أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - خالد الصلعي - التفكير بالدين والتفكير في الدين















المزيد.....

التفكير بالدين والتفكير في الدين


خالد الصلعي

الحوار المتمدن-العدد: 4092 - 2013 / 5 / 14 - 15:12
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


التفكير بالدين والتفكير في الدين -1-
**************************
لأننا لم نفكر بعد في الدين ، بل أقصى ما أمكننا هو التفكير بالدين ، فان مصيبتنا اليوم تكمن في "الدين " بين معقوفتين . لأن السؤال المحوري اليوم هو ، ما هو الدين ؟ وأي دين نبتغي ؟ ، وهل نحن مؤهلون للخوض في الدين ؟ ، ولماذا اصبح الدين اليوم يلعب كل هذه الأدوار ؟ . دائما ما نتفاجأ بزخات من الأسئلة حين نعرض لموضوع مصيري يأخذ بعدا وجوديا ، يتقاطع في حياتنا كما تتقاطع أنفاسنا في جسدنا .
فجميع المتحدثين والناطقين باسم الدين يدعون امتلاك الحقيقة ، بيد أن الحقيقة لاتتناطح مع الحقيقة بل تنسخها وتشابهها ، غير أن حقائق الناطقين باسم الدين تتصارع وتقتتل وتخلف ضحايا وخسارات هامة ، وهذا ما يتعارض عقلانيا مع جوهر الحقيقة . فالحقيقة تنتمي لحقل الشفافية والوضوح وهو ما يجعلها متعالية بمعنى من المعاني ،أي أنها النقطة العليا التي يشرئب اليها الجميع وبرهة الضوء التي يجتمع حولها الجميع .
لقد بتنا اليوم نعيش داخل الدين الواحد أديانا متعددة ، وما كان منقسما البارحة أصبح مجزءا ومفتتا الى جزيئات منوية صغيرة ، فلم يعد التقسيم القديم اليوم فاعلا ، كما كان الشأن في العقيدة الأشعرية والمعتزلية ، كما لايمكن الحديث اليوم عن المذهب الشيعي أو المذهب السني ، فداخل الأشعرية أشعريات، وداخل الشيعية شيعيات ،وداخل السنة سنيات . وهانحن نعيش اليوم مع السلفية والوهابية ، والجهادية والقاعدية ، وهلم صفات ومسميات لا حصر لها . بما لايدع مجالا للشك في نعت زمننا بزمن الفتنة الكبرى الثانية ، بعد الفتنة الأولى أيام علي بن أبي طالب ومعاوية .
هل يمكن أن نرد الفروع الى أصولها فيما نعيشه اليوم من واقع الدين عند المسلمين أو "ورثة الاسلام المعاصرين "بدقيق العبارة ؟ ، لكن الفروع عندما تفسد فان الأصول تنحجب عنها وتأباها ، فاذا كان الدين عند الله هو الاسلام ، واذا كان الاسلام هو ما جاء به الرسول العربي الأمي ، فان ما تقصفنا به مختلف وسائل الاعلام اليوم ، وما يحبل ويمور به واقع الدول الاسلامية لا يمثل الاسلام القرآني أو الاسلام النبوي . انه اسلام آخر ، اسلام لا نعرفه ،لكننا نعيشه رغما عنا .
وهنا لابد من الاشارة الى الخطأ الكبير الذي ارتكبه مجمل المشتغلين بالفكر والثقافة العربيين ؛ حين تخلفوا عن البحث في جذورهم وتنقيتها وتشذيبها وتطويرها ورعايتها بالسقي والتأبير .
لكننا في نفس الان لايمكن أن نبرئ المشتغلين مباشرة بالحقل الديني ، ولست أجد في هذا الشأن ما أستشهد به أبدع مما قاله العالم الفاضل محمد الغزالي وهو يسمي الأشياء بمسمياتها حين قال :إن انتشار الكفر في العالم يحمل نصف أوزاره متدينون بغضوا الله إلى خلقه بسوء صنيعهم وسوء كلامهم ". وهم يتبعون أهواءهم ويفتون حسب أمزجتهم ، وحسب طلب الحاقدين على دين الله بعلم أو بجهل . فحصاد واقعنا الجاهل هو نتيجة تخاطبنا الجاهل ، "فالتخاطب يقتضي اشتراك جانبين عاقلين في القاء الأقوال واتيان الأفعال "-1- ، وبما أن الأفعال هي ترجمة للخطاب ، أو هي خطاب مجازي ، فان ما نعيشه اليوم في أوطاننا من أفعال باسم الدين تعكس مستوى خطابنا وتخاطبنا . وتشير الى جوهرنا وحقيقتنا ، فالجهل لا ينتج غير الجهل . فنحن الان لسنا أمام نقل الصورة ،بل أصبحنا داخل هذه الصورة . انتماء او تعايشا أو مشاركة ، وهذا ما يجعلنا جميعا نتحمل جزءا من مسؤولية أوضاعنا الراهنة .
ولقراءة النصوص الدينية هناك ثلاث مستويات ، قراءة ظاهرة ، وقراءة مفسرة ، وقراءة تأويلية . فأما القراءة الظاهرة فهي القراءة التي لا تتجاوز سطح الرسوم وتأخذ فهمها من قراءتها الأولى للآيات فلا تستطيع الارتقاء بفهمها ومجاوزة الفهم الضيق الناتج عن قصور فظيع في علوم اللغة ، وعلى رأسها البلاغة بفروعها الثلاث .
وأما القراءة المفسرة فهي وان امتلكت قدرا من علوم الآلة ، الا أنها تظل مفتقرة للقدرة على الغوص في مكنون وأعماق العلم القرآني والحديثي وارتباطهما بالحياة ، فتعمل على الوقوف عند شرح الكلمات والعبارات ،دون ان تقدم ما وراء المعنى ،في حين أن القرآن جاء محملا بالاشارات والرموز والأسرار ،بدءا بالانسان القارئ نفسه ،" وفي الأرض آيات للموقنين ،وفي أنفسكم أفلا تبصرون " الذاريات ..21، وهو جمع غير حصري ،يظل الى اليوم مفتوحا على الاكتشافات التي تبهرنا وتحفز غيرنا للبحث عن آيات الانسان ، والتدبر في أنفسنا ، وقد استطاعت العلوم الطبية المعاصرة أن تكتشف ما يقف عنده الاسنان عاجزا عن التصور ولا يمكن له الا التصديق به . ثم ان سورة العلق وهي أول سورة نزلت على رسول الله تبتدئ بلفظة آمرة هي" اقرأ " ، والأمر الالهي شأنه عظيم ،فهو لا يقف عند معنى الأمر الزجري هنا ، بل هو أمر ترغيبي رفقا بالانسان وهديا له ، فبعد البسملة كاعتراف بألوهية الخالق ، يحث الانسان على قراءة بداية البدايات ، كترتيب منطقي لأي قراءة تروم التطور ، وبداية البدايات هنا هي عملية الخلق ، وبما أن الخطاب موجه للآنسان ، وبما انه أول خطاب موجه له ، فهو ابتدأ بخلق الانسان الذي يعتبر من بين المخلوقات الأخرى ، ومن اعجاز القرآن هنا ، أن الله سبحانه وتعالى لم يبدأ بالاشارة الى أول الخلق أو المخلوقات ، مراعاة لمقتضى الحال ، بل ركز على خلق الانسان ، فقبل الدخول في فهم حقائق الخلق والمخلوقات لا بد للفاهم ان يفهم ذاته اولا ، اذ لايعقل أن نطلب من شخص ما لا يعرف نفسه ان يعرفنا بالآخرين ، ولذلك كان توضيح بداية الخلق الانساني الذي ابتدأ بعلقة ، وهو مالم يكن معروفا قبل هذه الآية ، وهو ما أثبته العلم مؤخرا ، فكان الاخبار ببداية تكوين الانسان عنوانا على بداية ثقافة جديدة لتدخل البشرية طورا معرفيا وعلميا جديدا . وهنا بالذات يتوسع مفهوم القراءة الى التدبر والتبصر والتفكر والتعقل ، اذ ان ربط القراءة بالخلق مطلقا هو دعوة مبكرة الى اعمال آليات العقل جميعها . وهو ما اتاح للمسلمين الأوائل الابداع في حقول علمية ومعرفية ومعيشية شتى .
المراجع والهوامش
1- اللسان والميزان ......... د. طه عبد الرحمان ...المركز الثقافي العربي ط 1 1998 ..ص:237



