أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحة والسلامة الجسدية والنفسية - سامي الذيب - جريمة الختان 142: حدود سلطة الأهل على القاصرين















المزيد.....

جريمة الختان 142: حدود سلطة الأهل على القاصرين


سامي الذيب
(Sami Aldeeb)


الحوار المتمدن-العدد: 4106 - 2013 / 5 / 28 - 03:04
المحور: الصحة والسلامة الجسدية والنفسية
    


كان الختان في الستّينات من القرن العشرين يتم في الولايات المتّحدة دون أخذ موافقة الأهل. ولكن جاءت القوانين الأمريكيّة بعد ذلك لتفرض موافقتهم. وهذا أحد أسباب تدنّي حالات الختان إلى 60%.

وإن كان للأهل الحق في إعطاء الموافقة على إجراء عمليّة على طفلهم، فإن تلك السلطة محدّدة بمصلحة الطفل الطبّية بصورة موضوعيّة. فالمشرّع والقضاء يتّجه نحو إعتبار إعطاء الموافقة مسؤوليّة قَبل كل شيء، وليس حقاً للأهل. فالأهل يقومون بدور الوكيل الذي لا يحق له عمل شيء بإسم موكله إلاّ إذا كان لمصلحته. وإذا لم تتّفق مصلحة الطفل ومصلحة الأهل، يعتبر إعطاء الموافقة تعدّياً على الطفل مثله مثل أي تعدّ. وعلى الطبيب في هذه الحالة رفض إجراء الختان دون إذن المحكمة المسبق. فمصلحة الطفل العليا تعلو على سلطة الأهل وتحد منها. وما هو من مصلحة الأهل ليس دائماً من مصلحة الطفل. فإذا لم يكن للعمليّة فائدة مباشرة وضرورة طبّية، فإنه يجب تأخير إجراء تلك العمليّة حتّى يتمكّن هو ذاته أن يعطي الموافقة عليها. هذا ما قرّرته اللجنة التشريعيّة لإحدى المقاطعات الأستراليّة. والقصد من ذلك هو حماية القاصر من تعسّف أوليائه عليه، وتفادي إجراء عمليّات غير ضروريّة، وعدم تعريضه لخطر دون داعٍ. ويفرض عدم ضرورة الختان طبّياً ومخاطره عدم إجرائه على شخص دون موافقته الشخصيّة. فموافقة الأهل على إجراء الختان على أطفالهم دون سبب طبّي مخالف لمصلحة الطفل.

وقد قامت الأكاديميّة الأمريكيّة لطب الأطفال عام 1995 بوضع قواعد فيما يخص الموافقة المستنيرة عندما يتعلّق الأمر بالأطفال. فموافقة الأهل المستنيرة يمكنها أن تحل محل موافقة الطفل فقط للتدخّل الطبّي في الحالات الواضحة والعاجلة مثل حالة خطر الإصابة بمرض أو التعرّض لصدمة أو تشويه. أمّا فيما يخص العلاج الغير ضروري الذي يمكن تأجيله دون خطر، فإنه يجب الإنتظار حتّى يكبر الطفل ليعطي موافقته بذاته. وعلى الطبيب أن يحمي الطفل من رغبات الأهل التي قد تضر به. والمشكلة مع هذه الأكاديميّة أنها تسمح للأهل إختيار إجراء ختان الذكور مع علمها بأنه لا ضرورة طبّية لإجرائه. ويقول محام أمريكي بأنه ليس للأهل الحق في الموافقة على إجراء «عمليّة جراحيّة إنتقائيّة» على أطفالهم. فمثلاً قطع شمعة الأذن لها أقل تأثير من الختان. وإذا ما قام أب بالموافقة على قطع شحمة أذن طفله فإنه من المؤكّد سوف يتعرّض للملاحقات القضائيّة.

ويتّجه المشرّع الدولي والمنظّمات الطبّية إلى إشراك الطفل في إتّخاذ قرار العمليّة على قدر فهمه وسنّه. فتقول إتّفاقيّة الأمم المتّحدة لحقوق الطفل
المادّة 12: 1- تكفل الدول الأطراف في هذه الإتّفاقيّة للطفل القادر على تكوين آرائه الخاصّة حق التعبير عن تلك الآراء بحرّية في جميع المسائل التي تمس الطفل، وتولي آراء الطفل الإعتبار الواجب وفقاً لسن الطفل ونضجه.
2- ولهذا الغرض، تتاح للطفل بوجه خاص فرصة الإستماع إليه في أي إجراءات قضائيّة وإداريّة تمس الطفل، إمّا مباشرة، أو من خلال ممثّل أو هيئة ملائمة، بطريقة تتّفق مع القواعد الإجرائيّة للقانون الوطني.
المادّة 13: 1- يكون للطفل الحق في حرّية التعبير، ويشمل هذا الحق حرّية طلب جميع أنواع المعلومات والأفكار وتلقيها وإذاعتها، دون أي إعتبار للحدود، سواء بالقول، أو الكتابة أو الطباعة، أو الفن، أو بأي وسيلة أخرى يختارها الطفل.
2- يجوز إخضاع ممارسة هذا الحق لبعض القيود، بشرط أن ينص القانون عليها وأن تكون لازمة لتأمين ما يلي:
أ) إحترام حقوق الغير أو سمعتهم، أو
ب) حماية الأمن الوطني أو النظام العام، أو الصحّة العامّة أو الآداب العامّة.

