علاء الصفار
الحوار المتمدن-العدد: 4095 - 2013 / 5 / 17 - 14:27
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
المقال هو عبارة عن تعليق على بحث للأستاذ فارس نظمي اضطررت لتطويره كي استطيع إيصال فكرة حول لِمَ الانحسار لليسار و الحزب الشيوعي في العراق!
في بحثه تحت العنوان أدناه, والذي أثار عندي بعض النقاط التي ينبغي طرحها كمداخلة واسعة تضيء النظري المطروق في بحثه عبر التجارب المريرة للحزب الشيوعي و وضع اليسار في العراق.
* في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: اليسار السياسي و اليساروية الاجتماعية في العراق :عشر سنوات من جدلية العجز والأمل !.*
شكرا للاستعراض! لدي بعض الأمور و بعض المواقف و التجارب التي تجيب على بعض التساؤلات و خاصة فيما يتعلق, حول لِمَ صار انحسار لليسار و الماركسيين في العراق و لِمَ صار الابتعاد عن اليسار و الحزب الشيوعي في العراق!
أحب أن أركز فقط على قوى اليسار و في العراق هي تحديدا الحزب الشيوعي العراقي, و من مسيرة الحزب و بعض التجارب المريرة يتبلور الكثير من الأمور. لا بد من تقبل النقد لكل التجارب السياسية للحزب الشيوعي حد المهاجمة و التفنيد لنهج القيادة اليمينية من اجل عودة قوية لليسار و الحزب الشيوعي من جديد. و هذا يؤدي بالضرورة إلى أدانت القيادة اليمينية للحزب الشيوعي العراقي و سيفتح جروح عميقة لكن ضرورية لتقيم مراحل كاملة من اجل وضع رؤى جديدة تعيد الحزب الشيوعي كمحرك في المجتمع و قائد لليسار و اليسارية و الطبقة العاملة في العراق.
أن القيادة اليمينية للحزب الشيوعي و بعد صعود البعث للسلطة في 70 القرن الماضي, هي من ساومت مع سلطة البعث وهي من لجمت القاعدة الحزبية وخانت البروليتاريا العراقية, لا وبل قامت بتدمير الكوادر الثورية, سواء في فترة الجبهة الوطنية او بعد انهيار الجبهة الوطنية ,في عمليات طرد سواء في الخارج أم في كردستان. وعملت على نشر الروح الانتهازية في داخل الحزب ( أموافج) فتحصل على الزمالة والمواقع الحزبية.
لو رجعنا ابعد لنرى كيف تم تصفية القائد الشيوعي الثوري محمد الخضري المناهض للجبهة الوطنية, ليقطع و يرمى في (كونية) كيس جنفاص على القناة و ليطل عزيز محمد على قاعدة الحزبية و ليقول أن الجبهة عمدت بالدم, طبعا ليس دمه! و ليقوم باقر الحكيم عفوا باقر إبراهيم بالتنظير للجبهة الوطنية. هذا اختصار شديد للمساومة التاريخية للقيادة, التي هي من البقايا الديناصورية التي أرادت حل الحزب الشيوعي في الاتحاد الاشتراكي, حزب الجزار عبد السلام عارف عام 1964! أن الجبهات التي قادتها القيادة اليمينية كانت دوما تدمير للعناصر القيادية الثورية في الحزب و القاعدة الحزبية المناضلة. فكان الشهيد محمد الخضري العربون و الضحية المقدمة, للبعث و لصدام حسين( فرانكو العراق الفاشي ) وقطاره الأمريكي من اجل جبهة رقيعة! هكذا اليوم صار كامل شياع ضحية دولة الفساد والطائفية التي جاءت بالدبابة الأمريكية!
نرى بكل وضوح أن النهج اليميني اللاثوري ما زال مستمر نهج المساومة مع رجال السلطة! فعبثٌ بالقادة الثوريين في الحزب و أخصاء للقاعدة الحزبية و تجاهل للطبقة الفقيرة و المسحوقة عبر عقود الفاشية البعثية, و الآن بعد الاجتياح الأمريكي للعراق من خلال عدم النضال الثوري ضد رجال البرلمان و الدولة الفاسدة القذرة.
