|
آكل لحوم البشر- إنتاج سوري نوعي!!!
ربيع الحسن
الحوار المتمدن-العدد: 4094 - 2013 / 5 / 16 - 14:00
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
يتفق الكثيرون من المعارضة والموالاة رغم اختلافهم في كل شيء على قضية واحدة وهي استمرار ممارسة الدجل والنفاق على العلن فيما يخص الحديث عن الشعب السوري المتجانس والنسيج السوري الواحد ، وكأن كل ما حدث ويحدث من قتل وتدمير وذبح وتقطيع ...الخ لم يكن بالدرجة الأولى بسبب ضعف الانتماء للوطن أو انعدامه في بعض الأحيان، وبسبب قلة الوعي الاجتماعي والثقافي والسياسي الذي كان سائدا خلال السنوات السابقة . لطالما تغنينا بالوحدة الوطنية في سورية التي قل نظيرها في العالم وكنا كثيرا نتباهى بالأمان والأمن الذي نعيشه لدرجة أصبحنا نكذب على أنفسنا ونصدق هذا الكذب؟ لكن كيف يمكن لبلد لا يحترم مسئوليه قوانينه ، فيعبثون بالتشريع وينفذون ما يرغبون من القوانين وعلى من يرغبون، أن يعيش في أمان؟ كيف نصدق أننا نعيش في وحدة وطنية إذا كان أعضاء مجلس الشعب ينتخبون في غالبيتهم أما على أساس طائفي أو عرقي أو مذهبي أو على أساس من يدفع أكثر؟ كيف يمكن أن نصدق أننا في مأمن إذا كان إعلامنا مع الظالم على المظلوم ومع المسئول ضد المواطن يمارس الدعاية والتضليل في التغني بالوحدة والانسجام والتجانس صباحا مساءا وهي غير موجودة؟ كيف يمكن أن نصدق هذه الوحدة الوطنية إذا كان أول سؤال يسأله السوري عندما يتعرف على سوري آخر قبل الأزمة من وين أنت؟ رغم أن ليس كل من يسأل هذا السؤال هدفه معرفة الطائفة لكن الأغلبية هكذا؟ كيف يمكن أن نقتنع أننا كنا نعيش في نسيج واحد إذا كان التعيين بالوظائف المهمة في أي مديرية أو وزارة أو مؤسسة يأخذ بالدرجة الأولى الخلفية الطائفية والمصالح قبل أي معيار آخر؟ كيف يمكن أن نصدق أننا كنا نعيش في وحدة وطنية إذا كان حتى على مستوى الجامعة والكلية يعين العميد ونوابه على أساس طائفي؟ كيف يمكن أن نقول أننا نعيش في أمان إذا كان طلاب الجامعات في سورية بعد أول فصل من أول سنة دراسية تجد غالبيتهم منفصلين لمجموعات على أساس مذهبي ، باعتبار أن المسيحيين في الغالب منفصلين تلقائيا لوحدهم؟ ويمتد هذا إلى المدينة الجامعية . إذا ما أتيت للنقابات تجد انتخاباتها أيضا تتم على أساس طائفي ومذهبي أو على أساس المصالح المتبادلة. إذا أتيت إلى المديريات أيضا تجد الحال هذا هو نفسه بين الموظفين في الغالب فالتجمعات تكون على الأساس الطائفي والمذهبي هي السائدة. الإعلام السوري الذي من المفروض أن يعكس الواقع وأن ينقل الحقيقة ويحاول أن يجد تفسير لهذه الانقسامات الخطيرة والبحث عن حلول لها ، كان يفتخر بالوحدة الوطنية الفريدة في سورية ولا يطرح هذه القضايا نهائيا على الرأي العام والحجة أن هذه المواضيع تثير المشاعر والتوترات الطائفية؟؟ إذا لم يكتفوا بعدم الاعتراف بالواقع المرير بحجة الحديث عنه يزيد المرارة وهذا عذر أقبح من ذنب لكن زادوا الطين بلة بأنهم كذبوا على الرأي العام بالحديث المستمر عن الوحدة وعن التجانس المجتمعي السوري؟ فهل يوجد بلد في العالم مهما كانت تركيبة سكانه وتنوعها بمقدوره أن يعيش في حالة وحدة وطنية وأول حامي لهذه الوحدة غائب أو مغيب وهو القانون؟ كلنا يعلم الوضع المزري الذي كنا نعاني منه وما نزال وهو غياب القانون والمحاسبة وضعف العدالة الاجتماعية وانتشار الواسطة والمحسوبية وعدم جدوى الشكوى و ربما من يقوم بشكوى يلحقه ضرر أكثر ، هذا كله جعل المواطن يتجه نحو أساليب غير قانونية للوصول لما يريد سواء من أجل التوظيف أو الحصول على خدمة ما من الدولة أو النقل من مكان لآخر أو الترقي...