواتهم من نصوص صريحة وواضحة لاخلاف ولا إختلاف حولها من "القرآن المبارك" وأحاديث "المدثّر". والعرب المسلمون لا ينكرون ذلك ، بل أن معظمهم يفاخرون بتلك الآيات المحرضة على غزو الآخرين ونهبهم، ويدعون الناس الى غزو جديد للعالم الحديث باسم الجهاد تحت راية الله أكبر، كما أوصاهم بذلك "المنصور" محمد،الذي إدعى بأن الأرض قد زويت له ورأى مشارقها ومغاربها وأن ملك أمته سيبلغ مازوى له منها، والذي قام بنفسه للتحضير لغزو بلاد الشام. وفيما يلي سأورد أغلب هذه الآيات ، ليتجلى هذا التناقض الصارخ في الوحي الذي نزل على محمد بن عبدالله نبي العرب والإسلام والمسلمين ، هذا الوحي الذي أقر واعترف بغيره من الديانات، ثم عاد فتراجع وحض العرب المسلمين على إجتثاثها والقضاء عليها قضاء مبرماً، فلن يقبل الله ديناً غير الإسلام. ومن خلال قراءتك للآيات التالية ستلاحظ بسهولة بالغة اللغة القتالية التي شكلت ولاتزال تشكل محرضاً قويا وباعثاً فاعلاً للمسلمين لغزو غيرهم من الناس وقتلهم لهم دون أدنى تردد ودون أقل حرج، بل بالعكس تماماً فهم لايقتلون إلا طمعاً في إتيان الحور العين وبنات الأصفر، وحباً في الرسول وإلهه الذي حلل لهم سلب ونهب الذين يغزونهم. كما أن ثمة آيات لم أر حاجة لذكرها ،وردت فيها لغة القتال بصورة غير مباشرة، لكنها جاءت لتقوم بإداء نفس الوظيفة بشكل غير مباشر، كحديت موسى مع قومه عن القتال، وكيف أن الله أنزل غضبه عليهم وأبتلاهم مما لايحتسبون، لا يخفي هنا محمدا غرضه من هذه الآيات، وذلك ليبيّن لأتباعه أن من يرفض ماأمر به الله ورسوله سيصيبه ماأصاب قوم موسى، هذا من جهة، ومن جهة اخرى ليدفع محمد بأتباعه الى القتال ويشجعهم عليه، ويُعْلمهم أنَّه ليس أول رسول يأمره الله بسفك الدماء، مما يضفي شرعية إضافية إلى لجوئه للقتال لإكراه الناس على إعتناق الدين الذي جاء به.
آيات السيف والقتال أثناء الدعوة القتالية لفرض الإسلام في يثرب:
فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثِقِفْتُمُوهُمْ وَأُوْلَـئِكُمْ جَعَلْنَا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطَاناً مُّبِيناً . النساء الآية 91. فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالآخِرَةِ وَمَن يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَيُقْتَلْ أَو يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً . النساء الآية 74. وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبيلِ اللّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاء وَلَكِن لاَّ تَشْعُرُونَ . البقرة الآية 154. مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلاً . الأحزاب الآية 61. وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُم مِّنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ وَلاَ تُقَاتِلُوهُمْ عِندَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِن قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاء الْكَافِرِينَ . البقرة الآية 191. وَلَئِن قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ . آل عمران الآية 157. وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ . آل عمران الآية 169. الَّذِينَ آمَنُواْ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُواْ أَوْلِيَاء الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفاً . النساء الآية 76. فَإِن تَوَلَّوْاْ فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدتَّمُوهُمْ وَلاَ تَتَّخِذُواْ مِنْهُمْ وَلِيّاً وَلاَ نَصِيراً . النساء الآية 89. فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللّهِ لاَ تُكَلَّفُ إِلاَّ نَفْسَكَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَسَى اللّهُ أَن يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَاللّهُ أَشَدُّ بَأْساً وَأَشَدُّ تَنكِيلاً. النساء الآية 84 . إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ . المائدة الآية 33 . وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ. الأنعام الآية 151. فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَـكِنَّ اللّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَـكِنَّ اللّهَ رَمَى وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلاء حَسَناً إِنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ . الأنفال الآية 17 . وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ . الأنفال الآية 60. إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلآئِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُواْ الرَّعْبَ فَاضْرِبُواْ فَوْقَ الأَعْنَاقِ وَاضْرِبُواْ مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ الأنفال الآية 12. وَإِن نَّكَثُواْ أَيْمَانَهُم مِّن بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُواْ فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُواْ أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لاَ أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنتَهُونَ. التوبة الآية 12. قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ . التوبة الآية 14. قَاتِلُواْ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ . التوبة الآية 29. يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ قَاتِلُواْ الَّذِينَ يَلُونَكُم مِّنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُواْ فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ. التوبة الآية 123. اِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللّهِ فَاسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ . التوبة الآية 111. الَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِندَ اللّهِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ . التوبة الآية 20. انْفِرُواْ خِفَافاً وَثِقَالاً وَجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ . التوبة الآية 41. يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ . التوبة الآية 73. يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ . التحريم الآية 9. لَـكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ جَاهَدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ وَأُوْلَـئِكَ لَهُمُ الْخَيْرَاتُ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ . التوبة الآية 88. لاَ يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أَن يُجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ . التوبة الآية 44. إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ . الحجرات الآية 15. لَأَنتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِم مِّنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَفْقَهُونَ . الحشر الآية 13. فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُواْ لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَخَلُّواْ سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ . التوبة الآية 5. وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ. الحج الآية 78. فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُم بِهِ جِهَاداً كَبِيراً . الفرقان الآية 52. فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنّاً بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاء حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِن لِّيَبْلُوَ بَعْضَكُم بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَن يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ . محمد الآية 4. فَلَا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَن يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ . محمد الآية 35. تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ . الصف الآية 11. وَمَا لَكُمْ أَلَّا تُنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِّنَ الَّذِينَ أَنفَقُوا مِن بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلّاً وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ . الحديد الآية 10 . فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِم مَّنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُون . الأنفال الآية 57 . قبيل التطرق لمعاني بعض هذه الآيات عند كبار شيوخ المفسرين، أود أن اشير إلى التأثير الفعَّال لهذه الآيات بكلماتها القاسية والشديدة على نفسية الأطفال وتكوين شخصياتهم ، هؤلاء الأطفال الذين يقرؤون هذ الآيات أو يسمعونها من أجهزة الإعلام المختلفة أو تتلى عليهم في المساجد أو يتعلمونها ويحفظونها في المدارس الدينية وغير الدينية، ومدى تأثير ذلك في تكوين البنية الأساسية في وعي ولاوعي هؤلاء الأطفال، ليكونوا في المستقبل قنابل موقوتة جاهزة للإنفجار عن بعد بتحكم وتوجيه من الإسلاميين الأصوليين.
وفيما يلي تفسير بعض الآيات الجهادية: تفسير الآية الرابعة من سورة "محمد": "فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنّاً بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاء حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِن لِّيَبْلُوَ بَعْضَكُم بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَن يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ ".
تفسير ابن كثير لهذه الآية: "يقول تعالى مرشدا للمؤمنين إلى ما يعتمدونه في حروبهم مع المشركين " فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب " أي إذا واجهتموهم فاحصدوهم حصدا بالسيوف" حتى إذا أثخنتموهم " أي أهلكتموهم قتلا" فشدوا الوثاق " الأسارى الذين تأسرونهم ثم أنتم بعد انقضاء الحرب وانفصال المعركة مخيرون في أمرهم، والظاهر أن هذه الآية نزلت بعد وقعة بدر فإن الله سبحانه وتعالى عاتب المؤمنين على الاستكثار من الأسارى يومئذ ليأخذوا منهم الفداء والتقليل من القتل يومئذ فقال " ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض تريدون عرض الدنيا , والله يريد الآخرة , والله عزيز حكيم لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم " ثم قد ادعى بعض العلماء أن هذه الآية المخيرة بين مفاداة الأسير والمن عليه منسوخة بقوله تعالى " فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم".
مايلفت الإنتباه هنا كيف أن الله يعاتب المؤمنين على الاستكثار من الأسرى يومئذ ليأخذوا منهم الفداء والتقليل من القتل ، وهنا أتساءل أي إله هذا يحب القتل لهذه الدرجة،بحيث يعاتب المسلمين لأنهم لم يكثروا من القتل في الأسرى، واتهمهم بالطمع بما حصلوا عليه مقابل الإفراج عن أسراهم. ولم يكتف إله محمد بهذا بل أنزل أية لاحقة نسخت الأية السابقة في قوله "فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم" ثم يتحدث ابن كثيرفي سياق تفسير الآية المذكورة عمايحصل عليه الشهيد فيذكر: " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " يعطى الشهيد ست خصال: عند أول قطرة من دمه تكفر عنه كل خطيئة ويرى مقعده من الجنة ويزوج من الحور العين ويأمن من الفزع الأكبر ومن عذاب القبر ويحلى حلة الإيمان " تفرد به أحمد رحمه الله " حديث آخر" قال أحمد أيضا حدثنا الحكم بن نافع حدثني إسماعيل بن عياش عن يحيى بن سعيد عن خالد بن معدان عن المقدام بن معدي كرب الكندي رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن للشهيد عند الله ست خصال : أن يغفر له في أول دفقة من دمه ويرى مقعده من الجنة ويحلى حلة الإيمان ويزوج من الحور العين ويجار من عذاب القبر ويأمن من الفزع الأكبر ويوضع على رأسه تاج الوقار مرصع بالدر والياقوت، الياقوتة منه خير من الدنيا وما فيها، ويزوج اثنتين وسبعين زوجة من الحور العين ويشفع في سبعين إنسانا من أقاربه " وقد أخرجه الترمذي وصححه ابن ماجه، وفي صحيح مسلم عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عن أبي قتادة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " يغفر للشهيد كل شيء إلا الدين " وروي من حديث جماعة من الصحابة رضي الله عنهم وقال أبو الدرداء رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " يشفع الشهيد في سبعين من أهل بيته " ورواه أبو داود والأحاديث في فضل الشهيد كثيرة جدا".
