|
العولمة وأثارها الاقتصادية و الاجتماعية في الدول النامية
حسن عطا الرضيع
باحث في الشأن الاقتصادي وكاتب محتوى نقدي ساخر
(Hasan Atta Al Radee)
الحوار المتمدن-العدد: 4104 - 2013 / 5 / 26 - 02:21
المحور:
الادارة و الاقتصاد
مع التطور السريع التى شهده الاقتصاد العالمي وخصوصا في العقدين السابقين والذي شهد ميلاد نظام جديد يتسم بخصخصة جميع الشركات المالية ورفع الحواجز الجمركية وتحرير التجارة الداخلية والخارجية وإلغاء الدعم للأفراد والمؤسسات والدول وتحرير نظام المعاشات والتأمينات الاجتماعية والصحية , ظهرت العولمة كمرحلة متطورة ومتقدمة للنظام الاقتصادي الرأسمالي وكانت نتيجة للمراحل التي مرت بها البشرية كالتطور الكبير في ثورة المعلومات والاتصالات والتطور الصناعي لبعض الاقتصاديات الناشئة والصاعدة والمتقدمة على حد السواء وظهور الشركات القومية العابرة للقارات والتي تغلغلت في البلدان النامية واستطاعت وخلال السنوات الماضية من نهب وسرقة مقدرات الشعوب وامتصاص دماء الفقراء ومحدودي الدخل من خلال توسعها في اقتصادياتها حيث بلغت وتعاظمت كثير على حساب البلاد النامية حيث بلغت اجمالي ايرادات اكبر 500 شركة في العالم حوالي 45% من الناتج المحلي الاجمالي واستحوذت على 40% من حجم الصادرات الدولية و80% من مبيعات العالم تتم من خلالها وكذلك انتاج 600 شركة منها يتراوح انتاجها 25% من القيمة المضافة المولدة من انتاج السلع عالميا , والاندماج المتزايد والتوسع الكبير في الاستثمارات الاجنبية وتدفق رؤوس الأموال الأجنبية وظهور للمشتقات المالية . وكان للعولمة الاقتصادية وخصوصا المالية منها أثارا اقتصادية مدمرة على اقتصاديات الدول النامية كالتقلبات الفجائية لرأس المال حيث تعاظم انسياب هذه الأموال وبشكل كبير وتعرض البنوك للازمات وسيادة أجواء المضاربات وما يتولد عنها من هروب لرؤوس الاموال الوطنية للخارج وغسيل الأموال والتي شكل نسبة كبيرة على مستوى العالم واقتربت من 4 تريليون دولار عام 2012 وهي الاموال القذرة التي تتولد من مصادر غير شرعية, وحدوث الازمات المالية ومشكلة السيادة الوطنية في مجال السياسية الاقتصادية والنقدية وعملية الخداع المستمرة التي تتعرض لها بتوفير رؤوس الاموال لها. حيث تتميز الدول النامية بسمات عديدة كضالة حجم السوق وضعف السيولة والتقلبات الشديدة بالأسعار وغيرها. وتلك الأثار الاقتصادية يصاحبها العديد من الاثار الاجتماعية يمكن ايجازها كالتالي : • اتساع تفاوت الدخول وتزايد الثروة بين الدول وبين السكان في داخل الدولة الواحدة افقار الفقراء واثراء الأغنياء وهو ماحذر منه الكاتبان المعروفان هانس مارتن وهير الدشومان في كتابهما المعنون فخ العولمة ذلك ان المكاسب المتوقعة من تعميق العولمة لايتم تقاسمها بالتساوي بين الأمم والشعوب. • العولمة أدت إلى ازدياد حدة الفقر على المستوى العالمي وكأن هدفها عولمة الفقر وإلى ازدياد الآثار السلبية للفقر من قلة تغذية وأمراض وعدم القدرة على تطوير القدرات البشرية وتدني قدرات الموارد البشرية وصعوبة تأهيلها وتدريبها وهذا يتضح من خلال الزيادة المستمرة لمعدلات الفقر وفشل المنظمات الدولية في خططها لكبح الفقر حيث اغلبية سكان المعمورة يعيشون تحت خط الفقر والفقر المدقع حيث بلغ عدد الفقراء تحت خط الفقرالمدقع