أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أوس حسن - صناعة العنف















المزيد.....


صناعة العنف


أوس حسن

الحوار المتمدن-العدد: 4097 - 2013 / 5 / 19 - 10:24
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


هذه المقالة هي رسالة رد على بعثية فلسطينية تدافع عن جرائم صدام وتتهمني بالعهر والعمالة لأمريكا وايران
بعد مقالتي صناعة الوهم عند العرب هل هي موهبة فطرية أم مهارة مكتسبة؟
................................................................................................
تحية طيبة أختي الفاضلة:_
بسم الحرية في عليائها ..بسم الإنسان في كل مكان
بسم دماء الشعوب والأحرار الذين توهجت أرواحهم في ليل الرماد
قبل كل شيء وقبل أي شيء وقبل أن يتحرر الفكر من ثقل كلام تعتق بالوهم
وقبل أن تمسك الروح بناصية الحقيقة،لم يرهقني ولم يؤرقني في حياتي سوى وجع البشرية وليل أثقله تاريخ الأسى ..هكذا هم الأحرار المتحررون من كل إسار وقيد يعيشون غرباء،ويموتون غرباء،يعيشون قمة ويموتون قمة ويظلون أبد الدهر قمة لا تنكسر ولاتذروها عاصفات الرياح...يا أختي الفاضلة في رسالتي هذه سأتغاضى عن كل الشتائم القبيحة اللاأخلاقية، التي وجهتيها لي في رسالتك السابقة متجاوزا ًعنها أحتراما ً لإنسانيتك وكينونتك المقدسة في هذا الوجود،ودعيني أبدأ معك الحديث ...في مقالتي هذه أنا لم أتطرق أبدا ً لقومية أو طائفة أو دين بعكس ردك الذي كانت تفوح منه رائحة الطائفية البغيضة وقد وردت في عدة كلمات في مقالتك وأنت تعرفيها جيدا ً،أنا أحترم الإنسان لإنسانيته وحريته في الفكر والإرادة،واختيار المصير واقدس ثورات الشعوب وأبجلها دائما ً..،إن الغريب في الأمر هو أنك تتعكزين على مصطلحات دينية بائسة،لاتمت لي بصلة من قريب أو من بعيد،ربما لأن رب الشيعة والسنة هو رب نائم عاجز حتى عن مساعدة نفسه ،فمن هو الرب الذي يقبل للإنسان أن يذل ويستعبد على هذه الأرض ،ومن هو الرب الذي يقبل أن يسلم الحقيقة للشيعة ويترك السنة في الدرك في الأسفل أو العكس ، من هو الرب الذي يحتكر الجنة للمسلمين فقط ،من هوهذا الرب الذي يمارس عمليات الاغتيال والإبادة الجماعية، من هو هذا الرب الرخامي المعلق ؟؟؟،أنا أؤمن بالدين كفكر انساني كان قادرا ً على التغيير في فترة من فترات التاريخ،أؤمن بمحبة المسيح،تسامح محمد،عدالة عمر،فكرعلي،ثورة الحسين،أؤمن بها كنوع من الديالكتيك الذي يؤدي إلى التطور التاريخي أو جزء من صيرورة الوجود في دورته.ربما أطلت الحديث كثيرا ً عن هذا الرب الرخامي الوهمي،والأجدر بنا هنا أن نستكمل حديثنا عن الرب الحقيقي الفعلي الملموس والمحسوس الذي مات عن طريق الخطأ قبل فترة على أيدي قوات الإحتلال..(صدام حسين التكريتي)،واليك الحقيقة الآن يا أختاه كما هي مجردة من كل شيء ناصعة بيضاء:. لا يستطيع أحد من المؤرخين المجايلين لصدام حسين أن ينكر علاقته بالمخابرات المركزية الأمريكة التي بدأت بعد ثورة الزعيم الشهيد عبد الكريم قاسم (زعيم الفقراء)..عندما قام الزعيم الراحل عبد الكريم قاسم بثورة 14 تموز وانهاء الحكم الملكي في العراق ضربت مصالح الإنجليز الاستعمارية في البلد،وخصوصا بعد انهاء حلف بغداد العميل للاستعمار،وتأميم النفط.
