|
التدين الجديد..التدين الوسواسي
اسعد الامارة
الحوار المتمدن-العدد: 1174 - 2005 / 4 / 21 - 11:12
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
اجتاحتنا خلال السنوات الاخيرة ما يمكن ان نطلق عليه "التدين الجديد" او التدين الوسواسي، او ان صح التعبير " الشعوذة الجديدة"، فالانسان خلال مسيرة حياته عبر عشرات القرون عاش في توافق مع نفسه ، وتوافق مع الله وتوافق مع المقربين منه من افراد المجتمع الذي يعيش فيه ولكن في السنوات الاخيرة نمت لدى شريحة من المجتمع سلوكيات لم تكن معروفة اصلا حتى في عصر النبوةالاولى في مكة او المدينة او لدى ال بيت رسول الله واصحابه (ع) ، هذه الشريحة من الناس ، هم من المسلمين الذين كما يعتقد عامة الناس ، اشهروا اسلامهم ربما تحت ظرف مشكوك فيه واعتنقوا الدين الاسلامي لغاية في نفس يعقوب والله اعلم!! هؤلاء اعلنوا للملأ ان التدين الجديد يجب ان يسلك عبر منافذ القتل والعنف والترويع والسلوك العدواني ، هؤلاء الذين يمتهنون مهنة التدين الجديد ، غالبا ما يسلكون تحت تأثير عقدهم الشخصية ، لان سلوكهم يوقظ فيهم صدى عقدهم الطفلية فيستجيبون لذلك بأن يقمعوا الناس الامنين الذين يبحثون عن السلام والطمأنينة في مشارق الارض ومغاربها حتى ولو كانوا في اقدس بقع الارض ، لا فرق ان يكون الانسان في مكة او بجوار قبر نبي الرحمة محمد (ص) او في كربلاء المقدسة او النجف الاشرف عاصمة الامام علي بن ابي طالب (ع) حكيم العرب واشجع رجالاتها زمن الرسول (ص)واثناء فترة حكم خلفاء الرسول ، فالامر سيان ، يجب ان تمتد يد العنف الى مدريد او استنبول اوالرياض او الخبر او بغداد او الموصل اوكربلاء اوالبصرة او الكويت ، عاد الارهاب بثوب الدكتاتورية الجديدة ، دكتاتورية التدين الجديد .. التدين الوسواسي ، الذي يفرض على الناس عقائد وتجارب فاشلة في افغانستان او في مخيلة رجالاته المرضى اينما اختبأوا تحت الارض او في الوديان ، انهم امنوا بعقائد تقوم على سفك دم هذا المسلم ، وجز عنق هذا النصراني ، وضرب اولئك البوذيين حتى الموت ، وتروييع الامنين من اجناس البشرية المختلفة تحت راية الجهاد والمقاومة المزعومة وبتسميات لا علاقة لها بالدين الاسلامي الحنيف ، او السنة النبوية الشريفة او الشريعة الاسلامية ، حتى تأكد للعالم اجمع ان هؤلاء المتدينين الجدد هم مرضى بالوساوس الدينية ، مرضى التعصب ، لذا علينا ان لا نتعامل معهم كاشرار او مجرمين او منحرفين او عدوانيين ، بل مرضى ونطلب من الجميع ان يبتعدوا عنهم لخطورة ما يصدرعنهم من افعال متوحشة لكي لا يصيبهم السوء منهم وعسى الله ان يتيح للقائمين على الامن في المجتمع ان يفك قيودهم المرضية بألقاء القبض عليهم لكي يبرأ الاصحاء من جذام التدين الجديد ...التدين الوسواسي. يرى علماء النفس ان التعصب والتدين الوسواسي هو اضطراب في الشخصية يماثل تماما مختلف المخاوف المرضية او الحاجات العصابية . وهذه الشخصية عبارة عن مجموعة معقدة من السمات التي تميز الاشخاص مرتفعي التعصب حتى ينحو سلوكهم نحو الوسوسة والتوهمات المرضية ومن السهل ان نجد لدى هؤلاء الاشخاص وساوس في ملبسهم فقاموا بقطع جزء من ثيابهم لكي لا تتلوث او ارتدوا حللا جديدة لم تكن مألوفة زمن الحكم الاسلامي قديما او حديثا ان وجد ، ولكن وساوسهم دفعتهم لان يغادروا التسامح نحو العنف ويتركوا المودة نحو البغض ويديروا ظهورهم نحو