|
الدول الغربية ترفع شعار الاسلام هو الحل.
مالوم ابو رغيف
الحوار المتمدن-العدد: 4090 - 2013 / 5 / 12 - 22:19
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
تتعرض بلدان الشرق الاوسط، والبلدان العربية على الخصوص، لهجمة دينية متزمتة تقودها قوى الظلام والتخلف الاسلامية التي استغلت تطلعات الناس نحو الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية والسخط على الانظمة الدكتاتورية الشمولية المتعسفة، واستخدمتها كحصان طروادة اودعت فيه نواياها الخبيثة الشريرة في نفث الفتن والضغائن والاحقاد الطائفية وممارسة القتل والعنف الهمجي وقطع الرؤوس كممارسات مقدسة يبررها الجهاد لاجبار الناس على الرضوخ لاديلوجيتها الدينية المتزمتة ومحاربة اعداء الله. واعداء الله مفهوم غير محدد، فهو قد يعني الاحرار والمثقفين والمبدعين واليساريين، الذين يرون ان قيمة الانسان هي في احترام اختياراته وحقوقه وكرامته التي يجب ان لا ينتهكها قانون او شريعة او اله او حاكم، وقد يشمل ايضا المتدينين والمسلمين انفسهم، فهم اعداء الله ايضا اذا ما اختلفوا مع او عن التيار الديني المسيطر، خاصة وان التكفير اصبح احد مظاهر الايمان الاساسية. ما كانت الناس لتنخدع بما يقوله الاسلاميون ولا بشعارات الحرية والديمقراطية التي يرفعونها، لولا الاستغلال لزخم الثورات الشعبية ووصول الشعوب الى مرحلة عدم الطاقة على الاستمرار بتحمل الاضطهاد والقسوة، اذ ان الناس، وان كانت تدور في متاهات الدين وخرافاته وتقبل على شراء بضاعته الجهل والخرافة الدينية، الا انها، تعرف ان معجم ادبيات الاحزاب الاسلامية يخلو من اي اشارة الى الانسان، وان هذه المصطلحات، كالحرية والديمقراطية عند الاسلاميين لها معان اخرى مختلفة وان اشتركت في اللفظ، وأن الاضطهاد الاسلامي لا يختلف في جوهره عن الاضطهاد الشمولي ان لم يكن اسوء منه باضعاف المرات. ينبغي ان نشير هنا الى ان الناس لا تشتري الاسلام من اسواق السياسية، لكنها تقبل على شراءه وبزخم يدعو الى العجب من اسواق التخلف والجهل التي تشرف عليها مرجعيات الدين ورجاله الكبار، لذلك تستميت الاحزاب الاسلامية على شراء رضا المرجعيات الدينية الكبيرة، وهذا ما يفسر تقبيل اسماعيل هنية لشيخ الارهاب يوسف القرضاوي. الحقوق عند زمر الاحزاب الاسلامية مرتبطة بالخضوع والخنوع، فالعبد الخاضع القانع هو الذي يحضى بعطف وشفقة سيده، وان جادل وطالب فهو عبد آبق تحل عليه اللعنات والعقوبات. فالحقوق هي ملكية الحاكم الاسلامي، ان شاء حجبها عن عبيده وان شاء اسبغها عليهم، والحرية لا تعني سوى التسلط اللا محدود على الناس الذين لا يشار لها بانهم شعب انما رعية الحاكم. ولعل الاية القرآنية القائلة {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ } واضحة الدلالة على حرية الخضوع للحاكم وادانة التمرد عليه. ورغم ان جرائم الاسلاميين في اي مكان وطأت فيه اقدامهم وطالت اليه براثنهم، ليست بخافية على احد، الا ان الاعلام العربي الخبيث وبمشاركة الاعلام الغربي استطاع تقديم الاسلاميين بشكل اخر مختلف تماما عن ذلك الشكل الذي كنا نشاهده من على الفضائيات ونقرأ عنه في الصحف والمجلات، الاعلام الذي كان يشن حملات شرسة ضد الارهابيين، هو الذي يقدمهم اليوم على انهم يعملون من اجل الحرية ويؤمنون بالديمقراطية ويسعون لتقدم ورخاء بلدانهم، وان الارهاب والتزمت هما خاصتي منظمات ارهابية بعينها مثل تنظيم القاعدة. لذلك، وباستمرار ملحوظ، يستضيف الاعلام الغربي شخصيات سياسية اسلامية على شاشات الفضائيات التي يمتلكها، شخصيات تختلف عن تلك الوجوه التي اعتدنا على مشاهدتها من خلال فضائية الجزيرة بعد الحادي عشر من سبتمبر مثل ابو قتادة وابو حمزة المصري والسباعي وغيرهم من الارهابيين الذين يدعون علنا الى القتل دون تردد او خوف من محاسبة لا سيما وانهم يعيشون في الغرب ومن السهل القاء القبض عليها وسوقهم الى المحاكم بتهمة التحريض على العنف ونشر واشاعة الكراهية والحقد بين الناس. اليوم استبدلت الوجوه المعبسة بلحاها المشعثة برجال يرتدون بدلات وربطات عنق اوربية انيقة حليقي اللحى منتوفي الحواجب، تتغير ملامح وجوههم للتناسب واطروحات اكاذيبهم والتغيرات على ملامح احاديثهم عن العدالة والحرية