فقد كانت الشركات العظمى الأجنبية تحتكر الإفتصاد وتتحكم بمصير الفرد،وكانت الطبقات البرجوازية والإقطاعية تنهش البلاد آنذاك،عبد الكريم قاسم لم يأت بثورة سياسية فقط بل كانت ثورة شاملة شملت جميع مناحي الحياة،عندما أجلي الإستعمار من البلاد فتم تأميم شركات النفط وتوزيع الأراضي على الفلاحين،والغيت كل الطبقات العليا المتواطئة مع المستعمرين والمتحكمة باقتصاد الفرد العراقي،عندها حاولت القوى الإستعمارية أن تعود إلى العراق بطريقة أخرى مغايرة،تجنبها المواجهة المباشرة وتعزز موقفها واستراتيجيتها في حربها الباردة مع الإتحاد السوفيتي،فقامت باحتواء مجموعة من العصابات الإجرامية التي كانت تنتمي لفكر ميشيل عفلق الشوفيني فتبنت فكرة القومية وعملت على تنشئتها في البلاد العربية وزرعها بطريقة مرعبة ومخيفة تعتمد على إلغاء الآخر وتهميشه كإنسان له حق العيش الكريم مهما كانت قوميته أوطائفته،من بين تلك العصابات كان صدام حسين التكريتي طالب حقوق في كلية القاهرة،فقامت المخابرات المركزية الأمريكية بتربيته وتدريبه، ومن بينهم كانت شخصيات
مرموقة في البيت الأبيض، مثل رامسفيلد وزير الدفاع الأمريكي السابق،فنفذ أول محاولة اغتيال ارهابية ضد الزعيم الراحل عبد الكريم قاسم،لكن عبد الكريم قاسم عفا عنه في قانون العفو ليموت بعدها الزعيم الراحل عبد الكريم قاسم مغدورا ً عاريا ًمن كل شيء اغتالته الآيادي الآثمة ولم يجدو في جيبه سوى ربع دينار عراقي،ومخدة وبطانية في وزارة الدفاع لم يكن يملك حتى أرض أو بيت،وكان من ضمن هؤلاء القتلة صدام حسين التكريتي،ومن بعدها استمرت حملات الاعتقال والتصفية الجسدية ضد الشيوعين والقوى والوطنية التقدمية وبمباركة أمريكية،"وتؤكد اليونايتد برس أنّ الـ CIA وكالة المخابرات المركزية الأميركية زوّدت البعثيين وبالتحديد رجال تشكيلات الحرس القومي المعروفة بعدد كبير من البنادق الآلية، وبقوائم تتضمن أسماء المشتبه بانتمائهم إلى الحزب الشيوعي العراقي ولتنظيمات شبه عسكرية كانت تسمى المقاومة الشعبية . ثم بدأت حملات زج الشيوعيين في السجون أو التحقيق معهم في محاكمات شكلية وإصدار أحكام الإعدام وتنفيذها بحق كثيرين منهم، طبقاً لما ذكره مسؤولون سابقون في المخابرات الأميركية كانت لهم معرفة عميقة بعمليات الإعدام المذكورة. وتؤكد هذه المصادر المخابراتية، ما يقوله (عادل درويش) الذي أخبر وكالة اليونايتد برس أن (صدام حسين التكريتي) قد أشرف على تنفيذ عمليات إعدام واسعة للشيوعيين، وخاصة تلك التي حدثت في قصير النهاية. وكان الأميركان بطبيعة الحال مسرورين، بل ويعملون وقتئذ على دعم مثل هذه الإعدامات وتمويلها. ويقول أحد كبار المسؤولين السابقين في وزارة الخارجية الأميركية: كنا بشكل صريح سعداء للتخلص من هؤلاء الشيوعيين. ولم يكن بوسعنا آنذاك لنقبل سؤال أحد: هل حصل هؤلاء على محاكمات عادلة؟. إن مثل هذا الأمر لم يكن مألوفاً. فالتخلص من الشيوعيين كان عملاً حقيقياً بالنسبة للأميركان."(1)
