|
المسألة الزراعية في المغرب
عبد السلام أديب
الحوار المتمدن-العدد: 1174 - 2005 / 4 / 21 - 11:26
المحور:
الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر
نظمت جريدة النهج الديموقراطي يوم السبت 12 مارس 2005 ندوة حول المسألة الفلاحية في المغرب، وتعتبر هذه الندوة الثانية من نوعها خلال سنة 2005 بعد ندوة 12 فبراير حول اشكالية نهب وتبدير المال العام. وقد أستدعي لهذه الندوة السادة محمد العمراني، مهندس زراعي وعضو حزب الطليعة الاشتراكي الديموقراطي ونجيب أقصبي، أستاذ العلوم الاقتصادية بمعهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة وعضو جمعية الوفاء للديموقراطية والزبير شرفي، مهندس فلاحي وعضو حزب اليسار الاشتراكي الموحد ومحمد أجرار، فلاح والكبير الميلودي، فاعل في الحركة الأمازيغية ومحمد الموساوي، باحث وناشط جمعوي وعبد الرحيم الهندوف، مهندس فلاحي عضو حركة النهج الديموقراطي والحسين الهناوي، مهندس زراعي عضو حركة النهج الديموقراطي وعلي فقير أستاذ الاقتصاد والتسيير والحسين العنايت أستاذ جامعي عضو النهج الديموقراطي. وقد أشرف على تسيير الندوة عبد السلام أديب بينما قام العربي عبيبي بوضع تقرير حول النقاشات، وفيما يلي وقائع الندوة:
* عبد السلام أديب أرحب بالضيوف الكرام في ندوة جريدة النهج الديموقراطي حول موضوع المسألة الزراعية في المغرب تعرفون أن أهمية وراهنية هذا الموضوع تنطلق من عدة اعتبارات أهمها أن أغلبية سكان المغرب تعيش في المناطق القروية واعتبارا إلى أن المغرب فرض عليه منذ بداية القرن أن يكون بلدا فلاحيا فيما يعرف بالتقسيم الدولي للعمل لكن هذه الاعتبارات تصطدم بواقع العالم القروي وبالسياسات الممارسة على هذا المستوى لذلك تطرح عدد من الاشكاليات التي سنحاول من خلال هذه الندوة ملامستها وايجاد بعض التفسيرات والحلول بشأنها. - فما هي التطورات التي عرفتها البنيات الإقتصادية والإجتماعية والسياسية في البادية؟ - ثم كيف تبلورت سياسات الدولة في المجال الفلاحي وما هي انعكاساتها على عموم المغاربة وعلى الفلاحين على الخصوص؟ - ثم ما هو واقع القطاع الفلاحي حاليا وما هي آفاقه المستقبلية؟ - وأخيرا ما العمل لمواجهة الأوضاع في القطاع الفلاحي باعتباره وسيلة لتوفير الأمن الغذائي والإرتقاء بالساكنة القروية والمساهمة في التنمية الاقتصادية والإجتماعية لعموم البلاد؟ أقترح في البداية أن نتناول التطورات التي عرفتها ملكية وسائل الانتاج الأساسية في الميدان الفلاحي ؟ ثم تأثير أشكال الملكية العقارية في المجال الفلاحي على هذا القطاع من خلال تقييم أوضاع أراضي الجموع وأراضي الدولة سواء تعلق الأمر بالأراضي الفلاحية أوالغابات ... الخ. * الهندوف عبد الرحيم قبل الاستعمار كان أغلب الأراضي عبارة عن أراضي للجموع، وقد كان يتم التوزيع للأراضي الصالحة للزراعة سنويا في غالب الأحيان، فيمكن للشخص أو للعائلة أن تستعمل قطعة من الأرض، دون تملكها، وكان التوزيع يأخذ بعين الاعتبار حجم العائلة ومدى قدرتها على الإنتاج، بمعنى كانت هناك ديموقراطية نسبية في استغلال الملك الجماعي للقبيلة. وعندما دخل الاستعمار لم يقم بزعزعة هاته البنيات التقليدية، مقارنة مع دول أخرى كالجزائر مثلا، فالاستعمار حافظ على نوع من الفلاحة التقليدية ببنيانها وعلاقات الإنتاج القائمة بها كنظام الخماسة والرباعة وحتى وسائل الإنتاج لم تتطور في تلك الحقبة حيث ظلت مستمرة بمردوديتها الضعيفة وهذا لا ينفي الأراضي الخصبة التي نهبها الاستعمار وأقام فيها بطبيعة الحال فلاحة عصرية تتوفر على إنتاج مرتفع، من هنا انتشر نظام التمليك وتأسيس المحافظة العقارية. وبعد الاستقلال كانت الأراضي التي استولى عليها الاستعمار الخاص تناهز: 270 ألف هكتار بينما بلغ ما سمي بالاستعمار الرسمي 250 ألف هكتار، ولم تسترجع الدولة سوى أراضي الاستعمار الرسمي وتركت أراضي المعمرين التي تم تحويل 350 ألف هكتار منها إلى معمرين مغاربة كبار وبذلك بدأت تظهر أولى طبقات الملاكين الكبار.
