|
الثقوب السوداء: مكانس كونية تحير العلماء الى اليوم
صبري المقدسي
الحوار المتمدن-العدد: 4105 - 2013 / 5 / 27 - 17:23
المحور:
التربية والتعليم والبحث العلمي
الثقوب السوداء: مكنانس كونية تحير العلماء الى اليوم يتعرّف الانسان كل يوم على الكثير من الغوامض والأسرار الكونية التي كان من المستحيل معرفتها من دون التليسكوبات الحديثة والمتطورة جدا. والثقوب السوداء هي من الاسرار الكونية التي حيّرت العلماء لعدم امكانية رؤيتها بصورة دقيقة وواضحة لولا وجود التلسكوبات. ويعتقد الكثير من الفلكيين أن الكون يتمدد كمنطاد، ويستمر هذا التمدد منذ نشأة الكون والى اليوم. وقد تكونت النجوم والكواكب السيارة ببطء شديد. وتطلق النجوم ضوءاً وحرارة لمدى ملايين السنين، ثم يخفت ضوءها وتحتضر وتموت. وينقلب بعض تلك النجوم الى ثقوب سوداء، ولكن ليس كل نجم يموت ينقلب الى ثقب أسود، إلا إذا كانت كتلته أكبر من حد معيّن. وقد تموت بعض النجوم وتنفجر متحوّلة الى أجسام نيوترونية أو قد تنهار متحولة الى اجزاء متناثرة كما سيحدث لشمسنا بعد خمسة آلاف مليون سنة. فالثقب الاسود إذا ينشا من نجم ضخم ينهار بعد ان يستهلك وقوده النووي في باطنه فيتقلص داخليا مكوّنا حفرة ضخمة بجاذبية قوية. وهناك طرق أخرى تتشكل من خلالها الثقوب السوداء، وذلك عن طريق الانفجار أو عن طريق التوقف عن الحركة، إذ يقول العلماء بأنه لو لم تكن مجرتنا تدور، لتحولت الى ثقب أسود هائل منذ زمن بعيد، ولم ينقذنا من هذا المصير سوى حركتها المنتظمة ومداراتها المرتبة. ويعتمد العلماء على الآثار التي تحدثها الثقوب السوداء فيما حولها والتي تؤدي الى وجود هذه الثقوب، وإلا فإكتشافها ورؤيتها مستحيلة حتى في التليسكوبات المتطورة. وكانت توقعات ونظريات العالم البرت آينشتاين بخصوص الثقوب السوداء مثيرة جدا، إذ فسر كيفية نشوء الثقب الاسود بعد موت وانكماش نجم كبير، وحدوث فراغ كبير في داخله مما يؤدي الى زيادة قوته الجاذبية وقابليته على جذب كل المواد التي تمر بالقرب منه، ومن ضمنها، الفوتونات الضوئية التي تختفي فيه ولا تخرج منه. ولذلك تبدو سوداء وتسمى بالثقوب السوداء. وقد تسمى بأسماء أخرى مثل الاكياس السوداء Coal Sacks . وقد تبين أن جميع الاجرام التي يجذبها إليه الثقب الاسود من نجوم قريبة منه وغيرها، تنسحق ذراتها فور وصولها إليه، دون أن تخلف أثرا في حجمها أو شكلها. ولهذا السبب يتصوَّر الكثير من العلماء، الثقوب السوداء: على هيئة مكنسة كونية ضخمة، قويّة وذات قدرات عالية جدا بحيث لا يمكن لأي جسم أو مادة أو حتى الأشعة الإفلات منه، إذ يرتشف وبقوة هائلة الى جوفه كل الاجسام والمواد ولتختفي الى الابد. وعلى الرغم من عدم هروب أي شىء من الثقوب السوداء، إلا أن الغاز الذي تلتهمه يؤثر في إرتفاع حرارتها الى ملايين الدرجات. ومن أقرب التشابيه للثقوب السوداء، هي أنها على شكل مقابر كونية جماعية لكل الاشياء الموجودة في الكون. ويشبهها بعض العلماء بالوحوش الكونية السوداء التي تجذب الأشياء أو المادة التي تصادفها في طريقها. ولكنها من الممكن أن تكون مصدراً للحياة أيضاً. وهناك أنواع من الثقوب السوداء تسمى بالعملاقة، وهي ثقوب ذات كتلة تقدر بمئات آلالاف وبعضها بعشرات البلايين أكبر من الكتل الشمسية. فهي كبيرة بما فيه الكفاية لتحتوي على نظامنا الشمسي بكامله بل 1000 مرة مثله. ويزن كل واحد منها حوالي وزن كل النجوم في درب التبانة ويتجاوز حجم بعضها حجم كتلة الشمس لمئات المرات. ومن المعروف علميا أن قوانين الفيزياء مبنية على النظريات العلمية. وان النظريات العلمية وكما هو معروف، ليست حقائق ثابتة بل هي قابلة للدحض والبطلان. ومن الممكن إعتبار نظرية وجود الثقوب السوداء من النظريات التي لا تزال تحت الدراسات العلمية. ولكن وجود الثقوب السوداء أصبح