الخ فعندها كل الأمراض الاجتماعية ستظهر وتطفو على السطح وتصبح هي الملجأ والملاذ للكثيرين من المواطنين ومنها الطائفية والمذهبية والعشائرية ودفع الرشوة فسوف يلتجأ كل مواطن نحو قريبه أو أبن عشيرته أو ابن طائفته أو يدفع رشوة في سبيل إشباع حاجاته. فهذا الحال لا يمكن أن نسميه بالوضع الآمن خاصة في ظل محيط عربي متقلب ومتغير وإسرائيل على حدودنا وأمريكا تجاورنا في العراق والأردن وتركيا ولبنان بالتوازي مع التيار المتطرف المحيط بنا؟ لذا كل الأمان الذي كنا فيه لم يكن سوى أمان مؤقت فرضته الظروف والقمع ولم يكن ناتج عن أسباب موضوعية ومنطقية بل كانت هذه الصورة الوردية تنتظر فقط التوقيت المناسب ليس إلا لمحوها وتدميرها فكان التوقيت في15 آذار 2011. كثير منا تفاجأ ولم يصدق ما يحصل وكيف يقتل السوري أخوه، وربما كانت المفاجأة الأكبر مدينة حمص التي تختصر ما يسمى الوحدة الوطنية لكونها تضم أغلب طوائف ومذاهب السوريين؟ لكن من كان على دراية فعليا بالواقع الاجتماعي في المدينة قبل الأزمة بعدة سنوات لم يتفاجأ بالطائفية والحقد الذي ظهر خلال الأزمة فقد كانت مظاهر التطرف والإلغاء والفكر الوهابي ينتشر ويتضح أكثر في الشوارع وفي المديريات وفي الجامعة قبل الأزمة بعدة سنوات لكن ربما المفاجأة كانت بحجم هذا التطرف، وفعلا كون حمص تختصر التنوع السوري فهي خير دليل على الواقع المرير والانقسام الحاد الذي حصل منذ بداية الأزمة.. لا أحد ينكر دور الإعلام الوهابي في زيادة التطرف والحقد الطائفي في سورية لكن لا يمكن لأي إعلام مهما حاول وابتدع أن يجعل مواطنا سوريا هو في الأصل ليس طائفيا ولا يملك بذور العداء للطرف الأخر أن يحوله لإنسان حاقد يحلل القتل والدم والتقطيع، يستطيع الإعلام أن يزيد ماهو موجود من اتجاهات معادية ضد الطرف الآخر ويقويها ويدعمها لكن لا يمكن له أن يخلق اتجاهات معادية عند إنسان يملك اتجاهات إيجابية نحو الآخر وإن أستطاع فعل هذا يكون ضمن نطاق ضيق ضمن ظروف خاصة وليس على هذا النطاق الواسع. مع بداية الأزمة السورية وفي أول شهر من الأحداث وقعت حوادث قتل على أساس طائفي وبطريقة بربرية كقتل نضال جنود في بانياس والعميد التلاوي وأولاده والتمثيل بجثثهم في حمص ، الإعلام السوري عندها اعتبر هذه الحوادث فردية أكملها بالعبارة الرنانة أنها لا تمثل أخلاق ولا قيم الشعب السوري العريق هكذا تمت المعالجة رغم قساوة الفعل ، كما قالت عن فيديو البيضا وقتها أن هؤلاء العناصر الذين يظهرون في المقطع ليسوا سوريين بل من البشمركة في العراق. بدأ القتل الطائفي خاصة في حمص يظهر وبقي الإعلام السوري يقول من يفعل هذا ليس من أبناء سورية ذات النسيج الواحد لم ينفع هذا الكلام وبدأت حوادث الذبح والتقطيع تزداد أيضا كان الرد هذه ثقافة غريبة عن السوريين وهي آتية من التحريض وليست من أخلاق الشعب السوري. واللافت في كل مرة يلتقي فيها التليفزيون السوري مع مواطنين في مناطق ساخنة يقولون نفس الكلام أن المسلحين ليسوا من أبناء القرية أو البلدة، فنسمع التليفزيون السوري يقول أهالي تلك المنطقة الشرفاء دخلها المسلحون عنوة وهجروا أهلها وهم غرباء عن هذه المنطقة (هذا الكلام لاينفي أن هناك أماكن فعلا حدث فيها ذلك) لكن السؤال لماذا دخل المسلحون إلى درعا ولم يدخلوا إلى السويداء لماذا دخلوا إدلب ولم يدخلوا حلب منذ بداية الأزمة لماذا دخلوا دير الزور ولم يدخلوا الحسكة أو القامشلي من البداية؟ لماذا دخلوا ريف القصير والقصير وتلبيسة والرستن والحولة ولم يدخلوا سقيلبية ومحردة وطرطوس؟ يتم الحديث أحيانا عن ما يسمى البيئة الحاضنة لكن لماذا لا يتم الخوض في نقاش حول متى وكيف وما أسباب وجود هذه البيئات الحاضنة هل هي أسباب مرحلية مؤقتة أم هي أسباب موضوعية وعضوية؟ ثم في مرحلة لاحقة من الأزمة السورية لماذا لم نسأل كيف يمكن لمجتمع سوري متجانس أن يستقبل على أرضه كل متطرفي العالم من أجل أن يقاتلوا ضد أبناء بلدهم؟ والآن وصلنا للإبداعات السورية التي تعكس التجانس السوري بأبهى صوره ألا وهو أكل اللحم البشري نعم فمللنا من التعبير عن النسيج السوري الواحد بالقتل والذبح والتقطيع والتكبير للعدوان الإسرائيلي فلجأ خالد الحمد أحد قيادات المعارضة المسلحة في حمص لأكل قلب وكبد أحد الجنود السوريين بعد تقطيعه ولم تقف الكارثة هنا بل يتم التبرير لهذا الفعل بأن أخوه وجيرانه قتلوا على أيدي جنود الجيش السوري ليكون فعله هذا وتبريراته أكبر دليل على كذبة النسيج السوري الواحد... سيقول البعض هذا فعل فردي لا يعبر إلا عن الشخص الذي قام به ، سأقول لهذا البعض بالعامية "كتر الله خيركم طمنتونا ". يجب أن تناقش كل هذه القضايا بصوت مرتفع على وسائل الإعلام السورية وبشكل مفصل دون الاختباء وراء أصبعنا والاستمرار بالقول حوادث فردية ولا تعبر عن النسيج السوري، حتى الفساد عند مذيعة الإخبارية ربا الحجلي أصبح حوادث فردية، هكذا علقت على شكوى إحدى القاطنات في أحد مراكز الإيواء التي تحدثت عن السرقة وعدم المسؤولية، كل هذا الكلام الذي يقال عن الوحدة الوطنية والنسيج الواحد سقط علنا منذ سنتين وهو لم يكن موجودا بالسابق فلماذا المكابرة والتضليل ، من الأفضل اليوم قول الحقائق كما هي وليكن هناك مصارحة مع الناس بشكل شفاف للبحث عن الحلول المتاحة بدلا من الكلام الذي سئم الناس منه لكي نبني جسور الثقة مع إعلامنا ليصبح المصدر الأساسي للمعلومات والأخبار وخاصة بأوقات الأزمات. والخوف أنه حتى لو حدثت تسوية وتوقف القتل واستمر هذا الخطاب نفسه أن من قتل وقطع...الخ هم ليسوا سوريين أو هي حوادث فردية هذا يعني أن كل الدماء التي سالت لم تعلمنا شيئا ، يجب أن نعترف أننا كنا قبل الأزمة مجتمع مفكك وغير منسجم وزادت الهوة كثيرا بعد الأزمة فلتكن الحلول الداخلية بناءا على هذا الواقع دون القفز فوقه .... يجب أن نعترف بذلك وإلا كل هذه التسويات هي حبر على ورق..
#ربيع_الحسن (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
متى يمكن أن ترد سورية على العدوان الإسرائيلي؟؟
-
ثوار سورية...جددتم لي الأمل
-
رد على مقال السيد خليل الشيخة : حزب الله وخدعة الشعارات
-
يحق لجبهة النصرة أن تفتخر...
-
الجيش السوري -وَسِوى الرّومِ خَلفَ ظَهرِكَ رُومٌ-
-
أيهما أخطر عبد العزيز الخير أم أبو محمد الجولاني؟؟
-
لماذا يعشق العلويون التطوع في الجيش؟؟
-
نناشد قطر ضبط النفس؟؟؟
المزيد.....
-
الوكالة الدولية للطاقة الذرية تعتمد قرارا ينتقد إيران لتقليص
...
-
ZTE تعلن عن أفضل هواتفها الذكية
-
مشاهد لاستسلام جماعي للقوات الأوكرانية في مقاطعة كورسك
-
إيران متهمة بنشاط نووي سري
-
ماذا عن الإعلان الصاخب -ترامب سيزوّد أوكرانيا بأسلحة نووية-؟
...
-
هل ترامب مستعد لهز سوق النفط العالمية؟
-
عاجل | مراسل الجزيرة: 17 شهيدا في قصف إسرائيلي متواصل على قط
...
-
روبرت كينيدي في تصريحات سابقة: ترامب يشبه هتلر لكن بدون خطة.
...
-
مجلس محافظي وكالة الطاقة الذرية يصدر قرارا ضد إيران
-
مشروع قرار في مجلس الشيوخ الأمريكي لتعليق مبيعات الأسلحة للإ
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|