سنة 2008 بقرابة 1.3مليار نسمة في مقابل فئة قليلة تسطر على اغلبية الناتج والدخل العالمي . • عولمة الفقر وهو ان يصبح الفقر عاما في العالم • وبسبب التطور الحادث في العلاقات الانسانية والناجم عن ظاهرة العولمة والانفتاح الاقتصادي والتحرر المالي والاقتصادي والتجاري زادت معدلات الفقر على مستوى العالم وأصبح الفقرظاهرة عالمية ومن ابرز الظواهر الكونية كالتلوث وغيرها ويطلق بعض الاقتصاديين مصطلح عصر الفقر العالمي مع ظهور المجاعات والفقر وسوء التغذية على نطاق واسع حيث يعم الدول المتقدمة والنامية على حد السواء ويشكل نسبة كبيرة تزيد عن 20% من اجمالي السكان البالغ عددهم 7 مليار نسمة ويعيش منهم1.3 مليار نسمة تحت خط الفقر . • ومن بين أبرز الأسباب لانتشار ظاهرة الفقر العالمي هي تفشي ظاهرة البطالة التي ضربت الكثير من الاقتصاديات والمجتمعات وخصوصا مع اندلاع الازمات الاقتصادية حيث ارتفعت معدلات البطالة في المراكز الرأسمالية المتقدمة وشكلت ارقام قياسية فاقت ال 25% في دول كاليونان واسبانيا وبعض دول الاتحاد الاوروبي وعلى الرغم من ان الاقتصاديين الرأسماليين قد اعتبر سابقا في افتراضاتهم ان نسبة بطالة في الاقتصاد تقدر ب 5% هي نسبة طبيعية ولكن ارتفاعها فوق هذا المعدل فيعني انها ازمة حقيقية وهيكلية تمس اسس وأسلوب الانتاج الرأسمالي ،ذلك إلى التقدم التكنولوجي والعلمي الذي أدى إلى التوفير في الكثير من عناصر الإنتاج، ومن بينها الحاجة إلى العمل البشري والأيدي العاملة، حيث باتت الآلة قادرة على أن تقوم بالكثير من المهام التي كان يقوم بها الإنسان. • العمالة الرخيصة وجه آخر من أوجه أزمة الإفقار العالمية هذه، حيث إن العمالة الرخيصة في الدول الكثيفة السكان، مثل الصين وبنغلاديش ، التي يحصل عمالها على رواتب وأجور أقل من غيرهم، دفعت الشركات متعددة الجنسيات الأوروبية والأميركية إلى توجيه استثماراتها وصناعاتها إليها، وهو ما ترتب عليه تفافم مشكلة البطالة والفقر، في ظل تراجع مستوى الاستثمارات في الكثير من الدول الأخرى. بعض النتائج المتعلقة بالاثار الاقتصادية والاجتماعية لظاهرة العولمة : • عكست الأزمة المالية العالمية أثارها على الدول العربية وخاصة بلدان الخليج رغم عدم تطور أسواق هذه الدول, ويعود السبب في ذلك إلى هيمنة الأسواق المالية الأمريكية والأوروبية على نشاطات أسواق مال هذه البلدان, وعدم استثمار الأموال الفائضة لديها في تنمية اقتصادياتها الوطنية حيث خسرت مثلا دول الخليج لوحدها بالازمة المالية العالمية قرابة 2.5 تريليون دولار وخسرت الصناديق السيادية 400 مليار دولار. • اتجه العالم بعد الأزمة المالية العالمية عام (2008) نحو تشكيل أقطاب وتكتلات اقتصادية جديدة مثل مجموعة البريكس، والتي تضم خمس دول وهي الصين وروسيا والبرازيل والهند وجنوب أفريقيا. والتي تشكل نحو (40%) من إجمالي سكان العالم، وتشكل الصين والهند وروسيا من الدول العشرة اقتصاديا بالعالم من حيث إجمالي الناتج المحلي مع إمكانية اندلاع الحرب الباردة بعد عقدين من الهيمنة الاقتصادية والسياسية الأمريكية على العالم، والتي كانت سبباً في عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي. • تسببت العولمة المالية في زيادة الفقر بالعالم وتعميقها حتى اصبح الفقر عاما بسبب تنامي الشركات