الامبريالية هي الراسمالية في اعلى مراحلها۷-;-

حسقيل قوجمان

الحوار المتمدن-العدد: 4103 - 2013 / 5 / 25 - 11:45
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

الامبريالية هي الراسمالية في اعلى مراحلها۷-;-
يختلف الامر حين اجد بين التعليقات تعليقا يمس موضوع المقال سلبا او ايجابا يتضمن موضوعا جديدا يتطلب الجواب او المناقشة. ففي مثل هذه التعليقات ارى من واجبي ان اناقش او ارد او اجيب على التعليق حسب محتوى التعليق. لذا احتفظ بالتعليق في سبيل مناقشته. وعلى سبيل المثال اناقش هذا التعليق الذي احتفظت به لهذا الغرض. فقد احتفظت بالتعليق التالي منذ الحلقة الثانية لهذه السلسلة لكي اجيب عليه. سأل القارئ السؤال التالي وارى من واجبي ان اجيب عليه:
"هل يمكن اعتبار العولمة مرحلة عليا من الامبريالية ام مرحلة ما بعد الامبريالية لكن ضمن النظام الراسمالي ؟"
واضح من عنوان سلسلة المقالات " الامبريالية هي اعلى مراحل الراسمالية" ان الجواب هو لا. فلو كان بالامكان اعتبار العولمة مرحلة اعلى من المرحلة الامبريالية لاصبح عنوان المقالات ومحتواها كله لا صحة له. فكل الموضوع هو كون الامبريالية هي المرحلة العليا ولذلك فاذا كان لهذه المقالات اي مقدار من الصحة فلا يمكن وجود مرحلة اعلى من المرحلة الامبريالية. هذا الجواب هو الجواب المنطقي على السؤال. الا ان هذا لا يكفي جوابا على السؤال لان المعلق يحتاج الى معرفة لماذا لا يمكن اعتبار العولمة مرحلة اعلى من المرحلة الامبريالية او مرحلة ما بعد الامبريالية.
ان تقسيم المجتمع الراسمالي الى مراحل متعلق بالعلاقة الذاتية بين الفئات الراسمالية كطبقة. راينا ان المرحلة الاولى كانت تعني سيادة الفئة التجارية واختفاء الفئتين الصناعية والمالية. فالفئة الصناعية لم تكن موجودة لعدم وجود صناعة متطورة بل كل ما كان موجودا هو صناعات حرفية بشكل اصناف معادية لتطور الصناعة بمفهومها الراسمالي الحقيقي. وكانت الفئة المالية مقصورة على راسمال الربى وربما بدايات تاسيس المصارف.
وراينا ان الثورة الصناعية جعلت الفئة الصناعية سيدة الموقف واصبحت الفئة التجارية والفئة المالية خاضعتين او ملحقتين بالفئة الصناعية وترتبط مصالحهما بتلبية وتنفيذ مصالح المرتبة الصناعية. وفي المرحلة الامبريالية اصبحت الفئة المالية سيدة الموقف واصبحت الراسمالية التجارية والراسمالية الصناعية خاضعتين او ملحقتين بالفئة المالية وترتبط مصالحهما بتلببية مصالح الفئة المالية وتنفيذها. في كل المراحل الثلاث تبقى الطبقة الراسمالية بكامل فئاتها طبقة موحدة ترتبط مصالح كل فئاتها بعضها ببعض وتكمل مصالح كل فئة مصالح الفئتين الاخريين. ولكن اسلوب الانتاج وامتلاك الانتاج وسياسة توزيع الانتاج تجري في كل مرحلة وفقا لمصالح الفئة المسيطرة ومصالح الفئتين الاخريين تعتمد على مصلحة الفئة المسيطرة. وقد جاء اسم المرحلة وفقا للفئة المسيطرة فيها فكانت مرحلة المانيفكتورا اسم المرحلة التجارية واسم الثورة الصناعية اسم المرحلة الصناعية واسم الامبريالية اسم المرحلة المالية. وان تقسيم النظام الراسمالي الى مراحل يتحدد بنوع العلاقة الذاتية بين الفئات الراسمالية الثلاث.