وهناك من يدّعي بأن الأهل يقومون بإعطاء موافقة عن أطفالهم كان الأطفال سيأخذونها لو أنهم كانوا بالغين. وحقيقة الأمر أنه من المشكوك في أن يقوم هؤلاء الأطفال عند بلوغهم باتّخاذ قرار بختانهم في هذه النسبة الكبيرة. فمن المعروف أن فقط 0.3% من الأمريكيّين الذين تركوا غير مختونين طلبوا ختانهم كباراً. وهذا يعني أن الأهل الذين يقرّروا بدلاً عن أطفالهم إنّما ينتهكون مبدأ الوكالة في الأكثريّة الساحقة من عمليّات الختان.

وقد قال لي يهودي بأنه يشكر الله أنه تم ختانه عندما كان صغيراً، وإلاّ فإنه سوف يكون من المستحيل الإمساك به لختانه لو أنه ترك غير مختوناً حتّى سن بلوغه. هذا تناقض في الموقف نابع من التشبّث بالمعتقدات الدينيّة. فلو أنه كان يريد الختان صغيراً لكان يريده بالغاً أيضاً. وفي الواقع هو يريد فرضه على الصغار خوفاً من أن يرفضوه كباراً. وهذا ما قال به إبن ميمون في تبرير إجراء الختان على الصغار.

وهناك من يدّعي بأن ختان الذكور ليس تعسّف ضد الطفل لأن له فوائده الطبّية والوقائيّة. وهذا بعكس ختان الإناث. وحقيقة الأمر أن أطبّاء غربيّين رأوا سابقاً في ختان الإناث نفس الفوائد التي ما زال المدافعون عن ختان الذكور يتحجّجون بها دون أي برهان. فلو تمّت دراسة حول فوائد ختان الإناث كالتي تمّت حول ختان الذكور، لكان ربّما في الإمكان تبيين أن لختان الإناث فوائد مماثلة لتلك التي تقدّم لختان الذكور اليوم. وليس هناك أي إثبات بأن للختان فوائد وقائيّة، وحساب التكلفة بالثمن يثبت بأن هذه العمليّة لا يمكن الدفاع عنها.

ونشير إلى أن الأكاديميّة السويسريّة للعلوم الطبّية ترى أن من يقوم بختان الإناث «ينتهك حقاً أساسياً للشخص البشري بإجرائه عمليّة وحشيّة ومذلّة على قاصر غير قادر على الوعي ولا يستطيع التمسّك بحقّه الشخصي في سلامة الجسد». ويقول المجلس الفدرالي: «إن أي شخص يجري عمليّة بتر طقسيّة للأعضاء الجنسيّة، خاصّة على الإناث القاصرات، يعتبر مقترفاً جريمة تلاحق تلقائياً». والمشكلة مع هذين التصريحين أنهما يقتصران على إدانة ختان الإناث دون ختان الذكور. وفي هذا مخالفة صارخة لمبدأ عدم التمييز.

ويقول طبيب أمريكي بأنه كان سابقاً يرى صور أشخاص مشوّهين بقلع أحد أسنانهم أو تخديشهم وعمل ندب في أجسامهم من خلال ضغوطات تمارس عليهم من المجتمع وزملائهم. وكان يحمد الله بأن تلك العادة ليست في مجتمعه. ولكنّه إكتشف لاحقاً بأن لا أساس علمي لقرار الأهل بختان أطفالهم، وأن هذا القرار نابع من ضغوطات المجتمع والزملاء تماماً كما يتم في المجتمعات القبليّة. وهم عامّة يجهلون الضرر الذي يلحقونه بأطفالهم من خلال الختان، وأن هذا القرار يتم بناء على نصيحة أطبّاء جاهلين. ويتساءل هذا الطبيب أي حق أخلاقي أو قانوني هذا الذي يخول الأهل لنزع جزء قيّم وسليم من جسم إنسان آخر؟ فهل هناك أي قانون أو أخلاق تخول الأهل في بتر طرف أحد الأصابع أو كسر سن ليس لسبب إلاّ لأن الكل يفعلون ذلك؟ ويضيف هذا الطبيب بأن الختان هو سرقة لحق يمتلكه الطفل، وخيانة لثقة الطفل في أهله الذين عليهم الحفاظ على صحّته والدفاع عنه وحمايته. ولا يحق للأهل خيانة هذه الثقة.