أقول ان القيادة اليمينية الانتهازية بعد انهيار الجبهة الوطنية و الهرب للخارج سادها الخراب و السوس و الضياع الفكري و النضال الطبقي السياسي الأصيل. لكن صعود أفراد من القاعدة و الكوادر الوسطية الثورية الى كردستان, اجبر القيادة على أن تُدهدر بعض أفراد القيادة اليمينية لهم, من اجل توجيه شكل الكفاح نحو المساومات القذرة, سواء مع السلطة أم مع الأحزاب الكردية العشائرية القومية اليمينية.
اذكر أمر مهم يضيء جوانب و زوايا مظلمة لعقلية المساومة مع سلطة البعث رغم الضربة القاسية التي وجهها صدام حسين للحزب الشيوعي في عام 1978 من القرن الماضي. و لتكون هذه النقطة محط تفكير ودرس ونقد من قبل أي يساري نزيه يريد عودة لليسار و الحزب الشيوعي في ساحة النضال الفعال لقيادة اليسار من اجل عراق ديمقراطي تقدمي!
لقد حمل السلاح كل الشرفاء من أعضاء القاعدة في الحزب الشيوعي, لكن كما قلت عملت القيادة اليمينية على تدمير كل شيء, بدءاً بممارسة و بث الروح الانهزامية والانتهازية. لقد عاش أفراد القاعدة الحزبية من عام 79 في الجبال الوعرة الجوع و البرد وسلاحهم العصي و السكاكين و بعض المسدسات البسيطة. لكن كما قلت جاء بعض اليمين من القيادة و منهم احمد باني خيلاني و فاتح رسول وباقر ابراهيم و مهند البراك و كريم احمد و أبو شوان و الكثير غيرهم! الجميع يعرف أين صفت و كيف انتهت هذه الأسماء في اليمين الانتهازي, الى حد معاداة الماركسية والشيوعية و طبعا بقى القائد عزيز محمد قائد للحزب رغم تغيير سياسة الحزب ب 180 درجة, فمن قيادة الجبهة المصيبة الفاشلة الى قيادة الكفاح المسلح من خلف الحدود و من على منتجعات البحر الأسود!
ففي عام 1982 تجرأت القيادة وعلى لسانها الناطق كاظم حبيب وحين كانت الحرب القادسية الفاشية في أوجها, ان تطرح امر يميني انتهازي انهزامي! فطل كاظم حبيب على القاعدة الحزبية (أنصار الحزب) في نوزنك و بشتاشان, ليقول أن المجال للتحاور مع البعث و صدام حسين مازال موجود. لقد أفشلت القاعدة الثورية في الحزب نهج المساومة للقيادة اليمينية في العام (64) من القرن الماضي لحل الحزب في الاتحاد الاشتراكي, وما سمي ذلك بخط آب.
و هكذا في ال82 استهجنت القاعدة الثورية (البيشمركة) طرح كاظم حبيب و كل القيادة الحزبية اليمينية, فأنبري احد رفاق القاعدة الحزبية الرفيق (أبو نادر) و ليقول لكاظم حبيب لو كان الرفيق فهد اليوم معنا و يسمع هذا الطرح الانتهازي اليميني الانهزامي لخرج علينا بالنعال! و هكذا انهار كل محاولات القيادة اليمينية في الحوار مع السلطة!
الجبهات التي قادتها القيادة اليمينية كانت تؤدي على تدمير العناصر الثورية في القيادة ( محمد الخضري زمن البعث و قطاره الأمريكي و كامل شياع في زمن دولة بريمر والدبابة الامريكية ), و الى تحطيم القاعدة الحزبية وتشويهها, و التنكر للطبقة العاملة و ليموت الشعب الكادح في الدولة الحرب الطائفية التي أقامتها دولة البريمر بالغزو الأمريكي للعراق في زمن العولمة. كما حدث ذلك في الجبهة الوطنية السيئة السمعة, و كذلك في جبهات (جود) و (جوقد) و ابرز معالمها كانت معارك بشتاشان القذرة حيث تجلت فيها الخيانة لكل تشكيلات الأحزاب الكردية العشائرية التي كانت تدعي خوض الكفاح ضد نظام صدام حسين!