يقول الكاتب الأمريكي أندريو كوكبيرن في صحيفة النيورك التايمز الأمريكية أن الفترة التي أمضاها صدام حسين في القاهرة سنة 1963 قبل الانقلاب ضد حكم الزعيم عبد الكريم قاسم تعتبر فترة مجهولة في حياته ، ويشير الكاتب الى احتمال ان تكون الولايات المتحدة الامريكية قد اقامت علاقة مع صدام عن طريق وكالة المخابرات المركزية الامريكية خلال هذه الفترة ويشير الكاتب الى مقولة احد كبار مسؤولي الانقلاب وهو على صالح السعدي الذي قال انهم "وصلوا الى سدة الحكم في العراق على متن قطار امريكي".
وينقل الكاتب عن كبار ضباط المخابرات الامريكية السابقين وصفه لوصول صدام وجماعته الى الحكم عام 1963 بانه "كان نصرا عظيما".وفي تقرير امتد على صفحتين من صفحات الإندبندنت أون صنداي، تحت عنوان:" ذهب بأسراره إلى القبر: تواطؤنا مات بموته"، كتب روبيرت فيسك يقول:" لقد أخرسناه. فبمجرد أن أنزل الجلادون الملثمون كمين المشنقة صباح أمس، كانت أسرار واشنطن في مأمن."
ويضيف فيسك قائلا إن الدعم " الشائن و المخزي والمتستر" الذي قدمته الولايات المتحدة وبريطانيا خلال عشر سنوات لصدام حسين، قصة فظيعة لا يريد قادتنا أن يتذكرها العالم .
ويمضي فيسك معددا أوجه التعاون العراقي الأمريكي على عهد صدام حسين، ابتداء من "الدعم الشخصي الذي تلقاه من وكالة الاستخبارات المركزية سي آي إيه، للقضاء على الحزب الشيوعي العراقي" وانتهاء بالمؤازرة التي حظي بها خلال الحرب العراقية الإيرانية.
ويشير فيسك في هذا الصدد، إلى اللقاءات التي جمعت الرئيس العراقي الراحل مع كبار المسؤولين الأمريكيين عشية اندلاع هذه الحرب.
أما رئيس الحكومة الروسي السابق بريماكوف فقد قال حسب روايته "«فشلت محاولة اغتيال قاسم وقتل سائقه، أما قاسم فأصيب في يده. وتمكن صدام (حسين) الذي أصيب بجرح طفيف في ساقه برصاصة متآمر آخر، من الهرب إلى تكريت أول الأمر، بمساعدة المخابرات الأميركية والمصرية، ثم إلى سورية، حيث ساعده رجال المخابرات المصرية على الهرب إلى بيروت، وأخذت ترعاه هناك المخابرات الأميركية التي تكفلت إيجار الشقة والمصاريف اليومية. وبعد فترة ساعدت المخابرات الأميركية صدام على الانتقال إلى القاهرة. وعاد إلى العراق عام 1963 ورأس قسم الاستخبارات العسكرية في حزب البعث»."(2)
لم يكتف صدام حسين وأعوانه بتصفية القوى والقيادات اليسارية فقط،بل تعداه الأمر إلى قيادات في حزب البعث واغتيال شخصيات دينية من أهل السنة والجماعة،سعى صدام للسلطة الملطقة وللفردانية في الحزب فهو لم يكتف بتصفية القيادات الشيوعية اليسارية التي كانت متحالفة مع حزب البعث آنذاك..