المتعددة الجنسيات . • إنشاء مجموعة البريكس الاقتصادية ستؤدي إلى تراجع دور الاقتصاد الأمريكي مستقبلاً، وإلى تراجع التعامل بالدولار، وإحلال عملة اليوان الصينية كعملة عالمية بديلة عن الدولار، بسبب عدم استقرار صرف الدولار. • هناك اتساع كبير في الفجوات التكنولوجية والاقتصادية بين الدول المتقدمة والنامية على حد السواء. • لم تحقق الدول النامية أي تحسن ملحوظ من التحرر المالي والتجاري حيث تذهب النسبة الاكبر من الاستثمارات الاجنبية الى البلدان المتقدمة . • ادت عمليات تحرير الخدمات المالية وإلغاء الحظر على المعاملات المالية الى تعرض الاجهزة المصرفية للازمات المالية والمضاربات وتدفق الاموال السوداء وغسيل الاموال وهروب رؤوس الاموال المحلية . • التحرر المالي وانتشار العولمة أثبت ان الدول النامية ومنها العربية تعاني من وضع غير متكافئ لها مع الدول المتقدمة وهذا يؤكد على الاختلال الهيكلي في بنيان الاقتصاد . • أبرزت الازمة المالية العالمية والناتجة عن التوسع في الاقتصاد غير المنتج ان الازمات الراهنة مرتبطة باسلوب الانتاج الراسمالي حيث ما زال يعاني من ازمات تحدث كل عدة سنوات. • ارتفاع معدلات البطالة بمعدلات تزيد عن 5% وزيادة عدد الفقراء بمقدار 150 مليون بعد الازمة يؤكد ضعف النظام الموجود وعدم قدرته على حل المشكلات القائمة . • إن ظاهرة العولمة قد حدثت في فترات سابقة، ولكنها في الوقت الحالي فإنها تتميز بقوة انتشارها ومجال تأثيرها. إن تفرد الولايات المتحدة الأمريكية على المستوى العالمي وتسخيرها القوة من أجل فرض سياساتها المختلفة جعل البعض يطلقون على ظاهرة العولمة اسم الأمركة . • للعولمة أدوات عديدة أسهمت وتسهم في انتشارها كصندوق النقد الدولي والبنك الدولي ومنظمة التجارة العالمية والشركات المتعددة الجنسية كذلك ساعدت ثورة الاتصالات والمعلوماتية على انتشار هذه الظاهرة في الوقت الحالي . • للعولمة مجالات مختلفة تعمل قوى العولمة من أجل التأثير عليها ويبقى أهم هذه المجالات المجال الاقتصادي بالإضافة إلى المجال المالي والسياسي والثقافي . • إن ظاهرة العولمة أدت إلى تزايد حجم ظاهرة الفقر على المستوى العالمي ككل وحتى الدول التي ترعى هذه الظاهرة قد ازدادت بها هذه الظاهرة . • أدت العولمة إلى ازدياد حجم البطالة في كل دول العالم بما فيها البلدان الراعية لهذه الظاهرة، وذلك باعتمادها على تقليص تدخل الدولة في الحياة الاقتصادية عن طريق عملية الخصخصة . • ساهمت العولمة وساعدت على انتشار الفساد المنظم والجريمة وتجارة المخدرات والأسلحة . • أدت العولمة إلى انهيار الكثير من الاقتصاديات في دول العالم عن طريق المضاربات المالية • تعمل العولمة على تهميش الهوية الوطنية والثقافية كتمهيد من أجل تحقيق الأهداف الاقتصادية . • للعولمة تأثيرات كبيرة على الموارد البشرية عن طريق التأثير على تنشئة وتنمية هذه الموارد من خلال تقليص الإنفاق على الخدمات العامة كالصحة والتعليم، وكذلك من خلال تخفيض الأجور، بالإضافة إلى إضعاف النقابات العمالية المدافعة عن حقوق هذه الموارد، كذلك تؤدي العولمة إلى ضرورة الاهتمام بتأهيل الموارد البشرية بما يتناسب مع ثورة المعرفة والاتصالات بحيث تصبح أغلب المهارات والمعارف التي تمتلكها الموارد البشرية لا تتناسب مع متطلبات العولمة .
