|
أكراد العراق ربحوا أم خسروا ؟
علاء الدين الجنكو
الحوار المتمدن-العدد: 1178 - 2005 / 4 / 25 - 05:02
المحور:
القضية الكردية
أكراد العراق جزء من الشعب الكردي الذي تم تقسيم أرضه إثر اتفاقية سايكس بيكو عام / 1917 / إلى خمسة أجزاء في كل من تركيا وإيران وسوريا والعراق والاتحاد السوفيتي سابقاً . شارك الأكراد في الأجزاء التي وجدوا فيها مع أبنائها تاريخا الطويل ، وأكراد العراق لم يكونوا بعيدين عن وطنهم العراق في أية فترة من فترات نضالها ، لكن الحكومات العراقية المتعاقبة والتي تعاملت مع الأكراد سياسة النار والحديد ومقاومة الأكراد لتلك المعاملة جعلت قضيتهم تطفو على الساحة الدولية أكثر من غيرها من الأجزاء الأخرى من أرض الأكراد ، وليس المقام هنا لذكر تاريخ ذلك الصراع الطويل .
فالأكراد انفصلوا عن بغداد عملياً في عام / 1992 / بعد أن أصبحت كردستان العراق منطقة آمنة ، محظورة الطيران ، وحكم الحزبين الكرديين المنطقة بحكومتين ، الأولى حكومة الاتحاد الوطني الكردستاني في السليمانية ، والثانية حكومة الحزب الديمقراطي الكردستاني في أربيل ، وبالمقارنة في تلك الفترة مع باقي مناطق العراق كانت كردستان في حالة اقتصادية جيدة ، والتنمية في تطور لا بأس به .
فعلى الصعيد الداخلي حصل الأكراد في تلك الفترة على مكاسب لم تمنح لهم عبر تاريخ العراق المعاصر ، وكان لافتاً للنظر الهامش الديمقراطي الذي حظيت به الكثير من الكيانات السياسية في المنطقة وبالأخص التنظيمات الإسلامية ، والتي شاركت بعضها في حكومتي كردستان .
رفع الأكراد سقف مطالبهم نظراً للظروف الكردية والدولية من الحكم الذاتي إلى الفيدرالية من خلال برلمانهم المنتخب عام / 1992 / كما أن محادثات القيادات الكردية أثناء تلك الفترة مع المعارضة العراقية تتركز على ترسيخ مطالبهم في إقرار الفيدرالية ومسألة كركوك والبيشمركة .
إن الكثير من الأكراد كانوا يتمنون أن يستمر وضع كردستان على ما هو عليه قبل سقوط نظام صدام حتى لو لم يزد عليه شيء من المكاسب الجديدة ، لكن الحالة التي آلت إليه العراق وضعت الأكراد في موضع متقدم في العملية السياسية ، فبحكم استقرار منطقتهم من الناحية الأمنية ، والقوة العسكرية الموجودة من خلال البيشمركة ، والتجربة الانتخابية السابقة التي مروا بها ، فضلا عن العلاقات الجيدة مع أقطاب المعارضة السابقة ورجالات الحكم اليوم ، دخلوا ومن جديد في المعادلة السياسية وبشكل قوي . حصلوا في مجلس الحكم على خمسة مقاعد ، وفي الحكومة المؤقتة على خمس وزارات ، وفي الانتخابات الأخيرة على نسبة 25 % ، وكل هذه المكاسب كانت موضع ترحيب من الشعب الكردي عموماً والقيادات الكردية بشكل خاص .
ولعل أهم المكاسب التي حصل عليها الأكراد بعد سقوط النظام السابق وإلى اليوم هو وحدتهم في قائمة واحدة ، فأغلب الأحزاب السياسية التي كان لها وزنها الجماهيري دخلت في قائمة التحالف الكردستاني ، بل وحتى بعد الانتخابات انضمت الجماعة الإسلامية الكردستانية والتي حصلت على مقعدين في الجمعية الوطنية إلى قائمة التحالف الكردي لتشكيل كتلة برلمانية واحدة ، وهو أمر يبعث على الارتياح في الأوساط الكردية .
