|
المغرب وعلامات استفهام كبرى وعديدة
خالد الصلعي
الحوار المتمدن-العدد: 4097 - 2013 / 5 / 19 - 12:04
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
المغرب وعلامات استفهام كبرى وعديدة ***************************** التفكير في الوطن والتفكير بالوطن ، هو شأن طبيعي بالنسبة للكاتب ، لكن طريقة هذا التفكير تختلف عن جميع طرق التفكير عند الآخرين . والكاتب هنا ، ليس طبعا من اولئك الذين يكتبون تحت الطلب ووفق خطاطات معدة ومجهزة ، فهؤلاء مسترزقة ، وشتان بين المسترزق والكاتب . الوطن هو لذة العيش في مساحة مكانية وزمنية ضمن تجمع انساني يمنحك كل ارغاءات العيش المعاصر ، ويجبرك على دخول صراعات ورهانات كلما تماديت في المساحتين الا وازدادت تدفقات دماء الصراع والرهان في شريان تحدياتك ، لأن افرازات الأندرينالين قوية ولا تعرف التوقف . وهاهو الوطن -المغرب - اليوم يدخل نفقا مظلما ، لاتبدو عناصر الضوء قريبة فيه ، بعد هذا اللغط الحكومي الذي انتدبوا اليه رجلا كل مهامه السابقة هي لصق رقع مطاط العجلات ، ينزع اليوم تلك الرقع عن مطاط عجلات دولة اسمها المغرب ، ليتوقف سيره بالكامل بعدما منحت الأقدار رجلا لايعرف من لغة السياسة الا شد وجذب شعر النساء في الحمام ، واذا ارتقى خطابه فانه سيحارب التماسيح والعفاريت . بينما ملك البلاد في زيارة غامضة الى فرنسا ،بعدما تجرأت امبراطورية في مرحلة الأفول على خلخلة توازناته الاستراتيجية بلعبة قذرة وهي تضغط على العصب الضعيف منه . لم يحزم الملك حقائبه ويعود على وجه السرعة الى وطني ، كما يصنع جميع قادة العالم ، بعدما قام السيكليس بوخز اطار الوطن الحكومي فأفرغ كل هوائه الملوث الذي كان يعينه على جر رجليه نحو المجهول ، بل اكتفى كما راجت شائعات الاعلام بمهاتفة السيكليس كي يغلق ثقب الاطار الذي أحدثه وفق الفصل 42 من الدستور المغربي ، الذي لاعلاقة له بالانسحاب من الدستور ، وهو يخص مجالا آخر لاعلاقة له بالسياسة ، وانما له علاقة بحقل آخر لا وجود له في الواقع ، هو امارة المؤمنين ،ربما المقصود بهؤلاء المؤمنين هو حزب رئاسة الحكومة ،وربما حزب السيكليس ، وبعض الزوايا التي لاتزال تتلقى وحيا الاهيا بعدما أخبرنا الرسول الكريم ان زمن الوحي انتهى معه ، وأن الأزمنة المقبلة هي أزمنة التوكل على الله وعقل الأمور وتدبير الشؤون . لامجال اليوم للحديث عن تحكيم ملكي في شؤون سياسية بين اطراف منتخبة من الشعب ، نعم الشعب ، وليس المواطنين ، فنحن للآن وفي العشرية الثانية من القرن الواحد والعشرين لا نزال نساس بمنطق الرعايا والأتباع والقطيع ، والحداثة التي كلمونا عنها سابقا ما هي الا هشاشة في التصور الدوغمائي ، او تحشيشة في تمرير الخطابات ، لاغير . لا يمكن لملك يحكم بقوة الحديد ويدبر شؤون المجتمع السياسي والاجتماعي ، بما يجعله فاعلا فوق العادة ،يمارس كل الاختصاصات التنفيذية أن يحكم بين طرفين دون أن ينحاز الى طرف دون الآخر . او سيكون حكما منتصرا في آخر المطاف لمصالحه السياسية حسب تعبير الأستاذ أحمد السوداني . ففي ظل دستور يمنح رئيس الحكومة صلاحيات أوسع من الصلاحيات التي كانت للوزير الأول في الدساتير السابقة ، لايمكن انتظار الضوء الأخضر في كل كبيرة وصغيرة من الملك لتنفيذ البرنامج الحكومي الذي تم التراجع عن ثمانين في المائة من مضمونه ، بل ان رئيس الحكومة تنصل من كثير من اختصاصاته ومنحها للملك ، وصرح في أكثر من مناسبة أنه ملكي أكثر من الملك . فماذا تصنع في منصبك يارئيس الحكومة اذن ؟ ، ألا يحرم الدين الاسلامي الاستفادة من أموال العامة بدون وجه حق ؟ ، فما دمت قد تخليت عن نصف مهامك للملك فان المنطق يقول يجب أن تتخلى أيضا عن نصف راتبك لأنك لاتقوم بعملك بالوجه المطلوب وكاملا. لكن الطامة الكبرى أن تتابع وزراء لا يستحيون من أنفسهم ، ويرتكبون المحرمات التي توجب محاكماتهم كما صنع ويصنع وزير التعليم ، والسكير الذي كان يترنح في وقفته وهو يجيب على الأسئلة الشفوية في البرلمان وعلى مرأى العالم ، دون أن تصدر أي تعليمات من امارة المؤمنين لتوقيفه عن مهامه . مما يدل أن كثيرا من القرارات تؤخذ في حالة سكر طافح . واذا كان الملك قد اكتفى بالمهاتفة التلفونية لتوقيف انهيار الحكومة ، فهذا