أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - فرات محسن الفراتي - هل ستعود شان إلى العراق يوماً ؟














المزيد.....

هل ستعود شان إلى العراق يوماً ؟


فرات محسن الفراتي

الحوار المتمدن-العدد: 4094 - 2013 / 5 / 16 - 08:31
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    




ما إن تجاوزت الساعة الخامسة بقليل.. حتى توجهت نحو محطة مدينة كوبنهاكن الرئيسية.. جررت خطواتي بتثاقل بعد أن قضيت نهاراً طويلاً بالتجوال في أروقة عاصمة الشمال الأوربي الجميلة.. مدينة الورود الباردة.. البرد لازال مؤلماً رغم اننا بأيلول!
دلفت إلى المحطة القديمة.. وكل ما بداخلها جديد، اتجهت لشاشة كبرى اقرأ عليها رقم المدرج الذي سيقف به قطاري الذي سيغادر العاصمة الدنيماركية كوبنهاكن نحو العاصمة السويدية استوكهولم عند الخامسة وعشرين دقيقة.. توجهت نحو المدرج المشار إليه في اللائحة.
سأستقل القطار الأسرع (star2000) لست ضليعاً في عالم القطارات ولكنني لطالما شاهدت التقارير عن هذا القطار عبر الانترنيت والتلفزيون.. فهو الأسرع في العالم.. وسرعته تفوق الصوت أو شيء من هذا القبيل.. المهم إنها المرة الأولى في حياتي التي استقل بها هذا القطار.. الذي يقطع المسافة بين العاصمتين في أربع ساعات فقط تتخللها توقفات.. في حين إن الباص الذي جلبني إلى كوبنهاكن استغرقت رحلته عشر ساعات.
توقفت انتظر على المدرج قرب سكة القطار وكان حولي مجموعة من المسافرين معظمهم تثير هيئتهم إلى أنهم طلاب جامعيون.. فالطلاب في أوربا شباب راحلون وليس برفقتهم سوى حقائب صغيرة وكتب كثيرة وملابس بسيطة جميلة تذكر بتقليعات الهيبز أو الايموز.
انتبهت إلى إن دقيقتين فقط بقيتا على الموعد المحدد ولم يصل القطار.. فأصابني بعض القلق أن أكون ظللت قطاري.. قررت أن استفسر من احد الواقفين.. التفت إلى يساري فانتبهت لفتاة ربما لم تبلغ العشرين بعد بيضاء بشعر اسود داكن تساقط على كتفيها الضيقين.. ترتسم ابتسامة هادئة على محياها.. وترتدي بنطال جينز ازرق يعلوه كنزة صوفية بيضاء.. وتلف حول يديها معطفها الأسود.. بأختصار إنها سويدية المظهر بلا أدنى شك.
اتجهت لها محيياً واستفسرت عبر اللغة الانكليزية إن كان هذا المدرج بالتحديد هو المخصص للقطار المنطلق نحو استوكهولم.. فأجابت بالإيجاب، ثم رفعت ساعدها نحو وجهها نظرت لساعتها وقالت بقي دقيقة واحدة للوصول، وهنا تذكرت إنني في أوربا حيث كل شيء بالثانية، وليس كما الحال في بلادنا فالوقت بلا قيمة، عادت الفتاة نحوي ثم سألت بهدوء وعبر الانكليزية أيضاً هل أنت عربي؟.. فأجبتها.. عراقي، فابتسمت بسعادة ومدت يدها للمصافحة وقالت بلهجة عراقية ركيكة (واني هم)، سعدت لهذا الخبر وصافحتها.. وقلت لها توقعتك سويدية.. هنا قاطعتني لتقول بالانكليزية مرة أخرى: أنا لا أجيد بالعربية إلا بعض كلمات المجاملة.. فلنعد للانكليزية.
بهذه اللحظات وصل القطار فهممنا بالركوب.. جلسنا متقابلين وتبادلنا التعارف.. كان اسمها شان.. وهي فتاة عراقية الأصل من أسرة كردية هاجرت مطلع الثمانينيات إلى أوربا.. عمرها عشرين عاماً وتعيش مع عائلتها في مدينة مالمو السويدية وهنالك تدرس الصيدلة.
أخبرتني إنها لم تزور العراق مطلقاً، فلقد ولدت خارجه.. ولكنها تعتز بجذورها العراقية.. وقالت إنها كانت في كوبنهاكن لزيارة صديقة لها.. وهي عائدة لمنزلها عبر هذا القطار الذي ستكون مالمو أول المحطات التي سيقف بها.
تبادلنا حديث عام عن الحياة الجامعية والثقافية بالسويد وعن واقع المرأة المتساوي تماماً مع واقع الرجل.. وخيارات المرأة الحرة لحياتها العملية والاجتماعية، وانتبهت لهذه الفتاة كم هي جادة في حديثها محترمة في منطقها.. وبعينيها ذلك البريق الإبداعي الذي وكأنه يقول أنا قادمة للحياة لأعمل واعمل، قاطعتها وقلت لها.. شان.. أنت بعد سنوات قليلة ستكملين دراستك الجامعية.. ألا تفكرين بالعودة والعيش والعمل ببلدك العراق؟ الذي يحتاج إلى جميع الخبرات ليقف بعد سنين من العذابات.
صمتت قليلاً ثم قالت.. فكرت في الأمر كثيراً.. ووجدت إن حالة واحدة سأعود معها إلى العراق واستطيع العيش والاندماج فيه.. فبادرتها بالقول وما هي هذه الحالة؟ فقالت بأن يأتي اليوم الذي تكون المرأة العراقية عرفاً وقانوناً وواقعاً كما المرأة السويدية.. عند ذاك سأعيش في العراق.
لم اعلق على ما قالته شان.. ربما فاجئني رأيها بواقعيته الحقيقية بعيداً عن لغة الشعارات الفضفاضة والخاوية من الصدق، أما شان فكانت صريحة جداً وواقعية.. هل تترك المساواة الكاملة والحرية وكسبها لكونها كيان كامل يسافر ويذهب ويعيش بلا خوف وبلا قيود اجتماعية خانقة.. هل تترك كل هذه المميزات وتعيش في بلد تعيش المرأة فيه حالة كتابع خائف!
قطع توقف القطار حديثنا.. ها قد وصل إلى محطة مالمو حيث ستغادر شان.. ودعتني بابتسامتها الجميلة.. وغادرت القطار.. أما أنا فبقيت جالس في القطار وسؤال يدور في ذهني مفاده.. ترى هل ستعود شان إلى العراق يوماً ؟
القصة جرت في ايلول 2009



