|
الأكراد .. هل هم قادمون ؟
ياسين الياسين
الحوار المتمدن-العدد: 4096 - 2013 / 5 / 18 - 13:53
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
مازال وللأسف يستمر الأكراد بسياسة إبتزاز حكومة المركزالعراقية بسياسات باتت لانعرف أين يريدون الوصول بها ، والأمر الجديد الغريب يتمثل بسماحهم في فتح الحدود العراقية مع تركيا في الشمال على مصراعيها لدخول أفواج مقاتلي الجناح العسكري لحزب العمال الكردستاني التركي قادمين من معسكراتهم ومقراتهم في جبل قنديل ليعسكروا في شمالنا داخل الأراضي العراقية في واحدة من أكثر الخطوات إنتهاكاً لسيادة الدولة العراقية ، ودون إذن مسبق من الحكومة العراقية حتى وبدون علمها في خطوة لايمكن وصفها إلاّ غاية في الوقاحة وقلّة الأدب ومساس كبير ومتعمّد بسيادة الدولة العراقية وهيبتها وكرامتها ، وهذا الأمتهان القصدياتي لحكومة المركز هو محاولة لإبتزازها من جديد ، وجعلها تقبل أمراً واقعاً جديداً يرومون من ورائه إخضاعها شاءت أم أبت إلى أجندات كردية تم رسم خطوطها ومعالمها في دهاليز مظلمة خارج الحدود العراقية مع الشريك التاريخي للأكراد والعدو البغيض لهم ، والذي يحمل كل أثقال حقده البغيض تاريخياً على كل ماهو عربي وكردي ، والمريض بحلم مستعصياً عليه جداً بأعادة أمجاد الأمبراطورية العثمانية التي كانت هزيلة أصلاً في أحسن حالاتها ، والكورد في العراق بدأوا يلعبون بوضوح بعد أن أماطوا اللثام عن أجنداتهم التي كانوا يخفونها منتظرين الفرصة المواتية وراء مواقف يصنعونها أويشاركون في صناعتها لمشاكل في المشهد السياسي العراقي ومحاولاتهم خلط الأوراق ثم يسارعون ليؤكدون حلّها كردياً بغية فرض واقع جديد لحضور كردي في مشاكل الأسرة السياسية في العراق ، ومحاولة تأكيد هذا الحضور الكردي وترسيخه في الذهنية العراقية وجعله متأصّلاً وأمراً لابد منه لحلحلة أي معضل قد يحل بالبلد في قابل الأيام ، وهم يرومون من وراء ذلك فرض واقع دراماتيكي جديد وديموغرافيا سياسية جديدة من خلال كم المداخلات والتداخلات الكركوكلية ، والجعل منها السكين الذي يخز الخاصرة العراقية متى شاؤوا لذلك ، والأستمرار بعمليات قرص الأذن لأتباعهم ومريديهم من الساسة العراقيين من العرب أو على الأقل الضغط على الحكومة بعد تفعيل كل إزمة داخلية بينها وبين الكتل العربية الأخرى من وراء الأستار ، والمتمثلة بالعدو الند لها والتي تمثله القائمة العراقية ، ومعروفة هي عمليات المد والجزر في السياسة الكردية تجاه الكتل البرلمانية وهي تمارس عمليات التمدد والتقلص بيسر ومرونة عالية مستخدمة بذلك كل إمكانياتها العالية وكل أدوات تلك الأمكانيات المتمثلة بوزراء في مواقع مهمة في الدولة العراقية ، واللوبي الكبير لهم والذي يتوزع في مؤسسات الدولة المهمة وبذكاء منقطع النظير ، وبدأت لهم عمليات جس نبض من خلال البدء بفعاليات على الأرض تثير حفيظة المركز ، وتشكل إخلالاً بسيادة الدولة ، وتعزيز تواجد وتحركات عسكرية دائمة للبيشمركة وفرضه أمراً واقعاً ، ومن خلال التمهيد لذلك باللجوء لحجج متعددة منها على سبيل المثال تواجد قوات دجلة العراقية في مناطق يدّعون هم ومن طرف واحد أنها تابعة لأقليم كوردستان ، ولذلك وجدتهم يصرّون على مطالبة حكومة المركز حل قيادة عمليات دجلة أو على الأقل ضرورة إنسحابها من أراض متنازع عليها حسب إدّعائهم وبأسرع وقت ، ولكن الذي يثير الأنتباه أن الأكراد يضمرون أشياء تجاه حكومة المركز ولم يعملون أوبالأحرى يتعاملون مع الحكومة بنوايا حسنة ، وقد إجترأت قيادات الأقليم وحكومته وبشكل صارخ على المركز والسيادة العراقية من خلال السماح لقوات الجناح العسكري لحزب العمال الكردستاني التركي بالدخول والتعسكر داخل الأراضي العراقية ومن دون أخذ إذن حكومة بغداد وحتى بدون علمها ، وهم الذين أقاموا الدنيا ولم يقعدوها بسبب تواجد قيادة عمليات دجلة العراقية هناك ، وقد وصلت بالفعل أولى طلائع أفواج تلك القوات قادمة من جبال قنديل إلى داخل الأراضي العراقية في شمال العراق ، وأما الحكومة العراقية ومن جانبها فقد أعلنت أنّها ستقدّم شكوى إلى مجلس الأمن الدولي إحتجاجاً على وصول أوّل مجموعة من مقاتلي الحزب المذكور إلى إقليم كردستان معتبرة أن دخولهم إلى الأراضي العراقية يلحق ضرراً بالغاً بالعلاقة مع تركيا . إن الأكراد ومنذ زمن ليس بالقصير يعدّون عدّتهم ويحزمون أمرهم لأمر دبّروه بليل بعيداً عن الأضواء ، وهم يجنّدون لهذا الأمر كل إمكانياتهم وملكاتهم المادية والمعنوية ، ولديهم الأستعداد الكبير حسب ماصرّحوا به مراراً وتكراراً في مناسبات عدة أنّهم ربّما قرروا الأستقلال وإحترام خيارات شعبهم بحسب قولهم ، ولذلك لم يعمدوا مع الكتل العراقية إلى تبني سياسة واضحة في التقرب أوالأبتعاد عن كتلة ما أومكوّن معيّن بل جعلوا المصلحة الكردية هي الديدن ، وهي تعلوا كل علاقة مهما إنبسطت أوإنكمشت مع الآخرين ، وهم يتلاعبون بذكاء مع حكومة المركز من خلال التمدد والتقلص تجاه القوائم الأخرى لأتخاذ مواقف أكثر إبتزازاً تجاه الحكومة ، ولايخفى أن الكتل الأخرى التي لها أجندات تجاه الحكومة توظف هذا التجاذب مع الأكراد تجاه المواقف من حكومة بغداد بغية الحصول على مكاسب وإشتراطات يملونها على الحكومة هنا وهناك رغم معرفتهم الدقيقة بنوايا الجانب الكردي ، وفي واحدة من تلكم المواقف لهذه التجاذبات دعوة إحدى النائبات من القائمة العراقية قبل أيام الأكراد لأختيار رئيس كردي بديلاً عن الرئيس جلال الطالباني الذي طال علاجه خارج البلد لشغل منصب رئيس الجمهورية ، وكلّنا يعرف قبلاً مواقف القائمة العراقية التي كانت تطالب بمنصب رئيس الجمهورية وأن يكون عربياً سنياً ، وكان الأجدر بهذه النائبة المتذاكية أن توجه خطابها في تصريحها ذلك إلى الكتل العراقية بكل قوائمها لأختيار رئيساً للجمهورية وفق