أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - السخرية المصرية عبر العصور















المزيد.....

السخرية المصرية عبر العصور


طلعت رضوان

الحوار المتمدن-العدد: 4096 - 2013 / 5 / 18 - 01:09
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



عثر علماء الآثار المصرية على العديد من البرديات والجداريات التى تركها جدودنا المصريون القدماء ، تشهد بوجود فن الكاريكاتير. ففى بردية تعود للأسرة 22 حوار بين أعضاء الجسم والرأس الذى يقول ((أنا الشعاع الذى فى كل بيت ، يحمل الأشعة ويُخضعها)) بينما أعضاء الجسد تتهمه بالغرور. ويرى العلماء (ومن بينهم سليم حسن) أنّ مغزى القصة إدانة لحاكم الإقليم فى ذاك الوقت. ونفس الشىء فى قصة (حوار بين الصدق والكذب) وفى قصة (الخصومة بين حور وست) يرمز (حور) لمصر ويرمز (ست) للهكسوس ، وكان تعليق سليم حسن أنّ القصة رمزية تـُمثل ((النضال بين الشمس والظلام)) وتصل السخرية من الحكام لدرجة العثور على بردية من الأسرة 18 بها فرقة موسيقية يقودها حمار يلعب على الهارب ، والأسد فى هذه اللوحة يتبع الحمار ويقف وراءه ويعزف على القيثارة وبعده تمساح يعزف على العود بينما يعزف القرد على آلة الناى المزدوج . وفى أكثر من بردية رسم لإله الضحك (بس) وهو يرقص. ورغم أنّ (تحوت) هو رمز الحكمة ومخترع الكتابة إلخ ومع ذلك وصفه العلماء بأنه ((إله راقص) ومن إبداعات فن السخرية لوحة تجمع بين أسد وحمار، وهما يلعبان الشطرنج ويبدو على وجهيهما التفكير العميق. وفى فن الجرافيك العديد من اللوحات عن أشجار تتكلم مع بعضها أو مع البشر، والحوار إما اسقاطات على قيمة العدل ، أو مناجاة عاطقية بين شجرة وعذراء. ورغم أنّ منظومة الأساطير المصرية أبدعتْ العديد من الآلهة ، لدرجة وجود إله لكل إقليم ، ولدرجة العديد من اللوحات التى نرى فيها الآلهة ترضع الموتى ، أو تسقيهم أو أنّ الآلهة ترضع من شجرة الجميز، رغم كل ذلك تم العثور على برديات عديدة تنتقد فكرة وجود آلهة وتتشكك فى وجود حياة بعد الموت ، إذْ ((لم يأت أحد من هناك ليُحدّثنا عن أحوالهم إلخ)) وفى قصة بين المواطن (ون آمون) وأحد الأمراء نزلتْ لعنة الآلهة على الأمير، وعندما شبّه الإله بأنه ((أخرس لاينطق)) فقد النطق. وفى بردية أخرى خاطب كاتبها الإله آمون باعتباره ((رب مصرالعظيم)) وفى نفس الوقت يُحرّضه على اتخاذ موقف من الغزاة فيقول له ((ما قيمة هؤلاء الآسويين عندك يا آمون)) ومن الأمثال التى كانت سائدة (( لا أحد يستطيع أنْ يأخذ متاعه معه)) يقابله فى العصوراللاحقة (الكفن ما لوش جيوب) أما مثل (إعمل الخير وإرميه فى البحر) فلم يتغير منه إلاّ الكلمات من الهيروغليفى إلى الألفاظ العربية ببنيتها اللغوية المصرية. وقال الفلاح (خنوم آتوب) فى شكواه للملك (أقم العدل. العدل ميزان الحكم. عامل الناس بما تحب أنْ تـُعامل به. إنّ المجرم قد يكون قاضيًا. لسان الإنسان قد يُسبب له الكوارث. احترس من حاشيتك. إنّ مثلك مثل بلد لاعميد له. أوجماعة لارئيس لها. أوسفينة لاربان لها. أوعصابة أشقياء لامرشد لها. إنك حاكم يسرق وعميد قرية يقبل الرشوة. ومفتش مسئول يجب عليه قطع دابر التخريب فإذا به مثالا للمجرم)) إنّ قصة شكوى الفلاح الفصيح (وهى واقعة حقيقية) نستخلص منها التشابه بين القديم والحديث مثل (العدل أساس الملك) (لساك حصانك) إلخ وقال الحكيم (آنى) لابنه ((ابتعد عن أهل الشر)) وفى عصرنا الحديث نقول (إبعد عن الشر وغنى له) ومن الأمثال القديمة ((من يخجل من النوم مع زوجته لايلد أطفالا)) تحوّلتْ عبر العصورإلى (اللى يختشى من بنت عمه ما يجيب شى منها عيال) وقديمًا قالوا (من يُرسل بصقة إلى السماء تسقط على وجهه) وتحولتْ إلى (اللى يتف تفه تقع علا وشه) وقديمًا قالوا ((إعط رغيفـًا من الخبز لمن يعمل عندك وستحصل على إثنين من عمل ذراعه)) وتحوّل إلى (إدى العيش لخبازه ولو ياكل تلات ترباعه)
وفى عهد الحكم الرومانى حرّم الحكام على المحامين المصريين أنْ يُدافعوا عن موكليهم نظرًا لشهرتهم فى التهكم والسخرية من الحكم الرومانى والقضاء الرومانى.