بل تعداه الأمر لتنحية الرئيس أحمد حسن البكربالقوة والإكراه،وتصفية الكثير من رفاق صدام في الحزب لمجرد اختلافهم معه في الرأي،بعدها بدأت حملات واسعة النطاق على الشعب العراقي من الموظفين والمدراء والصحفيين والمثقفين،فمن لم يصبح بعثيا ً إما يعدم أو يضيع في غياهب السجون،.. وتعرض أهلي لمضايقات شديدة وخصوصا ً أن جدي هو الشاعر والمناضل العراقي المعروف كاظم السماوي الشاعرالراحل الذي جايل بدر شاكر السياب ونازك الملائكة ومثل العراق في مؤتمرات عديدة للسلم للعالمي اضطر أن يغادر العراق مع عائلته التي تشتت في المنافي فمنهم من مات ومنهم ومن قتل والبقية لم تعد إلى أرض الوطن لأن الدكاتورية لم تغادر ارض العراق وحلت محلها دكتاتورية من نوع آخرمازالت تعيث فساداً وتسفك الدماء . رغم أنني أعرف تاريخ الفرس الشعوبي منذ العصر العباسي إلى عصرنا الحديث،وما ضمته أدبياتهم من حقد أعمى على العرب وتاريخهم ،لكني استطيع أن أجزم لكِ أن الحرب العراقية الإيرانية لم تكن سوى لعبة شطرنج بين أمريكا والإتحاد السوفياتي،هذه الحرب التي راح ضحيتها خيرة أبناء العراق،من مثقفين وأدباء وفنانين وعلماء..،كان الشاب يقتاد قسرا واجبارا ًإلى الحرب حرب لم يكن يؤمن بمبادئها ولا انسانيتها،حرب مصالح ودول،حرب لم يكن فيها خاسر ولا رابح،رغم أنني في المقالة لم اشر إلى الحرب العراقية الايرانية،بل اشرت الى الجيش العراقي بعد حرب الخليج 1991،يقول ريتشارد سيل محرر اليونايتد برس- "إن علاقة الـ CIA ووكالة الاستخبارات العسكرية بـالرئيس (صدام حسين) تكثفت بعد بداية الحرب الإيرانية-العراقية في سبتمبر-أيلول 1980. وبشكل اعتيادي أرسلت الـ CIA فريقاً الى (صدام) لتزويده بالمعلومات الاستخبارية عما يجري في ساحات القتال والصور التي تحصل عليها طائرات المراقبة السعودية (أواكس) وهي بالتأكيد مساعدة مؤثرة لصالح القوات العراقية المسلحة، طبقاً لمسؤول الـ DIA السابق، وهي جزء من مجموعة الوكالات الاستخبارية في الولايات المتحدة. وقال هذا المسؤول السابق إنه وقـّع شخصياً على وثيقة مشاركة بين استخبارات القمر الصناعي الأميركي مع الإثنين العراق وإيران في محاولة لخلق مأزق عسكري . وأضاف قوله: عندما وقعت هذه الوثيقة، أحسست وقتها كأنني أفقد عقلي . ويذكر مسؤول سابق في المخابرات المركزية الأميركية ممن عملوا في العراق أن الرئيس (صدام حسين) خصص فريقاً من ثلاثة ضباط رفيعي المستوى من الاستخبارات العسكرية العراقية لاجراء اللقاءات مع رجال الاستخبارات الأميركان والتنسيق معهم."(3)
لكن لا بد من الإفصاح قليلا ً يا أختي الفاضلة عن بعض الحقائق السوداء... خالي ابا رامي ..كان يدرس الإخراج السينمائي والمسرحي في مدينة بوتسدام في ألمانيا وكان متزوجا ً ولديه طفلين ويعيش حياة مستقرة ماديا ً ومعنويا ً،عاد للعراق لاجراء بعض المعاملات الروتينية في العراق،اقتيد قسرا ًالى الحرب كما اقتيد آلاف المبدعين والفنانين إلى هذه الحرب، عاش خالي تفاصيل الحرب العراقية الايرانية ثماني سنوات كاملة بأوجاعها وآلامها ،لم ير فيها ولديه ولا زوجته،ولم يسمع عنهما خبر بعد انتهاء الحرب بأعوام كان خالي ينزوي لساعات طوال في غرفته يرسم ولديه والدموع تنهمر على وجنتيه يستحضرهما من بقايا الذاكرة المريرة،توفي بعدها خالي بمرض السرطان متأثرا ً بسموم الغازات الكيميائية التي عاشها في هذه الحرب مخلفا ً وراءه سيرة حزن أسود،مات ابا رامي ولم تمت ابتسامته.