الدستور ، وبعد ذلك تتم المناقشة والتداول والتوافق في أن يكون كردياً أوعربياً أوحتى مسيحياً ولاضير بعد إتفاق الجميع وإحلال حالة حضارية قيمية ودستورية في آن معاً ، ووفقاً لكل هذه المعطيات طفت اليوم وبشكل واضح على السطح مشاكل ستشكل الأفيون القاتل للشعب العراقي إن لم تسارع الكتل العراقية إلى وضع حد لحالة الأستفحال تلك كدرنات سرطانية خبيثة لاتحمد عقباها ، وتحجيمها تمهيداً لوأدها وإستئصالها وهي في مهدها بعد ، وهي أن الشريك الكردي لم يعد حليفاً وطنياً يتقاسم همومك وأحزانك بعد اليوم ، وهو ماض في سياسة الأبتزاز والمساومة ، ولم يعد يؤتمن له جانب ، وبدا عليه أنّه شريك إنتهازي يتحيّن الفرص للأنقضاض في لحظة ينتظرها ، وهو من سيقرّرها ، ولاننسى أنه إعترض قبلاً على صفقة أسلحة لحكومة المركز لتبقى ضعيفة ، ولتسنح له من خلال موقف واهن جداً وضعيف يترقبه يوماً بيوم لحكومتنا في المركز لتحقيق أحلامه الجديدة القديمة في دولة كردية مستقلة ، وهنا يجب الأعداد والأستعداد الجيد ، وأن لانفاجأ بمثل هكذا موقف ومواقف بعد اليوم ، ولو سارعنا إلى قرار شجاع نريحهم به ونستريح ، فأنّه ولابد سيكون قراراً إستراتيجياً وخطوة من حكوماتنا في غاية القوة والشجاعة إن هي أقدمت على مثل هكذا خطوة ، وإلاّ فأن الأكراد ماضون في سياسة الأستفادة القصوى من موارد العراق العربية حتى النفس الأخير لبناء وترصين دولتهم على حسابنا ، وموظفي قنصلياتهم في سفاراتنا في الخارج أكثر عدداً من موظفي السفارة العراقية نفسها ، وجناح القنصلية الكردية في كل سفارة في أوربا والدول الأخرى أكثر أبّهة من السفارة ذاتها ، ومع ذلك هم ماضون قدماً في إبتزازنا وثلم هيبة دولتنا والمحاولات المستمرة في النيل من سيادتها ، ولانعرف مايفكرون به في قابل الأيام من رفع سقوف مطاليبهم إلى أمور أبعد ماتكون عن الواقعية وربما خيالية ، وربما هم قادمون إلى بغداد ، فماذا ننتظر .. وماذا هم منتظرون ! ! ! .
#ياسين_الياسين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الأنفجارات .. وثقافة الأستقالة
-
المحافظات .. ونتائج الأنتخابات
-
مشاركة وطنية .. أم شراكة حرامية ؟
المزيد.....
-
ماذا يعني إصدار مذكرات توقيف من الجنائية الدولية بحق نتانياه
...
-
هولندا: سنعتقل نتنياهو وغالانت
-
مصدر: مرتزقة فرنسيون أطلقوا النار على المدنيين في مدينة سيلي
...
-
مكتب نتنياهو يعلق على مذكرتي اعتقاله وغالانت
-
متى يكون الصداع علامة على مشكلة صحية خطيرة؟
-
الأسباب الأكثر شيوعا لعقم الرجال
-
-القسام- تعلن الإجهاز على 15 جنديا إسرائيليا في بيت لاهيا من
...
-
كأس -بيلي جين كينغ- للتنس: سيدات إيطاليا يحرزن اللقب
-
شاهد.. متهم يحطم جدار غرفة التحقيق ويحاول الهرب من الشرطة
-
-أصبح من التاريخ-.. مغردون يتفاعلون مع مقتل مؤرخ إسرائيلي بج
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|