سؤال هل هذا مصادفة أن تكون تلك الجبهات مدمرة للقاعدة الثورية للحزب مع استشهاد القادة الأحرار في الحزب الشيوعي كما ورد بعض الرموز الدالة منها, وهل هذه مصادفة أن تبقى القيادة اليمينية و تفلت من سلطة صدام حسين و تعمل مع الأحزاب الإسلاموية و في زمن الدبابة و الغزو الأمريكي!
شيءعن نهاية القيادت اليمينية في الحزب الشيوعي العراقي. باقر ابراهيم القائد اليميني الجبهوي العتيد صار قائدا لانشقاق دعي ب(جماعة المنبر الديمقراطي) دعا للدفاع عن الوطن( عن عراق صدام حسين) في أعوام ( 68 _ 88 ), كريم احمد صار قائدا لحزب شيوعي كردي قومجي, اما القائد عزيز محمد اكتفى بالجمداني و الخنجر الكردي الفلكلوري في يمينه, و أما عامر عبد الله فقد ذهب ابعد للتنكر للفكر و الحزب الشيوعي, فطاف في أوربا على القاعدة الحزبية ليبشر بالعهد الأمريكي و محاولاتها في تدمير اي دولة أو حزب إيديولوجي في الوطن العربي من اجل إقامة أنظمة ليبرالية,أي دعوة لترك الحزب الشيوعي, اغلب القيادة اليمينية بعد اندحار الاتحاد السوفيتي و غياب أمر المنحات والزمالة الدراسة و المنتجعات على البحر الأسود صاروا معادين للفكر الماركسي و للفكر الشيوعي!
كانت القيادة اليمينية ولازالت حريص على التفاوض مع سلطة البعث و القطار الأمريكي و سلطة الدبابة الأمريكية و بلا أي مبدئية, لكن بكل مبدئية صارمة تعاملت القيادة اليمينية على عدم الحوار مع الفصائل الماركسية والشيوعية من مثل أعضاء القيادة المركزية أو مع أي فريق لا و بل مع أي رفيق مختلف مع النهج اليميني للحزب الشيوعي!
أن هذا الطرح المباشر و الصريح و المستقاة من تجارب الحزب الشيوعي العراقي المريرة بقيادته اليمينية, و التي هي تجارب المئات من استشهدوا و من ماتوا في سجون البعث, بعد ضرب الجبهة الوطنية أو من استشهدوا في قمم كردستان الشماء, خاصة في معارك بشتاشان, و تجارب الكثير من الذي اُبعد من الحزب الشيوعي, و ما هذه إلا محاولة للدفاع عن نصاعة و ثورية الفكر الماركسي و الحزب الشيوعي العراقي الذي أسسه الرفيق الخالد يوسف سلمان( فهد).
بكلمة أخرى أريد أقول أن هناك أمر مهم فكل الذين عملوا في الحزب الشيوعي يعرفونه و يقروه, ألا و هو أن هناك شكلين من النضال, نضال تناحري مع السلطة وآخر نضال حزبي داخلي, أي صراع حزبي من اجل تحقيق الاتجاه الصحيح و الخط الثوري في الحزب. أن أي نقد للقيادة اليمينية هو ضغط عليها من اجل بروز القيادة الشابة الثورية بعد أن تربع على الحزب قادة عجائز ترفض الديمقراطية الحزبية بحجة الوضع الشاذ لمرحلة النضال, كانت الحجة السابقة دموية البعث الفاشي, لكن اليوم لا أرى ضرورة من عدم طرح هذه الحقائق و لتواصل القاعدة المناضلة في الصراع الحزبي الداخلي من اجل قيادة ثورية للحزب الشيوعي.
أن أخفاقات القيادة اليمينية و مساوماتها يجب أن لا تنسحب على كفاءة و سحر الفكر الماركسي و ثوريته, فبهذا الفكر تم تحقيق الكثير من الانجازات الثورية للشعب العراقي حين كان الرفيق فهد و سلام عادل قادة للحزب. وبهذا الفكر تم انتصار و تحرير كوبا بقائدها كاسترو من الامبريالية الأمريكية التي تبعد أميال عنها و بهذه الأفكار عمل هوشي منه و نجح بطرد الغزاة الأمريكان.