#فرات_محسن_الفراتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وجود وعدمية الله ونقاشات ما بعد الدم
- امرأة بين تجاذبات الماضي وخوف الحاضر
- كذبة الثقافة العربية
- الصابئة المندائيين الاقلية المهاجرة جبراً من العراق
- تجذر الخرافة بالعقل المسلم.. تنبؤات نهاية العالم انموذجاً
- ان كنتم تستخدمون الدين لمصادرة الحريات وقتل الاخريين.. فأنا ...
- روح الاوان السبعة
- وهم الانفتاح الثقافي وازمة الترجمة
- على مشارف السبات
- ملل المعاناة
- قراءة في الدور التركي في ازمة المختطفين اللبنانيين بسوريا
- مشكلة الاقليات الدينية في مصر
- الاحباط الشعبي واللا حلول.. قصة ليست بجديدة
- اعادة الرؤية العربية.. جدلية الداخل والخارج في ضوء صفقة الاس ...
- مشاهدات من داخل كنيسة سيدة النجاة
- تراجع الذائقة الفنية بين جمعية الثقافة وعولمتها
- اخر حوار صحفي مع النحات محمد غني حكمت قبل رحيله
- ازمة من التعليقات على اوراق كتاب قديم
- سخط الثقافة وأزمة المجتمع
- تحديات البذرة الديمقراطية العراقية


المزيد.....




- من قوته إلى قدرة التصدي له.. تفاصيل -صاروخ MIRV- الروسي بعد ...
- نجل شاه إيران الراحل لـCNN: ترامب و-الضغط الأقصى- فرصة لإنشا ...
- -لقد قتلت اثنين من أطفالي، فهل ستقتل الثالث أيضا؟-: فضيحة وف ...
- كيم: المفاوضات السابقة مع واشنطن لم تؤكد سوى سياستها العدائي ...
- الوكالة الدولية للطاقة الذرية تعتمد قرارا ينتقد إيران لتقليص ...
- ZTE تعلن عن أفضل هواتفها الذكية
- مشاهد لاستسلام جماعي للقوات الأوكرانية في مقاطعة كورسك
- إيران متهمة بنشاط نووي سري
- ماذا عن الإعلان الصاخب -ترامب سيزوّد أوكرانيا بأسلحة نووية-؟ ...
- هل ترامب مستعد لهز سوق النفط العالمية؟


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - فرات محسن الفراتي - هل ستعود شان إلى العراق يوماً ؟