أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عباس علي العلي - آدم الإنسان والحيوان شبيه الإنسان















المزيد.....

آدم الإنسان والحيوان شبيه الإنسان


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 4092 - 2013 / 5 / 14 - 21:18
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


آدم الإنسان والحيوان شبيه الإنسان

عندما خلق الله الإنسان بيديه ومن أديم الأرض وسماه آدم وأكمله على أحسن صورة,لم يكن هذا الخلق المبدع مجرد تقليد لمخلوق سابق ولا على مثال مسبوق من بين خلقه,لما في الجعل من آية مرتبطة بعلة الخلق والأستخلاف,ولو كان الأمر مسبوقا له وقادر هذا الخلق أن يؤدي المهمة التي كانت هي علة الجعل لما تكلف بالأبداع الجديد ولا في حاجة لخلقه,بل كل الأمر يتطلب منه الأنتظار حتى يستكمل هذا المخلوق دوره التطوري ومن ثم تكليفه بالمهمة,أو يتدخل الله في هذا الأمر بالفعل الغيبي والمباشر لجعله قادرا عليها.
هذه النقطة مهمة جدا لفهم حقيقة الجعل ومرادية الخلق, الله ليس بعاجز ولا متعجر أن يبدل الخلق كيف يشاء ووفق أرادته هو {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللّهَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِالْحقِّ إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ }إبراهيم19,هنا المسألة تبدو للقارئ ليست بالصعبة ولا بغير الممكنة,فلو أراد الله أن يبدل الخلق كيف يشاء فهو قادر عليه فمن خلق أول مرة قادر على أن يأت بخلق جديد.
مناسبة هذا الكلام تتعلق بما يعرف بالخلق الإنساني المزعوم الذي يتصوره البعض منا أنه كان موجودا على الأرض قبل أدم وما تشير له الدراسات العلمية وتؤكده المكتشفات الأحفورية والتي لا يمكن لعاقل أن يتصور انه بمقداره أن ينكره أو يتجاوز وجوده,وهو مما يشكل لدى البعض تناقضا بين قصة الخلق الآدمي وبين واقع حال يكذب ويتناقض معها,فالحفريات تؤكد أن وجود خلق حقيقي لمثال الإنسان كان موجود على الأرض منذ بضع ملايين من السنين(بينما توصل باحثون دوليون الى كشف أثري مهم يعزز احتمال وجود حياة بشرية بجزيرة (فلوريس) الواقعة بشرق اندونيسيا منذ مليون عام على الأقل.وقال آدام بروم عضو فريق الباحثين الدوليين - الذي توصل الى الاكتشاف بجزيرة فلوريس- «ان الفريق اكتشف معدات حجرية بتلك الجزيرة يعود تاريخ إنتاجها الى مليون عام ماضية، مشيرا الى أن ذلك الاكتشاف يؤكد وجود الإنسان البدائي بتلك المنطقة) .
النص المنقول هنا عن مركز أبحاث علمي موثوق به يؤكد بما لا يقبل الشك أن أقل عمر يمكن تحديده لعمر هذا المخلوق يتجاوز المليون سنه,وبالتالي فهذا التحديد العلمي يخالف أيضا قصة خلق آدم ونشوء الحضارة بمعناها انتاج المعرفة وتكوين المجتمع التعاوني المشترك الذي يختلف عن طور الحيوانية القائمة على الصراع من أجل البقاء وما يتبع ذلك من قتل وسفك للدماء وانتشار الفساد في الأرض الذي هو نقيض الأصلاح التي هي سمة البشر المجعول في الأرض ليحي الأرض كما نجد هذ الهدف في النص القرآني{يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ }الحجرات13.
فالجعل والخلق هنا كان لغرض تكوين جماعات وقبائل وشعوب وظيفتها التعارف والتألف وتكوين حضارة من خلال هذا النشاط الإنساني الذي مارسه آدم لأول مرة على الأرض وهذا هو المميز الرئيسي الذي يفرق بين وظيفة الإنسان(آدم في الأرض) وبين المخلوقات التي سبقته في سكناها,وعليه يمكن لنا أن نحدد أن الإنسان الذي هو من آدم فقط هو من أنشأ الحضارة وساهم في إعمار وأصلاح الأرض دون غيره.