من الملفت للنظر هنا هذا الكرم والبذخ الذي يتمتع به الشهيد بعد مقتله في الدار الآخرة، فهل سيتررد بعد كل هذا أي مسلم يقتنع بكل هذا في أن يقاتل ويقاتل حتى يقتل؟ ولاشك أن رجال الدين المسلمين يستخدمون هذه الآيات والأحاديث في تخدير عقول الشباب المسلم لدفعهم للقيام بعمليات إرهابية،وأعتقد لو أن هؤلاء الشيوخ الكبار الذين يدفعون بهؤلاء القصر الى الموت،يؤمنون بما يقولونه لكانوا هم أنفسهم في مقدمة الإنتحاريين، ولما فَوَّتوا هذه الفرصة الذهبية على أنفسهم، لكن كما يبدوا فإنهم لايصدقون ذلك، لكنهم يمهرون في إقناع الشباب المؤمن المتهور والمفتقر لأية معرفة أخرى غير القرآن والإسلام بهذه الثقافة، وبالتالي تسخيرهم لتحقيق أغراضهم في فرض رؤاهم السياسية والعقائدية.وقد كان "النبي العربي" أول من بدأ بتكليف أتباعه في عمليات إغتيال لبعض الشخصيات الهامة من خصومه، بعد إعلانه الجهاد المقدس (المزيد من التفاصيل في فصل "محمد من مكة إلى المدينة ومن الجدال إلى القتال".)،وقد توالت هذه السنة المحمَّدية طوال التاريخ الإسلامي وراح من جراء ذلك الكثير من قادة المسلمين أنفسهم،كما ظهرت في التاريخ الإسلامي بعض الحركات الإسلامية المنظمة التي إختصت بتكليف أعضائها بالقيام بعمليات إغتيال وقتل لبعض القادة والحكام المسلمين، وقد تعرض السلطان صلاح الدين الأيوبي عدة مرات لمثل تلك المحاولات الإغتيالية، وقد عرفت بعض تلك الحركات الإسلامية بالحشاشين، ذلك لأن بعض أئمة هذه الحركات كانوا يعطون أعضائهم حشائش مخدرة، وذلك بمزج هذه الحشائش بطعامهم، ليتولد لديهم شعوراً مشابهاً لتصواراتهم الفردوسية عن الجنة، وبالتالي رسوخ تعاليم وأفكار أئمتهم في عقولهم وكذلك زيادة سمو مكانتهم وإطاعتهم طاعة عمياء، وإستعدادهم للقيام بأية مهمة إنتحارية يكلفون بها.
وجاء في تفسير الطبري لهذه الآية: "كان المسلمون إذا لقوا المشركين قاتلوهم , فإذا أسروا منهم أسيرا , فليس لهم إلا أن يفادوه , أو يمنوا عليه , ثم يرسلوه , فنسخ ذلك بعد قوله : "فإما تثقفنهم في الحرب فشرد بهم من خلفهم." أي عظ بهم من سواهم من الناس لعلهم يذكرون . حدثنا ابن عبد الأعلى , قال : ثنا ابن ثور , عن معمر , عن عبد الكريم الجزري , قال : كتب إلى أبي بكر رضي الله عنه في أسير أسر , فذكر أنهم التمسوه بفداء كذا وكذا , فقال أبو بكر : اقتلوه , لقتل رجل من المشركين , أحب إلي من كذا وكذا." ولعل من المفارقات الكبرى أن يتحدث بعض رجال الدين المسلمين الحاليين عن آداب القتال وحسن معاملة الأسرى في الوقت الذي يأمرهم القرآن بقطع رقابهم وعدم الرأفة بهم، ليكون ذلك عظة ونكالا لمن سواهم من الناس. والأخطر من هذا كله أن القرآن قد كفّر جميع البشر سوى المسلمين ، فقد ذكر القرطبي في تفسيره لهذه الآية أن اليهود والمسيحيين وغيرهم ممن لايتخذون الإسلام دينا أو من خالف دين الإسلام، هم جميعا من الذين كفروا. فقد جاء في تفسير القرطبي:" فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا لما ميز بين الفريقين أمر بجهاد الكفار . قال ابن عباس : الكفار المشركون عبدة الأوثان . وقيل : كل من خالف دين الإسلام من مشرك أو كتابي إذا لم يكن صاحب عهد ولا ذمة , ذكره الماوردي . واختاره ابن العربي وقال : وهو الصحيح لعموم الآية فيه."
أما عن ضرب الرقاب فيورد القرطبي :" ضرب الرقاب مصدر . قال الزجاج : أي فاضربوا الرقاب ضربا . وخص الرقاب بالذكر لأن القتل أكثر ما يكون بها . وقيل : نصب على الإغراء . قال أبو عبيدة : هو كقولك يا نفس صبرا . وقيل : التقدير اقصدوا ضرب الرقاب . وقال : " فضرب الرقاب " ولم يقل فاقتلوهم، لأن في العبارة بضرب الرقاب من الغلظة والشدة ما ليس في لفظ القتل، لما فيه من تصوير القتل بأشنع صوره ، وهو حزّ العنق وإطارة العضو الذي هو رأس البدن وعلوه وأوجه أعضائه." يجاهرنا القرطبي هنا، بأن القتل بضرب الرقاب هو أشنع صور القتل، فأي إله هذا هو الذي يأمر عباده بقتل بعضهم البعض بهذه الصورة البشعة،أليست هذه الممارسات من عادات العرب في الجاهلية؟ أيعقل أن الإله الذي خلق البشر مختلفين، ان يأمر فئة من الناس بقتل فئة اخرى؟ وأن يتم القتل بأشنع صورة؟ وقد يقول أحدهم أنهم كفار والله أمرنا بذلك، وأنا أسأل فلماذا إذن ضرب المسلمون رقاب بعضهم البعض؟ هل أمر الله بضرب رقاب المسلمين أيضا؟ ثم يروي القرطبي متابعا تفسيره لهذه الآية: "روي عن بعضهم أنه قال : كنت واقفا على رأس الحجاج حين أتي بالأسرى من أصحاب عبد الرحمن بن الأشعث وهم أربعة آلاف وثمانمائة فقتل منهم نحو من ثلاثة آلاف حتى قدم إليه رجل من كندة فقال : يا حجاج , لا جازاك الله عن السنة والكرم خيرا قال : ولم ذلك ؟ قال : لأن الله تعالى قال : " فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق فإما منا بعد وإما فداء " في حق الذين كفروا , فوالله ما مننت ولا فديت؟ وقد قال شاعركم فيما وصف به قومه من مكارم الأخلاق : ولا نقتل الأسرى ولكن نفكهم إذا أثقل الأعناق حمل المغارم فقال الحجاج : أفٍ لهذه الجيف أما كان فيهم من يحسن مثل هذا الكلام؟ خلوا سبيل من بقي. فخلي يومئذ عن بقية الأسرى , وهم زهاء ألفين , بقول ذلك الرجل."
الغريب هنا ليس ماارتكبه الحجاج وغيره من القادة العرب المسلمين من مذابح بحق الأسرى المسلمين،إنما الغريب أن يعتقد كل من الشيخ القرطبي والحجاج وهذا الرجل الذي قدم من كندة أن هذه الآية تسري على المسلمين فيما بين بعضهم،مع أن الآية واضحة جدا " فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب" ، فهل كان هؤلاء الآلاف من الأسرى من الذين كفروا، أم كانوا مسلمين تماما أو ربما أكثر من القرطبي والحجاج والرجل الذي أفتى على الحجاج، على أية حال أعتقد أن هذا الرجل المجهول الذي قدم من كندة، كان أول من سيفقد رأسه لو أنه قال للحجاج ماقال قبل أن يشفي الحجاج غله وغيظه ويفرغ حقده من صدره، ويشبع غريزته الوحشية لسفك الدماء، بضرب رقاب ثلاثة آلاف رجل أسير من أمة محمد في واقعة واحدة.( يروى عن الأصمعي أنه لما توفي الحجاج وجد في سجونه اكثر من ست وستين ألفاً من المسلمين). ثم إن هؤلاء الثلاثة غفلوا تماما أن هذه الآية لتي ذكرها أحدهم للحجاج لوقفه عن ذبح الأسرى المسلمين قد نسختها وألغتها الآية: "فإما تثقفنهم في الحرب فشرد بهم من خلفهم." كما ذكر الطبري في تفسيره للتو.
تفسير الآية 84 من سورة النساء: " فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللّهِ لاَ تُكَلَّفُ إِلاَّ نَفْسَكَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَسَى اللّهُ أَن يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَاللّهُ أَشَدُّ بَأْساً وَأَشَدُّ تَنكِيلاً." عرض مما جاء في تفسير هذه الآية: جاء في تفسير القرطبي:" أمر الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم بالجهاد وإن قاتل وحده -;- لأنه قد ضمن له النصرة . قال ابن عطية : " هذا ظاهر اللفظ , إلا أنه لم يجئ في خبر قط أن القتال فرض عليه دون الأمة مدة ما -;- فالمعنى والله أعلم أنه خطاب له في اللفظ , وهو مثال ما يقال لكل واحد في خاصة نفسه -;- أي أنت يا محمد وكل واحد من أمتك القول له -;- " فقاتل في سبيل الله لا تكلف إلا نفسك " . ولهذا ينبغي لكل مؤمن أن يجاهد ولو وحده -;- ومن ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم : " والله لأقاتلنهم حتى تنفرد سالفتي " . (أي حتى أموت -;- السالفة : صفحة العنق ) وقول أبي بكر وقت الردة : " ولو خالفتني يميني لجاهدتها بشمالي". الخطير في هذه الآية وهذا التفسير أن المسلم الفرد يمكنه بسهولة أن يرخص لنفسه بالجهاد، وقد استعانت الحركات الإسلامية الجهادية بهذه الآية لتبرير قتالها لوحدها دون المسلمين،ومنها منظمة القاعدة التي تبرر لنفسها الجهاد بالإستناد على مثل هذه الآية ومايشابهها. وجاء في تفسيرابن كثير: "وحرض المؤمنين " أي على القتال ورغبهم فيه وشجعهم عليه كما قال لهم صلى الله عليه وسلم يوم بدر وهو يسوي الصفوف " قوموا إلى جنة عرضها السموات والأرض " وقد وردت أحاديث كثيرة في الترغيب في ذلك فمن ذلك ما رواه البخاري عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من آمن بالله ورسوله وأقام الصلاة وآتى الزكاة وصام رمضان كان حقا على الله أن يدخله الجنة "قالوا : يا رسول الله أفلا نبشر الناس بذلك ؟ فقال: "إن في الجنة مائة درجة أعدها الله للمجاهدين في سبيل الله بين كل درجتين كما بين السماء والأرض فإذا سألتم الله فاسألوه الفردوس فإنه وسط الجنة وأعلى الجنة وفوقه عرش الرحمن ومنه تفجر أنهار الجنة " وروى من حديث عبادة ومعاذ وأبي الدرداء نحو ذلك . وعن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " يا أبا سعيد من رضي بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم رسولا ونبيا وجبت له الجنة " قال : فعجب لها أبو سعيد فقال : أعدها علي يا رسول الله ففعل ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " وأخرى يرفع الله العبد بها مائة درجة في الجنة ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض " قال : وماهي يا رسول الله ؟ قال: " الجهاد في سبيل الله " رواه مسلم . وقوله " عسى الله أن يكف بأس الذين كفروا " أي بتحريضك إياهم على القتال تنبعث هممهم على مناجزة الأعداء ومدافعتهم عن حوزة الإسلام وأهله ومقاومتهم ومصابرتهم. وقوله تعالى والله أشد بأسا وأشد تنكيلا أي هو قادر عليهم في الدنيا والآخرة كما قال تعالى " ذلك ولو يشاء الله لانتصر منهم ولكن ليبلو بعضكم ببعض." هنا يذكر محمد ضربا آخر من ضروب الجنة،بحيث يحتار المجاهد أي جنة يختار. كما أن في هذه الآية تحريض واضح وقوي على القتال والجهاد في سبيل الله.