اليوم تقريبا أقرب الى الواقع بسبب الإكتشافات العلمية الحديثة. ويثبت بعض العلماء بسقوط الأشياء في الثقوب السوداء وبلا عودة. ولكن هناك أجسام تخرج من هذه الثقوب وتسمى بالثقوب البيضاء. ومن هنا يمكن للمرء أفتراض إمكانية القفز في ثقب أسود في مكان ما، والخروج من ثقب أبيض في مكان آخر. فهذا النوع من السفر الفضائي ممكن نظريا، بحسب النظرية النسبية العامة لآينشتاين. ويشك بعض العلماء بهذه الحلول، ويعتبرونها غير مستقرة. إذ قد يفقد الثقب الاسود كتلته بإصدار الجسيمات والإشعاع حتى تصبح كتلته صفرا ويختفي كليا. وقد تمثل الثقوب السوداء خطرا كبيرا في المستقبل على المسافرين بين النجوم، إذ قد يكون بمقدور هذه الثقوب، وفي لمح البصر التهام سفينة فضائية بما فيها وسحقها وإخفاءها عن الوجود. والمشكلة الكبرى أمام رواد الفضاء هي عدم إمكانية رؤية هذه الثقوب أو الحفر. ولكن ما يعطي رواد الفضاء الامل هو المساحات الشاسعة في الفضاء، التي تجعل من إحتمال الوقوع في إحدى هذه الثقوب ضعيفا للغاية. ويؤكد العلماء أيضا بأنه من الممكن جعل الثقب الاسود سلاحا أو قنبلة هائلة للتدمير، وذلك لوجود علاقة بين الطاقة والكتلة بحسب النظرية النسبية لآينشتاين. والطاقة تساوي الكتلة مضروبة في مربع سرعة الضوء. فإذا كان هناك إمكانية تكوين الثقوب السوداء في المستقبل وذلك بإستعمال طريقة تحطيم الذرة وقذف البروتونات بالقوة الكافية التي تخلق قدرا رهيبا من الحرارة والطاقة الناتجة والكافية لتكوين العديد من الثقوب الصغيرة. وتشرح إحدى النظريات أن الثقوب السوداء تقوم بدور مضخات كونية ماصة، تعمل على تنظيف الفضاء بين النجوم في المجرة الواحدة وتنقي أجواءها من الركام والغبار الكوني. والاعتقاد الحالي بأن أكثر المجرات إن لم يكن كلها بما في ذلك درب التبانة، تحتوي على ثقوب سوداء عملاقة في مركز المجرة. ويعتقد العلماء أنه هناك ثقوبا سوداء في مراكز عدد من المجرات ومنها مجرتنا (الطريق اللبني أو درب التبانة) حيث يلتهم الثقب الأسود عدداً كبيراً من النجوم في كل عام. وقد إختلف العلماء حول ماهية هذه الثقوب حتي أن البعض يرى بأنها لا تحتل مكانا في الفراغ مطلقا، وأنها تتكون من مادة نارية مضغوطة دوارة تعادل قوة جاذبيتها قوى نجم عملاق. ويعرف الثقب الاسود بحسب قاموس دار العلم الفلكي والمنشور من قبل دار العلم للملايين للكاتب عبدالامير مؤمن بأنه: نوع غريب من الأجرام السماوية، وهو نجم أسود في السماء السوداء، لم تره عين بشر ولا حتى جهاز علمي وإنما عرفناه من خلال آثاره القوية الناتجة من جاذبيته الهائلة جدا. ومن التعاريف الاخرى للثقب الاسود ما جاء في كتاب الكون والثقوب السوداء للكاتب رؤوف وصفي المطبوع من قبل عالم المعرفة سنة 1979 : الثقب الاسود هو قبر سماوي معلق في الفضاء، يعتبر من أغرب الظواهر الفلكية في الكون كله. وكان العالم الفلكي والرياضي الفرنسي (بير لابلاس Pierre Laplace) في عام 1798 ميلادية، من أوائل الذين استدل على ذلك من خلال استخدامه لنظرية الجاذبية العامة. وصرّح (لابلاس) قائلا بان النجم المضيء الذي تساوي كثافته كثافة الارض، ويكبر قطره قطر الشمس بـ 250 مرة لا يسمح لأي شعاع ضوئي من أشعته بالوصول الينا، بسبب قوة جاذبيته، ولذلك تبقى أكثر الأجرام السماوية سطوعا في الكون غير مرئية. بعض الحقائق والتوقعات والاكتشافات عن الثقوب السوداء: • وجود الثقوب السوداء أكبر دليل على صحة نظرية النسبية وحقيقتها العلمية المقبولة لدى دارسي علوم الفيزياء الكونية. • أكتشاف أول ثقب أسود سنة 1971 م. والتأكد من وجودها وتحول الآراء بعد ذلك إلى حقائق، إذ أصبح من الممكن معرفة وجودها عبر المرقاب الفلكي الراديوي، عن طرق الآثار المدمرة التي تتركها فقط. • إكتشاف حوالي 30 ثقوب سوداء عملاقة ومخفية خارج مجرة درب