خالي نصير الذي لم يتجاوز الثلاثين من عمره قتل في بكين..دخلت عليه المخابرات العراقية،بمساعدة رجال من المافيا العالمية،إلى غرفته التي كان يستأجرها في الفندق،ضربوه ضربا ً مبرحا ً بأداة حادة من الساعة الثالثة إلى السادسة صباحا ً،ظل يزحف ببطىء وروحه تخرج رويدا رويدا ً،كان بقصد مقبض الباب ليفتحه،لم يصل إلى الباب كان يحتضر وروحه تريد الرحيل ،مات خالي مات الربيع في خريفه لكن الفراشات لم تمت.وهي ترقص على قبره
والد صديقي الفلسطيني الذي أعدمه صدام لأنه كان شيوعيا ً ورفض أن يساوم على فلسطين
الاف المعتقلين السياسين الذين ذوبوا في احواض تيزاب،وظل صدى آهاتهم يأتي مع الريح
الأم التي انتظرت ولدها أن يعود من المدرسة يوما ً،فشاخت بها السنون وارتسم على وجنتيها وجع الانتظار،لترى ابنها رقما ً في المقابر الجماعية فأصابها الجنون جزاء ً على صبرها الجميل.
الولد الذي انتظر أباه ان يأتي له بقطعة شوكلاته في نهاية المساء،ظل الولد ينتظر سنوات طوال ،لكنه مات غريبا ً في وطنه مات على ارصفة الطرقات،وهو يسبح باسم العراق.وحمده
سآخذك بجولة إلى جنوب العراق لتري حجم الدمار والكارثة،سأجعلك تجلسين مع الأرامل واليتامى والثكالى، مع المجانين والمعوقين وضحايا الحرب..ماذا ستقولين لهم يا أختي الفاضلة..ماذا ستقولين لهم بحق السماء وربك صدام الذي تعبديه،ماذا ستجاوبين طفلاً ارتعشت شفتاه وهو يحدثك عن اباه الذي ذهب ولم يعد ..اريدك فقط ان تري ملامح الخوف وهي ترتسم على ملامح البائسين وهم يحدثوك عن الذاكرة،ماذا ستجاوبين الثكالى المنكوبات،هل ستحدثيهم عن قوة العراق العسكرية كخامس جيش في العالم،هل ستحدثيهم عن مواقف صدام المشرفة من القضية الفلسطينية،هل لمست لون الحزن بيدك،هل عرفت طعم الأسى،هل أحسست كيف تثقب الرئة عند الشهيق وهي تتنفس هواء الفجيعة،لكنهم رغم ذلك يا أختي الفاضلة يرفضون المحتل الأجنبي،يرفضون أكاسرة الفرس،وسلاطنة تركيا،وهمجية امريكا،..أنا يا أختي من عائلة كانت ترفض الحل العسكري للإطاحة بصدام،كنا نرفض منذ 1991 إلى 2003 أن تشن الدول الاستعمارية الأمريكية حربا ً.باسم الحرية المزيفة والديمقراطية الوهمية،كنا نرفض المحتل ليس نحن فقط،بل الكثير من المعارضين لحكم صدام، المعارضون الشرفاء الذين رفضوا الحرب الامريكية على العراق استبعدوا خارج العراق بعد الحرب ومنهم من تم تصفيته جسديا ًعلى أيدي المليشيات الطائفية والعميلة،كنا نؤمن أن التغيير يأتي من الداخل من أبناء الشعب،لكن القوى الغربية قامت بمحاربة هذه المعارضة والثلة الوطنية الشريفة قبل ان تشن الحرب غير الشرعية على العراق سنة 2003 قوى كانت تضم يساريين