تفسير الآية 35 من سورة محمد: " فَلَا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَن يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ." جاء في تفسير ابن كثير لهذه الآية مايلي: "قال جل وعلا لعباده المؤمنين " فلا تهنوا " أي لا تضعفوا عن الأعداء " وتدعوا إلى السلم " أي المهادنة والمسالمة ووضع القتال بينكم وبين الكفار في حال قوتكم وكثرة عددكم وعدتكم -;- ولهذا قال" فلا تهنوا وتدعوا إلى السلم , وأنتم الأعلون" أي في حال علوكم على عدوكم فأما إذا كان الكفار فيهم قوة وكثرة بالنسبة إلى جميع المسلمين ورأى الإمام في المهادنة والمعاهدة مصلحة فله أن يفعل ذلك كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم حين صده كفار قريش عن مكة ودعوه إلى الصلح ووضع الحرب بينهم وبينه عشر سنين فأجابهم صلى الله عليه وسلم إلى ذلك." أما القرطبي فيذكر: "أن العلماء اختلفوا في حكمها , فقيل : إنها ناسخة لقوله تعالى : " وإن جنحوا للسلم فاجنح لها " الأنفال : 61 -;- لأن الله تعالى منع من الميل إلى الصلح إذا لم يكن بالمسلمين حاجة إلى الصلح . وقيل : إن قوله : " وإن جنحوا للسلم فاجنح لها " مخصوص في قوم بأعيانهم , والأخرى عامة . فلا يجوز مهادنة الكفار إلا عند الضرورة , وذلك إذا عجزنا عن مقاومتهم لضعف المسلمين". ويتفق شيخ المفسرين الطبري في تفسيره مع زملائه، إذ يذكر في صدد هذه الآية: "يقول تعالى ذكره : فلا تضعفوا أيها المؤمنون بالله عن جهاد المشركين وتجبنوا عن قتالهم. وقوله : وتدعوا إلى السلم وأنتم الأعلون ، يقول : لا تضعفوا عنهم وتدعوهم إلى الصلح والمسالمة , وأنتم القاهرون لهم والعالون عليهم، وعن قتادة ، فلا تهنوا وتدعوا إلى السلم ، قال : لا تكونوا أولى الطائفتين صرعت لصاحبتها , ودعتها إلى الموادعة , وأنتم أولى بالله منهم والله معكم. وقد قيل : عني بقوله : وأنتم الأعلون وأنتم الغالبون آخر الأمر , وإن غلبوكم في بعض الأوقات , وقهروكم في بعض الحروب."
يتضح لنا هنا من خلال التفاسير الثلاثة أن المسلمين هم الغالبون في النهاية، فلاحاجة لهم الى الموادعة والجنوح الى السلم، إلا في حلات خاصة وعند الضرورة فقط، أي عندما يكون المسلمون في حالة ضعف وعجز، فأما الحالة العامة فعليهم قتال الكفار حتى قهرهم ، أما المتشددون من المسلمين يصرون على قتال الكفار حتى وإن كان المسلمون في حالة ضعف، لأن الله كتب لهم النصر والغلبة في النهاية، وليس الله بمخالف لعهده. والعديد من الحركات الإسلامية الاصولية المعاصرة تتمسك بهذا النهج وتطبقه حرفيا، إيمانا منها بكلام الله ووعده لهم. أما غالبية المسلمين قتبدو أنها غير مقتنعة تماما بهذه الآية، ويتخذون من الآية المنسوخة" وإن جنحوا للسلم فاجنح لها"حجة لتأجيل جهادهم إلى أن يمتلكوا القوة الكافية لقتال الكفار، وأسلمة العالم.
تفسير الآية 29 من سورة التوبة، والتي عرفت بآية السيف عند المسلمين: " قَاتِلُواْ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ." تعتبر هذه الآية ، نقلة نوعية هامة في الإسلام ،لأنها مهدت للغزو الخارجي الذي قرره التاجر محمد بن عبدالله، وقد وضعت هذه الآية أسس التعامل الإستعماري مع الشعوب التي أخضعها العرب المسلمون لهم،كما شرّعت للمسلمين قتال أتباع المسيح وموسى وزردشت وغيرهم حتي يخضعوا وينصاعوا لحكم المسلمين ،وأن يتنازلوا عن كثير من إمتيازاتهم، وأن يدفعوا الجزية وهم صاغرون محتقرون، وبذلك قام "الناصح الأمين" هنا "بشرعنة العنصرية الدينية" روحاً ونصاً وتطبيقاً في صورة واضحة لايُختلف عليها.كما سيأتي في التفاسير.
تفسير ابن كثير لهذه الآية: "وقوله تعالى " قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون " فهم في نفس الأمر لما كفروا بمحمد صلى الله عليه وسلم لم يبق لهم إيمان صحيح بأحد الرسل ولا بما جاءوا به وإنما يتبعون آراءهم وأهواءهم وآباءهم فيما هم فيه لا لأنه شرع الله ودينه لأنهم لو كانوا مؤمنين بما بأيديهم إيمانا صحيحا لقادهم ذلك إلى الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم لأن جميع الأنبياء بشروا به وأمروا باتباعه فلما جاء كفروا به وهو أشرف الرسل علم أنهم ليسوا متمسكين بشرع الأنبياء الأقدمين لأنه من الله . بل لحظوظهم وأهوائهم فلهذا لا ينفعهم إيمانهم ببقية الأنبياء وقد كفروا بسيدهم وأفضلهم وخاتمهم وأكملهم . ولهذا قال " قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله واليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب " وهذه الآية الكريمة أَوَّل الْأَمْر بِقِتَالِ أَهْل الْكِتَاب بَعْد مَا أمور المشركين ودخل الناس في دين الله أفواجا واستقامت جزيرة العرب أمر الله رسوله بقتال أهل الكتابين اليهود والنصارى وكان ذلك في سنة تسع ولهذا تجهز رسول الله صلى الله عليه وسلم لقتال الروم ودعا الناس إلى ذلك وأظهره لهم وبعث إلى أحياء العرب حول المدينة فندبهم فأوعبوا معه واجتمع من المقاتلة نحو من ثلاثين ألفا وتخلف بعض الناس من أهل المدينة ومن حولها من المنافقين وغيرهم وكان ذلك في عام جدب ووقت قيظ وحر وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد الشام لقتال الروم فبلغ تبوك فنزل بها وأقام بها قريبا من عشرين يوما ثم استخار الله في الرجوع فرجع عامه ذلك لضيق الحال وضعف الناس كما سيأتي بيانه بعد إن شاء الله تعالى . وقد استدل بهذه الآية الكريمة من يرى أنه لا تؤخذ الجزية إلا من أهل الكتاب أو من أشباههم كالمجوس كما صح فيهم الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذها من مجوس هجر وهذا مذهب الشافعي وأحمد في المشهور عنه وقال أبو حنيفة رحمه الله : بل تؤخذ من جميع الأعاجم سواء كانوا من أهل الكتاب أو من المشركين ولا تؤخذ من العرب إلا من أهل الكتاب . وقال الإمام مالك : بل يجوز أن تضرب الجزية على جميع الكفار من كتابي ومجوسي ووثني وغير ذلك ولمأخذ هذه المذاهب وذكر أدلتها مكان غير هذا والله أعلم . وقوله " حتى يعطوا الجزية " أي إن لم يسلموا " عن يد " أي عن قهر لهم وغلبة " وهم صاغرون " أي ذليلون حقيرون مهانون، فلهذا لا يجوز إعزاز أهل الذمة ولا رفعهم على المسلمين بل هم أذلاء صغرة أشقياء، كما جاء في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لا تبدءوا اليهود والنصارى بالسلام وإذا لقيتم أحدهم في طريق فاضطروهم إلى أضيقه ". ولهذا اشترط عليهم أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه تلك الشروط المعروفة في إذلالهم وتصغيرهم وتحقيرهم وذلك مما رواه الأئمة الحفاظ من رواية عبد الرحمن بن غنم الأشعري، قال : كتبت لعمر بن الخطاب رضي الله عنه حين صالح نصارى من أهل الشام "بسم الله الرحمن الرحيم هذا كتاب لعبد الله عمر أمير المؤمنين من نصارى مدينة كذا وكذا إنكم لما قدمتم علينا سألناكم الأمان لأنفسنا وذرارينا وأموالنا وأهل ملتنا وشرطنا لكم على أنفسنا أن لا نحدث في مدينتنا ولا فيما حولها ديرا ولا كنيسة ولا قلاية ولا صومعة راهب ولا نجدد ما خرب منها ولا نحيي منها ما كان خططا للمسلمين وأن لا نمنع كنائسنا أن ينزلها أحد من المسلمين في ليل ولا نهار وأن نوسع أبوابها للمارة وابن السبيل وأن ننزل من رأينا من المسلمين ثلاثة أيام نطعمهم ولا نأوي في كنائسنا ولا منازلنا جاسوسا ولا نكتم غشا للمسلمين ولا نعلم أولادنا القرآن ولا نظهر شركا ولا ندعو إليه أحدا ولا نمنع أحدا من ذوي قرابتنا الدخول في الإسلام إن أرادوه وأن نوقر المسلمين وأن نقوم لهم من مجالسنا إن أرادوا الجلوس ولا نتشبه بهم في شيء من ملابسهم في قلنسوة ولا عمامة ولا نعلين ولا فرق شعر ولا نتكلم بكلامهم ولا نكتني بكناهم ولا نركب السروج ولا نتقلد السيوف ولا نتخذ شيئا من السلاح ولا نحمله معنا ولا ننقش خواتيمنا بالعربية ولا نبيع الخمور وأن نجز مقاديم رءوسنا وأن نلزم زينا حيثما كنا وأن نشد الزنانير على أوساطنا وأن لا نظهر الصليب على كنائسنا وأن لا نظهر صلبنا ولا كتبنا في شيء من طرق المسلمين ولا أسواقهم ولا نضرب نواقيسنا في كنائسنا إلا ضربا خفيفا وأن لا نرفع أصواتنا بالقراءة في كنائسنا في شيء في حضرة المسلمين ولا نخرج شعانين ولا بعوثا ولا نرفع أصواتنا مع موتانا ولا نظهر النيران معهم في شيء من طرق المسلمين ولا أسواقهم ولا نجاورهم بموتانا ولا نتخذ من الرقيق ما جرى عليه سهام المسلمين وأن نرشد المسلمين ولا نطلع عليهم في منازلهم . قال فلما أتيت عمر بالكتاب زاد فيه ولا نضرب أحدا من المسلمين شرطنا لكم ذلك على أنفسنا وأهل ملتنا وقبلنا عليه الأمان فإن نحن خالفنا في شيء مما شرطناه لكم ووظفنا على أنفسنا فلا ذمة لنا وقد حل لكم منا ما يحل من أهل المعاندة والشقاق."
