|
المجرات: جزر كونية في الفضاء العملاق
صبري المقدسي
الحوار المتمدن-العدد: 4097 - 2013 / 5 / 19 - 10:58
المحور:
التربية والتعليم والبحث العلمي
المجرات: جزر كونية في الفضاء العملاق إعتقد العلماء في القديم أن الكون بما يحويه من مجرات وسدم يؤلف نظاما سكونيا مستقرا، إلا أن الفلكي أدوين هابل، إكتشف أن جميع المجرات تتباعد عنا بسرعات تتناسب طرديا مع بعدها عنا. وسمي هذا الاكتشاف بقانون هابل Hubble Law ، وتوسعت نظرة العلماء بعد ذلك حول الكون والمجرات التي فيه ولاسيّما بعد الارصاد الفلكية الضخمة التي إستخدموها والتي ساعدتهم لرؤية أشكال متوهجة لمجرات بعيدة وبأعداد هائلة، وذات أشكال مختلفة. وإستنتجوا "أنها في بنية الكون كالعشيرة في بنية المجتمع"(الاستاذ الدكتور محمد باسل). وكان لدخول التصوير الفلكي الدور المهم والدقيق في أخذ الصور لهذه المجرات مما ساعد وبشكل كبير على إكتشافها ودراستها ومعرفة أشكالها وحجمها وعددها. وأصبح بإستطاعة العلماء رصد هذه الحشود النجمية الضخمة، والتي تقع عبر مسافات بعيدة جدا، ولم يكن يعرف بأنها مجرّد مجرات كونية أو بالاحرى جزر كونية في الفضاء العملاق. وتوصل العلماء الى نتيجة مفادها أن الكون يتكون من أعداد هائلة من هذه المجرات التي تتشكل من مجاميع مجرية عملاقة متفاوتة الاحجام، والتي تقدر بأكثر من مليار مجرة (1000) مليون (مليار) بين صغيرة وكبيرة ومنتظمة وغير منتظمة. ولما كان تقدير العلماء بوجود 1000 مليون الى 2000 مليون نجم في كل مجرة، مما يعني وجود أكثر من (مئة مليار مليار) نجم أي 10 مع 20 صفرا، ويعدّ هذا الرقم كبيرا لغاية الدرجة، مما يدل على أننا جزء من كون عظيم حقا، يُمجد كل جزء فيه الله الخالق بوجوده ونظامه وترتيبه. فالمجرات بالعموم هي الوحدات الاساسية في البناء الكوني، تتجمع مع بعضها، كما يتجمع الافراد لتشكيل المجتمع. وكل مجرة مفصولة عن الاخرى بفضاء فارخ تماما، إلا من بعض ذرات الهيدروجين. فهي إذا نظم كونية شاسعة الاتساع تتكون من التجمعات النجمية والغازات والغبار الكوني (الدخان الكوني)، وبتركيز يتفاوت من موقع لآخر في داخل كل مجرة. وتختلف نجوم هذه المجرات في أحجامها، ودرجات حرارتها، ودرجات لمعانها. ومعظم النجوم بعيدة جدًّا عن الأرض بدرجة لا تسمح بقياس مسافاتها بالأميال أو الكيلومترات. باستثناء الشمس فهي أقرب النجوم للأرض، ولهذا تعتبر شمسنا مصدر خيراتنا وسبب وجودنا وحياتنا التي لولاها لما كنا هنا، ولما كان أي نوع من الحياة على كوكبنا الجميل. وأقرب نجم إلى الشمس هو قنطورس القريب على مسافة 4.3 سنة ضوئية من الشمس. والسؤال الذي يتبادر الى الذهن دائما هو كيفية نشوء هذه المجرات والجواب في طبيعة الحال يكمن في الانفجار الكوني الكبير، وتعطينا الأرصاد الفلكية معلومات حول ولادة النجوم في المجرات الأولية التي تشكلت قبل مجرتنا الحالية. وثمة بقايا منها وهي ما يسميه العلماء بالمجرات القزمة. إذ أن المجرات هي بمثابة الجزر الكونية التي ترتبت في مجموعات نجمية منتضمة وغير منتضمة تتماسك بتأثير القوة الثقالية. وتقترح بعض النظريات أن المجرات في بداياتها بدأت كسديم هائل الاتساع يبلغ مداه ملايين السنين الضوئية، ثم تجمعت أجزاءه حتى تركزت مادته فيما تزايدت سرعة دورانه حول نفسه. وبسبب دورانها تأخذ المجرات شكلا مفلطحا. وفي نظرية اخرى، المجرات هي سحابات غازية عملاقة داكنة اللون كروية الشكل تدور حول نفسها، إنكمشت تحت تأثير القوى الجاذبية الذاتية حتى تكون لها قرص مجري بعد فترة طويلة. وأخذت بعض الذرات بالتجمع والاحتشاد فيما بينها حتى تتحول الى سحابة غازية ضخمة تبدأ السحابة بالدوران حتى تصل الى الشكل