وبعثيين وقوى تقدمية،حتى من رفاق صدام ومن مؤسسي حزب البعث الأوائل،كانت ثلة وطنية شريفة رفضت الحرب الامريكية على العراق سنة 1991 وسنة 2003،وأخيرا ً يا أختي الفاضلة ماذا تقولين لرموز من تاريخ العراق الحديث شعراء وفانين ومثقفين،هربوا من بطش صدام وجلاوزته،منهم من مات في المنافي مشردا ً على أرصفة الطرقات ومنهم مازال على قيد الحياة يعيش غربته الروحية والفكرية والجسدية، ماذا ستقولين للجواهري ومظفر النواب وسعدي يوسف وعبد الوهاب البياتي،وجواد سليم،وكاظم السماوي،وهادي العلوي،والكثير من شهداء ومناضلي الأهوار،هل ستردديها بأعلى صوتك انتم عملاء لإيران وأمريكا؟؟ هل ستصرخين في أرواحهم ذات ليلة لو زاروك،أم أن شفاهك سترتعش خوفا ً وألما ً عندما يستيقظ فيك وحش كاسر يسمى الضمير،وقد يصيبك بالجنون من هول الصدمة..أنت تعرفين جيداً أن هذه الرموز هي جزء من تاريخ العراق الحديث وهي من ناضلت ضد الامبريالية الامريكية وقوى الاستعمار الغربي بالكلمة والفن والضمير الصادق،ورفضت المشروع الإيراني المعروف في هيمنته على الجنوب وثروات الشعب العراقي،ومن ثم تأتين بكل بساطة وسذاجة يرددها الإعلام في الشارع العربي لتتهميني بالعمالة والعهر للنظام الايراني والأمريكي،يالها من سخرية للقدر أنا الذي رفضت الدين و تحررت منه إلى الأبد،سحقا ً لكل الأديان والطوائف،سحقا ًلكل القوميات إذا كانت تلغي قداسة الإنسان سحقا ً لها ،لعابدها ومعبودها،إن كان الانسان يبكي ويتعرى ويجوع،ويموت كما تموت الكلاب السائبة، ليست الحال في بلادنا أفضل مما هي عليه في وقت صدام بل الحال أسوأ والإنسانية منتهكة،والبلاد مستعبدة منقسمة،مقابر جماعية جديدة اضيفت،ودماء جديدة أريقت،ليل يئن من القادمين الغرباء،من تناهشوا غربتنا مرة أخرى في أوطاننا،من داسوا على وجع الفقراء،وقتلوا الحسين مرة أخرى،من سجنوا عليا ً في بيت عمر،وسجنوا عمر في بيت علي،وأخرسوا صرخة أبي ذر والقعاع، بلادنا الآن تصحوا على ليل ٍوتنام على ليل،تبحث عن الصبح في صباحاتها،وعن القمر في مساءاتها،فقدنا بسمة الفجر الوليد،وضحكات العصافير على نوافذنا،فقدنا العروبة في لغتنا،جريحة هي تراتيل الفرات،وحزينة صلاة النخيل وهي تحني قاماتها لتقبل ثغر دجلة، نحتاج قليلاًمن الوقت فقط لنشفى من ذاكرة الحروب وأناشيد الموت ، لنعود كما كنا وأقوى مخلفين وراءنا تاريخا ًمن الألم ،أرجوك يا أختاه تحرري من أفكارك المحنطة،من عقلك المتحكم فيه،من موروث العائلة والعشيرة والمفهوم السائد،تحرري من عبودية نفسك،ومن فكرة المهدي الموعود،وصدام المنقذ،وكلكامش الخالد،اقتربي قليلا ً واشعلي شمعة قرب ظلال الآخرين،لترين كم هو جميل الآخر،يستطيع أن يحب مثلك،وأن يتألم مثالك،وأن يداعب طفله مثلك،وأن ينثر الورد على أجنحة الطيور إن كان سعيدا ًمثلك.