ومما ورد في تقسير القرطبي لهذه الآية: "أمر سبحانه وتعالى بمقاتلة جميع الكفار لإصفاقهم على هذا الوصف، وخص أهل الكتاب بالذكر إكراماً لكتابهم، ولكونهم عالمين بالتوحيد والرسل والشرائع والملل، وخصوصاً ذكر محمد صلى الله عليه وسلم وملته وأمته. فلما أنكروه تأكدت عليهم الحجة وعظمت منهم الجريمة، فنبه على محلهم ثم جعل للقتال غاية، وهي إعطاء الجزية بدلاً عن القتل. وهو الصحيح. ثم قال: ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله زيادة للذنب في مخالفة الأعمال. ثم قال: ولا يدينون دين الحق إشارة إلى تأكيد المعصية بالانحراف والمعاندة والأنفة عن الاستسلام. ثم قال: من الذين أوتوا الكتاب تأكيد للحجة، لأنهم كانوا يجدونه مكتوباً عندهم في التوراة والإنجيل. ثم قال: حتى يعطوا الجزية عن يد، فبين الغاية التي تمتد إليها العقوبة، : تؤخذ الجزية من مجوس العرب والأمم كلها. وأما عبدة الأوثان من العرب فلم يستن الله فيهم جزية، ولا يبقى على الأرض منهم أحد، وإنما لهم القتال أو الإسلام. وقال ابن وهب: لا تقبل الجزية من مجوس العرب وتقبل من غيرهم. قال: لأنه ليس في العرب مجوسي إلا وجميعهم أسلم، فمن وجد منهم بخلاف الإسلام فهو مرتد، يقتل بكل حال إن لم يسلم. ولا تقبل منهم جزية. وقال ابن الجهم: تقبل الجزية من كل من دان بغير الإسلام، إلا ما أجمع عليه من كفار قريش. وذكر في تعليل ذلك أنه إكرام لهم عن الذلة والصغار، وأما المجوس فقال ابن المنذر : لا أعلم خلافاً أن الجزية يؤخذ منهم. وفي الموطأ : مالك عن جعفر بن محمد عن أبيه: أن عمر بن الخطاب ذكر أمر المجوس فقال: ما أدري كيف أصنع في أمرهم. فقال عبد الرحمن بن عوف: أشهد لسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: سنوا بهم سنة أهل الكتاب . قال أبو عمر: يعني في الجزية خاصة. وفي قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: سنوا بهم سنة أهل الكتاب دليل على أنهم ليسوا أهل كتاب. وعلى هذا جمهور الفقهاء. وقد روي عن الشافعي أنهم كانوا أهل كتاب فبدلوا. وأظنه ذهب في ذلك إلى شيء روي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه من وجه فيه ضعف، يدور على أبي سعيد البقال ، ذكره عبد الرزاق وغيره. قال ابن عطية : وروي أنه قد كان بعث في المجوس نبي اسمه زرادشت.
كما أن تفسير الطبري لهذه الآية يأتي متوافقا مع نظرائه إذ يذكر: "يقول تعالى ذكره للمؤمنين به من أصحاب رسوله صلى الله عليه وسلم : قاتلوا أيها المؤمنون القوم الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ، يقول : ولا يصدقون بجنة ولا نار . ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق ، يقول : ولا يطيعون الله طاعة الحق . يعني : أنهم لا يطيعون طاعة أهل الإسلام . من الذين أوتوا الكتاب ، وهم اليهود والنصارى . والجزية مثل القعدة والجلسة (أي من يتولون الأمور). ومعنى الكلام : حتى يعطوا الخراج عن رقابهم الذي يبذلونه للمسلمين دفعا عنها. وأما قوله: عن يد ، فإنه يعني : من يده إلى يد من يدفعه إليه , وكذلك تقول العرب لكل معط قاهرا له شيئا طائعا له أو كارها : أعطاه عن يده وعن يد -;- وذلك نظير قولهم : كلمته فما لفم ولقيته كفة لكفة , وكذلك أعطيته عن يد ليد . وأما قوله : وهم صاغرون ، فإن معناه : وهم أذلاء مقهورون , يقال للذليل الحقير : صاغرا، وقال آخرون : معنى قوله: حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون ، عن أنفسهم بأيديهم يمشون بها وهم كارهون."
تبين هذه الآية بصورة واضحة جداً كيفية تعامل المسلمين مع الشعوب المقهورة ، وكيف أن "الْمُتَكَبِّرُ والْمُتَعَالِ والْمُذِلُّ" يأمر المسلمين بأن يحتقروا ويذلّوا ويهينوا ويتعالوا على من يقع تحت سيطرتهم بشكل مزري جداً، فهل هذه مبادئ إنسانية؟ وأعتقد أن المفسرين أفاضوا وبيَّنوا هذه "العنصرية الدينية" في "الكتاب المبين" بحيث لآأجد ضرورة التحدث عنها.
تفسير الآية 73 من سورة التوبة ،وقد تكررت حرفيا في سورة التحريم الآية 9: " يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ". يقول ابن كثير في تفسير هذه الآية: "أمر تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم بجهاد الكفار والمنافقين والغلظة عليهم كما أمره بأن يخفض جناحه لمن اتبعه من المؤمنين وأخبره أن مصير الكفار والمنافقين إلى النار في الدار الآخرة وقد تقدم عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب أنه قال : بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بأربعة أسياف : سيف للمشركين " فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين " وسيف لكفار أهل الكتاب " قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون " وسيف للمنافقين " جاهد الكفار والمنافقين " وسيف للبغاة " فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله " وهذا يقتضي أنهم يجاهدون بالسيوف إذا أظهروا النفاق." ويضيف الطبري: "وقوله : واغلظ عليهم ، يقول تعالى ذكره : واشدد عليهم بالجهاد والقتال والإرهاب.".
تفسير الآية 91 من سورة النساء: "فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثِقِفْتُمُوهُمْ وَأُوْلَـئِكُمْ جَعَلْنَا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطَاناً مُّبِيناً . النساء الآية 91." جاء في تفسير شيخ المفسرين "الطبري": " فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ ، يَقُول جَلَّ ثَنَاؤُهُ : فَإِنْ لَمْ يَفْعَلُوا فَخُذُوهُمْ أَيْنَ أَصَبْتُمُوهُمْ مِنْ الْأَرْض وَلَقِيتُمُوهُمْ فِيهَا فَاقْتُلُوهُمْ، فَإِنَّ دِمَاءَهُمْ لَكُمْ حِينَئِذٍ حَلَال". هكذا يحلل "الرَّحْمَن الرَّحِيم" دماء البشر للمسلمين. ويفسر الطبري كغيره من المفسرين الأوائل دون أي تأويل أوتغريض لهذه الآية، أن على المسلمين قتل غير المسلمين أينما وجدوهم والتقوا بهم. والكلمات واضحة جدا هنا في هذه الآية والكلمتان "حيث ثقفتموهم" حيث وجدتموهم، تعبران بصورة جلية أنه حيثما وجد المسلمون الكفار، فعليهم قتالهم،ولاسيما جعل الله للمسلمين سلطانا مبينا على الكافرين. وقد جاءت هذه الآية تأكيدا وتأييدا لآية سبقتها في نفس سورة النساء " فَإِن تَوَلَّوْاْ فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدتَّمُوهُمْ وَلاَ تَتَّخِذُواْ مِنْهُمْ وَلِيّاً وَلاَ نَصِيرا"ً . النساء الآية 89. ولمواصلة التأكيد والإصرار لما جاء في هذه الآية ودعما لها، جاءت الآيتان: "مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلاً . الأحزاب الآية 61." و "فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُواْ لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ." التوبة الآية 5. أما المفسرون العصريون وبدوافع مكشوفة، يضفون أن على المسلمين قتال غير المسلمين (الكفار) حيث وجدوهم وقت الحرب فقط، وهذا تحريف للآية وتغريض غير ماترمي إليه،وتأويل غير صحيح لها، وكأنه كان عسيرا على "المقتدر والمنتقم الجبار" أن يذكر أن ذلك يجب أن يكون وقت الحرب فقط، ثم أن المفسرين الأوائل كانوا أكثر أمانةً وصدقا لتفسير القرآن، الذي لايحتاج أصلا إلى جهد كبير لفهمه،فقد نزل قرآنا عربيا مبينا، كما جاء في القرآن نفسه، وخاطب عامة الناس من أهل مكة، ولم يأتي غامضا ومبطناً، ولم ينزل ألغازا وأحاجيا، لكن أكثر شيوخ المسلمين يصرون أن "القرآن" إنما كتاب أسرار،وليس بقادر على فهمه وتأويله إلا الراسخون في العلم،ويقصدون أنفسهم، ويذهب الكثير من المسلين إلى إضافة أن "الكتاب المبين" مفعم بالعلوم والنظريات ، حتى إنه كلما جاءنا العلم بإكتشاف جديد، قالوا: "إن هذا لفي قرآننا المجيد"، ويعتقد معظم المسلمين تأسياً برجال الدين، أن "القول الثقيل" كتاب فيه فيزياء وكيمياء وجيولوجية وفلك وطب أيضا ويقدر على شفاء المرضى والمجانين المتخلفين عقلياً،بالإضافة إلى أنه كتاب أخلاق وحكم وتاريخ وقانون، لكنهم على مايبدو لايبغون الإستفادة من كل ذلك ، ويؤجلون ذلك إلى إشعار آخر، حين يحتاجون إلى ذلك ربما.
