أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مهدي بندق - إسرائيل تستدرجنا للحرب في أفريقيا














المزيد.....

إسرائيل تستدرجنا للحرب في أفريقيا


مهدي بندق

الحوار المتمدن-العدد: 4107 - 2013 / 5 / 29 - 19:32
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



في عام 1680 أساء رجال الديوان المصري معاملة جماعة من التجار الأحباش، فبعث تاكيلا هايمونت ملك الحبشة ( أثيوبيا الآن ) رسالة تهديد إلى عبد الرحمن باشا والي مصر آنذاك يقول فيها : إن النيل هو سلاحي في معاقبتكم ، فقد وضع الله ينابيع هذا النهر العظيم وبحيراته في أيدينا ، وبهذا يمكننا إنزال الأذى بكم وقت نشاء !
والحق أن تلك الرسالة لم تكن أكثر من تهديد أجوف ، فلم تكن الحبشة في ذلك الوقت تملك من الوسائل ما يسمح لها بتغيير مسار النيل أو وضع سدود تحول دون وصوله كاملاً إلى مصبه شمال الديار المصرية . ومن ثم فقد تجاهل الوالي ( العثماني ) القائم على شئون البلاد تلك الرسالة ولم يرد عليها.
كان لابد من مرور قرون كي تصبح أثيوبيا قادرة على تنفيذ وعيدها بامتلاكها في الوقت الحاضر لتكنولوجيا بناء السدود الضخمة توليداً للكهرباء ، وما كان ذلك ليتم إلا بعد حصولها على الخبرة والأموال اللازمة من دولة حديثة العهد بمنطقة الشرق الأوسط وبالقارة السمراء هي إسرائيل ! فلماذا إسرائيل تحديداً ؟
مَردُّ ذلك أن إسرائيل بسعيها للسيطرة على مقدّرات المنطقة لم تكتف بابتلاع الأرض الفلسطينية أو باحتلال ما تيسر من الأراضي العربية الأخرى، بل أخذت تخطط للهيمنة على مصائر جيرانها( وعلى رأسها مصر ) في كل مناحي الحياة، وما كان لها – بهذه النزعة الإمبريالية الإقليمية – إلا أن تتذكر ذلك التهديد الحبشي القديم ، كي تبعثه حياً بواسطة الأحباش الجدد ، ليس بالأقوال بل بالأفعال . ومن هنا راحت تشجع أثيوبيا على إنشاء مشروعات على النيل الأزرق وبحيرة تانا ونهر السوباط ، وهي تعلم جيداً أن ذلك مخالف لبروتوكول 1891 والذي أعطي لبريطانيا ومصر حق الاعتراض على كل ما من شأنه التأثير على إيراد المياه المتدفقة نحو الشمال .
كانت مصر قد استنامت إلى مبدأ " تشرشل " القائل بأن حوض نهر النيل يعد وحدة هيدروليكية واحدة يجب أن تدار من القاهرة ، فراح الممسكون بهذا الملف يطمئنون أنفسهم باستحالة تنفيذ أثيوبيا لسدود كبرى تؤثر على إستراتيجية النهر في تدفقه الطبيعي من الجنوب إلى الشمال، مؤكدين أنها لو فعلت لغرقت مدنها وقراها. وهكذا ظلت مصر تعالج الموقف بنفس أسلوب الوالي أحمد باشا " العثمانللي " بحسبان الأمر لا يعدو مجرد "تهويش" من جانب النظام الأثيوبي يعلق به في رقبة مصر عجزه إزاء الحركات الانفصالية داخل أثيوبيا ونشاط ثوار إقليم أوجادين المسلوخ من الصومال لصالح الأحباش.
ومع ذلك نجحت إسرائيل في الوقيعة بين مصر وأثيوبيا خاصة حين سمحت الأخيرة للفلاشا ( اليهود الأحباش ) بالهجرة إلى إسرائيل من باب رد الجميل، إضافة إلى إيغار صدر الرئيس الأثيوبي الراحل زيناوي لاستدراج مصر المحروسة للحرب بعبارات " هتلرية " بذيئة ، وربما بسبب هاجس احتمال تأييد مصر للثوار، طفق زيناوى يصيح بأن مصر لا يمكنها أن تكسب حربًا مع إثيوبيا على مياه نهر النيل، وإنه لا يخشى أن يغزو المصريون إثيوبيا، فلم يعش أحد ممن حاولوا ذلك قبلاً ليحكى نتيجة فعلته ! ... إلى آخر تلك العبارات الملتهبة التي تذكّر بعبارة الملك تاكيلا هايمونت عام 1686 .
بهذا شهدت الفترة السابقة لثورة 25 يناير أزمات دبلوماسية متكررة بين القاهرة وأديس أبابا بسبب مبادرة دول حوض النيل NBI التي تهدف إلى تحجيم حصة مصر والسودان من مياه النيل جراء مشروعات بناء السدود في أثيوبيا وأوغندة ورواندا ، لكن بعد ثورة يناير هدأت الأزمة قليلا خاصة بعد زيارة الوفد الشعبي المصري لإثيوبيا ولقائه زيناوي، وهى الزيارة التي أعقبتها زيارة قام بها زيناوي نفسه للقاهرة ، وكانت بالمناسبة زيارة ً لم تهش لها إسرائيل بطبيعة الحال .
وحتى الأمس القريب كان لنا أن نغمغم : لعل الأزمة مع أثيوبيا وإن كانت قد بردت وحتى قبل وفاة الرئيس زيناوي إلا أن النار ما زالت تحت الرماد . وكنا نهمس : إنه وعلى خلاف المسار الأثيوبي رأينا الرئيس البوروندي بيير كورونزيزا يبعث إلينا برسالة طمأنة خلاصتها استحالة إضرار بلاده بمصر، وكنا نشقشق : ثمة شواهد على أن تنزانيا تعيد النظر في اتفاقية عنتيبي المتنكرة لحقوق مصر التاريخية في مياه النيل، وكنا نتحاكم قائلين : ليكن كل هذا صحيحاً، لكن حقائق الأمن القومي ينبغي أن تلفت إلى ضرورة استمرار تحرك السياسة المصرية باتجاه تجسير الهوة التي نشأت عن تراخي علاقاتنا بالأخوة الأفارقة منذ اتفاقات كامب ديفيد المشئومة مع إسرائيل. ولكن ماذا سنقول اليوم وقد باغتتنا أثيوبيا بقرار بدء العمل في إنشاء سد النهضة ليس بالقول بل بالفعل محولة مسار النيل الأزرق ، ويا له من فعل .. هو أقرب ما يكون إلى استدراج مصر لإعلان الحرب عليها .