وفى العصرالوسيط سخرشعبنا من بهاء الدين أبوسعيد الشهيرب (قراقرش التركى) وكان من بين الأسماء التى أطلقت عليه العقاب والنسرالأسود ، وذلك لشدة ظلمه. نشأ فى خدمة صلاح الدين الأيوبى وناب عنه فى يعض الأحيان. نسب إليه المؤرخون أحكامًا بها الكثيرمن التعسف والشطط مثل منع أكل الملوخية وغيرها من الأحكام. وألف ابن مماتى كتابًا عنه بعنوان (الفاشوش فى حكم قراقوش) يعتبره بعض المؤرخين تعبيرًا عن شعورشعبنا بالظلم. ونموذجًا لحكم الأتراك الظالم. أما صلاح الدين الأيوبى فإنّ المصرى عندما يريد أنْ يسخرمن شخص ما يقول له ((بطل استكراد)) نظرًا لجنسية صلاح الدين الكردية، أويقول (فلان استكرد فلانـًا) وذلك بمراعاة ما لاقاه شعبنا من ظلم على يد صلاح الدين الأيوبى. وفى نفس العصر ظهر محمد بن دانيال (ح 1248- 1311) وهوطبيب مصرى. ألفّ تمثيليات خيال الظل. بقيتْ منها ثلاث. تعتبر جزءًا من أدب القرون الوسطى. وفى أول تمثيلية له بعنوان (طيف الخيال) صوّر فيها الجندى الأجنبى الذى يضطهد شعبنا ب (زيرنساء) ثم أقنعته (الخاطبة) التى توفق (كل راسين فى الحلال) بالزواج ومدحتْ له العروسة. وفى ليلة الزفاف عندما رفع النقاب عن وجهها اكتشف أنها فى غاية القبح. وفى القرن 17 الميلادى ظهرالشيخ يوسف الشربينى صاحب كتاب (هز القحوف فى شرح قصيدة أبى شادوف) صوّر فيه حياة الفلاح المصرى، وسخر من سلبيته وسذاجته. وأخذ عليه بعض النقاد مغالاته فى العبث والمجون والتندر. وأنه إنْ لم يتكلم عن الحاكم الظالم بشكل مباشرفإنه وصف حال المظلوم وهو ما عبّرعنه أ. أحمد أمين الذى كتب أنّ كتاب (هزالقحوف) خصب جدًا من الناحية الاجتماعية فى ذاك العصر. وأنّ الصورة الحسناء التى يستطيع القارىء أنْ يخرج بها هى وصف الفلاحين وتصويربؤسهم. وكما سخرمن سذاجة الفلاح سخرمن رجال الدين، فألف بعض النظم المسجوع على طريقة خطب يوم الجمعة ومنها ((أما بعد. فيا أيها الناس مالى أراكم عن العسل غافلين. وعن الأرزالمفلفل باللحم الضانى تاركين. وعن الصوانى مُعرضين. وعن الدجاج المحمّرلاهين. نسأل الله أنْ يمن علينا وعليكم بالأطعمة الفاخرة وأنْ يرزقنا وإياكم الراحة فى الدنيا والآخرة)) وفى نظم آخركتب ((الحمد لله مُزيل الحَزَنْ. ومُزيّن الأرزباللبن. وأشهد أنّ اللحم الضانى سيد الأطعمة ومُصلح البدن. واعلموا أنّ القشطه لاتـُتركْ وأنّ المهلبية أحسن وأبركْ)) وختم بالدعاء التالى ((اللهم أهلك الثلاثة الفجار: الفول والعدس والبيصار)) (يقصد البيصاره) ونظرًا لظلم الحكام إبان الخلافة العثمانية وحكم السلاطين ، ذاع مثل مصرى ((اللى يشرب من مرقة السلطان تتحرق شفته)) وكذا ((آخرة خدمة الغز(= الغزاة المحتلين) علقه)) ويُقال بصيغة أخرى ((آخرة خدمة الغزسكينه فى ضهرك))
وفى العصرالحديث إبان الاحتلال الإنجليزى انتشرتْ نكتة تسخرمن عمدة القرية: نزل العمدة ومعه الخفيرإلى البندر. جلسا فى مقهى. نظرالعمدة إلى المرآة. رأى وجهه ووجه الخفير. جاء الجرسون فطلب العمدة 4 شاى. وبعد الهزيمة التى لحقتْ بجيشنا فى عام 56واحتلال مدن القنال تم تهجيرالأهالى وتوزيعهم على قرى ومدن مصر. وكان من نصيب بعض أهالى السويس تهجيرهم فى بعض قرى كفرالدوار، فكان أنْ أبدع أحد الأميين الموال التالى ((علا فين يا وابور (= القطار) ح تودينا / لما ودونا كفرالدوار/ وبيّتونا (= نيّمونا) ع التلتوار(= الرصيف) ويستمرمؤلف الموال فى السخرية فيقول ((شفتْ ناموسه بتجرحمار/ ومن البكا (= البكاء) دبلتْ عينينا / علا فين يا وابور ح تودينا ؟)) وعن خاصية شعبنا فى السخرية من الحكام كتبتْ د. فاطمة المصرى ((لقد تهكم الشعب وتندرببطش الحكام وجهلهم، والاستئثاربخيرات الوطن لهم ولأتباعهم من مصريين وأجانب. وكانت تلك التهكمات والسخريات سرًا وهمسًا، ولكنها كانت تسرى بينهم مثل النسيم فتجعلهم يضحكون حتى فى أشد أوقات المحن)) (الشخصية المصرية من خلال دراسة الفولكلورالمصرى- هيئة الكتاب المصرية- عام 84- ص 72)
***