تفسير الآية: " فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَـكِنَّ اللّهَ قَتَلَهُمْ " الأنفال الآية 17. يقول الطبري في تفسيره لهذه الآية: "الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّه قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْت إِذْ رَمَيْت وَلَكِنَّ اللَّه رَمَى يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِلْمُؤْمِنِينَ بِهِ وَبِرَسُولِهِ مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا مَعَ رَسُول اللَّه فَقَاتَلَ أَعْدَاء دِينه مَعَهُ مِنْ كُفَّار قُرَيْش : فَلَمْ تَقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ أَيّهَا الْمُؤْمِنُونَ أَنْتُمْ , وَلَكِنَّ اللَّه قَتَلَهُمْ . وَأَضَافَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ قَتْلهمْ إِلَى نَفْسه , وَنَفَاهُ عَنْ الْمُؤْمِنِينَ بِهِ الَّذِينَ قَاتَلُوا الْمُشْرِكِين." هنا ينسب "الرؤف الرَّحيم" إلى نفسه صفة "القاتل" حسب هذا النص الصريح والواضح ، وكذلك حسب تفسير الطبري شيخ المفسرين، وهذا طبعا يتوافق مع أغلب آيات القرآن، مثل:"وَاللّهُ أَشَدُّ بَأْساً وَأَشَدُّ تَنكِيلاً. النساء الآية 84." والله رؤف حميم فقط على المسلمين. لكن يبدو أن المسلمين للأسف لايقدِّرون ذلك في الغالب، فقد تركوا إلههم حيرانا محتارا مع أي الفريقين يقف حين يتقاتل المسلمون فيما بينهم؟ كما حدث في وقعة الجمل،وحرب صفين وغيرهما كثير..
وفيما يلي بعض الآيات القرآنية الاخرى التي تحرض على الدعوة القتالية لفرض الإسلام، ليتبين لنا مقدار إهتمام "القوَّيُ القَهّار" بفرض دينه على خلقه بالقتل والإكراه من جهة، ومن جهة أخرى مدى تأثير هذه الآيات القتالية في عقول ونفوس المسلمين:
وَأَنزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُم مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِن صَيَاصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقاً تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقاً . الأحزاب الآية 26. وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ. البقرة الآية 244. يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِندَ اللّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىَ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُواْ وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلَـئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ . البقرة الآية 217. يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ مَّا قُتِلْنَا هَاهُنَا قُل لَّوْ كُنتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ وَلِيَبْتَلِيَ اللّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحَّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ . آل عمران الآية 154. إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الِّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ آل عمران الآية 21. يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ كَفَرُواْ وَقَالُواْ لإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُواْ فِي الأَرْضِ أَوْ كَانُواْ غُزًّى لَّوْ كَانُواْ عِندَنَا مَا مَاتُواْ وَمَا قُتِلُواْ لِيَجْعَلَ اللّهُ ذَلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ وَاللّهُ يُحْيِـي وَيُمِيتُ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ . آل عمران الآية 156. وَلَئِن مُّتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لإِلَى الله تُحْشَرُونَ. آل عمران الآية 158. الَّذِينَ قَالُواْ لإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُواْ لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا قُلْ فَادْرَؤُوا عَنْ أَنفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ. آل عمران الآية 168. فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ فَالَّذِينَ هَاجَرُواْ وَأُخْرِجُواْ مِن دِيَارِهِمْ وَأُوذُواْ فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُواْ وَقُتِلُواْ لأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ثَوَاباً مِّن عِندِ اللّهِ وَاللّهُ عِندَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ . آل عمران الآية 195. وَلْيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُواْ وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ قَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَوِ ادْفَعُواْ قَالُواْ لَوْ نَعْلَمُ قِتَالاً لاَّتَّبَعْنَاكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلإِيمَانِ يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِم مَّا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ . آل عمران الآية 167. أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لآئِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ . المائدة الآية 54. إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَات وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلاَ تَظْلِمُواْ فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ وَقَاتِلُواْ الْمُشْرِكِينَ كَآفَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَآفَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ . التوبة الآية 36. فَإِن رَّجَعَكَ اللّهُ إِلَى طَآئِفَةٍ مِّنْهُمْ فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ فَقُل لَّن تَخْرُجُواْ مَعِيَ أَبَداً وَلَن تُقَاتِلُواْ مَعِيَ عَدُوّاً إِنَّكُمْ رَضِيتُم بِالْقُعُودِ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَاقْعُدُواْ مَعَ الْخَالِفِينَ. التوبة الآية 83. يَحْسَبُونَ الْأَحْزَابَ لَمْ يَذْهَبُوا وَإِن يَأْتِ الْأَحْزَابُ يَوَدُّوا لَوْ أَنَّهُم بَادُونَ فِي الْأَعْرَابِ يَسْأَلُونَ عَنْ أَنبَائِكُمْ وَلَوْ كَانُوا فِيكُم مَّا قَاتَلُوا إِلَّا قَلِيلاً. الأحزاب الآية 20. وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِن فَاءتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ . الحجرات الآية 9. وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبِّ الْمُعْتَدِين ، البقرة الآية 190. وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ . العنكبوت الآية 69. قُل لَّن يَنفَعَكُمُ الْفِرَارُ إِن فَرَرْتُم مِّنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَإِذاً لَّا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلاً. الأحزاب الآية 16. وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ . محمد الآية 31. يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُم مِّئَةٌ يَغْلِبُواْ أَلْفاً مِّنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَفْقَهُونَ . الأنفال الآية 65. أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّواْ أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَقَالُواْ رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ قُلْ مَتَاعُ الدَّنْيَا قَلِيلٌ وَالآخِرَةُ خَيْرٌ لِّمَنِ اتَّقَى وَلاَ تُظْلَمُونَ فَتِيلاً . النساء الآية 77. كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ . البقرة الآية 216. وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلّهِ فَإِنِ انتَهَواْ فَلاَ عُدْوَانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِينَ . البقرة الآية 193. وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلّه فَإِنِ انتَهَوْاْ فَإِنَّ اللّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ . الأنفال الآية 39. وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا لَوْلَا نُزِّلَتْ سُورَةٌ فَإِذَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ مُّحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتَالُ رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَأَوْلَى لَهُمْ . محمد الآية 20. إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أُوْلَـئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللّهِ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ . البقرة الآية 218. أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللّهُ الَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ . آل عمران الآية 142. يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَابْتَغُواْ إِلَيهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُواْ فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ . المائدة الآية 35. إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالَّذِينَ آوَواْ وَّنَصَرُواْ أُوْلَـئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يُهَاجِرُواْ مَا لَكُم مِّن وَلاَيَتِهِم مِّن شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُواْ وَإِنِ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلاَّ عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ . الأنفال الآية 72. وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالَّذِينَ آوَواْ وَّنَصَرُواْ أُولَـئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقّاً لَّهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ . الأنفال الآية 74. وَالَّذِينَ آمَنُواْ مِن بَعْدُ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ مَعَكُمْ فَأُوْلَـئِكَ مِنكُمْ وَأُوْلُواْ الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللّهِ إِنَّ اللّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ . الأنفال الآية 75. أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تُتْرَكُواْ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللّهُ الَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُواْ مِن دُونِ اللّهِ وَلاَ رَسُولِهِ وَلاَ الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً وَاللّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ . التوبة الآية 16. إِلاَّ الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَىَ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ أَوْ جَآؤُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَن يُقَاتِلُوكُمْ أَوْ يُقَاتِلُواْ قَوْمَهُمْ وَلَوْ شَاء اللّهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقَاتَلُوكُمْ فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْاْ إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ اللّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلاً . النساء الآية 90. أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ . الحج الآية 39. إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفّاً كَأَنَّهُم بُنيَانٌ مَّرْصُوصٌ . الصف الآية 4. وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُواْ لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَمَا ضَعُفُواْ وَمَا اسْتَكَانُواْ وَاللّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ . آل عمران الآية 146. وَمَا لَكُمْ لاَ تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَـذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيّاً وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيراً . النساء الآية 75. وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلّه فَإِنِ انتَهَوْاْ فَإِنَّ اللّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ . الأنفال الآية 39.
لقد ذكرت كلمة "قَتَلَ" ومشتقاتها مثل: اقتلوا، وقاتلوا، قتال، يقاتلون... في القرآن حوالي 171 مرة، وذلك على النحو التالي: البقرة: 31 مرة، آل عمران: 21 مرة ، النساء: 25 مرة ،المائدة 13 ، الأنعام: 4 مرات ، الأعراف 3 مرات ، الأنفال 6 مرات ، الأحزاب: 5 مرات ، التوبة: 13 مرة ، القصص: 7 مرات ، الإسراء: 5 مرات ، غافر، الكهف، الحشر، الممتحنة: 3 مرات في كل سورة. محمد ، الفتح، يوسف، الحج، الحجرات، الحديد، المدثر: مرتين في كل سورة ، ومرة واحدة في كل من السور التالية: السجدة، طه، الفرقان، الشعراء، العنكبوت، الذاريات، الصف، المنافقون، المزمل، عبس، التكوير، البروج. أما فعل جاهِد ومشتقاته مثل جاهِدوا وجاهَدوا... فقد ذكره القرآن حوالي:31 مرة.كما أن الإرهاب وبصيغ مختلفة قد ذكره القرآن في أكثر من ثمانية مواضع. هذا إلى جانب ضرب الرقاب وقطع الأعناق وتصوير مدهش ورائع لجو المعارك القتالية ، التي تضع قارئها في خضم القتال الدائر بين المسلمين والمشركين في سيناريو مختصر ومعبر لمشاهد مثيرة غاية في الروعة والإتقان كما في هذه السورة القرآنية: "وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا. فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا. فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحًا. فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعًا." سورة العاديات 1ـ4.. ينقل لنا الطبري حديث أصحاب "الأمين" وتابعيه عن هذه الآيات القصيرات قولهم:" العاديات ضبحاً:الخيل التي تعدوا , وهي تحمحم ـ تضبح ـ حين تغير في سبيل الله صبحاً. فالمغيرات قدحاً: وتقدح الخيل بحوافرها حتى يخرج منها النار. فأثرن به نقعاً: فيمتلأ الوادي غباراً."