الشاعر الفلسطيني الكبير الراحل محمود درويش وهو يقاتل أشد الأعداء على وجه الأرض اليهود الصهاينة،كان دائما ً يردد مقولة جميلة.كان يقول"ممكن أن نجد الإنسانية حتى في عدونا"،وهذا لم يمنعه من أن يحب،ويغضب ويتمرد دون أن يؤسس لقاعدة العنف التي تعتمد الغاء الانسان وفنائه،من نحن يا أختاه لنهندس عواطف النفس البشرية ونقولب مشاعرها كما نشاء،أحبي من شئت،واكرهي من شئت،دون أن تروجي للعنف والقتل، فلا قداسة تعلو على قداسة الحرية،ولا مجد يعلو على مجد الإنسان،سلاما ً للإنسان سلاما..
واسمحي لي أن انهي رسالتي بمقطع صغير لشاعرنا الكبير عبد الوهاب البياتي:-
ونحن من منفى إلى منفى
ومن باب إلى باب
نذوي كما تذوي الزنابق
في التراب
فقراء يا وطني نموت
وقطارنا أبدا ً يفوت.
.................................
(1)..من بحث لذياب مهدي حسين الحوار المتمدن العدد 2825 بتاريخ 10-11-2009
عنوانه (هل كان صدام عميلا ً للمخابرات الامريكية ج2
(2) سمير عطا الله / صحيفة الشرق الأوسط
(3) بحث لذياب مهدي حسين الحوار المتمدن العدد 2825 بتاريخ 10-11-2013



#أوس_حسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فجر النهايات
- صناعة الوهم عند العرب هل هي موهبة فطرية أم مهارة مكتسبة؟
- -رحلة إلى ملكوت الله-
- لوحات شتائية من ذاكرة مساء هرم
- قصائد لهاينرش هاينه ترجمها عن الألمانية رياض كاظم السماوي
- قصائد لهاينرش هاينه ترجمها عن الألمانية رياض كاظم السماوي
- بالأمس
- سنابل الوجع
- ناجي عطالله وفرقته الناجية /
- خديعة
- قناع الوالي
- قصائد قصيرة /2
- صوت من مقبرة الأحياء ...((نص))
- ليلك يا شام
- قصائد قصيرة..بقلم اوس حسن
- (( تحذير للغرباء))


المزيد.....




- السعودية تعدم مواطنا ويمنيين بسبب جرائم إرهابية
- الكرملين: استخدام ستورم شادو تصعيد خطر
- معلمة تعنف طفلة وتثير جدلا في مصر
- طرائف وأسئلة محرجة وغناء في تعداد العراق السكاني
- أوكرانيا تستخدم صواريخ غربية لضرب عمق روسيا، كيف سيغير ذلك ا ...
- في مذكرات ميركل ـ ترامب -مفتون- بالقادة السلطويين
- طائرة روسية خاصة تجلي مواطني روسيا وبيلاروس من بيروت إلى موس ...
- السفير الروسي في لندن: بريطانيا أصبحت متورطة بشكل مباشر في ا ...
- قصف على تدمر.. إسرائيل توسع بنك أهدافها
- لتنشيط قطاع السياحة.. الجزائر تقيم النسخة السادسة من المهرجا ...


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أوس حسن - صناعة العنف