ونشير هنا إلى ظاهرة فك الفرج عند المهاجرات الإفريقيّات المتحرّرات ماليّاً وغير المتزوّجات وذات المستوى الثقافي العالي والمدعومة من عائلاتها. فهذه الظاهرة تثير مشكلة ما إذا كان ضروريّاً الحصول على موافقة الأهل لإجراء مثل هذه العمليّة، خاصّة إذا كانت الفتاة قاصرة. ففي بريطانيا قامت بعض الفتيات الإفريقيّات بطلب حماية السلطات وإيكالهن لمراكز الرعاية بالقاصرين. وهذا يخلق توتّر بينها وبين عائلاتها التي ترفض فك فرجهن. ونحن نرى أنه إذا رفض الأهل إعطاء الموافقة على إجراء عمليّة جراحيّة لصالح قاصر، فليس للطبيب إجراء مثل هذه العمليّة دون موافقة المحكمة حتّى لا يتعرّض للملاحقات. وبما أن لإبقاء الفتاة مشبوكة الفرج مخاطر صحّية، فإن على المحكمة أن تسمح بمثل هذه العمليّة. فالقاضي ولي من لا ولي له أو لمن له ولي لا يتصرّف حسب مصلحة القاصر.


--------------------------------------
أطلبوا كتبي: http://www.sami-aldeeb.com/sections/view.php?id=14
حملوا كتابي عن الختان http://www.sami-aldeeb.com/articles/view.php?id=131
حملوا طبعتي العربية للقرآن بالتسلسل التاريخي http://www.sami-aldeeb.com/articles/view.php?id=315
موقعي http://www.sami-aldeeb.com
مدونتي http://www.blog.sami-aldeeb.com
عنواني [email protected]



#سامي_الذيب (هاشتاغ)       Sami_Aldeeb#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فتوى انتهاء الديانات السماوية والكتب المقدسة
- أسباب موقفي من الإسلام (نص مطول)
- أسباب موقفي من الإسلام
- اعلان لرفع القداسة عن الكتب المقدسة
- يجب قلع الإسلام من جذوره
- نعم ثم نعم القرآن من تأليف حاخام يهودي مسطول
- نعم القرآن من تأليف حاخام يهودي مسطول
- جريمة الختان 141: الموافقة المستنيرة للمريض أو وليه
- جريمة الختان 140: هل الختان عملية تجميل؟
- جريمة الختان 139: الإباحة الطبية
- جريمة الختان 138: الحق في العرض
- لماذا يجب الحفاظ على القرآن والاهتمام به؟
- جريمة الختان 137: الحق في عدم التعذيب
- جريمة الختان 136: الحق في سلامة الجسد والحياة
- جريمة الختان 135: أولوية الحقوق الفردية على الحقوق الجماعية
- جريمة الختان 134: عقدة أُوديب... وعقدة سامي الذيب
- جريمة الختان 133: الختان والحقوق الدينيّة والثقافيّة الجماعي ...
- احمر يا بطيخ: خرافات الدين
- الله يعلن استقالته
- الإسلام لا وجود له، هناك الف اسلام واسلام


المزيد.....




- رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن ...
- وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني ...
- الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
- وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله- ...
- كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ ...
- فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
- نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
- طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
- أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق


المزيد.....

- الجِنْس خَارج الزَّواج (2/2) / عبد الرحمان النوضة
- الجِنْس خَارج الزَّواج (1/2) / عبد الرحمان النوضة
- دفتر النشاط الخاص بمتلازمة داون / محمد عبد الكريم يوسف
- الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (مقدمة) مقدمة الكتاب / محمد عبد الكريم يوسف
- الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (3) ، الطريق المتواضع و إخراج ... / محمد عبد الكريم يوسف
- ثمانون عاما بلا دواءٍ أو علاج / توفيق أبو شومر
- كأس من عصير الأيام ، الجزء الثالث / محمد عبد الكريم يوسف
- كأس من عصير الأيام الجزء الثاني / محمد عبد الكريم يوسف
- ثلاث مقاربات حول الرأسمالية والصحة النفسية / سعيد العليمى
- الشجرة الارجوانيّة / بتول الفارس


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحة والسلامة الجسدية والنفسية - سامي الذيب - جريمة الختان 142: حدود سلطة الأهل على القاصرين