التبانة في سنة 2004 والتي أعلن اكتشافها فلكيون بارزون. • إحتواء كل مجرة على ثقب عملاق في مركزها. ويعتقد الفلكيون، بأن معظم الثقوب تكون عادة في حالة خاملة لا تجذب كثيرا من المادة من حولها. • إكتشاف فريق من الفلكيين بقيادة روجر روماني Roger Romani بجامعة ستانفورد Stanford University ثقب أسود عملاق وقديم جدا، يسكن في قلب مجرة بعيدة جدا، وتبلغ كتلته حوالي 10 بليون مرة كتلة الشمس. • وجود عدد كبير من الثقوب السوداء العملاقة التي هي ثقوب ذات كتلة تقدر بين مئات آلاف وعشرات البلايين من الكتلة الشمسية. وعدد كبير من الثقوب السوداء المتوسطة الكتلة، والتي هي ثقوب ذات كتلة أكبر من الثقوب النجمية، وأقل بكثير من الثقوب السوداء العملاقة. • إكتشاف ثقب أسود متوسط الكتلة من قبل فريق من الفلكيين من جامعة آيوا في سنة 2006 . • توقع العلماء موت الشمس يوما ما بعد خمسة آلاف مليون سنة وتحولها الى عملاق أحمر ثم الى قزم أبيض وليس الى ثقب أسود. • تأثير الثقب الاسود في الزمن والمكان، إذ أن جاذبيته تعوق مرور الاشارات منه الى مصدر خارجي، كما أن مرور الوقت بالقرب من الثقب الاسود يتباطأ بشكل غريب.
#صبري_المقدسي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الاحلام: رسائل رمزية باطنية تحمل معان مستقبلية
-
الفضاء والانسان
-
مفهوم الله في الاديان والثقافات العالمية المختلفة
-
قصص الخلق في الديانات والثقافات المختلفة
-
حقائق كونية فلكية
-
الجاذبية الثقالية: سبب الوجود والاستقرار في الكون العملاق
-
شجرة الحياة: رموزها ومعانيها ودلالاتها اللاهوتية
-
المجرات: جزر كونية في الفضاء العملاق
-
كيف ولدت التقاويم
-
البهائية: المنشأ والجذور والعقائد الروحية
-
الطاوية: المنشأ والجذور والعقائد الروحية
-
الديانة السيخية: المنشأ والجذور والعقائد الروحية
-
الجاينية: المنشأ والجذور والعقائد الروحية
-
الكونفوشيوسية: المنشأ والجذور والعقائد الروحية
-
الشنتوية: المنشأ والجذور والعقائد الروحية
-
البوذية: المنشأ والجذور والعقائد الروحة
-
الإسلام: المنشأ والجذور والعقائد الروحية (ج 2)
-
الإسلام: المنشأ والجذور والعقائد الروحية (الجزء الثاني)
-
الإسلام:المنشأ والجذور والعقائد الروحية(الجزء الاول)
-
المسيحية: المنشأ والجذور والعقائد الروحية(الجزء الثالث)
المزيد.....
-
الوكالة الدولية للطاقة الذرية تعتمد قرارا ينتقد إيران لتقليص
...
-
ZTE تعلن عن أفضل هواتفها الذكية
-
مشاهد لاستسلام جماعي للقوات الأوكرانية في مقاطعة كورسك
-
إيران متهمة بنشاط نووي سري
-
ماذا عن الإعلان الصاخب -ترامب سيزوّد أوكرانيا بأسلحة نووية-؟
...
-
هل ترامب مستعد لهز سوق النفط العالمية؟
-
عاجل | مراسل الجزيرة: 17 شهيدا في قصف إسرائيلي متواصل على قط
...
-
روبرت كينيدي في تصريحات سابقة: ترامب يشبه هتلر لكن بدون خطة.
...
-
مجلس محافظي وكالة الطاقة الذرية يصدر قرارا ضد إيران
-
مشروع قرار في مجلس الشيوخ الأمريكي لتعليق مبيعات الأسلحة للإ
...
المزيد.....
-
اللغة والطبقة والانتماء الاجتماعي: رؤية نقديَّة في طروحات با
...
/ علي أسعد وطفة
-
خطوات البحث العلمى
/ د/ سامح سعيد عبد العزيز
-
إصلاح وتطوير وزارة التربية خطوة للارتقاء بمستوى التعليم في ا
...
/ سوسن شاكر مجيد
-
بصدد مسألة مراحل النمو الذهني للطفل
/ مالك ابوعليا
-
التوثيق فى البحث العلمى
/ د/ سامح سعيد عبد العزيز
-
الصعوبات النمطية التعليمية في استيعاب المواد التاريخية والمو
...
/ مالك ابوعليا
-
وسائل دراسة وتشكيل العلاقات الشخصية بين الطلاب
/ مالك ابوعليا
-
مفهوم النشاط التعليمي لأطفال المدارس
/ مالك ابوعليا
-
خصائص المنهجية التقليدية في تشكيل مفهوم الطفل حول العدد
/ مالك ابوعليا
-
مدخل إلى الديدكتيك
/ محمد الفهري
المزيد.....
|