|
هاري كريشنا
خالد الصلعي
الحوار المتمدن-العدد: 4097 - 2013 / 5 / 19 - 12:08
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
هاري كريشنا .. *********** كثيرون سيصدمون أمام هذا العنوان ، لكنني سأترك لفطنة القارئ استدعاء تأويلاته لتفسير هذا الاختيار ، قبل أن نصل معا لحكمة اختياره دون غيره ،مع العلم أن العنوان الذي كنت اخترته لهذه المقالة قبل يومين هو" لنحكم عقولنا " . فبعد ما تراكم من أهوال ومصائب وافعال لا تمث الى ثقافتنا وحضارتنا العربية والاسلامية بصلة ، بات من الضروري البحث عن الدوافع والأهداف وراء صور الفظاعات التي أنهكت العالم العربي منذ أكثر من عشر سنوات ، وتحديدا منذ غزو العراق ، وليس انتهاء بتدمير سوريا . المشهد في رؤيته البارونامية المقززة والمنفرة واحد ،رغم اختلاف الجغرافيا والعادات والتقاليد ، فالثقافة واحدة والحضارة واحدة ، ولا يمكن شطب أكثر من أربعة قرن من الزمن بدعوى المحلية والخصوصية والهوية ، فالصيرورة البشرية لايمكن أن تمحو الأصل الأصيل ، كما لا يمكن أن تتجاوز الجوهر الدخيل . والانسان في أساسه تطور مستمر نحو الأرقى ، وان شابته صراعات مفتعلة ومصطنعة من قبل قوى دولية ،هي اليوم تعمل بكل ما وسعتها قدرتها وأطماعها من جهد للسيطرة على الآخر . ويبدو أن العرب وبعض المسلمين هم من أضعف أطراف هذا الآخر . والا ما كانت أحوالنا وأوضاعنا بهذا الشكل المزري والمؤسف . لم يكن سهلا أن نتصور أو نتوهم أن يُخرج رجل قلب رجل آخر ويقربه الى فمه وهو يهم بمضغه . كما لا يمكن تخيل ذبح انسان لانسان في ظل دين اسلامي سمح ، يوصي بتحريم قطع الشجر وقتل الشيوخ والأطفال والنساء ، و جعل دم المسلم على المسلم حرام ، بل انه حرم قتل النفس وعادل بين قتل الفرد وقتل الناس جميعا دلالة على عظيم فعل القتل ، ودليل على قدسية النفس وحياة الانسان . بل ان قارئ التاريخ الجاهلي سيجد أن الفارس الجاهلي كان لا يرفع سيفه على أعزل ، كما نقل الكثير من فرسان الجاهلية الشعراء ، منهم عروة بن الورد وامرؤ القيس وعنترة بن شداد . بل ان أبا جهل نفسه أبى أن يدخل بيت الرسول بشبهة عدم تواجده ، فنهى أصحابه على الدخول اليه ليلا متسللين مخافة ان لا يجدوا فيه الرسول فتعيرهم العرب باقتحام منزل ليس فيه الا النساء ، هذه هي أخلاق الجاهلية . وتلك بعض من تعاليم الاسلام ، فكيف يريدون منا أن نصدق أن ما يحدث بيننا هي أحداث طبيعية، وهي من صلب ثقافتنا وعاداتنا وتقاليدنا ، ناهيك عما اكتسبناه في عصر حقوق الانسان من احترام لماهية الانسان ، عكس ما يجري في ساحاتنا وبلادنا دون أن نطرح أسئلة تفك لغز ما يحدث في بلداننا ، وبالدرجة الأولى ما يجري في سوريا ؟ . جميعنا يعلم أن الثورات التي قامت في بعض بلدان العالم العربي هي ثورات طبيعية ، ولدتها أوضاع سياسية واجتماعية لا يمكن ان تستمر الى ما شاء الطغيان والظلم والاستبداد . خاصة والعالم يعرف حولنا تطورات هائلة على مختلف الصعد ، وتبقى الحرية والكرامة الانسانية من أهم التحققات التي أنجزها الانسان المعاصر على مدى طويل منذ عصر الأنوار . فهل ندخل نحن اليوم عصر الظلمات بكل هذه البساطة ؟ ونصدق هذا ؟ . لايمكن لعاقل أن يتصور أن من يصنع ذلك يصنعه بدافع الدفاع عن مُثُل رفيعة ، أو عن قيم سامية ، ولايمكن أن نترك مثل هؤلاء القتلة يمثلوننا كما تشاء ماكينة الاعلام الغربي المتواطئ مع أعداء الأمة المبتلع لاعلام عربي مفضوح أن يمرروا مثل تلك الأحداث كأن الأمر عادي وطبيعي . انها صناعة من أصعب الصناعات التي استطاع العدو الذي لا ينام ولا ويتعب أن ينجزها عبر سنوات طويلة من التخطيط والدراسات ، وحين آن أمر تمرير المخططات وتنفيذها ، لم تحتج القضية الا الى ممثلين كانوا موجودين بحكم سيطرة الجهل ، وما تفرزه السنوات الطوال من العطالة العضلية والفكرية ، مورثة أشكالا لانهائية من الصغينة والحقد على كل شيئ ، حتى على الأصول ، كالآباء والأمهات ، وعلى البراءة كالأطفال ومختلف الرموز الحضارية . استطاع الغرب اذن متواطئا مع شرذمة من بائعي الأوطان والتاريخ والحضارة أن ينتجوا شعوبا مستعدة لبيع تاريخها وحضارتها بقليل من المال ، وهناك من يشتري بدون مقابل ، يدفع حياته ويعرض حياة الاخرين لمجرد وعد بالجنة وزواج بحور العين ، مستغلين فيه جهله بدينه وبسنن رسوله ، وبجوهر وجود الانسان فوق هذه الأرض والمتمثل أساسا في نظرية الاعمار والازدهار . ومع العودة الى مقولة أو شعار "هاري كريشنا " ، او ما يسمونها بالمانترا " هاري كرشنا هاريرا " فهذا الشعار يرفعه أتباع الديانة الهندوسية الذين يعبدون الاله كريشنا ، وهو عندهم اله العلة الأولى والوجود الأول فما بعده صادر عنه وليس هناك ماقبله . وهو دين حسب كتبه المقدسة يعود الى أكثر من 5000 سنة ، له تعاليمه وقواعده وأركانه . وحسب تعاليمهم فان هذا الدين يدعو الى المحبة والوئام ، وتعتبر كل افعالهم مكرسة لارضاء الرب كريشنا . وقد استطاع مؤسس حركة "هاري كرشنا " الدولية أن يجعلها حركة عالمية لها أتباعها في أكثر من 400 مائة دولة بما في ذلك المجتمعات التقليدية التي تعتمد الى الان على الزراعة . غير أنه وفي الستينيات تاثرت بها حركات فوضوية وعدمية كحركة "الهيبيين " ، بما تشتهر به من ادمان على المخدرات وافشاء للممارسات الجنسية وضرب لجميع الضوابط الأخلاقية ، فاختلط الحابل بالنابل ، وأصبح شعار "هاري كريشنا " لا يدل الا على الفسق والفجور وتمجيد الادمان بجميع انواعه ، وهذا ما استوحاه أحد الأفلام القديمة-1971- للممثل الهندي الشهير "ديفانا " في فيلم "Hare Rama Hare Krishna " . انتصر الغرب بترسانته القوية فكرا ومالا وصناعة وثقافة ، وتحولنا الى مدمني التخلف ومحترفي القتل الى درجة فاقت خيال أعظم الفنانين . فهل بقي لنا عقل نفكر به ، ونصرخ عاليا ، هؤلاء لا يمثلوننا ولا نعرفهم ، هم صناعتكم ، ومنتوجاتكم ، ولن تنطلي علينا لعبتكم القذرة .
#خالد_الصلعي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المغرب وعلامات استفهام كبرى وعديدة
-
البحث عن الغائب الحاضر -10-رواية
-
سليل النار
-
رعشات تائه
-
البحث عن الغائب الحاضر -9-رواية
-
السلطة الرابعة ...السلطة الأولى -1-
-
التفكير بالدين والتفكير في الدين
-
روسيا تنتصر
-
البحث عن الغائب الحاضر -8- رواية
-
أنت الصباح
-
فنجان قهوة مر
-
فلسفة حق تقرير المصير-1-
-
رحيل آخر جماليات النقد العربي : يوسف سامي اليوسف
-
القطيعة الابستمولوجية :نحو فهم جديد -3-
-
البحث عن الغائب الحاضر-7-رواية
-
لن يحترموننا
-
التهافت الاعلامي والاسترزاق الثقافي
-
البحث عن الغائب الحاضر-6-رواية
-
مملكة المعنى الغامضة
-
حاولت مرارا أن أصيح
المزيد.....
-
شاهد لحظة قصف مقاتلات إسرائيلية ضاحية بيروت.. وحزب الله يضرب
...
-
خامنئي: يجب تعزيز قدرات قوات التعبئة و-الباسيج-
-
وساطة مهدّدة ومعركة ملتهبة..هوكستين يُلوّح بالانسحاب ومصير ا
...
-
جامعة قازان الروسية تفتتح فرعا لها في الإمارات العربية
-
زالوجني يقضي على حلم زيلينسكي
-
كيف ستكون سياسة ترامب شرق الأوسطية في ولايته الثانية؟
-
مراسلتنا: تواصل الاشتباكات في جنوب لبنان
-
ابتكار عدسة فريدة لأكثر أنواع الصرع انتشارا
-
مقتل مرتزق فنلندي سادس في صفوف قوات كييف (صورة)
-
جنرال أمريكي: -الصينيون هنا. الحرب العالمية الثالثة بدأت-!
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|