لاشك أنه وصف مدهش لأصحاب "أحمد" وهم يمتطون الخيل والإبل ويغيرون على الأعداء، يبعث الحماس في النفوس ،ومع ذلك قد يقول البعض أن وصف تلك المعارك وذكر كلمات القتال والجهاد والإرهاب وضرب الرقاب... في القرآن لاترغم أحداً على القيام بالقتل والجهاد، قد يكون هذا صحيحاً لحد ما، لكننا لايمكن أن نتجاهل الإيحاء المقدس الذي ترسخه مثل هذه الصور والكلمات والتعابير في الوعي واللاوعي عند الإنسان، وبخاصة في سن مبكرة كما عند الأطفال في المدارس الدينية، تبدأ عند بعضهم من سن الثالثة و الخامسة، وهي السن التي عندها تبدأ شخصية الطفل بالتكون، وعندما يكبر هؤلاء الأطفال، يجدون أن القتل في سبيل الله، فعل لايختلف كثيراً عن أي فعل آخر كالشرب والأكل واللعب، ولذلك تجد الإرهابيين الإسلاميين يقومون بأعمال قتل وذبح ضحاياهم وأحياناً التمثيل بهم بكل يسر وسهولة، لأن مفردات القتل المترسخة في اللاوعي منذ الصغر تشكل عاملاً مهماً إلى جانب ثقافة القتل التي تغذي عقولهم وتمدهم بأقوى الدوافع الباعثة على القتل والإرهاب وتظهر لهم أعمال القتل والذبح وكأنها أشياء عادية جداً، بالإضافة إلى كونه عمل مقدس وواجب ديني على الإنسان المسلم، ينال مقابله مقعداً متقدماً في الفردوس في وسط الجنة. وأعتقد أن هذا العامل هو من أول وأقوى العوامل التي تهيء وتدفع وتشجع الإرهاب الإسلامي، وليس سوء الظروف الإقتصادية كما يحلل العديد من الخبراء،بدليل أن معظم الذين يقومون بالأعمال الإرهابية من الأسر الغنية أو المتوسطة، وكذلك نجد أن نسبة لابأس بها يأتون من الدول الغنية كالمملكة العربية السعودية ودول الخليج، فلم يظهر من بين الذين قاموا بعملية الحادي عشر من ايلول-سبتمبر 2001 أحد ينتمي إلى اسرة فقيرة. إن من يقرأ هذه الآيات الكثيرة التي تتحدث عن القتال والحرب والجهاد وضرب الرقاب وكيف أن الله يقذف الرعب في قلوب الكفار ويأمر المسلمين بضربهم فوق الأعناق ، بعد أن كان يأمر نبيه "البشير" بالصبر وبأن يهجرهم هجراً جميلاً ، وإذ يأمره بعد ذلك بضربهم فوق الأعناق، واضربوا منهم كل بنان (كل عضو من أعضائهم)، ثم يحرض رسوله "الأمين" على القتال والجهاد في سبيل الله حتى يمتلأ "الذّكر الحكيم" بمفرادات مفزعة مثل: قَتَلَ ،صَلَبَ، قَطَّعَ، نَفَرَ، أََغْلَظَ، أَفْزَعَ، وأًرْهَبَ وَماشابهها، لايملك إلا أن يتصور، أنَّ الله الذي صوره القرآن تصوراً بشرياً محضاً، كملك معظَّم، يستوي على عرشه في سدرة المنتهى، فيما وراء السموات السبع ـ بعد أن كانت ثلاثة سماوات عند عيسى ـ له حاشية وجيش من الملائكة، قد تغافل عن إدارة الكون ،أو أوكل ذلك لغيره، ونصب نفسه رئيساً لأركان حرب ، شغله الشاغل إدارة المعارك والحروب بين أصحاب "النذير المبين" المؤمنين بالله وبرسوله من جهة وبين خصومهم من العرب المشركين بالله والمنكرين لدعوة محمد وغيرهم من جهة أخرى، ولايتردد هذا الإله عند الحاجة ان يرسل وحداته الخاصة من جند الملائكة لمعاضدة المؤمنين.لابد أن يسأل نفسه ، إذا كان الله قادرا على ادخال الإيمان في قلوب خلقه من البشر، وهو الذي إذا شاء فعل، فلِمَ دفع الناس لقتال بعضهم البعض ولِمَ حرض على سفك الدماء ، ونشر الحقد والكراهية بين البشر؟ وكل ذلك بإسمه وتحت رايته وهو الذي إذا شاء "لآمن من في الأرض جميعا" دون أن تسفك دماء وتزهق أرواح، ومالذي يدفع إلهاَ قادرا على كل شيئ، أن يلعب دور المحرض على القتال، ويدعم فئة من البشر ضد فئة أخرى؟،وأحيانا يتبنى دور القاتل أيضا،" فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَـكِنَّ اللّهَ قَتَلَهُمْ " الأنفال الآية 17.، وأحيانا أخرى يرسل جيشا من الملائكة لمساندة فئة ضد أخرى، ثم كيف لإله يأمر رسوله أن يدعوا الناس إلى الإيمان بالحكمة والموعظة الحسنة ، وبأنه ليس إلا رسولاً ليس عليه إلا البلاغ، وأنَّ مهمته تقتصر على تبشير الناس بما أوحى إليه من القرآن، وإنذارهم بعواقب إنكارهم له وكفرهم بالله والشرك به، وأن لايجعل نفسه وكيلاً عليهم ، فإن الله هو الذي يضل وهو الذي يهدي، فلاتكلف نفسك يامحمد مشقة هدايتهم، فأنا الهادي وأنا المضل وبيدي مصير كل شيئ، وسأملأ جهنم من الجنة والناس أجمعين. ثم يتراجع هذا الإله عن كل هذا ويأمر نبيه محمداً الذي بعثه "رحمة للعالمين" برفع السيف وضرب رقاب من لايؤمن بذكره الذي أنزله، أين ذهبت تللك الآيات اللطيفة الرقيقة المسالمة والمهادنة؟، لماذا الغي العمل بها؟،ثم أين اختفت تلك الحكمة والموعظة الحسنة في "الذكر الحكيم" للدعوة إلى الإيمان؟ وحل مكانها القتل وقطع الأيدي والأرجل من خلاف وغير خلاف، مالذي دفع بالله أن يغير رأيه وخطته رأساً على عقب؟ وينتقل من الجدال إلى القتال؟ ويأمر رسوله بإشهار السيف والقتال حتى يكره الناس على الإيمان، بعد أن كانت مهمته التبليغ فقط؟ وأن الهداية والضلال للناس مقدران قبل خلق السموات والأرض؟.
من السهل جدا إيجاد أجوبة لاحصر لها من قبل الفقهاء والمجتهدين الذين وإن أخطأوا فلهم أجرهم حسب الحديث " إِذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ فَاجْتَهَدَ فَأَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ وَإِذَا حَكَمَ فَاجْتَهَدَ فَأَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ". هذه القاعدة الغريبة والتي يرددها الراسخون في العلم بكل ثقة، تدفع رجال الدين الإسلامي على إصدار الفتاوي والأحكام والتفاسير بكل سهولة ويسر وأحيانا بشكل متهور وخرافي فيه من اللغط والمغالطة أحياناً مايملأ مابين السماء الأولى والأخيرة،ولمَ لايفعلون ذلك طالما أن لهم أجر ومثوبة وإن أخطأوا؟ ومن السهل جدا أيضا تصديقهم إذا سلمنا بحججهم وأدلتهم وبيّناتهم التي يستمدونها من "القول الثقيل" والسنة، ولكن يتعسر علينا جداً تصديقهم إذا عرضنا هذه البيّنات والاجتهادات على حكم العقل وقواعد المنطق. إن المقارنة بين هذه الآيات التي تحرض على قتال الذين كفروا حتى يؤمنوا ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة، وسورة الكافرون "قل يا أيها الكافرون ،لاأعبد ماتعبدون ... لكم دينكم ولي دين." ، التي نزلت على محمد في مكة والتي تعترف بـ "دين" المشركين ، وتدعو الى السلام والتعايش الآمن مع أهل مكة عبدة الأوثان، تبين بشكل واضح "التناقض الصريح" في اسلوب فرض الدعوة ، والسؤال هنا هو: لماذا حصل هذا التغيير الكلي في طريقة نشر الدعوة؟ لايمكن للعقل بسهولة أن يتقبل هذا التغيير ، ومن المسلم به بالنسبة إلينا كبشر أن الله لايمكن أن يقع في أي تناقض مهما كان بسيطاً، فكيف يقع في تناقض صارخ هكذا ، فآياته كانت واضحة وصريحة في سبيل نشر الدعوة سلميا "ادعو إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة.. فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر.. أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين ...وماعليك هداهم ولكن يهدي الله من يشاء...ولوشاء ربك لآمن من في الأرض جميعاً..إلى آخر هذه الآيات. كذلك فإن أوامر "المنتقم القهَّار" بفرض الإيمان بالقتال كانت واضحة أيضا، ولما كنا نسلم بأن الله لايمكن أن يقع في أي تناقض مهما كان صغيرا كما اسلفت ، فكيف وقع إذن هذا "الإله القهار والضّار والجبار" في هذا التناقض الكبير؟ علما أن القرآن ذاته ينص على أن هذا القرآن لوكان من عند غير الله لجاء بإختلافات كثيرة، "أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً." النساء الآية 82. لكن الملاحظ في القرآن أنه من أكثر الكتب المشبعة بالإختلافات والتناقضات وسآتي على ذكر ذلك ببعض التفصيل في فصل "القرآن وبصمات الأنسنة" ، مكتفيا الآن بيان التناقض في اسلوب نشر الدعوة، فكيف إذن تحول اسلوب نشر الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة الى الغلظة في القتل والإغتيال والذبح وضرب الأعناق وإلقاء الرعب في القلوب؟.
