أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد بولس - عندما أهداني زاهي وهبي دولة














المزيد.....

عندما أهداني زاهي وهبي دولة


جواد بولس

الحوار المتمدن-العدد: 4101 - 2013 / 5 / 23 - 17:18
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



أحبُّ عمّان. في كلِّ مرّة أعود إليها تنسيني همومي وتأخذني إلى رصيف الفرح. فيها لا أكون سائحًا يتوجّس صيد الليالي. رحبة تكفي لإيواء الأمل، وديعة كما يشتهي عصفور يحط على شرفة يبلّله الندى فيصير لحنًا. عمّان، أسقتنا حين جفّف الأخوة البئر وتركونا فرائس "للصدأ". إليها نخفُّ كلّما احلولكت ليالٍ وأثقل العبث.
عمان حضن دافئ لقصيدة وشهوة وحلم. نحن أصحاب الأرض "الأصلانيين"، كما يدقق البارعون في علم البلاغة والفصاحة والتاريخ المذبوح، نحيا هنا، في بلادنا، في قفص. حكام العرب،من مواقعهم، يصرخون: اصمدوا هناك في أرض الوطن، قاوموا، ناضلوا، لا تصالحوا، انذبحوا، انتظروا إلى أن تأتيكم العنقاء وطيور الأبابيل. لا تأتوا لبلادنا فهي نقيّة عربيّة وأنتم مدموغون بالأزرق، لا تطبّعوا معنا، لن نطبّع معكم، لن نأتي بلادكم الّا خلسة، كزيارات النحل يجيد اللسع والمص. إلى عمّان نرتاح لأنّها كعشيقة لنا، ملتقى للأنس والجنى. إليها نفد أحبابًا نلتقي أحبابًا فرَّقهم عهر وقمع وقهر.
نصلها مساء السبت. شوارعها مكتظّة بالسيارات، بعضها يحمل لوحات عراقية صارت مألوفة كابنة للمكان. أخرى تحمل لوحات سورية، شهادة على جرح عربي جديد يفيض في شوارع المدينة التي تناوبت عليها موجات النزوح. حركة عمرانية نشطة تقنع الزائر أن براءة تلك البلدة ذهبت وها هي المدينة الحديثة تتولد بمخاضات جلية، عمّان فرس جموح، من أحبّها مهرةً قد يحبّها الآن أكثر.
أمضينا ليلتنا الأولى برفقة بعض الأصدقاء. كانوا أردنيين إلا أنا وزوجتي والصديق زاهي وهبي اللبناني حتى الدنف، عاشق فلسطين الدائم. حضر زاهي ملبيًا دعوة "مؤسسة التعاون الفلسطينية" التي تقيم حفلًا خيريًا لدعم صندوق المؤسسة الذي يدعم مئات من المشاريع الحيوية في فلسطين.
في قاعة أحد فنادق عمّان احتشد بضع مئات من الفلسطينيين الميسورين وبعض الأردنيين المؤازرين. استعرض القيّمون لائحة المشاريع التي نفّذت وتلك التي خططوا لتنفيذها. فلسطين كانت حاضرةً بجروحها، أنينها وبعضٍ من عريها. مؤسسة التعاون نجحت من خلال دعمها أن تزرع بسمات على وجوه باكية دامعة. تستحق لهذا "نصف عمرنا" وكلّ التقدير.
دعا عريف الحفل الإعلامي والشاعر زاهي وهبي إلى المنصّة، الذي جاء خصيصًا ليحيي المحتفلين ويهيب بهم طالبًا سخاءهم وإمداداتهم الخيّرة. يعلن زاهي أنه سيقرأ أربع قصائد مناصفة؛ اثنتان في حب الوطن والصباح واثنتان في العشق الذي سيكون حتمًا على طريقة ذلك الجنوبي الشقي.ينهي قصيدته الثانية معلنًا:"سأعود يومًا إليكم/ محمّلًا بحسرات الغائبين/ بنشوة التين وشقاوة الرمان/ لكم ينشطر القلب تفاحة من غوايات أولى/ لكم الأرض ولكم جنّتها/ لكم الشمس ولكم ذهب المعصَمين/ لكم كلّ ما كان، كلّ ما سوف يكون/ لكم الدولة، لنا الدولة". القصيدة تختم ديوانه الجديد "تعريفُ القبلة". كتبها بعد أن نالت فلسطين اعتراف الأمم بها كدولة مراقبة وأسماها "لكمُ الدولة، لكمُ الدولة" وأهداها إلى الأسيرة السابقة هناء الشلبي ورفاقها الأسرى.
أحبَّ الحضور، فلسطينيون نازحون على مراحل، قصائد زاهي. لقد كانوا عطاشًا وكان الشعر ريّان. الشاعر كان "زاهي". بعضهم حماة لحلم أخشى أن يقرأه المستقبل بمرآة تبقيه كما لو أنه ملح على الجراح وفي الأفواه.
يجيد زاهي رسالة الشعراء، يزرعون الأمل ويقطفون من قرص الشمس همسة تشعل الصدور. بقفشاته الوسيمة وملكة واضحة جعل القاعة تهتز من فرح ورضا. شعرت أن الحضور، عند نهاية الحفل، خرج فلسطينيًا أكثر مما دخل. بعد الشاعر كان الدور للمغني، غادة شبير لبنانية رقيقة غنّت كما يليق بمقام الشجا والحنين.
إلى مخادعنا أوينا وبالعبّ دولة. في الغد التقينا، كما في كل مرة نكون فيها هناك، في بيت غانم زريقات، مربط القوافل والحيارى، عنوان النخوة والمروءة. على جهات الريح أبواب بيته مشرعة ومائدة لا تغيب عنها الطيّبات. "إيلين" زوجة وصاحبة بيت، قلب لا يضخ الّا حبًا وطيبة، تستقبلنا وهي كما وصفها "الزاهي" بقصيدة تحمل اسمها: "شجرة ترحاب/ كثيرة الاغصان والمنازل/ إلى أعتابها يعدو الضوء/ على أكتاف نافذتها تنعس الشمس وتنام/ أشعة قلبها تلقِّح زهرَ الأحبة". على مائدة إيلين التقينا: لبنانيان(زاهي وأميمة خليل) فلسطينيون (أنا وزوجتي وريم بنا) وأردني، شاعر أصيل وصديق (جريس سماوي) وأفراد عائلة المضيف. في ذلك البيت حيث ما زال عطر الراحلين من أحبة يعانق الذكرى والوعد، كانت البدايات قصائد والنهايات غناءً. افترقنا على وجع.
الحلم في الغربة وطن ودولة. القصيدة مشاعل.لم نبك ولكن كانت في الهواء غمّة. كأنني سمعت ما وشى به قلبي حين عانق الأحبة على فراق؛ عائدون نحن إلى أقفاصنا، وأنتما عائدان إلى حيث فوهة بركان ودولة لكم ربَّت "مواطفين" لا مواطنين (المعذرة من الأستاذ نصري الصايغ الذي نحت الكلمة من "مواطن" و"طائفي")، وأصحاب البيت هناك مرابطون في عاصمة تحاول أن تنسى الفصول لتبقى في كامل مشمشها.
ما هذا القلق! في أي مِرجل نعيش؟ شكرًا لك أيّها الشاعر، لقد أهديتنا حلمًا تمزّقه الخناجر. أهديت دولة لقوم "سيصير شعبًا، إن أردنا، حين يؤذن للمغني أن يرتَّل/ آية من "سورة الرحمن" في حفل الزواج المختلط"... هل تذكر يا صديقي متى سمعنا ذلك النشيد؟ هل كان في منفى أم وطن؟.



#جواد_بولس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ألّلهمّ أبعد عنّا الفتنة!
- تحيا الخبيزة
- -هنيئًا لك يا إسرائيل-
- سامر الفلسطيني
- يوم الأسيرة
- عهدك بسّام
- أتركها أقفالًا على ضمائرهم
- أكذبُ من جيش الإنقاذ
- سلامٌ على منسف يوحّد بيننا
- في انتظار عنترة
- انت عربي، انت خطير!!
- ليس للدهر صاحب
- إليكَ أيّها الأشرف
- درس في الديماغوغية
- والدنيا لمن غلبا
- دَبّة صوت
- إنتخابات في اسرائيل
- تحطِّمُنا الأيامُ حتّى كأنّنا....
- عندما يكون العدل ورطة
- أما في الأرض من لبيب


المزيد.....




- السعودية تعدم مواطنا ويمنيين بسبب جرائم إرهابية
- الكرملين: استخدام ستورم شادو تصعيد خطر
- معلمة تعنف طفلة وتثير جدلا في مصر
- طرائف وأسئلة محرجة وغناء في تعداد العراق السكاني
- أوكرانيا تستخدم صواريخ غربية لضرب عمق روسيا، كيف سيغير ذلك ا ...
- في مذكرات ميركل ـ ترامب -مفتون- بالقادة السلطويين
- طائرة روسية خاصة تجلي مواطني روسيا وبيلاروس من بيروت إلى موس ...
- السفير الروسي في لندن: بريطانيا أصبحت متورطة بشكل مباشر في ا ...
- قصف على تدمر.. إسرائيل توسع بنك أهدافها
- لتنشيط قطاع السياحة.. الجزائر تقيم النسخة السادسة من المهرجا ...


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد بولس - عندما أهداني زاهي وهبي دولة