بدأت الحضارة في الشرق الأدنى القديم (المنطقة التي تقع شرق المتوسط مع مصر وصولاً الى حدود الهضبة الايرانية ) .فهو مهد الحضارات في رأي الأغلبية من الباحثين والدارسين ,لقد تجمعت الكتل الإنسانية هنا وكونت أول صورة للحضارة المعرفية القائمة على الأنتاج المعرفي والفكري والعلمي,في الأودية أوعلى ضفاف بعض الأنهار في المنطقةلتوفر مقومات ومعطيات وأسباب تكونها وأهمها العقل المنتج وهي من الأسباب والعناصر والظروف التي سحمت بحدوث وبلورة ما يسمى بالثورة الزراعية الأولى التي أسست للحضارة التي نستمتع بها الأن.
وفي فترة مبكرة,فقد اكتشف (برايدوود) وفريقه آثار قرية زراعية كاملة في شمال العراق تعود الى حدود 6000 سنة قبل الميلاد,وربما يعثر على أدوات أو مظاهر نشاط زراعي قبل ذلك أيضاً,وعرفت المنطقة ذاتها وفق المكتشفات والتقنيات التي احتاجتها الثورة الزراعية ومظاهر التوطن الجماعي وقيام العلاقات الأجتماعية التي جاء بها النص القرآني لتتعارفوا,أو التي نتجت عنها,من غزل ألياف بعض النباتات وجعلها سلالاً وحبالاً,وصنع الفخار وجعله قرباً وأواني,والعثور على المعادن الخام المصنع أو المحسّن بفعل الظروف الطبيعية وخصوصاً في الأحواض المائية كالذهب والفضة ثم النحاس الطري 4000 - 3500 ق.م)عصر النحاس ثم اكتشفت بالتجربة,ومن خلال الاستخدام المكثف للنار التي كان الانسان المتحضر قد اتقن استخدامها بل وعبادتها,طرائق صهر هذه المعادن فكان البرونز أولاً (من النحاس والقصدير ) في حدود 2500 ق.م (عصر البرونز ).
لقد ازدهرت مدن سومرية في بلاد ما بين النهرين في فترة مبكرة مثل كيش(4000ق.م و أور 3500 ق.م)و بلغت مستويات متقدمة في التنظيم والادارة و التشريع و العلوم فكانت الكتابة منذ(3600 ق.م)و نظام دقيق للري منذ 4000( ق .م)فازدهرت الثروة وعدد السكان وكان لديهم اساطير وديانات متعددة وكانت ذروة تفكيرهم وتنظيماتهم شريعة حمورابي حوالي(1740 ق.م) التي احتوت على(280) قانوناً وكذلك بلغ التقدم ذروته في مصر القديمة لأسباب عملية وبفعل الممارسة والخبرة المتراكمة والمكتسبة نتيجة الجوار والتعارف والتنقل بين الأمم والشعوب ,نشأت في بلاد مابين النهرين ثم في مصر معارف حسابية (العدّ والأرقام)وفيزيائية(نظام جديد للري)وفلكية (وضع تقويم للسنة والفصول والشهور والأسابيع)وهندسية(لاعادة رسم حدود الأراضي بعد فيضان النهر السنوي)الى العمارة وفنونها التي بلغت ذروتها في مصر القديمة الأهرام وتحديداً هرم خوفو (2600 ق.م)وهو كتاب مصر القديمة,الذي يختزل التقدم المذهل الذي بلغته في علومها وسياستها واجتماعها ودينها.
هذا الأنتاج الحضاري والمعرفي لك يدركة المخلوق الذي سبق آدم على الأرض والذي قدر وجوده المتيقن منه أكثر من مليون سنه بل جل ما اكتشف كان عبارة عن أدوات حجرية وخشبية وعظمية تستخدم للقتل والقتال ولم يكن لهذا المخلوق بالرغم من طول مدة مكوثه في الأرض لا أبجدية حرفية ولا صوتية مما ينفي عنه صفة التألف والتعارف والتواصل الجمعي والأجتماعي مما يدل على أنه كان يعيش حياة حيوانية بأمتياز لا تختلف كثيرا عما نشاهده اليوم في عالم الحيوان المعاصر.
لقد أورد الكثير من علماء الأثار هذه الحقيقة الحيوانية للمجموعات المخلوقة والتي سكنت الأرض دون دليل على أنها كانت إنسانية الطبع أو أن لها حضارة بشكل أو بأخر بل جل ما أكتشفوه عبارة عن مرموزات معينة تفيد التواصل بين القطعان الحيوانية التي نشاهدها اليوم((حيث يجثم عشرات الباحثين على الارض ويعملون ببطء ومثابرة في موقع اتابويركا الاثري في اسبانيا، في حفريات سمحت العام 2007 باكتشاف تاريخي لبقايا احفورية تعد الى "الاوروبي الاول".هذا الموقع القريب من مدينة بورغوس شهرته الواسعة والذي يعتبر من الاهم في اوروبا.