ليس أمامنا سوى إجابتين: الإجابة الأولى: عندما نتعرف على الله المذكور في القرآن نجد أن صفاته متباينة ومتناقضة لدرجة تفوق التصور ، فهو على سبيل المثال الرحمن والرحيم والرؤوف والودود وبنفس الوقت القهار والجبار والمنتقم ، وهو الخالق والمحيي وبنفس الوقت المميت والقاتل " فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَـكِنَّ اللّهَ قَتَلَهُمْ " وهو المعز والمذل وهو الخافض والرافع وهو الضار والنافع وهو المعطي والمانع وهو القابض والباسط إلى آخر هذه الثنائيات المتضاربة إلى أن نصل إلى الخيّر والشرير، والعادل والظالم هنا يقع القرآن في الإحراج الأكبر. وقد حاولت بعض الفرق الإسلامية نفي صفتي الشر والظلم عن الله كالمعتزلة لكنها لم تفلح. ومن المفارقات الكبرى في القرآن حول صفات الله هو وصفه بـ"المكر" (المَكْرُ: الخَدِيعَة والاحتيال ، ويقال رجل مَكَّارٌ : هو القصير اللئيم الخلقة" محيط المحيط). "ومَكَرُوا ومَكَرَ اللَّهُ والله خيْرُ الْمَاكِرِينَ " آل عمران 54. "وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ" النمل 50. وهي طبعاً صفة غير مستحبة، بل مكروهة من قبل أصحاب العزائم الشديدة، ولو أن فيها من الدهاء والذكاء ماقد يغري غير اللؤماء أيضاً، لكنها تبقى صفة سيئة، ومن رؤية أخرى نجدها لاتوافق صفات القدرة والكمال عند الله ، لأن القادر والكامل ليس بحاجة أصلاً إلى "المكر" ، لأن المكر إما صفة للئيم أو فعل إضطراري للضعيف، حتى إن العرب قالت: "المكر حيلة من لا حيلة له". فالثعلب قد لايغضب إذا علم أننا نعتبره ماكراً لضعفه وخوفه منا، أما الأسد فقد يجعل منا وجبة دسمة له إذا اتهمناه بالمكر، فكيف إذن يرضى الله "القوي الشديد" عنا عندما نلبسه هذه الصفة المكروه لذاته ؟. والخلاصة أن وجود التناقض في اسلوب الدعوة المحمدية، لايتنافى مطلقاً من طبيعة الله الذي ذكر في القرآن. ومن البديهي أن نقول: إن الإله المتناقض في ذاته وصفاته من الطبيعي له أن يرسل رسولاً متناقضاً في فحوى دعوته، والعكس صحيح، أي أن رسولاً متناقضاً في ذاته لايمكن له إلا أن يأتي لنا بإله متناقض في ذاته.
الإجابة الثانية: هي أن "سيد البشر" قد أصابه اليأس والقنوط في إقناع أهل مكة بصحة دعوته، وذلك رغم تواصل الوحي طيلة ثلاث عشرة سنة قضاها محمد في مكة، هذا الوحي الذي كان حاضرا في كل حوار وجدال جرى بين محمد وأهل مكة، كما أن إعتقاد محمد أنه بحكايته عن الإسراء والمعراج ولقائه مع الله عزوجل ، وأنه بسرده لهذه القصة والمشاهد المفزعة والمخيفة التي صادفها في السموات السبع وهو في طريقه الى سدرة المنتهى حيث يتربع الله على عرشه، قد تفلح في إلقاء الرعب في قلوب أهل مكة الغلاظ ويؤمنوا بنبوته، لكنه اصيب بخيبة أمل كبيرة، حين قوبلت قصة اسرائه بالإستهجان والسخرية من قبل أهل مكة ذو القلوب الغليظة التي لم تتأثر بالمشاهد المروعة التي رواها لهم أمينهم الصادق محمد بن عبدالله. ليس هذا فقط وإنما ارتدت جماعة من المسلمين الى دينها القديم لأن قصته هذه كانت فوق أن تستوعبها وتصدقها عقولوهم. (المزيد عن الإسراء والمعراج في فصل "القرآن وبصمات الأنسنة).
من المعروف عن دعوة محمد أنها بدأت سراً ، واستمرت سراً لمدة ثلاث سنوات، آمن خلالها بدعوته أربعون شخصاً مابين رجل وامرأة، عامتهم من الفقراء والأرقاء وممن لاشأن له بين قريش، كما ورد في سيرة ابن هشام،مع أن الإسرار بالدعوة لم يكن له مايبرره،والدليل على ذلك أنه عندما قرر الجهر بالدعوة لم يتعرض له أحد من الكفار، كما ذكرت كتب "السيرة النبوية القديمة". ويتحدث الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي عن ذلك نقلاً عن أوائل كتاب سيرة "الناصح الأمين": "وحينئذ بدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم بتنفيذ أمر ربه.فاستجاب لقوله تعالى"فَاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين".بأن صعد على الصفا فجعل ينادي:يابني فهر ويابني عدي، حتى اجتمعوا،... فقال النبي: أرأيتم لو أخبرتكم أن خيلا بالوادي تريد أن تغير عليكم، أكنتم مصدقي؟ قالوا: ماجربنا عليك كذبا. قال: فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد. فقال أبو لهب: تبا لك سائر اليوم.. ألهذا جمعتنا؟".ويتابع البوطي"ثم نزل الرسول فاستجاب لقوله تعالى: (وأنذر عشيرتك الأقربين) بأن جمع حوله جميع ذويه وأهل قرابته وعشيرته، فقال: يابني كعب بن لؤي أنقذوا أنفسكم من النار، يابني مرة بن كعب أنقذوا أنفسكم من النار،يابني عبدالمطلب أنقذوا أنفسكم من النار،يابني عبد مناف أنقذوا أنفسكم من النار، يافاطمة أنقذي نفسك من النار(يبدو أن فاطمة بنت محمد حينها كانت لاتزال على الكفر) فأني لاأملك لكم من الله شيئا غير أن لكم رحما سأبلها ببلاها". ، ويتابع البوطي: " وكان رد الفعل من قريش أمام جهره بالدعوة، أن أدبروا عنه وتنكروا لدعوته معتذرين بأنهم لايستطيعون أن يتركوا الدين الذي ورثوه عن آبائهم وأصبح من تقاليد حياتهم. وحينئذ نبههم الرسول صلى الله عليه وسلم إلى ضرورة تحرير أفكارهم وعقولهم من عبودية الاتّباع والتقليد واستعمال العقل والمنطق، وأوضح لهم أن آلهتهم التي يعكفون على عبادتها لاتفيدهم أو تضرهم شيئا." (فقه السيرة النبوية ص111. محمد سعيد رمضان البوطي). إلى هنا كان موقف المشركين من دعوة محمد موقفا يمكن أن نسميه بمصطلح هذه الأيام بحرية العقائد والأديان، أي أنهم لم يعتدوا على "المنذر" ولم يرفعوا سيوفهم في وجهه ولم يمنعوه من نشر دعوته ، مادام لم يهنهم بإهانة دينهم، أي أنهم تركوا أمامه المجال مفتوحا على مصراعيه، فكان يتجول في الأسواق والساحات ويتلوا على الناس قرآنه بكل حرية دون أن يعترضه أحد، كما ذكرت كتب سيرة "المبشر" ويقر البوطي بذلك في كتابه السابق: " كان النبي صلى الله عليه وسلم، خلال هذه الفترة كلها، يعرض نفسه في موسم الحج من كل سنة على القبائل التي تتوافد إلى البيت الحرام، يتلو عليهم كتاب الله ويدعوهم إلى توحيد الله فلا يستجيب له أحد." ويتابع البوطي نقلا عن ابن سعد في طبقاته: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوافي الموسم كل عام يتّبع الحجاج في منازلهم في المواسم بعكاظ ومجنة وذي المجاز، يدعوهم إلى أن يمنعوه حتى يبلغ رسالات ربه ولهم الجنة، فلا يجد أحدا ينصره، ويقول: " ياأيها الناس قولوا لاإله إلا الله تفلحوا وتملكوا بها العرب وتذل لكم العجم، وإذا آمنتم كنتم ملوكا في الجنة". (المصدر السابق ص 111) ويقول ابن هشام في ذلك: "كان صلى الله عليه وسلم لايسمع بقادم من العرب إلى مكة له اسم وشرف إلاّتصدّى له فدعاه إلى اللّه وعرض عليه ما عنده". (سيرة ابن هشام.الجزء الأول ص 425) يتبين لنا هنا وحسب التاريخ الإسلامي نفسه أن "النبي الأمي" كان حرا في نشر دعوته، ولم تمنعه قريش من ذلك، ولكن عندما صار يعيب ويسخر من آلهتهم ويتهمهم بالسفه والجنون، كان طبيعيا أن تدافع قريش عن عقيدتها التي إعترف محمد لهم بها في وقت مضى" لكم دينكم ولي دين" سورة الكافرون، وكي لايبدوا ما أقوله مجرد إدعاء، هاهو الدكتور البوطي بنفسه يبين سبب تغير موقف قريش من محمد، إذ يقول: " فلما عاب (أي محمد) آلهتهم، وسفه أحلامهم، وجرّ اعتذارهم عن تمسكهم بعبادة الأصنام أنها تقاليد آبائهم وأجدادهم، إلى وصف آبائهم بعدم العقل، أعظموا الأمر وناكروه،وأجمعوا خلافه وعدوانه، إلا من عصم الله تعالى منهم بالإسلام، وإلا عمه أبا طالب الذي حدب عليه ، ومنعه، وقام دونه."(فقه السيرة النبوية ص 112. محمد سعيد رمضان البوطي).