يعني أن الحكومة هي شبيهة ببيت العنكبوت يمكن تثبيتها في أي ركن مظلم ،شرط أن يكون في الزوايا العُلوية ، فبقاء الملك في الخارج وتحديدا في فرنسا كل هذه المدة بعد الحدث الفج لا يعني الا شيئا واحدا هو ان القضية برمتها كانت مسرحية معدة بشكل رديئ وفج لابراز قوة المؤسسة الملكية ، لاغير . وكل التداعيات والتأويلات لا أهمية لها . واذا انتصرنا لهذا المنطق ،فسيبدو كم بلغت سخريتهم بنا هؤلاء النكرة . وكم يحرصون على تتفيه هذا الوطن . الوطن عندهم سلعة تباع وتشترى ، او معرض رهان ضخم يدرون منه ملايير الدولارات ،يوزعون بعضها على أسيادهم والبعض الآخر يستمتعون به الى حين . لا عمق جذري لمفهوم الوطنية يدفعهم للذود عن مفهوم الوطن أو عن واقع الوطن وعن مستقبله . فيصبح المواطن ،هذا اذا كان هذا المفهوم مستوعبا عن البعض ، مجرد لعبة وسخة يجب ركنها في صندوق المهملات للتخلص منها وقت الحاجة . مع العلم أن أرسطو قبل القرن الرابع الميلادي، أي قبل خمسة وعشرين قرنا ، قرر أن المواطن هو -الرجل المؤهل لتولي المناصب العامة- ، وجاءت فلسفة الدستور المعاصر وحددت المسؤوليات الوطنية كمسؤولية متبادلة بين مؤسسات الدولة والأفراد . لا مسؤولية ولا أفراد ، هناك أشباح تدبر شؤون الوطن في غياب مفهوم الوطن ودون وجود المواطن ، لكن الملك حاضر في جميع الأحوال ، وحين تحدث رجة سياسية من قبيل ما أحدثه السيكليس فان الاستنجاد بالملك يكون هو الطريق الوحيد لتصحيح الأخطاء . هل سنستمر على هذا النهج ؟، هذا ما تؤكده جميع الاستقراءات وهذا ما يوجبه تدبير التماسيح والعفاريت . علي اذن أن أخبئ وطني في حلمي كي لايعبثوا به كما يصنعون بوطنكم .
#خالد_الصلعي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
البحث عن الغائب الحاضر -10-رواية
-
سليل النار
-
رعشات تائه
-
البحث عن الغائب الحاضر -9-رواية
-
السلطة الرابعة ...السلطة الأولى -1-
-
التفكير بالدين والتفكير في الدين
-
روسيا تنتصر
-
البحث عن الغائب الحاضر -8- رواية
-
أنت الصباح
-
فنجان قهوة مر
-
فلسفة حق تقرير المصير-1-
-
رحيل آخر جماليات النقد العربي : يوسف سامي اليوسف
-
القطيعة الابستمولوجية :نحو فهم جديد -3-
-
البحث عن الغائب الحاضر-7-رواية
-
لن يحترموننا
-
التهافت الاعلامي والاسترزاق الثقافي
-
البحث عن الغائب الحاضر-6-رواية
-
مملكة المعنى الغامضة
-
حاولت مرارا أن أصيح
-
القطيعة الابستمولوجية :نحو فهم جديد -2-
المزيد.....
-
تفجير جسم مشبوه بالقرب من السفارة الأمريكية في لندن.. ماذا ي
...
-
الرئيس الصيني يزور المغرب: خطوة جديدة لتعميق العلاقات الثنائ
...
-
بين الالتزام والرفض والتردد.. كيف تفاعلت أوروبا مع مذكرة توق
...
-
مأساة في لاوس: وفاة 6 سياح بعد تناول مشروبات ملوثة بالميثانو
...
-
ألمانيا: ندرس قرار -الجنائية الدولية- ولا تغير في موقف تسليم
...
-
إعلام إسرائيلي: دوي انفجارات في حيفا ونهاريا وانطلاق صفارات
...
-
هل تنهي مذكرة توقيف الجنائية الدولية مسيرة نتنياهو السياسية
...
-
مواجهة متصاعدة ومفتوحة بين إسرائيل وحزب الله.. ما مصير مفاوض
...
-
ألمانيا ضد إيطاليا وفرنسا تواجه كرواتيا... مواجهات من العيار
...
-
العنف ضد المرأة: -ابتزها رقميا فحاولت الانتحار-
المزيد.....
-
عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية
/ مصطفى بن صالح
-
بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها
/ وديع السرغيني
-
غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب
/ المناضل-ة
-
دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية
/ احمد المغربي
-
الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا
...
/ كاظم حبيب
-
ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1)
/ حمه الهمامي
-
برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب
/ النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
-
المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة
/ سعاد الولي
-
حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب
/ عبدالله الحريف
-
قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس
/ حمة الهمامي
المزيد.....
|