وصفي أحمد
الحوار المتمدن-العدد: 4105 - 2013 / 5 / 27 - 23:26
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
تابع إلى أسباب انتشار الشيوعية
كان لعامل الفراغ السياسي القائم تحت بناء السلطة , و بكلمات أخرى , فقد كانت تتحرك جماهير معادية لما فوقها , و لكنها غير ملتزمة ايجابياً , ولها حاجات غير ملبّاة و مطالب غير معلنة , وذات صفوف ناضجة للتنظيم . وكان الميدان مفتوحاً أمام الشيوعيين , بينما كان على الشيوعيين في بلدان عربية أخرى أن يتنافسوا مع خصوم أشداء , كالبعث في سوريا , و الحزب القومي السوري وحزب الكتائب في لبنان , وحزب الوفد و الإخوان في مصر , و لم يكن في العراق ما يمكن مقارنته بهذه القوى . و ربما كان باستطاعة الوطنيين الديمقراطيين , ورثة جماعة الأهالي أن يكونوا مؤهلين للتنافس لو كانت لديهم حياة حزبية أصيلة ومستمرة . وجاء البعثيون العراقيون متأخرين ولم يصبح لهم شأن إلا بعد سنة 1958 . و الذي حصل هو أن الشيوعيين وحدهم كان لهم – حتى ذلك التاريخ – الصفات الحقيقية لحزب سياسي منظم .
ولم يكن موقع التفوق هذا على غير ارتباط بالنهاية التي حلت بالقوميين العروبيين بعد انهيار حركة 1941 . وكان القوميون قبل ذلك الحدث في صعود . و الواقع أن الميدان السياسي كان حكراً عليهم في الفترة بين 1937 و 1941 . ثم وقعت سلطة الدولة بأيديهم , وتحركت مواكب الجماهير باتجاههم . و لكن طموحاتهم تجاوزت قدراتهم ودفعتهم إلى الاصطدام المباشر مع الانجليز . وفي اعقاب الاحتلال الانجليزي الثاني للبلاد , شنت عليهم حملة قمع شاملة , و سرعان ما تحطمت نواتهم الرئيسية – نادي المثنى – و أغلقت صحفهم , وبدأت مطاردة أتباعهم وطردهم من الجيش و الإدارة و المدارس , وجمع حوالي ثلثمائة منهم في معسكرات الاعتقال في الفاو والعمارة و نقرة السلمان . و لكن هذه الضربات المادية التي وجهت لا تفسر فقدانهم الكثير من نفوذهم . لقد كانت مشكلتهم الرئيسية أن لديهم صيغاً سياسية فحسب وليست لديهم آراء مفكّر بها . و كان شعارهم العروبي يضرب بالعمق على وتر حساس , لكنهم كانوا عاجزين عن تخصيبه بمحور بمحتوى اجتماعي . هذا وغيره ساعد على تغير موازين القوى لصالح الشيوعيين , وهو إنجاز لم يكن كله غير مرغوب فيه من قبل السلطة و مستشاريها البريطانيين . وفي سنة 1946 , كتب رئيس الشرطة السياسية بهجت العطية تقريراً جاء فيه : (( بعد مدة قصيرة من تحالف بريطانيا و روسيا في الحرب العالمية خُفِّفت إجراءات الشرطة المتخذة ضد الشيوعيين ....... وكان ينظر إلى الشيوعيين كنوع من الطابور السادس في الكفاح ضد الدعاية النازية )) .
#وصفي_أحمد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