من هنا يظهر أن محمدا لم يفلح في إقناع أهل مكة بالعقل والمنطق بدعوته، فلجأ إلى التشهير بعقيدتهم ،وإهانة آلهتهم، وإتهامهم بالسفه والغباء وعدم العقل، ومن المعروف أن واحدة من هذه الإتهامات كانت كافية لأن تشعل حربا لاتنتهي، ولم يكن خافيا على محمد خطورة إتيانه بذلك ، وهو يعلم أن العرب يمكن أن يتقاتلوا لأقل إهانة، فما بالهم إذا تعرضوا لمثل هذه الاتهامات والقذف والتعيير لآلهتهم وآبائهم. إذن لابد أن نسأل ، لماذا لجأ محمد إلى التجني على حرية العقيدة عند قريش، وهي التي لم تمنعه من التحدث لمن يشاء ولم تلجأ إلى العنف ضده، إلا حين أهانهم محمد، لماذا عجز محمد أن يكسبهم إلى جانبه بالعقل والمنطق؟. قد نغضب من قريش، بل وندينها أيضا لو أنها منعته بالقوة والإكراه من إبلاغ دعوته،وقد نتهمهم بالتعصب الديني لو أنهم ‘عاقبوا محمدا لأنه ترك دينهم ،وأوجد دينا جديدا، لكنهم بالعكس تماما ، بل تركوه يقول مايشاء ومتى يشاء ولمن يشاء، ليس لأهل مكة وحدها فقط ،بل لجميع القبائل التي كانت ترتاد مكة ، إما للحج أو التجارة أو لعرض الأشعار في أسواق مكة المعروفة كما ذكرت سابقا،بل واستجابوا لطلبه وجادلوه بالعقل والمنطق ، ولم يعجزوا عن جدال محمد ولم ينهزوموا فكريا أوعقليا كما يبدو من ظاهر تاريخ الصراع الفكري بينهم وبينه، وإذا كنا نبغي الحياد في موقفنا من هذا الصراع ، فيجب علينا التصريح أن من يعجز عن المجادلة يلجأ إلى الإتهام المباشر للآخر بالتخلف والغباء، تماماً مثلما فعل "المذكر" مع أهل مكة حين عاب آلهتهم ووصف آباءهم بعدم العقل واتهمهم بالسفه في أحلامهم،وهوتماما مايفعله المنهزم فكريا. وقد يعتقد البعض أن القرشيين كانوا قوما فُظاًغلّظا، لم يفهموا أويستوعبوا ماكان محمد يجادلهم فيه ، بل على النقيض من ذلك ، وبشهادة القرآن ذاته ، الذي يبين في مناسبات عدة أنهم فهموا القرآن تماما ، وأنهم تمتعوا بحدة في الذكاء ورجاحة في العقل وكانوا حجة في المنطق ،ولذلك إندحر "صاحب الرسالة" فكريا وأخفق في حواراته معهم، وقد وقف "الناصح الأمين" دون جدالهم حائراً عاجزاً ، يشكوا أمره إلى "المنتقم الجبار"، كما يخبرنا بذلك "النبأ العظيم" الذي تطرق الى ذلك مرات عديدة وعاتب "سيد البشر" في مواضع عدة منه: "أفأنت تكره الناس أن يؤمنوا". "وماعليك هداهم إن الله يهدي من يشاء".وآيات كثيرة أخرى. وقد بحث الدكتور طه حسين الذي توج عميدا للإدب العربي هذه المسألة في كتابه "في الشعر الجاهلي " اورد منه بعض المقتطفات التي تؤيد ماذهبت إليه في موضوع الجدال بين محمد وأهل مكة. فقد جاء في فصل بعنوان" مرآة الحياة الجاهلية يجب أن تلتمس في القرآن لا في الشعر الجاهلي" هذه الفقرات:
الفقرة الأولى: "أن القرآن أصدق مرآة للحياة الجاهلية . وهذه القضية غريبة حين تسمعها ؛ ولكنها بديهية حين تفكر فيها قليلا . فليس من اليسير أن نفهم الناس قد أعجبوا بالقرآن حين تليت عليهم آياته إلا أن تكون بينهم وبينه صلة هي هذه الصلة التي توجد بين الأثر الفني البديع وبين الذين يعجبون به حين يسمعونه أو ينظرون إليه . وليس من اليسير أن نفهم أن العرب قد قاوموا القرآن وناهضوه وجادلوا النبي فيه إلا أن يكونوا قد فهموه ووقفوا على أسراره ودقائقه . وليس من اليسير بل ليس من الممكن أن نصدق أن القرآن كان جديدا كله على العرب . فلو كان كذلك لما فهموه ولا وعوه ، ولا آمن به بعضهم ولا ناهضه وجادل فيه بعضهم الآخر . إنما كان القرآن جديدا في أسلوبه ، جديدا فيما يدعو إليه ، جديدا فيما شرع للناس من دين وقانون ، ولكنه كان كتابا عربيا ؛ لغته هي اللغة العربية الأدبية التي كان يصطنعها الناس في عصره ، أي في العصر الجاهلي ."
الفقرة الثانية: "وأما القرآن فيمثل لنا شيئا آخر ، يمثل لنا حياة دينية قوية تدعو أهلها إلى أن يجادلوا عنها ما وسعهم الجدال . فإذا رأوا أنه قد أصبح قليل الغناء لجأوا إلى الكيد ، ثم إلى الاضطهاد ، ثم إلى إعلان الحرب التي لا تبقى ولا تذر. فالقرآن إذن أصدق تمثيلا للحياة الدينية عند العرب من هذا الشعر الذي يسمونه الجاهلي . ولكن القرآن لا يمثل الحياة الدينية وحدها ؛ وإنما يمثل شيئا آخر غيرها لا نجده في هذا الشعر الجاهلي ، يمثل حياة عقلية قوية ، يمثل قدرة على الجدال والخصام أنفق القرآن في جهادها حظا عظيما . أليس القرآن قد وصف أولئك الذين كانوا يجادلون النبي بقوة الجدال والقدرة على الخصام والشدة في المحاورة ! وفيم كانوا يجادلون ويخاصمون ويحاورون ؟ في الدين وفيما يتصل بالدين من هذه المسائل المعضلة التي ينفق الفلاسفة فيها حياتهم دون ان يوفقوا الى حلها : في البعث ، في الخلق ، في امكان الاتصال بين الله و الناس ، في المعجزة وما إلى ذلك. أفتظن قوما يجادلون في هذه الاشياء جدالا يصفه القرآن بالقوة ويشهد لأصحابه بالمهارة ، أفتظن هؤلاء القوم من الجهل والغباوة والغلظة والخشونة بحيث يمثلهم لنا هذا الشعر الذي يضاف إلى الجاهليين ! كلا ! لم يكونوا جهالا ولا أغبياء ولا غلاظا ولا أصحاب حياة خشنة جافية ؛ وإنما كانوا أصحاب علم وذكاء وأصحاب عواطف رقيقة وعيش فيه لين ونعمة."
مما سبق يتبين لنا أن إتهام محمد أهل مكة وعرب الجاهلية عموما، بالسفه والغلظة وأنهم قوم صم عمي بكم لايفقهون. إتهام ظالم ومجحف في حق التاريخ وفي حق العرب قبل الإسلام. وأنه من غير المستبعد أبدا، كما يلمح إلى ذلك الدكتور طه حسين، أنه تم القضاء على معظم الشعر الجاهلي الذي كان يتحدث عن الحياة الدينية وخاصة ذلك الشعر الذي كان يتحدث عن الجدل الفكري بين محمد وأهل مكة. ويتساءل الدكتور طه حسين في نفس الفصل من كتابه في الشعر الجاهلي: " أو ليس عجبا أن يعجز الشعر الجاهلي كله عن تصوير الحياة الدينية للجاهليين!." عندما عجز "النبي الأمي" في استمالة الكفار بالحجة والمنطق، وعجزه عن الإتيان بالمعجزات التي طالبوا محمدا بها كالأنبياء السابقين له، كان رد محمد لهم، أن اؤلئك القوم الذين عايشوا معجزات أنبيائهم، كفروا بهم ولم يؤمنوا بهم رغم معجزاتهم،وكذلك ستفعلون أنتم إذا أتيتكم بما تطلبون من معجزات، والقرآن مليئ بمثل هذه القصص، وعلى الرغم أن كتب السيرة المحمدية تتحدث عن عدد لابأس به من معجزات "المبشر" لكن كلها حدثت بعد هجرته من مكة الى مدينة يثرب عند المسلمين وأمامهم، وليس أمام الكفار،مع أنه كان الأجدر والأجدى أن تظهر هذه المعجزات للمشركين كي يؤمنوا، والملفت للنظر هنا أنه رغم ذكر "الذكر الحكيم" للعديد من المعجزات لرسل وأنبياء سابقين إلا أنه لم يرد في "القرآن العظيم" ذكر لمعجزات "الأمين" بإستثناء قصة الإسراء والمعراج. ،التي يعتبرها المسلمون من أكبر المعجزات الخارقة لمحمد على الإطلاق، على عكس أهل مكة الذين اعتبروها كذبة كبرى،وقد سببت لمحمد حينها ضربة موجعة كادت أن تودي به إلى التهلكة.
كانت قصة "الإسراء والمعراج" إلى جانب قصة "الآيات الشيطانية" من آخر محاولاته المكية السلمية اليائسة والبائسة لكسب أهل مكة وإقناعهم بصحة نبوته ، إلا أن هاتين المحاولتين باءتا بالفشل الذريع ، وزادتا من تسفيه أهل مكة لصاحب الرسالة المحمَّدية وسخريتهم من إدعاءاته ،فازدادت بالتالي مخاوفه من إعتداءاتهم ، إلى أن يقرر ذات ليلة أن يهرب إلى يثرب في دجى الليل خفيةً مع صاحبه ورفيق دربه العتيق "عبدالكعبة ابن أبي قحافة" بعد أن علم بمؤامرة من أهل مكة تحاك لقتله في الليلة التي قرر فيها الرحيل.
#زاغروس_آمدي (هاشتاغ)
Zagros__Amedie#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
فتاة كردية تغزو عرش الطرب العربي الأصيل
-
تأريض الإسلام (12)
-
لا بدّ من ثمن إضافي لنجاح الثورة السورية
-
تأريض الإسلام (11)
-
إلى من يتغنى بالفسيفساء الجميلة في سوريا
-
الضربة الإسرائيلية الأخيرة ومفارقات مضحكة
-
هل جاء الدور على غوّار بعد البوطي على مذبح الفداء ؟
-
سوريا الجديدة بحاجة إلى أسلحة كيميائية ؟
-
فلتحترق سورية، ولا للتدخل الأجنبي؟
-
قبل أن يفوت الأوان
-
تحذير! قتل الأكراد السوريين قد يقوض الثورة
-
جمهورية البجع السورية
-
أكراد سوريا... من دكتاتورية الأسد إلى دكتاتورية ال PYD ؟
-
قِصّةُ الآيَاتِ الشَّيْطانِيَّة (4)
-
قِصّةُ الآيَاتِ الشَّيْطانِيَّة (3)
-
متى كان أكراد سوريا يلجؤون للسلاح؟
-
ألا يمكن تدمير إسرائيل دون تدمير سوريا؟
-
كَيف لِمَنْ يَخافُ ريشَةَ رَسامٍ سَاخِرْ أنْ يقاومَ أوْ يُما
...
-
المسيح يقول: -زوجتي- إكتشاف جديد، عن صحيفة ألمانية
-
قِصّةُ الآيَاتِ الشَّيْطانِيَّة (2)
المزيد.....
-
عمال أجانب من مختلف دول العالم شاركوا في إعادة بناء كاتدرائي
...
-
مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى بحماية شرطة الاحتلال الإسرائي
...
-
أجراس كاتدرائية نوتردام بباريس ستقرع من جديد بحضور نحو 60 زع
...
-
الأوقاف الفلسطينية: الاحتلال الإسرائيلي اقتحم المسجد الأقصى
...
-
الاحتلال اقتحم الأقصى 20 مرة ومنع رفع الأذان في -الإبراهيمي-
...
-
استطلاع رأي إسرائيلي: 32% من الشباب اليهود في الخارج متعاطفو
...
-
في أولى رحلاته الدولية.. ترامب في باريس السبت للمشاركة في حف
...
-
ترامب يعلن حضوره حفل افتتاح كاتدرائية نوتردام -الرائعة والتا
...
-
فرح اولادك مع طيور الجنة.. استقبل تردد قناة طيور الجنة بيبي
...
-
استطلاع: ثلث شباب اليهود بالخارج يتعاطفون مع حماس
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|