والديمقراطية. يبدو ان شعار الاسلام هو الحل يرفعه الاسلاميون والدول الغربية ايضا. الحكومات الغربية لا يهمهما الديمقراطية او الحرية او العدالة الاجتماعية الا بالارتباط بمصالحها، فان كان العنف والشمولية والدكتاتورية تضمن سلامة هذه المصالح، فانها، اي الدول الغربية، لا تبدي اي اهتمام يذكر عن الوضع السياسي والانساني المزري في تلك البلدان التي تقيم معها افضل العلاقات، تغمض كلا العينين عن اي انتهاك مهما كان خطيرا لحقوق الانسان، لذلك نجد ان علاقاتها على احسن ما يكون مع انظمة القمع وكبت الحريات واحتقار المراة وممارسة التعذيب والقتل بحق المعارضين كما يحصل في السعودية . البلدان الغربية، التي بدلا عن الديمقراطية وعن الحرية، سوقت لنا الاسلام في اردء انواعه، الوهابية، وفي اسوء مظاهره، الاسلام السياسي، وفي اعنف حالاته القاعدة، وفي افسد نسخاته كما في تونس ومصر وليبيا والعراق، لم تكن مغفلة او جاهلة او انها لا تعي ولا تعرف مخططات القوى الاسلامية في فرض مشروعها الاستغبائي التجهيلي التخلفي المعادي لابسط حقوق الانسان، حق العيش بكرامة، فالدول الغربية ارتبطت وترتبط مع الحركات الاسلامية وخاصة الوهابية بوشائج وعلاقات سياسية وتآمرية والقاعدة Made in USA ، المغفل والجاهل هو الذي انغر ولم يدرك، رغم الكثير من التجارب المرة مع دول الغرب، بتناقض مواقفها. الدول الغربية وجدت ان الاسلام هو الحل لاستمرار الشعوب في غفوتها وفي غرقها في جهلها وعيشها في زرائب تخلفها واستمرارها في عبوديتها واستصغارها لنفسها لكي يضمن التحكم بها والسيطرة على مقدراتها. اذ احترمت البلدان الغربية شعوبها وحكمت بالعدل والقانون، ولا جدال في ذلك، فانها لا تشعر باي قدر من الاحترام للانسان في البلدان الاخرى. مصالحها السياسية هي التي تخفض او تعلي صوت انتقاداتها، فان ارتفع صريخها وصياحها على انتهاكات حقوق الانسان في الصين، فان صمتها هو صوتها الوحيد عندما تغتصب امامها كرامة الانسان في السعودية وفي البحرين ودول الخليج الاخرى وفي تركيا. وعلينا ان نشير الى ان البلدان الغربية لا يحكمها الفلاسفة ولا المفكرون ولا الانسانيون، بل السياسيون الذين يديرون شؤون الحكم ويشرفون على توجهاته حسب ما تقتضيه المصالح الرأسمالية . ليست النوازع الانسانية او الفكرية او العلمية هي التي تقرر نوع العلاقات مع الدول، انما الرأسماليون واصحاب البنوك ورجال الاعمال الذين شعارهم الوحيد هو Business is Business لا غرابة بالطبع ان ارتبط رجال بزنس از بزنز مع رجال لا اله الا الله، اذ ان الله اصبح بضاعة وبزنس مربح جدا، وتجار الدين استطاعوا بيع بضاعتهم الجهل على الناس وحصلوا على الثراء والشهرة. الملفت ان بضاعة الجهل لا زالت رائجة ولا زال الاقبال على شرائها مستمرا في بلدان الربيع العربي الذي ضن علينا بزهوره واكثر علينا بحشراته فاوجعتنا عضا ولسعا.
#مالوم_ابو_رغيف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
دولة الاغلبية الشيعية!!
-
عراق بلا دين عراق افضل، عراق اقوى واجمل.
-
مهمات الشيوعيون العرب
-
نظم الاخلاق الدينية وتناقضاتها مع القيم الانسانية
-
فوضى الحرية
-
التثقيف الاسلامي من اهم عوامل التحرش الجنسي
-
لماذا لم تحدث الثورة في البلدان الرأسمالية لحد الآن؟
-
من اخطاء الرفيق النمري: عدم التفريق بين الطبقة وبين ايدلوجيت
...
-
من اخطاء الرفيق فؤاد النمري: البرجوازية الوضيعة! 1-2
-
الاسلام الحاكم والاسلام المعارض ومهمات اليسار في العراق
-
تهميش المذهب السني في العراق.
-
الانسلاخ من الطائفة الشيعية مع ضياء الشكرجي ونجاح محمد علي
-
هل من مأخذ على المالكي ان تشبث بكرسي السلطة؟
-
دولة بدين خامل
-
ضرورة اعادة النظر بقانون الارهاب ككل وليس المادة 4 منه فقط
-
هل الشخصية الشيعية اقل استقلال من الشخصية السنية؟
-
حكومة مهتوكة العرض!!
-
الطائفية ومظاهرات اهل السنة
-
من اجل حفنة من الشرطة
-
القانون وحماية العيساوي
المزيد.....
-
دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه
...
-
في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
-
نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله
...
-
الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|