لكل مرحلة من المراحل الثلاث اسلوبها في تحقيق مصالحها اي كيفية امتلاك الانتاج وكيفية تصريفه للحصول على الهدف الوحيد منه وهو الربح. فكان هذا يتحقق في المرحلة التجارية وفقا لشعار برجوازية المانيفكتورا الذي عبر عنه شعار الثورة الفرنسية دعه يعمل دعه يمر.
في المرحلة الصناعية ساد تنافس الدول الصناعية على احتلال الاسواق العالمية واستعمار البلاد لجعلها اسواقا محتكرة لانتاجها الصناعي وتحطيم الصناعات الحرفية فيها. وانتشرت مهنة سرقة ونهب ثروات هذه البلاد المستعمرة واعظم مثال على ذلك استعمار بريطانيا للهند. واصبحت القرصنة في هذه الفترة مهنة محترمة تجعل قادتها ابطالا وطنيين يستقبلهم الملوك ويمنحونهم الاوسمة والقاب الشرف. واصبحت تجارة الرقيق من شعوب افريقيا مهنة تدر الارباح الطائلة لهذه الدول. وسادت في هذه الفترة سياسة ابادة شعوب البلدان المستعمرة وتدمير حضاراتها كاوستراليا ونيو زيلندة والامريكتين. كل هذه السياسات استلزمتها المرحلة الصناعية ولكن لا يمكن اعتبار اي من هذه السياسات مرحلة بحد ذاتها. انها سياسات لتحقيق اهداف المرحلة الصناعية وليست كل منها مرحلة اخرى تختلف عن المرحلة الصناعية.
وحين ارتفع دور الراسمالية المالية بحيث اصبحت هي الفئة المسيطرة على الفئتين التجارية والصناعية نشأت اساليبها الخاصة لتحقيق مصالحها. وهذه المصالح على اختلافها هي السياسات المتميزة اللازمة لتحقيق المصالح الراسمالية في هذه الفترة وهي سياسات المرحلة الامبريالية المتميزة عن سياسات المرحلة الصناعية.
سياسة تصدير رؤوس الاموال وسياسة اغتصاب المستعمرات ومناطق النفوذ بعد ان تم اقتسام واستعمار العالم ونشوء حتمية الحروب العالمية من اجل اعادة اقتسام العالم المستعمر ونشوء امكانية تحقيق الاشتراكية في قطر واحد وغير ذلك مما شرحه لينين شرحا عبقريا في كتاب الامبريالية اعلى مراحل الراسمالية. فلينين اطلق على المرحلة الامبريالية اعلى مراحل الراسمالية لعدم امكان ظهور مرحلة اخرى غيرها ما دامت الراسمالية بكل مراحلها قائمة في العالم.
نعيش اليوم في فترة نتحدث فيها عن العولمة. العولمة هي احدى سياسات المرحلة الامبريالية وليست مرحلة بحد ذاتها. فليست العولمة مرحلة اعلى من المرحلة الامبريالية ولا مرحلة ما بعد الراسمالية او ما بعد الامبريالية.
وللعولمة تاريخها وكيفية نشوئها كسياسة امبريالية حتمها تطور الظروف العالمية في فترة المرحلة الامبريالية.
لم تنشأ العولمة بصورة مفاجئة وانما نتجت تدريجيا وفقا لتطور الظروف العالمية الى ان بلغت ذروتها في ظروفنا الحالية واصبحت سياسة عالمية. فنشوء العولمة كان عملية طويلة رغم عدم اطلاق اسم العولمة عليها الا منذ زمن قصير.
