|
السبب الحقيقي لامتناع الطالباني عن المصادقة على قرار اعدام صدام
حميد كشكولي
(Hamid Kashkoli)
الحوار المتمدن-العدد: 1176 - 2005 / 4 / 23 - 13:04
المحور:
الغاء عقوبة الاعدام
تصريحات جلال الطالباني قبل و بعد اختياره رئيسا للعراق عن أنه لن يوقع على قرار اعدام الدكتاتور صدام لا تزال تثير نقاشات مختلفة و متنوعة . و يؤكد الرئيس العراقي في كل مرة أن إيمانه بحقوق الإنسان ، و مبادئه تمنعه من أن يوقع على هكذا قرارات ، و أنه كمحامٍ قد وقّع على وثيقة تؤكد على الغاء حكم الإعدام . يمكنني هنا أن أوكد أن جلال الطالباني رغم كونه خريج كلية الحقوق العراقية ، الا أنه لم يمارس المحاماة بسبب نشاطاته السياسية القومية الكردية ، و لم ينشط في مجالات حقوق الإنسان ، و لم تتواجد جمعيات أو مؤسسات في هذا المجال في كوردستان حتى السنوات الأخيرة . أتجاوز فترة الكفاح المسلح قبل حرب الخليج الثانية ، و الإنتفاضة ، فطرد النظام البعثي من كوردستان ، و قيام حكومتين هناك . إن ما ينفي ادعاءات جلال الطالباني عاليه أنه قبل عدة سنوات صادق على قرار صدر بحكم الاعدام بحق صالح الموزاني " لا أدري إن كان اسمه بالضبط هكذا" ، الذي ارتكب جريمة بشعة بقتل عدة نساء . حينذاك قال مام جلال إنه يوقع على قرار اعدام من يقتل النساء مغمض العينين . و من المؤكد أنه لا يمكن مقارنة جرائم صدام بجريمة صالح الموزاني . فإن قتل الأخير عدة نساء و من أقاربه ، فأن صداما تعجز مؤسسات كبرى في عد جرائمه و دراستها .. و يتحدث كثيرون عن ضغوطات أوروبية عليه مطالبة برد الإعتبار لشريحة الحكم التقليدية السابقة و اعادة امتيازاتهم لهم , و بعدم المساس بالدكتاتور السابق . و هذا ما نفاه الطالباني . و سواء كانت هناك حقا ضغوط أو لا ، فأنها لا تشكل قوة عليه قوية بحيث تجعله يواجه قرار الجمعية الوطنية ، و مطالبات الكثير من العراقيين بانزال حكم الإعدام بصدام . و يرجع البعض السبب إلى اعتبارات عشائرية أو علاقات شخصية سابقة أو وعود و ما شابه . و إني أرى هذا التحليل ساذجا في دنيا السياسة و المصالح . لقد صرح الرئيس مرة أن اعدام صدام كفيل بقتل أي أمل لأنصاره بالعودة يوما ما إلى استلام الحكم مرة أخرى . ووفق هذا التصريح الذي ، ربما قاله بدون التمعن في التفكير ، لكنه كان تعبيرا عما يجول في خاطره ، يريد أن يتخلص من صدام باعدامه ، لكن أن يقوم باعدامه بنفسه ، بل آخرون ، و من غير أناس محسوبين على الحركة القومية الكردية . كل تصريحات الطالباني بامتناعه عن المصادقة على قرار اعدام صدام لأسباب انسانية و حضارية تدخل سوق البروباغندة الساسية له و لنظامه العراقي و لحزبه و حكومة السليمانية . قرأت مقالا منشورا في موقع بعثي يقول صاحبه إن جلال طالباني لا يجرأ على التوقيع على أي قرار باعدام اثنين ، ألا هما صدام و مقتدى . لأن _ حسب قول الكاتب البعثي_ حينذاك ستنقلب الدنيا و تنتفض الأمة العربية . في كلام ذلك البعثي شئ من الحقيقة فيما يتعلق بصدام ، لا بمقتدى . إن سقوط النظام البعثي في نظر القومجية الأعراب نكسة كبرى للأمة العربية ، و أن صداما لا يزال فارسها الأوحد ، و باختيار كوردي لرئاسة العراق " العربي" إنما تمرّغ شرفهم و كرامتهم في الأوحال ، مثلما عبر عن هذه الحالة ذلك الجرذ الذ ي انتحر غير متحمل كرديا رئيسا لدولته . لكن الطالباني الكردي رئيسا للعراق ليس المسمار الأخير في نعش العروبة ، كما يقول البعض ، فالعلم البعثي باق ، و أن العراق بكل سكانه مثلما يريد الأعراب جزء من الأمة العربية و أن قوانين الدولة العنصرية سارية المفعول ، مثل قانون الجنسية العراقية ، و تعريف الأجنبي و العراقي . وإنه كلما فشلت الحكومة العراقية الحالية في استتباب الأمن و تحسين حالة الجماهير المعيشية ، و كلما تفاقمت حالات الفساد المستشري في الدولة ، و كلما غاصت قوات الإحتلال في المستنقع العراقي ، ازداد رصيد النظام البعثي المسقَط و رئيسه في قلوب القوميين العرب بكل مللهم و نحلهم . فإن ما يمنع الطالباني من التوقيع على قرار اعدام صدام هو خوفه من حركة العروبة و فرسانها ، لا المبادئ الإنسانية و لا الحضارية ، و لا استبعد أن يقدم