المطلوب. وللعلماء نظريات مختلفة أخرى عن نشوء المجرات وتطورها، حيث يُعتقد أن المجرات إتخذت مسارات مختلفة في تطورها بعد الانفجار الكبير ولا تزال في حالة التطور والنشوء والتكوين. وقد جاء في نظرية هبل أن الأنواع المجرية المختلفة تمثل مراحل مختلفة من تطور المجرات، وهي تتطور من حالة الى أخرى كالمجرات الاهليجية التي تتطور الى مجرات حلزونية. ونعرف اليوم أن المجرات العدسية تنتج عن إندماج مجرتين حلزونيتين غنيتين بالغازات. فخلال إندماج المجرتين يزداد تشكل النجوم التي تستهلك الغازات الموجودة في المنظومة المندمجة. ولهذا فإن المجرات العدسية هي على الأرجح مجرات هرمة. وأما المجرات اللولبية فتطورها يكون على نحو مختلف عن الاهليجية. وبالرغم من كل هذه المعارف إلا أن العلماء لا يستطيعون الاجابة عن كثير من الاسئلة مثل الأسباب الكامنة وراء تغيير شكل المجرات ولمعانها وبريقها خلال مجرى حياتها. ويدل المسح الفوتوغرافي للكون على أن معظم المجرات تنتمي الى مجموعات تدعى بالعناقيد المجرية التي هي في معظمها حشود مندفعة من أكوان معزولة يُقيدها أو يسيطر عليها عضو مهيّمن أو أكثر بتأثير قوته الثقالية العظيمة. وتميل هذه العناقيد المجرية للتجمع مع عناقيد مجرية أخرى لتكون العناقيد المجرية العظمى Super Clusters ، وترتبط كل هذه المجرات ببعضها البعض بتأثير القوة الجاذبية(الثقالية). وقد اكتشف العلماء دزينات من هذه العناقيد العظمى، وكل واحدة منها تحتوي على العديد من العناقيد الصغيرة المتناثرة في مناطق الفضاء، والتي تمتد الى عشرات الملايين من السنين الضوئية. وتنقسم المجرات بحسب العلماء الى: المجرات اللولبية أو الحلزونية Spiral galaxies وهي مجرات ذات أذرع تلتف لولبيا نحو الخارج. ومجرات إهليجية (بيضوية) Elliptical galaxies وهي مجموعة نجومية ضخمة ذات شكل كروي أو بيضوي، وليس لها أذرع، وتشكل نحو 70 % من مجموع المجرات الكونية المعروفة. ومجرات غير منتظمة ومتنوعة الاشكال irregular galaxies ، ولا تمتلك شكلا مُحددا، فلا هي بيضوية ولا دائرية ولا لولبية. وعادة ما تكون هذه المجرات صغيرة الحجم، ولا تشكل سوى 5 % من مجموع مجرات الكون. وأنواع اخرى من المجرات منها العدسيةlenticular galagxies والاهليجية فائقة العملقة، والقزمية dawrf galaxies . والمجرات الراديوية Radio Galaxies : وهي نوع من المجرات التي تطلق أمواجا راديوية قوية، ويميل شكلها الى المجرات الاهليجية. والمجرات المتصادمة Galxies in Collision والتي تتصادم نجومها مع بعضها البعض بحيث تتداخل نجومها مع نجوم المجرات الاخرى. والمجرات المنفجرة Exploding Galaxies : وهي من نوع المجرات التي تتمدد آلاف الكيلومترات، وتؤدي الى انفجار الأشعة الراديوية القوية. ومجرات سيفيت Syfett Galaxies والتي اكتشفت سنة 1943 من قبل كارل سيفرت والتي تطلق اشعة تحت الحمراء والاشعة السينية. وأنواع أخرى من المجرات قد تكتشف في المستقبل لكونها في حالة نمو وتطور وزيادة مستمرة ما دام الكون في حالة نمو وتفاعل. وهناك ايضا نظاما آخر للمجرات في الكون والتي تجتمع في تجمعات مختلفة وبأشكال مختلفة في ما يشبه بالعناقيد، وتسمى بالعناقيد النجمية Star Clusters وهي على نوعين: العناقيد المفتوحة Open Clusters والتي تكون نجومها متباعدة مثل كوكبة الثريا التي تقع في برج الثور والذي تبعد حوالي 120 فرسخا فلكيا(391 سنة ضوئية). والعناقيد المغلقة Globular Clusters والتي تكون نجومها متقاربة وشكلها عادة كروي على الاغلب، ولهاذا تسمى بالعناقيد الكروية، وتحوي على الملايين من النجوم ومعظم نجومها عملاقة عبرت مرحلة الحيوية والنشاط الى مراحل الشيخوخة والهرم.