بدأ نشوء العولمة في الحقيقة في الحرب العالمية الثانية رغم عدم ظهور اسم العولمة انذاك. خلال الحرب العالمية الثانية كانت الولايات المتحدة رسميا الى جانب الجبهة التي كانت تحارب دول المحور الفاشية. ولكنها اقتصاديا كانت تنتج الاسلحة والمعدات وغيرها لجميع الاطراف المتحاربة. قبل الحرب كانت للشركات الاميركية فروع في بلدان المحور وفي بلدان اوروبا التي احتلتها دول المحور. وقد واصلت هذه الفروع في هذه البلدان انتاجها، اي انتاج الاسلحة والمعدات لدول المحور لكي تستخدمها في الحرب ضد ما يسمى الدول الديمقراطية. وهكذا اصبحت الولايات المتحدة منتجة الاسلحة والمعدات وغيرها لكل البلدان المتحاربة بما في ذلك الاتحاد السوفييتي.
كانت الولايات المتحدة سياسيا الى جانب الجبهة الديمقراطية ان صح التعبير ولكنها لم تشترك عمليا في الحرب الا بعد هجوم برل هاربر. الا ان دخولها الحرب لم يمس الولايات المتحدة ذاتها اذ لم تطلق خلال الحرب طلقة واحدة على الولايات المتحدة. فازدهرت الصناعة الاميركية تلبية للطلب الهائل الذي تطلبته الحرب فاصبحت الولايات المتحدة تنتج وتلبي كل الطلب الهائل لتوفير السلاح والمعدات وحتى السلع الاخرى. وتراكمت القروض على الدول المشترية للسلاح طوال الحرب.
وبعد الحرب نشأت الحاجة الى اعادة اعمار ما دمرته الحرب واعادة انشاء الصناعات التي دمرتها الحرب فكان ذلك توسيعا للانتاج الاميركي وزيادة ديون الدول المتلقية للمساعدات الاميركية. ونشا مشروع مارشال لاعمار اوروبا الغربية سواء الدول المنتصرة في الحرب او الدول المندحرة فيها. وقد اضطرت الدول الحليفة على ان تتنازل عن جزء كبير من مستعمراتها ومناطق نفوذها تسديدا لديونها للولايات المتحدة. وقامت الولايات المتحدة بانشاء قواعد عسكرية في جميع هذه البلدان ما زالت قائمة حتى اليوم سواء في الدول الحليفة ام في الدول المندحرة تمارس سيطرة على اقتصاد وسياسات هذه البلدان. ونشاهد ذلك واضحا في جميع هذه البلدان.
منذ اواخر الحرب العالمية الثانية نشات حرب اخرى على نطاق عالمي عند القاء القنبلة الذرية على هيروشيما وناكازاكي سميت الحرب الباردة. كانت الحرب الباردة في الواقع حربا ضد الاتحاد السوفييتي والمعسكر الاشتراكي. ولكنها كانت في الوقت ذاته حربا من اجل توسيع مستعمرات ومناطق نفوذ الولايات المتحدة بالاستيلاء عليها سلميا او حربيا على حساب مستعمرات ومناطق نفوذ الحلفاء. وبعد انهيار الاتحاد السوفييتي والمعسكر الاشتراكي اصبحت الحرب الباردة تهدف الى الاستيلاء على دول المعسكر الاشتراكي ودول الاتحاد السوفييتي السابقة والاحاطة من كل الجهات بروسيا الاتحادية.
ويوم الهجوم على برجي نيويورك اعلنت الولايات المتحدة حربا عالمية حارة اطلقت عليها اسم الحرب العالمية ضد الارهاب فشنت حربيها المدمرتين على افغانستان والعراق وما زالت الحرب مستمرة في ارجاء العالم وهدفها الاساسي هو استكمال سيطرة الولايات المتحدة على العالم كله اقتصاديا وسياسيا وعسكريا. واليوم توجد فيما لا يقل عن ١-;-٤-;-٠-;- بلدا في العالم قواعد عسكرية وما يصاحبها من الاستيلاء الاقتصادي والسياسي بحجة مكافحة الارهاب.
