خالد إبراهيم المحجوبي
الحوار المتمدن-العدد: 4090 - 2013 / 5 / 12 - 01:00
المحور:
المجتمع المدني
(تواصل الأبدان، وتفاصل الأذهان)
كل مثقف في مجتمعه هو شخص ومواطن، يشارك مجتمعه الحياة بكل تفاصيلها اليومية. فهو بهذا الملحظ متواصل متداخل مع مجتمعه ببدنه، بوصفه مكوناً طبيعياً من مكونات المجتمع على الصعيد الديمغرافي السكاني.
ولا يغيب عنا أن كل المجتمعات هي عائشةٌ حالة انزواء وانفصال عن الهموم الفكرية، والشغول المعرفية، تلك التي يغوص المثقفون في لججها.
من هنا فالمثقف يعيش بإزاء مجتمعه، حالة تفاصل وانفصام، مقابل تلكم الحالة التواصلية على المستوى المعيشي اليومي البدني. من هنا وصفتُ هاته الثنائية بين المثقف والمجتمع بأنها حالة تواصل أبدان، وتفاصل أذهان. يندمج فيها البدن مع جميع الناس، وينزوي فيها الذهن والفكر عن أكثرهم.{ولكن أكثر الناس لا يعلمون }سورة يوسف .الآية 68
وفي أكثر المجتمعات تتطور حالة التفاصل هذه، إلى حالة اغتراب يصير فيها المثقفون عائشين وسط جِواءٍ خاصة لا يشاركهم فيه أهل المجتمع، ولا هم يُشْركون فيه عوام الناس. هي حالة فحواها: انشغالات فكرية، وهموم إبداعية، وعلمية، وأدبية.
ولسنا نستغرب أن نجد تطوراً لحالة الاغتراب تلك حين تصل في بعض المجتمعات إلى حالة احتراب؛ يؤول فيها المثقف نبيذاً شريداً، وهدفاً لسلوكات عدوانية، كالتهميش والإزراء، والاستهزاء، والإيذاء. إن تمايز المجتمع وقيامه على طبقات غير متوحدة هو من سنن الله تعالى في خلق {ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة}سورة هود .الآية 118
وليس صواباً أن يتوهم المثقفون أنهم وحدهم عماد الحضارة ومصدر الحياة، فكل إنسان في المجتمع مهما قلَّتْ قوته، أو وهنتْ مهنته، أوسفُلتْ صنعته؛ فهو قائم بدور تحتاجه الحياة .إن نظرة منا شاملة ومنصفة، ستقودنا للقول بأن عامل النظافة، وعامل البناء، والحداد، والنجار وأضرابهم ليسوا بأقل أهمية للحياة والمجتمع من عالم الفلك، والطبيب، والمفكر، والمهندس.
#خالد_إبراهيم_المحجوبي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