|
المطالبة بإقامة أقاليم في العراق وخطأ الظن بقدرتها على حماية مواطنيها من القوات الاتحادية
غازي الجبوري
الحوار المتمدن-العدد: 4095 - 2013 / 5 / 17 - 22:49
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
عندما كتب الدستور العراقي النافذ عام 2005 قيل إن رئيس المجلس الإسلامي الأعلى الراحل عبد العزيز الحكيم أصر على تضمين الدستور نص يسمح بإقامة الأقاليم كإجراء احترازي ووقائي لحماية مواطني المحافظات من بطش أو دكتاتورية محتملة للسلطات المركزية وقد عارضه الكثيرون بقوة خشية التقسيم آنذاك إلا أنهم في نهاية المطاف رضخوا أمام إصراره . ولكن ومنذ أكثر من سنتين بدأ البعض من المحافظات يطالب بداية همساً وبعدها علناً بإنشاء أقاليم وفقاً للمادة التي وضعها الراحل عبد العزيز الحكيم في الدستور وتصدرت هذه الدعوة محافظة البصرة وقاد الحملة النائب السابق القاضي وائل عبد اللطيف ثم تبعتها صلاح الدين وديالى وان كان لأسباب مختلفة. ويعزو المطالبون بها إلى تجاوز السلطات الاتحادية على صلاحيات المحافظات والتصرف مركزيا بالتخصيصات المالية المخصصة للمحافظات في مجال التنمية عن طريق الوزارات الاتحادية ، وهذا يشمل جميع المحافظات المطالبة بإقامة أقاليم حسب تصريحاتهم ، أما المحافظات التي تضم أغلبية جماهير القائمة العراقية فإنها إضافة للسبب الأول تضيف سبب اهم وهو الانتهاكات التي تدعي قيادات القائمة العراقية بان رئيس كتلة دولة القانون رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة يمارسها ضد قادة وجماهير القائمة بهدف التسقيط السياسي مستخدما القوات المسلحة والأجهزة الأمنية التي ترتبط به مباشرة لهذا الغرض فقط ولا يستخدمها في حماية المواطنين العراقيين من المجرمين الذين يقتلون منهم العشرات يومياً. ولذلك فان الهدف من المطالبة بإقامة الأقاليم هو ظن المطالبين بان الأقاليم توسع صلاحيات المحافظات من جانب وتمنع دخول القوات الاتحادية إلى الإقليم أو تدخل السلطات الاتحادية في خطط واستخدام الأجهزة الأمنية والقضائية في المحافظات مما يوفر منطقة آمنة لمواطني تلك المناطق ويخولها استلام حصصها من تخصيصات التنمية التي تنفذها الوزارات الاتحادية كما في إقليم كردستان من جانب آخر. ولان الظن لا يغني عن الحق شيئاً فإننا نعتقد إن هذا الظن ليس في محله بل انه من الأخطاء القانونية الفادحة في فهم نصوص الدستور لأنه بموجب الدستور لا توجد أية فروق بين صلاحيات الإقليم والمحافظة سوى في الهياكل الإدارية وإنشاء حرس الإقليم . فالمؤسسات الحكومية في الإقليم تتكون من مجلس نواب ومجلس وزراء ورئيس إقليم وهذه مؤسسات تحاكي مؤسسات الدولة المستقلة فضلا على ما تشكله من هدر كبير للأموال العامة التي تتطلب زيادة التخصيصات للرواتب والمقرات الجديدة وزيادة الدرجات الوظيفية الفائضة عن الحاجة لتحل محل مجلس ودوائر وديوان المحافظة والمحافظ دون أي تغيير يذكر في الصلاحيات فيما تبقى جميع المؤسسات في الإقليم تابعة للسلطات الاتحادية كما سيتضح من خلال الاطلاع على المواد (110) و (115) من الدستور. أما إقليم كردستان فان عدم خضوعه للسلطات الاتحادية ليس لكونه إقليم ولكن لكون السلطات الاتحادية غير قادرة على بسط سلطاتها عليه لأسباب عسكرية وسياسية وطنية وإقليمية ودولية لخصوصية وضع الأكراد ومطلبهم التاريخي بتقرير المصير وتأسيس دولتهم القومية ، كما إن الأكراد يمتلكون قوات منظمة ولديها أسلحة ثقيلة من تركة الجيش العراقي السابق بما في ذلك الدبابات والمدافع ومقاومة الطائرات وقد لاحظنا كيف كانت استعدادات الإقليم عسكريا حازمة وقوية لإرسال رسائل إلى رئيس الوزراء بأنهم سيواجهون القوات الاتحادية