ويتذكر خوسيه ماريا برموديث دي كاسترو واودالد كاربونيل اللذان يشاركان مع آخرين في ادارة هذا المشروع، المراحل المهمة لهذا الموقع الغني جدا الذي عثر فيه على اكتشافات مهمة، اعطت فكرة عن نمط حياة انسان ما قبل التاريخ.ولفت هذان الباحثان الى ان سكان اتابويركا الاوائل الذين استقروا قبل اكثر من مليون سنة في هذه المنطقة الواقعة في شمال اسبانيا والممتدة على مساحة 13 كلم2،لقد افادوا من "موقع مهم" يحوي مغاور ويتمتع بمناخ جيد وبيئة غنية بالنبتات والحيوانات ويقع عند ملتقى نهرين.ومن جهة اخرى قال دي كاسترو ان الحفريات الاولى تعود الى العام 1978,تلتها في "العام 1984حفريات اخرى نتج عنها العثر على150بقايا بشرية صغيرة,وتابع "في العام 1992 عثرنا على بقايا كاملة سليمة من بينها الجمجمة الاكمل الوحيدة التي لم يعثر على مثلها لبشري من قبل وعمرها اكثر من 300 الف سنة".بعد سنتين اكتشف علماء الاثار بقايا عمرها 800 الف سنة وتعود الى الاوروبيين الاوائل وقد اطلق عليهم اسم اومو انتيسيسور واكتشف الباحثون العام 2007 في الموقع المعروف باسم "هوة الفيل" فكا يعود تاريخه الى 1,2 مليون سنة، وهو اقدم اثر بشري في اوروبا.وأشار دي كاسترو "نعلم مثلا ان "اومو انتيسيسور" كان من اكلي لحوم البشر" وتابع "كبينة جسدية كان اقصر منا بقليل غير ان لديه شكلا خاصا مع قسمات وجه قديمة وعصرية في الوقت عينه.وقد تم العثور في هذا الموقع ايضا على بقايا "اومو سابيانس" (الانسان العاقل) وبقايا اقدم منها تعرف باسم "اومو هايدلبرغنسيس (عمرها اكثر من 500 الف سنة) ويعتبر هذان النوعان تطورا لنوع اومو انتيسيسور)) .
لم يكن المخلوق الشبيه بالإنسان الآدمي هذا عاقلا ولا منتج للمعرفة ولم يترك أثارا تدل على هذا الأنتاج أو تشير له بل كل ما هنالك هو مسلك حيواني يتمثل بأكل لحوم بعضهم البعض بل وتقطيع وتهشيم الأجساد وألتهام ما يوجد به صيدهم فقط مما يدلل على حالة الهمجية الحيوانية التي عاشتها تلك المخلوقات عبر ملايين السنين في حين أننا نشهد وفي بعض الأف السنين أنتج الإنسان من سلالة آدم الكثير من المعرفة والعلم والدين والقيم الحضارية التي تنبع عن إنسان سما بتصرفاته عن الحيوانية المطلقة,وهذا ما يمكن أن يبرر لنا قول الله (إني أعلم ما لا تعلمون).
من المؤكد بأن الملائكة كمخلوقات عاقلة ومدركة ومتعلمة أنها كانت تعي ما يجري في الأرض من أفساد وسفك للدماء على يد تلك المخلوقات التي سكنت الأرض قبل آدم,وأن مرد قولها والقصد منه ليس نابعا بعلم ما لم يكن ,بل كان إنعكاسا عن علم وصل لهم حسيا بمختلف الوسائل عن حالة الفساد والقتل المستشرية في الأرض من قبل هذه الكائنات التي جسدت الحيوانية السلوكية بأبشع الصور,.وهنا كان مرد الأعتراض .
لقد تصور الملائكة وبناء على المعطيات المتوفرة لديهم أن لخلق آدم من قبل الله تعالى وجعلة خليفة في الأرض سيكون كالخلق السابق وعلى نفس المنوال دون أن يلاحظوا حقيقة الوصف الملحق(خليفة) والخلافة بالنسبة للملائكة لم يكن لها مفهوم محدد ولا عنوان سابق وهنا حصل اللبس في الفهم وكان الأعتراض منصبا ليس على خلق آدم وجعالته خليفة الله في الأرض ولكن على ان تكون التجربة تكرار لما هو في واقع حال الأرض من أفساد وسفك للدماء.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حوارية الخلق والجعل في النقل المقدس ,دراسة في قصدية النص
- تطور فكر التطرف وعلاقته بتنامي الفكر السياديني الإسلامي
- عقلانية الدين علمانية حقيقية ج2
- عقلانية الدين علمانية حقيقية ج1
- الهروب من الفكر والتفكر تهرب من مواجهة الحقيقة


المزيد.....




- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عباس علي العلي - آدم الإنسان والحيوان شبيه الإنسان