#صبري_المقدسي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
كيف ولدت التقاويم
-
البهائية: المنشأ والجذور والعقائد الروحية
-
الطاوية: المنشأ والجذور والعقائد الروحية
-
الديانة السيخية: المنشأ والجذور والعقائد الروحية
-
الجاينية: المنشأ والجذور والعقائد الروحية
-
الكونفوشيوسية: المنشأ والجذور والعقائد الروحية
-
الشنتوية: المنشأ والجذور والعقائد الروحية
-
البوذية: المنشأ والجذور والعقائد الروحة
-
الإسلام: المنشأ والجذور والعقائد الروحية (ج 2)
-
الإسلام: المنشأ والجذور والعقائد الروحية (الجزء الثاني)
-
الإسلام:المنشأ والجذور والعقائد الروحية(الجزء الاول)
-
المسيحية: المنشأ والجذور والعقائد الروحية(الجزء الثالث)
-
المسيحية: المنشأ والجذور والعقائد الروحية(الجزء الثاني)
-
المسيحية: المنشأ والجذور والعقائد الدينية(الجزء الاول)
-
اليهودية: المنشأ والجذور والعقائد الروحية
-
الزرادشتية: المنشأ والجذور والعقائد الروحية
-
الزواج: واحد + واحد = واحد
-
الهندوسية: المنشأ والجذور والعقائد الروحية
-
الأمل نزعة فطرية تعلم التشبث بالحياة
-
سعادتي في الايمان
المزيد.....
-
بالصور..هكذا يبدو حفل زفاف سعودي من منظور -عين الطائر-
-
فيديو يرصد السرعة الفائقة لحظة ضرب صاروخ MIRV الروسي بأوكران
...
-
مسؤول يكشف المقابل الروسي المقدّم لكوريا الشمالية لإرسال جنو
...
-
دعوى قضائية ضد الروائي كمال داود.. ماذا جاء فيها؟
-
البنتاغون: مركبة صينية متعددة الاستخدام تثير القلق
-
ماذا قدمت روسيا لكوريا الشمالية مقابل انخراطها في القتال ضد
...
-
بوتين يحيّد القيادة البريطانية بصاروخه الجديد
-
مصر.. إصابة العشرات بحادث سير
-
مراسل RT: غارات عنيفة تستهدف مدينة صور في جنوب لبنان (فيديو)
...
-
الإمارات.. اكتشاف نص سري مخفي تحت طبقة زخرفية ذهيبة في -المص
...
المزيد.....
-
اللغة والطبقة والانتماء الاجتماعي: رؤية نقديَّة في طروحات با
...
/ علي أسعد وطفة
-
خطوات البحث العلمى
/ د/ سامح سعيد عبد العزيز
-
إصلاح وتطوير وزارة التربية خطوة للارتقاء بمستوى التعليم في ا
...
/ سوسن شاكر مجيد
-
بصدد مسألة مراحل النمو الذهني للطفل
/ مالك ابوعليا
-
التوثيق فى البحث العلمى
/ د/ سامح سعيد عبد العزيز
-
الصعوبات النمطية التعليمية في استيعاب المواد التاريخية والمو
...
/ مالك ابوعليا
-
وسائل دراسة وتشكيل العلاقات الشخصية بين الطلاب
/ مالك ابوعليا
-
مفهوم النشاط التعليمي لأطفال المدارس
/ مالك ابوعليا
-
خصائص المنهجية التقليدية في تشكيل مفهوم الطفل حول العدد
/ مالك ابوعليا
-
مدخل إلى الديدكتيك
/ محمد الفهري
المزيد.....
|