بكل قوة إذا ماتجاوزت الحدود المتفق عليها عندما حاول قبل أشهر القيام بنشاطات عسكرية تصوروها إنها تستهدف دخول الإقليم أو الأراضي موضع الخلاف أو لقياس مدى رد فعلهم وقدرتهم على مواجهته ولهذا السبب فان السلطات الاتحادية كانت تستجيب لطلبات إقليم كردستان من نواحي عدم التدخل عسكرياً وامنياً ومنحهم حصتهم بما في ذلك التي تنفذها الوزارات الاتحادية مباشرة من قبلها أو عبر دوائرها في المحافظات حسب اتفاقات سابقة. ولذلك فان المطلب الدستوري الصحيح للمحافظات كافة هو ممارسة صلاحياتها الدستورية التي نصت عليها المادة (115) من الدستور والتي سنذكر نصها مع الصلاحيات الحصرية للسلطات الاتحادية التي نصت عليها المادة (110) لاحقاً والتي تؤكد إن وضع سياسة الأمن الوطني هي من الصلاحيات الحصرية للسلطات الاتحادية ولا يحق للإقليم والمحافظة التدخل بها إلا بموجب تخويل من السلطات الاتحادية وان جميع القوات والأجهزة الأمنية وكل ضابط وجندي وشرطي يرتبط دستورياً بالقائد العام للقوات المسلحة الذي لا يحق لغيره استخدام القوات في العمليات العسكرية أو وفقاً لما يحدده مجلس النواب استناداً إلى صلاحياته الدستورية. كما إن الصلاحيات الحصرية لاتسمح لغير السلطات الاتحادية بالتفاوض مع أية جهة غير عراقية حول أي موضوع كما لا يحق لغيرها التوقيع على أية اتفاقية كانت ولا تعد نافذة مالم يصادق عليها مجلس النواب العراقي حصرياً مهما كان الذي وقعها وكما توضحه المواد التالية التي اشرنا إليها آنفاً : - المادة (110): تختص السلطات الاتحادية بالاختصاصات الحصرية الآتية: اولاً :ـ رسم السياسة الخارجية والتمثيل الدبلوماسي، والتفاوض بشأن المعاهدات والاتفاقيات الدولية، وسياسات الاقتراض والتوقيع عليها وإبرامها، ورسم السياسة الاقتصادية والتجارية الخارجية السيادية. ثانياً :ـ وضع سياسة الأمن الوطني وتنفيذها، بما في ذلك إنشاء قوات مسلحة وإدارتها، لتأمين حماية وضمان امن حدود العراق، والدفاع عنه. ثالثاً :ـ رسم السياسة المالية، والكمركية ، وإصدار العملة، وتنظيم السياسة التجارية عبر حدود الأقاليم والمحافظات في العراق، ووضع الميزانية العامة للدولة، ورسم السياسة النقدية وإنشاء البنك المركزي، وإدارته. رابعاً :ـ تنظيم أمور المقاييس والمكاييل والأوزان. خامساً :ـ تنظيم أمور الجنسية والتجنس والإقامة وحق اللجوء السياسي. سادساً :ـ تنظيم سياسة الترددات البثية والبريد. سابعاً :ـ وضع مشروع الموازنة العامة والاستثمارية. ثامناً :ـ تخطيط السياسات المتعلقة بمصادر المياه من خارج العراق، وضمان مناسيب تدفق المياه إليه وتوزيعها العادل داخل العراق، وفقاً للقوانين والأعراف الدولية. تاسعاً :ـ الإحصاء والتعداد العام للسكان. المادة (115) من الدستور : كل ما لم ينص عليه في الاختصاصات الحصرية للسلطات الاتحادية، يكون من صلاحية الأقاليم والمحافظات غير المنتظمة في إقليم، والصلاحيات الأخرى المشتركة بين الحكومة الاتحادية والأقاليم، تكون الأولوية فيها لقانون الأقاليم والمحافظات غير المنتظمة في إقليم، في حالة الخلاف بينهما. من نص المادتين في أعلاه يتضح إن المحافظة والإقليم على السواء لايحق لهما وضع سياسة الأمن في الاقليم والمحافظة بما يتناقض مع ماترسمه السلطات الاتحادية ، كما إن استخدام القوات في عموم العراق خاضع لأوامر القائد العام للقوات المسلحة حصرياً مما يخوله نقل أي عسكري من أي مكان في العراق إلى آخر وتحريك أية قطعة عسكرية أو وحدات الأجهزة الأمنية من أي مكان إلى آخر وفقاً لمقتضيات المصلحة العامة كما يفترض. إلا أن المشكلة في رفض ممارسته لهذه الصلاحيات حسب القائمة العراقية والتحالف الكردستاني يعود