محمد الحمّار
الحوار المتمدن-العدد: 4108 - 2013 / 5 / 30 - 18:38
المحور:
التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية
ليس هذا نداءً للعودة للكتاب الأخضر لمعمر القذافي لكنه محاولة للفت النظر إلى واقع سياسي راهن بلغ ذروة الرداءة والخطورة في تونس اليوم.
لمّا رآني النقابي العروبي المنضوي تحت لواء جمعية "كذا" العروبية وأنا في وضع مشاركة في التظاهرة التي أقيمت أمام مبنى وزارة الخارجية (27-5-2013) للمطالبة بإعادة فتح السفارة السورية في تونس، رحّب بي قائلا: "ما الذي أتى بك إلى هنا؟"
وبعد يومين ولمّا حييت جاري "البعثي" مستفسرا عن اسم رئيس جمعية "كذا" المناصرة للقضية السورية، حملق ثم "حولق" وأردف قائلا: "أتقصد فلان؟ ذاك الذي كنت أظنه بعثيا عراقيا مثلي ومستعدا للنضال معنا فاتضح أنه بعثيا سوريا؟"
للأسف هذه هي العقلية التي تفكر بها جل النخب التونسية (والعربية عموما) ومن ورائهم غالبية الشعب . وأعتقد أنّ كل الأحزاب ترضخ لهذا الموقف الإقصائي. فما هي المعاني التي نستخرجها من مثل هذا الموقف؟
أولا، أنّ كل فرد وكل مجموعة وكل حزب يؤمن أنّ كل قضية وطنية وعربية إنما هي قضيته هو دون سواه وأن لا أحد له الحق في التعاون معه في تناولها بل أنّ التعاون لا يكون مقبولا إلا في صورة تماهي الآخرين مع الفكرة الأحادية لذلك الشخص أو تلك الجمعية أ ذلك الحزب. وهذا موقف خطير لا لشيء سوى لكونه يتناقض تماما مع قيم مثل التوحيد والوحدة والتضامن ورص الصفوف وغيرها مع أنها أفكار متأصلة في تراثنا. لكن يبدو أنّ المجتمع يشكو من عدم تأصيلها في السلوك والممارسة حتى تكون فاعلة.
ثانيا، أنّ هذه الطريقة في النظر إلى جواهر الأمور تقتضي العيش في ظل نظام كلياني وشمولي ودكتاتوري. وهو مما يندرج في سياقِ معاكس لما تصرح به النخب من أنّها تصبو إلى إرساء التعددية وتجسيد حقوق الإنسان في ظل نظام ديمقراطي. ولمّا نعلم أنّ هذه النخب هي نفسها التي تسلك النهج الإقصائي الموصوف نفهم أنها ليست ديمقراطية وبالتالي أن المجتمع بحاجة لفئة جديدة من النخب تكون متمثلة للقيم الديمقراطية ومؤصلة للقيم الذاتية و القيم الحداثية في بعضها البعض.
ثالثا، أنّ التعددية الفكرية والسياسية لا بد أن تمر بمرحلة تتسم بتوحيد الفكر والسياسة لكي تتحقق وينبثق عنها الجمعيات والأحزاب. وهذا مما لم يحصل بعد. وكل هذا مما يحدو بنا أن نقول "من تحزب خان" حتى إشعار آخر.
#محمد_الحمّار (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