المساعدة وامنوا بالتعنصر نحو من يؤمن بعقائدهم المريضة تلك جدلية معقدة من التشابكات النفسية الانفعالية لا يدرك كنهها الا من به خلل . هذه السلوكيات معقدة تعترفبأن جماع الشخصية قد ينكص بصاحبها الى اسفل الدرك وهي في حقيقتها كما يقول علماء النفس تأخذ مجرى الطاقة الغريزية الحيوانية ولا يمكن ضبط حركتها نحو الاخرين وخصوصا ممن يختلف معهم في الرأي او المذهب او الدين او الاتجاه السياسي او الفكر حتى وان كان من ارق المسالمين ومن الموحدين ، فلا تجربة سابقة يمكن ان تكون دليلا انسانيا ًولا مفكر سبقهم في الرؤية كان له السبق في وضع اسس للبشر من قبلهم .. تأمل عزيزي القارئ الكريم مدى حجم هذه الاحقاد على كل من يخالفهم وكل من لا يطيع امير الجماعة لديهم . يقول علماء النفس ان الوسواس والعصاب الوسواسي يبدأ لدى البعض من الاشخاص في بداية البلوغ وترجع اسبابه الى اختلال التوازن بين الدوافع الغريزية والاشباعات التي يحظى بها من عاطفة وابوة وحب للام وحنان وايمان صادق بالمعتقد الديني او القيمي او التعلق الصحيح بالمذهب ، فيؤدي ذلك فيما بعد الى الاختلال مع العالم الداخلي الذاتي والخارجي وتكون النتيجة حدوث النكوص او بالاحرى يزداد لديه الوضوح في تلمس الوضع النفسي المتدهور ويظهر الوسواس وتزداد ازمات الشخص الوسواسي ، ويزداد الوجه المختفي وضوحا للعلاقة بين الصراعات التي يحملها من ناحية ووضوح الصلات الوثيقة بين العصاب الوسواس من ناحية الالتزام الديني المتعصب والذي يمثل الوسواس الديني بحد ذاته ، لذا فأن القهر الوسواسي يندفع عند هؤلاء الفتية باشكال انتقامية بعيدة كل البعد عن دعوات اي دين سماوي كان ام غير سماوي ولكنه معتدل في الرؤية وفي التعامل ، فالوسواسي يريد ان يمتلك ولو بالاوهام اي شئ من ذاته المسروقة حتى يفقد بعد ذاته كل ذاته وحياته كما انه ادمج الفكر الوسواسي بوجود مستقل مع ذاته حتى يلوث ذاته ويصبح معه كلا متساوياً ويؤدي بعد ذلك الى فناء النفس بنفسها لكثرة ما بها من تشابكات معقدة لايستطيع الخلاص منها وكلما تقادم الزمن ازدادت التشابكات حتى يفني ذاته بذاته .
#اسعد_الامارة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
العلاقة الزوجية ..اللذة وعبث الخلاص
-
الشخصية الهستيرية
-
الشخصية الانبساطية
-
الدماغ وسيكولوجية الادراك والتفكير
-
الاطفال والتشتت الذهني
-
الشخصية الناقصة -الضئيلة-
-
خطوات نحو التوافق النفسي
-
الشخصية الشيزية -الفصامية-
-
الشخصية القلقة
-
الكبت والقمع هل هما عوامل قوة ام ضعف في الشخصية؟
-
الشخصية الشكاكة
-
التعصب ..اشكالية في التفكير، اشكالية في السلوك
-
الشخصية العدوانيةالمضادة للمجتمع - السيكوباتية-
-
اللاعنف قمة التوافق النفسي
-
الارهاب ..نزاع ضد الابرياء
-
المعقول واللامعقول في العنف
-
لِمَ العنف في العراق
-
المرأة ..مدورة* الاحزان
-
كيف يعالج الدماغ المعلومات
-
الاحباط والضغوط النفسية
المزيد.....
-
المقاومة الإسلامية في العراق تعلن مهاجتمها جنوب الأراضي المح
...
-
أغاني للأطفال 24 ساعة .. عبر تردد قناة طيور الجنة الجديد 202
...
-
طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال
...
-
آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
-
دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه
...
-
في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|