#طلعت_رضوان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تعلق على ما كتبه الأستاذ أحمد مصطفى عن الشهور المصرية
- الشهور المصرية فى الأمثال الشعبية
- قهر الخوف بالسخرية
- أخلاق فيلسوف وأخلاق داعية إسلامى
- النكتة المصرية ومقاومة الاستبداد
- الدكتور سيد عويس والشخصية المصرية
- فلسطين بين الصهاينة والعروبيين
- المغزى الاجتماعى للأمثال المصرية
- عتمة افتراضية - قصة قصيرة
- سيناء وتوابع زلزال يناير2011
- العلاقة بين الحضارة المصرية وأفريقيا
- عقوبة الجلد وبداية سعودة المصريين
- الفنان خالد حمزة وفن كتابة السيرة الذاتية
- رد على آخر رسالة من الأستاذ طاهر النجار
- هل تخرج الثورة من غرفة الإنعاش ؟
- صفاء الليثى ناقدة من طراز نادر
- هيكل الأستاذ المقدس وآفة الأيديولوجيا
- تحية شكر وتقدير للأستاذ طاهر النجار
- رد على الأستاذ محمد بن عبد الله عندما سأل : دنشواى أم كفر ال ...
- جمال حمدان وتعريب مصر


المزيد.....




- أغاني للأطفال 24 ساعة .. عبر تردد قناة طيور الجنة الجديد 202 ...
- طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال ...
- آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - السخرية المصرية عبر العصور