وفي كل ما تقدم من رصد لأحوال العلاقات المصرية الأفريقية – سيما الأثيوبية - لا يمكن للفكر الاستراتيجي أن يتجاهل مستهدفات إسرائيل في جر مصر إلى الحرب ضدا ً على هذا الطرف أو ذاك في قارتنا السمراء ، وهو ما فشلت فيه إسرائيل حتى الآن ، لكنه الفشل الذي لا يوقف صاحبه عن معاودة الكرَّة ، لعل وعسى أن يقدم نظام حكم مصري غير رشيد – وما أكثر هذه الأنظمة في مصر – هرباً من مشاكله الداخلية ، إلى الفرار للأمام بشن حرب مياه في إفريقيا!
نعم يمكن لمصر بضبط النفس إبعاد شبح الحرب ، وليكن أننا سنحتفظ لسنوات قادمة بحصة الـ ,555 مليار متر مكعب كما هي دون أن تنتقص ولو بحيل فنية مبتكرة ؛ ولكن ماذا عندما نجتاز حاجز المائة مليون نسمة ؟! المؤكد أن إسرائيل ستنجح في دفعنا إلى الحرب في إفريقيا ، ما لم نعمل منذ الآن على تطوير الأداء الاقتصادي بعامة والهيدروليكي بوجه خاص ، متجهين إلى مشاريع صنع الخلايا الشمسية استخلاصاً للطاقة لتحلية مياه البحر – كما فعلت المملكة السعودية – فضلا ً عن بناء المفاعل النووية للأغراض السلمية ، وعلى رأسها توفير المياه والكهرباء، فذلك هو الأجدر بالتفكير والتدبر.
فإذا كانت هذه بعض مطالب إسرائيل للإيقاع بمصر فما هو المطلب الآجل الذي تنشده أمريكا – بخلاف المطالب الإستراتيجية التي ذكرناها آنفاً ؟



#مهدي_بندق (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مغزى قطع رأس طه حسين
- جيش مصر يكبح جماح العثمانيين الجدد
- المهام العاجلة لمؤرخينا الجدد
- الإخوان مشكلة إستراتيجية لأمريكا
- هل تصبح مصر حصان طروادة لأمريكا ؟
- السلفية المصرية ولاهوت التحرير
- أمريكا تغرق فأين جبهة الإنقاذ ؟
- طريق يناير إلى الاشتراكية أو غيرها
- الرئيس رشدي بين دراكولا وكافكا
- ضرورة أن يأخذ السلفيون وقتهم
- إسرائيل جريمة العصر والفلسطيني التائه
- اليسار المصري صاعد ولكن بشروط
- هل يترك المثقفُ شعبه غافلاً ؟
- النمط الفرعوني وتدمير عقول المصريين
- المجتمع المصري ورُهاب الحداثة
- محاولة لتجديد الخطاب الديني على خلفية الفيزياء الحديثة
- الخليفة القادر وتأسيسية الإرهاب الفكري
- الوعي في أقصى درجات الاحتمال
- هل يبقى الأخوان المسلمون أخوانا مسلمين ؟
- الإيمان لا يحتاج إلى إعلان (2)


المزيد.....




- جنرال أمريكي متقاعد يوضح لـCNN سبب استخدام روسيا لصاروخ -MIR ...
- تحليل: خطاب بوتين ومعنى إطلاق روسيا صاروخ MIRV لأول مرة
- جزيرة ميكونوس..ما سر جاذبية هذه الوجهة السياحية باليونان؟
- أكثر الدول العربية ابتعاثا لطلابها لتلقي التعليم بأمريكا.. إ ...
- -نيويورك بوست-: ألمانيا تستعد للحرب مع روسيا
- -غينيس- تجمع أطول وأقصر امرأتين في العالم
- لبنان- عشرات القتلى في قصف إسرائيلي على معاقل لحزب الله في ل ...
- ضابط أمريكي: -أوريشنيك- جزء من التهديد النووي وبوتين يريد به ...
- غيتس يشيد بجهود الإمارات في تحسين حياة الفئات الأكثر ضعفا حو ...
- مصر.. حادث دهس مروع بسبب شيف شهير


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مهدي بندق - إسرائيل تستدرجنا للحرب في أفريقيا