ما أريد قوله أن الخلل في القيادات اليمينية وهو الذي قام و أدى في انحسار دور سحر الحزب أو الأحزاب الشيوعية في العراق و في المنطقة العربية عموما لقيادة اليسار و الشعوب. أي أن الخلل ليس في الفكر الماركسي و لا في الشعب أو الشعوب, الخلل في القيادات اليمينية و نهج المساومات الطبقية, الذي أدى الى عزوف الناس عن اليسار و الحزب الشيوعي, إذ أضحى بعيدا عن الصراعات الطبقية و النقابية المطلبية, ولا يلبي حاجات و مصالح البروليتاريا و الأحرار و المتمردين من أبناء الشعب, وهذا أدى و دفع الشعب للوقوع في فخ الأحزاب الإسلامية, وخاصة بعد ظهور الخميني و الإطاحة بدولة الشاه العميلة لأمريكا. و هذا الأمر, أمر الانحراف اليميني الانتهازي, و خيانة الطبقة العاملة ليس حدث خاص في العراق و الحزب الشيوعي في العراق بل في كل المنطقة العربية و العالم.
نرى بون شاسع في النضال الحقيقي الثوري ضد السلطة البرجوازية الطفيلية المرتبطة بالامبريالية الأمريكية, و كما حدث في ثورات في العالم, من ثورة كوبا و كاسترو و شي جيفارا و ثورة تحرير فيتنام و هوشي منه, وبين شكل العمل الذي قادته القيادة اليمينية للحزب الشيوعي العراقي!
لقد كانت الجبهة مع البعث خيانة لمبادئ الحزب و أن الجلوس في قبة الجبهة الوطنية و مع صدام حسين و قطاره الأمريكي كان تدمير للحزب الشيوعي العراقي الثوري و تدمير للطبقة البروليتارية في العراق. و هكذا اليوم أن الجلوس في قبب برلمان الحزام الأخضر مع أحزاب الدولة الإسلاموية الطائفية, هو سكوتا يمينيا آخر عن جرائم دولة القتل الطائفي و النهب و الفساد الاداري, أن عدم تعرية الدولة الفاسدة و النضال ضدها, هو سبب عدم استحواذ الحزب على موقع سواء داخل نفوس الشعب أم في الحصول على كراسي في البرلمان الأعرج, أقول الأعرج لان في كل العالم المتحضر توجد انتخابات و بعدها تشكل الحكومة من الأحزاب الفائزة, لتتحول الأحزاب الخاسرة الى أحزاب معارضة برلمانية إلا في دولة المحاصصة الطائفية يجري السكوت عن فساد الدولة. إذ و لا حتى معارضة برلمانية مائعة تمثل صوت الطبقة المسحوقة في العراق, أي أن هذا هو شكل آخر للمساومة اليمينية لليسار اليوم و تحديدا الحزب الشيوعي.
لا ننسى أن الأساس صار و جاء مع وجود الدبابة الأمريكية و حكومة بريمر التي حررت العراق من صدام على أساس أكذوبة أسلحة الدمار الشامل, و لتدمر الشعب كله بحكومة طائفية رقيعة بعد قصف العراق باليورانيوم المنضب, أي لا دولة عصرية و لا ديمقراطية و لا بطيخ اصفر, كما وعدت حكومة المشؤم جورج بوش قنبلة, الدركي البربري قائد زمن حرب النهب و العولمة الأمريكية في العراق!
الشعب العراقي و الشعوب في المنطقة العربية قدمت الكثير من التضحيات و الشهداء في صفوف الحزب الشيوعي و غيرها من أحزاب اليسار لكن القيادات اليمينية للأحزاب الشيوعية, ليس فقط أدارت ظهرها للشعب بل هي المدانة عن ضياع حظوة الحزب الشيوعي والفكر اليساري في صفوف الجماهير, لقد تعبت الجماهير الشعبية من أخطاء القيادات اليمينية التي تعد خيانة طبقية لكثرة تكرارها, فبدل أدانت الشعب ينبغي توجيه أصابع الاتهام للقيادة اليمينية و محاكمتها من اجل تجاوز خطها و الرجوع الى الأسس الأساسية للماركسية اللينينية في قيادة دفة الصراع الطبقي و في الدولة و المجتنع العراقي.
#علاء_الصفار (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