الكثير من المثقفين في العالم العربي ربما يحكم على فشل الأكراد في الحصول على بعض المناصب والمكاسب التي يطلبون بها بأنهم قد خسروا ، أو أن الأكراد قد طُعنوا من الخلف مرة أخرى من تلك الجهات التي تعاون الأكراد معها . وأعتقد أن هذه النظرة مبالغ فيها والأكراد على الأقل مرتاحون لما آلت إليه أحواهم .
إن ما يتطلع إليه الأكراد من خلال مطالب قياداتهم في الدعوة للفيدرالية هو في حدود المطالب المعقولة البعيدة عن الغلو والتطرف ، علماً أن الاستفتاء الأخير غير الرسمي أظهر أن 98 % من الشعب الكردي يريد الانفصال وربما يتحسس الكثير من المثقفين العرب من تلك المطالب التي لو قورنت بمطالب غير الأكراد في العالم العربي كجنوب السودان والصحراء الغربية . لم يتطلع الأكراد لحكم العراق بمفردهم يوما ما – وليس لهم الحق في ذلك – لكنهم مع ذلك طالبوا بنصيبهم في الحكم حسب نسبة وجودهم باعتبار أنهم رفعوا شعار عراقيتهم ، وهو رد على كل من يتهمهم بالدعوات الانفصالية .
كما أن من أهم المكاسب التي حصل عليها الأكراد أيضاً ، ظهور قضيتهم لإخوانهم العرب وبشكل قوي هذه المرة ، من خلال سباق الفضائيات العربية لذكر الأخبار الكردية ، بعد أن كانت تعرج عليها بكل استحياء ، فالأكراد يرون أن العلاقة مع العرب علاقة حميمية متأصلة بحكم الدين والتاريخ المشترك ، ويدركون أن ارتفاع حدة التوتر من أي طرف كان سيؤول إلى حالة عدم استقرار في المنطقة بأسرها .
علماً بأن الأكراد ومنذ ظهور مشكلتهم في بدايات القرن الماضي مدركون أن صراعهم ليس مع شعب ارتبطوا بهم ارتباط الروح بالجسد ، بل دائرة الصراع هي مع الحكومات التي معهم بنظرة عنصرية ، معتقدة أنها قادرة على محو شخصية شعب لا يقل عن شعوب المنطقة أصالة وعراقة ، وهو ما يفسر مطالبة الأكراد بالاتحاد الاختياري للعيش مع أخيه الشعب العربي بدلاً من الإلحاق القسري ، الذي جلب الدمار على الكل عرباً وأكراداً
#علاء_الدين_الجنكو (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الأمم المتحدة: السودان يواجه أكبر أزمة نزوح في العالم
-
هآرتس: ربع الأسرى الفلسطينيين في سجون -اسرائيل- اصيبوا بمرض
...
-
اللاجئون السودانيون في تشاد ـ إرادة البقاء في ظل البؤس
-
الأونروا: أكثر من مليوني نازح في غزة يحاصرهم الجوع والعطش
-
الأونروا: إمدادات الغذاء التي تدخل غزة لا تلبي 6% من حاجة ال
...
-
الاونروا: الحصول على وجبات طعام أصبح مهمة مستحيلة للعائلات ف
...
-
الأمم المتحدة: السودان يواجه أكبر أزمة نزوح في العالم
-
منظمة حقوقية يمنية بريطانيا تحمل سلطات التحالف السعودي الإما
...
-
غرق خيام النازحين على شاطئ دير البلح وخان يونس (فيديو)
-
الأمطار تُغرق خيام آلاف النازحين في قطاع غزة
المزيد.....
-
سعید بارودو. حیاتي الحزبیة
/ ابو داستان
-
العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس
...
/ كاظم حبيب
-
*الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 *
/ حواس محمود
-
افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_
/ د. خليل عبدالرحمن
-
عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول
/ بير رستم
-
كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟
/ بير رستم
-
الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية
/ بير رستم
-
الأحزاب الكردية والصراعات القبلية
/ بير رستم
-
المسألة الكردية ومشروع الأمة الديمقراطية
/ بير رستم
-
الكرد في المعادلات السياسية
/ بير رستم
المزيد.....
|