الإستقالة من منصبه رئيسا للجمهورية للتهرب من هذا القرار الخطير، ليرميه على الآخرين ليبتوا فيه . فالطالباني ،شئنا أم أبينا ، لا يمثل نفسه في هذه الحالة ، بل يمثل الحركة القومية الكوردية ، , وأن أيّ تحرك سياسي له سينسبه الأعراب إلى من يطلقون عليهم " الأكراد" . فالحركة القومية الكوردية " الكوراديتي" ليست ، و لم تكن يوما ، في موقف قوي يمكّنها من مواجهة الحركة القومية العربية . و أن المصادقة على هذا القرار يضع الحركة الكردية في مواجهة الحركة القومية العربية . و هذه المواجهة وعواقبها الوخيمة لم تردها الحركة الكردية و لا تريدها في الوقت الحاضر، حيث لا ضمانات عراقية و لا دولية لها . و إن حركة الكوردايتي لها تجارب مرة مع أمريكا رغم ادعاءاتها بصداقتها . لقد غدر بها كيسنجر عام 1975 ، و زودت القوى الكبرى و خاصة أمريكا النظام البعثي السابق بمختلف الأسلحة التي استخدمها ضد الشعب الكردي و تدمير قراه . و لا أرى ضرورة لتكرار مثل هذا القول لأنه اصبح في حكم البديهيات. و أن القوميين الكورد يعون تماما أن الوجود الأمريكي الذي ظاهريا يحميهم ، وجود مؤقت ، و أن تجنبهم مواجهة القومجية العربية كان واضحا من ترددهم في التعاون مع القوات الأمريكية و أن تحالفهم معها فيما بعد في الحرب على النظام كان اضطراري ، و يعلم الجميع أنه عاجلا أم آجلا ستخرج تلك القوات من العراق . و هنا أريد أن أوكد على أنّي لست مع أحكام الإعدام . فرغم وجود الاعدام في كثير من دول العالم ، ترتكب جرائم و و هي في ازدياد يومي . الا أن وضع حد للجرائم و المجرمين لا بد منه لخلق الأمن و الأمان في المجتمع . واتطلع الى عراق خال من الاعدام ، عراق الحريات و الديمقراطية و الرفاه .
#حميد_كشكولي (هاشتاغ)
Hamid_Kashkoli#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
إلى أين ؟ إلى أين ؟
-
البابا الراحل كان حليف ريغان في قتل المستضعفين
-
لي وطن من آلامي
-
مات ابن باز الغرب الإمبريالي
-
تثاؤب الخواطر
-
العشائرية و المجتمع المدني نقيضان
-
خيرالله طلفاح في الجمعية الوطنية مشرِّعا
-
حلبجة بحاجة لمداواة جراحها العميقة
-
e pur si mouvولكنّها تدور
-
نار بروميثيوس لن تنطفئ أبدا
-
ما أغناي ! لي الدنيا كلّها
-
البقرة الحنون
-
سونامي العراقية
-
معجزات أم التجرّد من الشعور الإنساني؟
-
سُوْرَة المشاهدة - للشاعر الإيراني سهراب سبهري ( 1928_ 1980
...
-
للشاعرة الإيرانية فروغ فرخزاد ( 1935_ 1967 ) لا يبقى إلا الص
...
-
أحد سكان العراق سنة 38هجرية : ... ما ينهاهم دينهم عن سفك الد
...
-
هل يمكن للإسلام السياسي ألّا يكون ارهابيا؟
-
التهاب الخواطر
-
!واحتس ِ نسمة ً من ريح ِ الخريف
المزيد.....
-
هيومن رايتس ووتش: ضربة إسرائيلية على لبنان بأسلحة أمريكية تم
...
-
الأمم المتحدة: من بين كل ثلاث نسوة.. سيدة واحدة تتعرض للعنف
...
-
وزير الخارجية الإيطالي: مذكرة اعتقال نتنياهو لا تقرب السلام
...
-
تصيبهم وتمنع إسعافهم.. هكذا تتعمد إسرائيل إعدام أطفال الضفة
...
-
الجامعة العربية تبحث مع مجموعة مديري الطوارئ في الأمم المتحد
...
-
هذا حال المحكمة الجنائية مع أمريكا فما حال وكالة الطاقة الذر
...
-
عراقجي: على المجتمع الدولي ابداء الجدية بتنفيذ قرار اعتقال ن
...
-
السعودية.. الداخلية تعلن إعدام مواطن -قصاصًا- وتكشف اسمه وجر
...
-
خيام غارقة ومعاناة بلا نهاية.. القصف والمطر يلاحقان النازحين
...
-
عراقجي يصل لشبونة للمشاركة في منتدى تحالف الامم المتحدة للحض
...
المزيد.....
-
نحو – إعدام! - عقوبة الإعدام
/ رزكار عقراوي
-
حول مطلب إلغاء عقوبة الإعدام في المغرب ورغبة الدولة المغربية
...
/ محمد الحنفي
-
الإعدام جريمة باسم العدالة
/ عصام سباط
-
عقوبة الإعدام في التشريع (التجربة الأردنية)
/ محمد الطراونة
-
عقوبة الإعدام بين الإبقاء و الإلغاء وفقاً لأحكام القانون الد
...
/ أيمن سلامة
-
عقوبة الإعدام والحق في الحياة
/ أيمن عقيل
-
عقوبة الإعدام في الجزائر: الواقع وإستراتيجية الإلغاء -دراسة
...
/ زبير فاضل
-
عقوبة الإعدام في تونس (بين الإبقاء والإلغاء)
/ رابح الخرايفي
المزيد.....
|