إلى عدم مهنية وحيادية القائد العام للقوات المسلحة وعدم استخدام القوات المسلحة من جيش وأجهزة أمنية إلا لخدمة أهدافه الشخصية ومنها الاستئثار بالسلطة الفردية ويستدلون بعدم مواجهته بشكل جدي للمجرمين الذين يعبثون بأمن البلاد ويقتلون المواطنين ويسرقون أموالهم العامة بشكل منتظم ولم يستخدم القوات المسلحة عند حصول الاعتداءات التركية والإيرانية على العراق ، بينما يستخدمها بكل قوة وقسوة ضد خصومه السياسيين وجماهيرهم مما افقد هذه القوات وطنيتها ومهنيتها وحياديتها ودفع المواطنين المتضررين والقيادات السياسية للمطالبة بأقاليم ظناً منهم أنها تحد من صلاحياته وتحميهم منه .. ولذلك يعارض الأكراد صفقات شراء الأسلحة سيما الطائرات خشية استخدامها ضدهم كما صرحوا بذلك مراراً. فالذي يريدونه إذن في المحافظات التي تشكل أغلبية جماهير القائمة العراقية هو ... أية وسيلة توفر لهم ملاذاً آمناً وحماية من رئيس كتلة دولة القانون نوري المالكي حسب ما صرح بذلك مراراً ايضاً قيادات القائمة العراقية ولذلك فان بعض المتظاهرين اخذ يطالب بإقالته لأن محافظاتهم لا تمتلك وسائل القوة كالتي لدى الأكراد لمواجهة قواته بعد أن رفض إقامة الأقاليم التي كانوا يظنون خطأً إنها تحول دون تدخل قواته في محافظاتهم عندما تتحول إلى أقاليم.
#غازي_الجبوري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل أكدت نتائج انتخابات مجالس المحافظات اتهامات القائمة العرا
...
-
من هو الرمز الوطني؟
-
اتهامات القائمة العراقية للمالكي ووجوب تفنيدها لتجنب كارثة و
...
-
إذا كان ظلم الأجنبي جريمة .. فماذا نسمي ظلم الأقربينا؟
-
ماهي المعايير التي يجب اعتمادها في تحديد عائدية المناطق التي
...
-
ما يجري في العراق اختبار للقوة لكسب الأصوات أم تمهيد لخارطة
...
-
عولمة التضامن طريقنا الى العالم المنشود والممكن بدلاً من عول
...
-
قضية للمناقشة : هذه هي أفضل وأسرع الحلول لأخطر واهم معاناة ع
...
-
بناء الديمقراطية هو الطريق الوحيد لإنهاء التظاهرات وثورات ال
...
-
توزيع نصف واردات الدولة شهريا اقل مطلب لتخفيف معاناة العراقي
...
-
اتهام التظاهرات بالتسييس سلاح العاجزين والفاشلين والفاسدين
-
عدوى رعب العنف في العراق تنتقل إلى برامج التسلية التلفزيونية
-
كفى حياة أسوء من الموت!!!
-
المشروع الوطني لتعميق الديمقراطية وتوسيع المساواة
-
فكرة عاجلة للمناقشة : كيف نختار رئيس الوزراء العراقي الجديد
-
منظمات المجتمع المدني في العراق بين سندان تهميش الحكومة ومطر
...
-
التعامل مع الإعلاميين معيار وطنية ونزاهة وكفاءة العاملين في
...
-
تحية لهؤلاء الرجال الثلاثة
-
ثقافات مرفوضة وثقافات منشودة (الحلقة الثالثة) عدم احترام الت
...
-
إماطة الأذى عن الطريق من شعب الإيمان
المزيد.....
-
من معرض للأسلحة.. زعيم كوريا الشمالية يوجه انتقادات لأمريكا
...
-
ترامب يعلن بام بوندي مرشحة جديدة لمنصب وزيرة العدل بعد انسحا
...
-
قرار واشنطن بإرسال ألغام إلى أوكرانيا يمثل -تطورا صادما ومدم
...
-
مسؤول لبناني: 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية عل
...
-
وزيرة خارجية النمسا السابقة تؤكد عجز الولايات المتحدة والغرب
...
-
واشنطن تهدد بفرض عقوبات على المؤسسات المالية الأجنبية المرتب
...
-
مصدر دفاعي كبير يؤيد قرار نتنياهو مهاجمة إسرائيل البرنامج ال
...
-
-استهداف قوات إسرائيلية 10 مرات وقاعدة لأول مرة-..-حزب الله-
...
-
-التايمز-: استخدام صواريخ -ستورم شادو- لضرب العمق الروسي لن
...
-
مصادر عبرية: صلية صاروخية أطلقت من لبنان وسقطت في حيفا
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|