وظهر مفهوم العولمة على اساس ان العالم اصبح قرية صغيرة نتيجة التطورات العالمية في المواصلات والتكنولوجيا والارتباطات الاقتصادية وغيرها. ان المفهوم الحقيقي للعولمة يعني استكمال القطب الواحد لاستيلائه على العالم، اي عولمة الامبريالية الاميركية. وهذا هو الهدف الذي كان هدف هتلر الذي لم يستطع تحقيقه وحققت الولايات المتحدة منه الى الان اكثر مما استطاع هتلر تحقيقه قبل انهياره.
تجري عملية عولمة الامبريالية الاميركية على حساب حليفاتها الامبريالية اذ لا تستطيع الولايات المتحدة اكمال عولمتها الا عن طريق الاستيلاء على مصالح حليفاتها الامبريالية في العالم كله بما في ذلك اقتصاد هؤلاء الحلفاء في بلدانهم. وهذه العملية تجابه مقاومة هؤلاء الحلفاء مقاومة متصاعدة لا يستبعد ان تؤدي احدى نتائجها الى تحول الحرب العالمية على الارهاب الى حرب تقليدية بين الولايات المتحدة وبعض هؤلاء الحلفاء او الاعداء الامبرياليين.
احدى اهم مظاهر العولمة سياسة الخصخصة. بداتها ثاتشر في بريطانيا بصورة واسعة حيث اجرت خصخصة العديد من مشاريع راسمالية الدولة التي كانت في حوزة الدولة البريطانية الى مشاريع خاصة مثل صناعة الحديد وحتى المواصلات والبريد تحت شعار القضاء على الاشتراكية. والخصخصة تعني تحويل مشاريع راسمالية الدولة الى مشاريع خاصة تستطيع الولايات المتحدة تحويلها كليا او جزئيا الى ملكية الشركات الامبريالية الاميركية.
واليوم تضطر الامبريالية الاميركية كل مستعمراتها والبلدان التابعة لها على خصخصة مشاريعها التي ما زالت ملكية الدولة لكي تستولي عليها.
الخلاصة هي ان العولمة هي سياسة امبريالية القطب الواحد، الولايات المتحدة التي ما زالت في اعلى مراحلها، وليست مرحلة راسمالية اعلى من المرحلة الامبريالية او مرحلة ما بعد الامبريالية.
وما زال هدف الطبقة العاملة العالمية اليوم في عالم العولمة والقرية الصغيرة كما كان في ايام كارل ماركس، ايام الماركسية التي يسميها يعقوب الماركسية المحنطة لان عمرها اصبح مائة وخمسين عاما، هدف الاطاحة بالنظام الراسمالي واقامة العالم الاشتراكي، هدف تحويل ملكية ادوات الانتاج والانتاج الخاصة الى ملكية اجتماعية لكي تصبح علاقات الانتاج الاشتراكية ثم الشيوعية ملائمة ومفيدة ومساعدة لتطور قوى انتاج الانسان الجماعي واستمرار تطور البشرية ودرء الكرة الارضية والحياة على الكرة الارضية من خطر الفناء الذي تتعرض له اليوم في عالم الامبريالية التي اصبحت منذ زمن بعيد عدوا لدودا وخطرا ماحقا للحياة على الكرة الارضية. ويزهرنا علماء العالم اليوم في جميع المجالات العلمية من خطر تعرض الحياة على الكرة الارضية الى الفناء اذا لم يتحول العالم الى العمل على درء هذه الاخطار المحيقة بالكرة الارضية نتيجة توسع تسميم البيئة على الكرة الارضية.
وما زال واجب الطبقة العاملة العالمية توحيد الكادحين من اجل تحقيق الهدف الذي يؤدي عدم تحقيقه الى فناء الحياة على الكرة الارضية بموجب قانون فناء الضدين الذي يحبه يعقوب، وهذا هو الشعار الذي تناضل الطبقة العاملة وحلفاؤها الكادحون في العالم كله سواء اشاهد ذلك امثال يعقوب او لم يشاهدوه ونو نفس الشعار الذي رفعه ماركس وناضل في توعية الطبقة العالمية العالمية وتنظيمها من اجل تحقيقه.

#حسقيل_قوجمان (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات