|
تركيا الملطخة بدماء الأرمن والآشوريين، هل ستدخل الاتحاد الأوربي
سليمان يوسف يوسف
الحوار المتمدن-العدد: 1177 - 2005 / 4 / 24 - 10:44
المحور:
القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
تركيا الملطخة بدماء الأرمن والآشوريين..هل ستدخل الاتحاد الأوربي؟ يقول (كانت(: إذا كان قتل طفل بريء يسعد البشرية جمعاء، فقتله جريمة))، ماذا كان سيقول كانت لتركيا التي أبادت شعوب بريئة. في الرابع والعشرين من نيسان من كل عام يستعيد مسيحيي أرمينيا وسوريا وبلاد ما بين النهرين، ذاكرتهم التاريخية، لتذكير العالم بتلك بالمذبحة الكبرى التي اقترفتها تركيا عام 1915 والتي حصدت مليون ونصف المليون أرمني وأكثر من نصف مليون من ألآشوريين(سريان/كلدان). ففي مثل هذا اليوم جهزت تركيا حملاتها العسكرية وجندت لهذا الغرض آلاف الأتراك والأكراد تحت اسم الفرق الحميدية، وبدأت حملات القتل الجماعي وعمليات التطهير العرقي بحق الأقليات المسيحية، مثل الأرمن والآشوريين(سريان/كلدان) واليونان، حيث مارست في مناطقهم سياسة الأرض المحروقة، قتلت من قتلت وشردت من بقي منهم إلى خارج حدود الدولة التركية. فقد كانت تقوم سياسة زعماء جمعية(تركيا الفتاة)- التي اطاحت بالسلطان عبد الحميد سنة 1908 بزعامة،أنو باشا وجمال باشا، وطلعت باشا- على أن لا يبقى في تركيا سوى الأتراك، لهذا قرروا ابادة كل الأقليات المسيحية،أما بالنسبة للأقليات المسلمة، كالأكراد والعرب، كانت الخطة تقتضي تتريكهم واذابتهم في القومية التركية. يقول عن تلك المذابح، هنري مورغنطاو –السفير الأمريكي في تركيا ما بين 11913 - 1916 في كتابه (قتل أمة): ((في ربيع عام 1914وضع الأتراك خطتهم لإبادة الشعب الأرمني.. وقد دفع التعصب الديني عند الغوغاء والرعاع الأتراك ومن معهم من الأكراد لذبح معظم الأمم المسيحية التابعة لهم الى جانب الأرمن، من الآشوريين (سريان / كلدان) واليونان ... فقد عانت جميعها من نتائج سياسة جعل تركيا بلداً للأتراك حصراً... لا توجد أحداث أفظع منها في تاريخ الجنس البشري كله...وانتقدوا أسلافهم لعدم تخلصهم من الشعوب المسيحية أو هدايتهم للإسلام منذ البدء... و ستبقى تركيا مسئولة عن كل تلك الجرائم أمام الحضارة الإنسانية)). وإذا قارنا الخريطة الديمغرافية للمناطق المسيحية في كلٍ من أرمينيا و بلاد ما بين النهرين الواقعة تحت الحكم العثماني كما كانت عليها قبل المذبحة الكبرى عام 1915م مع ما أصبحت عليه بعد المذابح نكتشف ببساطة هول الكارثة وحجم المأساة التي حلت بالشعبين الأرمني والآشوري. وهذه المأساة الكبرى ليست إلا حلقة في سلسلة من المذابح التي ارتكبت بحق مسيحيي السلطنة العثمانية، منها مذابح (بدرخان بك) 1841-1848، وقد لقب السلطان عبد الحميد الثاني بـ(السلطان الأحمر) لأنه ارتكب في سنة 1896 مجزرة بحق الأرمن راح ضحيتها أكثر من 300 شخص وبدم بارد. وهناك لعديد من القادة والمسئولين، شهادات موثقة عن (المذبحة الكبرى) منهم المسئول البريطاني (هربرت جيس) والباحث الألماني (فرانك فيرسل) والباحث الأرمني الفلسطيني( مانويل حسسيان ) والمؤرخ البريطاني المعروف (أرنولد توينبي) الذي يقول في مذكراته: (( لم يكن المخطط يهدف إلا إلى إبادة السكان المسيحيين الذين يعيشون داخل الحدود العثمانية)). ويضيف: لقد أتاحت ظروف الحرب للحكومة التركية الفرصة، التي طالما تاقت إليها، لإحكام قبضتها على الأرمن .. وبدلاً من أن تنفذ تركيا الالتزامات التي تعهدت بها في الهيئات والمحافل الدولية اتجاه القوميات غير التركية ورعاياها من المسيحيين، قامت بارتكاب المجازر الجماعية بحق هذه الشعوب وجندت لها الآلاف من جنود الجيش وبعض القبائل والعشائر الكردية المسلمة باسم الدين)). وقد استطاعت الباحثة الأرمنية السورية( نور أرسيان)أن تحصي 33 صحيفة سورية كتبت عن المذابح وعمليات الإبادة الجماعية وعن التهجير القسري الى الأراضي السورية ، وأن تجمع 500 مقالة كتبها أبرز رجال الصحافة السوريين بين عام 1877-1903ومازال هناك من المعمرين من السوريين في بعض مدن الجزيرة السورية، يؤكدون هذه المجازر وعلى انهم رأوا بأم عينهم قوافل المسيحيين و بإعداد هائلة تمر عبر الأراضي السورية يرافقونهم الجنود الترك ويمارسون افظع انواع وسائل التعذيب. وعلى أثر هذه المذابح وعمليات الإبادة نالت قضايا شعوب المنطقة الواقعة تحت الحكم العثماني المزيد من التعاطف والتأييد الدوليين، وضعت في كانون الثاني عام 1919م الدول الكبرى الأربع- إنكلترا والولايات المتحدة وفرنسا وإيطاليا- مسودة جاء فيها: (( نظراً لسوء إدارة الأتراك لرعياهم من الشعوب الأخرى والمجازر الرهيبة التي ارتكبوها ضد الأرمن وضد شعوب أخرى كالسريان خلال السنوات الأخيرة، فإن الحلفاء والقوى المرتبطة بها وافقت على وجوب اقتطاع أرمينية وسورية وبلاد ما بين النهرين وشبه الجزيرة العربية بصورة نهائية عن الإمبراطورية التركية)). أن أخذ من دخول، الأرمن والآشوريين، الحرب الى جانب الروس ضد تركيا، عام 1914 ذريعة لهذه المذبحة، يأتي في سياق سياسة التضليل والكذب التي كانت تمارسها تركيا على العالم لتبرر الجريمة الكبيرة التي أقدمت عليها. حتى لو كان هذا صحيحاً،لا يمكن وضعه في خانة الخيانة الوطنية،لأن العثمانيين كانوا محتلين لأراضي الأرمن (أرمينيا) ولأراضي الآشوريين(بلاد مابين النهرين)،من حقهم تحرير أراضيهم من الاحتلال العثماني، مثلهم مثل العرب،ألم يرحب العرب بالجيوش الغربية لمساعدتهم في الخلاص من العثمانيين، وقد ساعدوهم على ذلك. ماذا تقول تركيا عن عشرات المذابح الجماعية التي نفذتها بحق الأرمن والآشوريين وغيرهم قبل الحرب الأولى، ثم هل هناك ما يبرر أن تقوم دولة بابادة شعب أعزل وإن كان في حالة حرب معها. وقد كتب السفير الألماني في تقرير الى وزارة الخارجية عام 1916: ((أن ما يدعيه الأتراك بأنه تهجير لأسباب أمنية ما هو إلا ادعاء باطل،لأن ما حدث إنما هو عملية ابادة بحق الشعب الأرمني، إنها ابادة مقصودة ومخطط لها)). هكذا معظم الباحثين والسياسيين الذين تناولوا قضية المذبحة الكبرى في تركيا توصلوا الى قناعة تامة بأنها (قضية سياسية) خطط لها ونفذت بدوافعهم سياسية، بعد أن أحست تركيا، في نهاية القرن التاسع عشر، بنمو الوعي القومي و الفكر السياسي للشعوب التي تستعمرها من العرب والأرمن والآشوريين...وغيرهم، فقد دعا حزب الطاشناق الأرمني عام 1890 الى استقلال ارمينيا. أرادت تركيا، من هذه المذابح، قتل هذا الفكر القومي التحرري، ولأجل هذا باشرت بحملة اعتقالات وإعدامات لرواد الفكر القومي ورموز النضال التحرري لدى هذه الشعوب، وقد أعدمت الصحفي الآشوري أشور يوسف ونفت المفكر نعوم فائق، وكانت هذه الحملات تمهيداً لـ(المذبحة الكبرى)، وقد امتدت هذه الحملات الى دمشق حيث أعدم جمال باش السفاح في 6 أيار عام1916 ستة عشر من قادة الثورة العربية ضد العثمانيين. بالطبع، تسعى تركيا دوماً الى التعتيم التام على الجرائم التي اقترفتها ومحوها من ذاكرة التاريخ، ويميل بعض المحللين السياسيين بان احد أهداف التقارب الإسرائيلي التركي هو دفع اسرائيل-التي نجحت في اصال قضية مذابح النازية بحق اليهود الى العالم- حماية تركيا من شبح الاعتراف الدولي بإبادة الأرمن والمسيحيين. ربما في الماضي، كان التستر على جرائم تركيا ، يصب ضمن دائرة المصالح العليا للدول الغربية، لكن مع ازدياد اهتمام العالم الحر والمتمدن بالجرائم التي ترتكب بحق البشر، لم يعد مقبولاً أو مبرراً أن تصمت وتتستر أوربا والعالم على ما اقترفته تركيا من جرائم حرب وعمليات ابادة بحق رعاياها من المسيحيين. فقد حان الوقت لفتح هذا الملف المغلق بعد صمت طويل . ويأمل الأرمن والسريان(الآشوريين) بان تحذو أمريكا و دول أوربية اخرى حذو فرنسا التي صادقت جمعيتها الوطنية على قانون يقضي الاعتراف بحقيقة هذه المذابح وصحتها- تم مناقشة قضية مذابح (السريان) الآشوريين في تركيا في أكثر من جلسة من قبل البرلمان السويدي في السنوات الأخيرة- وإجبار تركيا على الاعتراف بهذه الجرائم، قبل أن تقبل عضويتها في الاتحاد الأوربي، والاعتذار عنها وأن تتصالح مع ذاتها ومع التاريخ نزولاً عند رغبة الضمير الإنساني وانتصاراً للحقيقة،كما فعلت ألمانيا مع اليهود. هل يمكن لأوربا، بناء مستقبل حضاري وإنساني، مع تركيا وبقاء حقوق الأقليات فيها عرضاً للانتهاك؟ إن السكوت على جرائم تركيا وعلى المذبحة الكبرى التي اقترفتها في نيسان عام 1915، والتي تفوق في فظاعتها وبشاعتها جرائم النازية، من دون شك سيشجع الأنظمة العنصرية والفاشية، مستقبلاً،على ارتكاب مثل هذه الأعمال الفظيعة بحق الشعوب المستضعفة، وسيؤدي الى انتشار الأعمال البربرية وسياسة الإبادة الجماعية والتطهير العرقي في العالم. مثلما يحصل اليوم في اقليم( دارفور)، حيث تم تصفية أكثر من ربع مليون من الأفارقة، على ايدي ميليشيات الجنجويد المدعومة من قبل النظام السوداني في الخرطوم. سليمان يوسف يوسف... كاتب سوري آشوري.... مهتم بحقوق الأقليات. [email protected]
#سليمان_يوسف_يوسف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أنشودة الحياة والحرية في نيسان
-
آشورييوا سوريا، وهواجس الخوف في عيد الأكيتو
-
الأزمة اللبنانية تحدث تغيراً في خطاب المعارضة السورية
-
هل ستحسم الأزمة الراهنة خيارات الشعب اللبناني
-
آشوريوا المهجر، ما قيمة الوطن من غير حقوق
-
من أجل اصلاح الدولة السورية
-
قراءة غير سياسية للحرب في العراق
-
رؤية آشورية للأحداث الخيرة في الجزيرة السورية
-
حوادث الحسكة والتصريحات المخالفة للمحافظ
-
في سوريا حزب الأغلبية الساحقة يخش الديمقراطية
-
نعم لفتح باب الترشح للرئاسة في سوريا
-
المؤتمر الدولي التاسع للدراسات السريانية
-
في سورية حريات دينية وحرمانات سياسية
-
شرق اسلامي، من غير يهود ومسيحيين
-
نعم للدولة الوطنية ، لا لدولة القوميات في سوريا
-
مسيحيو العراق بين سندان الاحتلال ومطرقة ارهاب المقاومة
-
قانون الأحزاب وعقدة الديمقراطية في سوريا
-
تصريح سياسي
-
الحركة الكردية السورية بين السلطة والمعارضة
-
في سورية خطوة إلى الأمام قفزة إلى الخلف
المزيد.....
-
رصدتهما الكاميرا.. مراهقان يسرقان سيارة سيدة ويركلان كلبها ق
...
-
محاولة انقلاب وقتل الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا.. تهم من ا
...
-
ارتفاع قياسي للبيتكوين: ما أسباب دعم ترامب للعملات المشفرة،
...
-
الكربون: انبعاثات حقيقية.. اعتمادات وهمية، تحقيق حول إزالة ا
...
-
قائد القوات الصواريخ الاستراتيجية يؤكد لبوتين قدرة -أوريشنيك
...
-
روسيا تهاجم أوكرانيا بصاروخ جديد و تصعد ضد الغرب
-
بيع لحوم الحمير في ليبيا
-
توقيف المدون المغربي -ولد الشينوية- والتحقيق معه بتهمة السب
...
-
بعد أيام من التصعيد، ماذا سيفعل بوتين؟
-
هجوم بطائرات مسيّرة روسية على سومي: مقتل شخصين وإصابة 12 آخر
...
المزيد.....
-
الرغبة القومية ومطلب الأوليكارشية
/ نجم الدين فارس
-
ايزيدية شنكال-سنجار
/ ممتاز حسين سليمان خلو
-
في المسألة القومية: قراءة جديدة ورؤى نقدية
/ عبد الحسين شعبان
-
موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من قضية القومية العربية
/ سعيد العليمى
-
كراس كوارث ومآسي أتباع الديانات والمذاهب الأخرى في العراق
/ كاظم حبيب
-
التطبيع يسري في دمك
/ د. عادل سمارة
-
كتاب كيف نفذ النظام الإسلاموي فصل جنوب السودان؟
/ تاج السر عثمان
-
كتاب الجذور التاريخية للتهميش في السودان
/ تاج السر عثمان
-
تأثيل في تنمية الماركسية-اللينينية لمسائل القومية والوطنية و
...
/ المنصور جعفر
-
محن وكوارث المكونات الدينية والمذهبية في ظل النظم الاستبدادي
...
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|