#خالد_الصلعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- روسيا تنتصر
- البحث عن الغائب الحاضر -8- رواية
- أنت الصباح
- فنجان قهوة مر
- فلسفة حق تقرير المصير-1-
- رحيل آخر جماليات النقد العربي : يوسف سامي اليوسف
- القطيعة الابستمولوجية :نحو فهم جديد -3-
- البحث عن الغائب الحاضر-7-رواية
- لن يحترموننا
- التهافت الاعلامي والاسترزاق الثقافي
- البحث عن الغائب الحاضر-6-رواية
- مملكة المعنى الغامضة
- حاولت مرارا أن أصيح
- القطيعة الابستمولوجية :نحو فهم جديد -2-
- تأويل الأولين
- للغياب رائحة الموت
- القطيعة الابستمولوجية : نحو فهم جديد-1
- البحث عن الغائب الحاضر -4-رواية
- لعنة البترول
- ساكسونيا المغرب **


المزيد.....




- 82 قتيلا خلال 3 أيام من أعمال العنف الطائفي في باكستان
- 1 من كل 5 شبان فرنسيين يودون لو يغادر اليهود فرنسا
- أول رد من الإمارات على اختفاء رجل دين يهودي على أراضيها
- غزة.. مستعمرون يقتحمون المقبرة الاسلامية والبلدة القديمة في ...
- بيان للخارجية الإماراتية بشأن الحاخام اليهودي المختفي
- بيان إماراتي بشأن اختفاء الحاخام اليهودي
- قائد الثورة الاسلامية آية الله‌خامنئي يصدر منشورا بالعبرية ع ...
- اختفاء حاخام يهودي في الإمارات.. وإسرائيل تتحرك بعد معلومة ع ...
- إعلام العدو: اختفاء رجل دين اسرائيلي في الامارات والموساد يش ...
- مستوطنون يقتحمون مقبرة إسلامية في الضفة الغربية


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - خالد الصلعي - التفكير بالدين والتفكير في الدين