التوصيات: • يستحسن للدول العربية إعطاء قطاع التنمية الاقتصادية مزيداً من الاهتمام من خلال إقامة المشاريع التنموية التي تستطيع من خلالها مضاعفة الإنتاج والدخل وخفض معدلات البطالة. • يتوجب على الدول العربية ذات الفوائض المالية إلى ضرورة توجيه تلك الفوائض لاستثمارها في بلدانها بدلاً من توجيها نحو الأسواق المالية الغربية، وذلك لتفادي الأزمات المالية والاقتصادية المستوردة من الدول المتقدمة. • يستحسن للدول العربية للخروج من أزماتها الاقتصادية المستعصية إتخاد بعض الاجراءات في الإطار العربي لمواجهة الاقتصاد العالمي الجديد عن طريق تعزيز الدور التنموي للدول العربية واحترام حقوق الإنسان وإطلاق الحريات الديمقراطية والتأكيد على زيادة الإنتاج والإنتاجية وتحقيق عدالة التوزيع وإعادة توزيع الثروة لتحقيق العدالة الاجتماعية والحد من نفوذ رأس المال الأجنبي ووضع معايير وضوابط لحركة رأس المال المحلي بما يخدم عملية التنمية وضرورة تطوير وتعميق التكامل والتعاون الاقتصادي العربي وتفعيل الاتفاقيات العربية في المجال الاقتصادي. • يتوجب على الدول التعاون فيما بينها على الصعيد الاقليمي والدولي بما يساعد عملية التنمية الاقتصادية واستغلال كافة الموارد المتاحة. • ضرورة اصلاح صندوق النقد الدولي واصلاح نظام التجارة العالمي ومنظمة التجارة الخارجية بما يساعد على سيادة نظام اكثر عدالة واكثر سوية بين دول الشمال المتقدم ودول الجنوب النامي . • تشديد ومراقبة تحرك رؤوس الاموال بين الدول ومنع هروب الاموال المحلية واستثمارها في قطاعات الانتاج الحقيقية. • ضرورة الاهتمام بمجالات البحث العلمي والتطوير ونقل المعارف بين الدول وتعزيز مبدأ المعرفة ملك للبشرية
#حسن_عطا_الرضيع (هاشتاغ)
Hasan_Atta_Al_Radee#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
رفع ضريبة القيمة المضافة تكريسا للتبعية الاقتصادية في الاراض
...
-
سكان العشوائيات بقطاع غزة ما بين لهيب الاسعار والفقر والمطال
...
-
علمني الصيد ولا تعطيني كل يوم سمكه
-
في عيد العمال العالمي : 25 مليون عاطل عن العمل في الدول العر
...
-
واقع البحث العلمي في العالم العربي
-
ارتفاع الضرائب غير المباشرة سياسة لتعويم الفقر في الأراضي ال
...
المزيد.....
-
أسعار النفط عند أعلى مستوى في نحو 10 أيام
-
قطر تطلق مشروعا سياحيا بـ3 مليارات دولار
-
السودان يعقد أول مؤتمر اقتصادي لزيادة الإيرادات في زمن الحرب
...
-
نائبة رئيس وزراء بلجيكا تدعو الاتحاد الأوروبي إلى فرض عقوبات
...
-
اقتصادي: التعداد سيؤدي لزيادة حصة بعض المحافظات من تنمية الأ
...
-
تركيا تضخ ملايين إضافية في الاقتصاد المصري
-
للمرة الثانية في يوم واحد.. -البيتكوين- تواصل صعودها وتسجل م
...
-
مصر تخسر 70% من إيرادات قناة السويس بسبب توترات البحر الأحمر
...
-
البنك الأوروبي: التوترات التجارية تهدد الاستقرار المالي لمنط
...
-
مصر.. الكشف عن خطط لمشروع ضخم لإنتاج الطاقة الهجينة
المزيد.....
-
الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي
...
/ مجدى عبد الهادى
-
الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق
/ مجدى عبد الهادى
-
الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت
...
/ مجدى عبد الهادى
-
ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري
/ مجدى عبد الهادى
-
تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر
...
/ محمد امين حسن عثمان
-
إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية
...
/ مجدى عبد الهادى
-
التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي
/ مجدى عبد الهادى
-
نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م
...
/ مجدى عبد الهادى
-
دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في
...
/ سمية سعيد صديق جبارة
-
الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا
/ مجدى عبد الهادى
المزيد.....
|