* محمد الموساوي: من خلال تقييم أوضاع الأراضي الفلاحية قبل الاستعمار يمكننا في عجالة تحديد ثلاثة أو أربعة مجالات ، فهناك أولا مجال استقراء عدد السكان الذي كان قليلا نسبيا خصوصا في الواحات وكذا في المناطق الجبلية أي في الأطلس الصغير وفي سلسلة جبال الريف، كانت هناك زراعات متأصلة وفي مناطق أخرى كانت هناك مناطق مخصصة للرعي وفيما بين هاتين المنطقتين ساد ما يسمى بالمجال المخزني. إلا أنه في المناطق التي كانت فيها زراعات قديمة جدا والتي كانت تعتمد أساسا على تعبئة كثيفة لقوات العمل وكانت مبنية أساسا على تملك الماء، خصوصا في المناطق الصحراوية، حيث أن من كان يملك الماء كان يملك المال ويملك كل شيء كما ساد بناء اجتماعي هرمي جد ممركز كما ظهرت أشكال من العبودية كقوى إنتاج أساسية وقد ساد ذلك في المناطق الجنوبية أي في الواحات وكذلك في مناطق الأطلس الصغير. لم تكن هناك ملكية فردية خاصة، بل كانت الملكية جماعية والمناطق التي سادت فيها الملكية فردية كانت في إطار الدواوير خصوصا في مناطق الريف، أما في المناطق المخزنية فالجميع يعرف أنها كانت مبنية أساسا على تلك الأراضي التي اغتصبت تحت الضغط وقدمت للجيوش الذين يقومون باستغلالها في إطار نظام شبيه بنظام العزيب وكان منتشرا خاصة في جنوب الريف حيث يتم توكيل زراعة تلك الأراضي بالوكالة إلى أشخاص آخرين. في فترة الاستقلال يمكن الإشارة إلى إحصائيات منتصف السبعينيات ومنتصف التسعينات فالملاحظ أنه منذ منتصف السبعينات إلى غاية 1996 حدث نقصان كبير في عدد الحيازات ب 22% وان عدد الحيازات التي تقل عن هكتار واحد ومن لا يملك أراضي قد انخفض عددهم ب 85 % فقد حدثت عملية البلترة لأن ما يسمى بالمزارعين والفلاحين الفقراء والفلاحين الذين لا يملكون أرضا والذين يتم استغلالهم من طرف ملاكي الأراضي الكبار خماسة ورباعة. من جهة أخرى ارتفعت المساحات الإجمالية الصالحة للزراعة من 7 مليون هكتار إلى 9 مليون هكتار تقريبا. نفس الشيء بالنسبة للكسابة الذين يشتغلون في تربية المواشي، فقد انخفض عددهم بنسبة 80% خلال عشرين سنة تقريبا. هناك من يرجع هذا التراجع للفقر لكن هناك كذلك عدد من الحوافز التي مكنت الملاكين الكبار من استغلال أراضي الجموع بطريقة جد عشوائية. يشير الإحصاء الأخير أن هناك 70% تقريبا ممن يملكون 5 هكتارات فأقل ويمثل 24 % من المساحات الزراعية الإجمالية وهناك الضيعات التي تتجاوز 100 هكتار يشكل أصحابها 2,0 % ويستحوذون على 7,8 % من الأراضي أما من يملكون بين 50 إلى 100 هكتار فيشكلون 7,0 % من العدد الإجمالي، فإذا ما أردنا أن نقسم مثلا الضيعات إلى الكبيرة ومتوسطة وصغيرة، فإن التعريف الذي جاءت به مناظرة 2000 يشير إلى أن الأراضي الكبيرة هي تلك التي تتجاوز 50 هكتار في المناطق البورية و20 هكتار في المناطق المسقية وتتراوح المتوسطة ما بين 3 إلى 50 هكتار في البور وما بين 1 إلى 20 هكتار في المناطق المسقية. أما الضيعات الصغيرة أو القزمية فتقل عن 3 هكتارات في البور وأقل من هكتار في المناطق المسقية. وتشير الإحصائيات إلى أن الضيعات الكبيرة تمثل 9,1 % من العدد الاجمالي وتستحوذ على 5,21 % من الأراضي، أما المتوسطة والصغيرة فتقدر ب 7,56 % من هذا العدد، أما الصغيرة جدا أو القزمية فتمثل 41 % من حيث العدد.
* نجيب أقصبي فيما يخص البنيات الفلاحية وتوزيع وسائل الإنتاج، تشكل الأرض وسيلة أساسية من وسائل الإنتاج، وهناك عدد من المعطيات المرتبطة بهذا المجال والتي استنتج منها نقاط أساسية، الأولى أننا في بلد به 8,7 مليون هكتار ويمكن أن نكون اكثر سخاء ونقول 9 ملايين هكتار فماذا يعني هذا، تشكل هذه المساحة 12 % من الأراضي الصالحة للزراعة مقارنة مع المساحة الكلية للبلاد، وهذه المساحة موضوعيا غير قابلة لتوسيع المجال الفلاحي. في البلدان الأخرى إذا ما أريد إيجاد 10 هكتارات من الأرض لأجل الفلاحة يتم العمل على تقليص مساحة الغابات لكن هذه الإمكانية غير متوفرة في المغرب، إذن فالإكراه الموضوعي الأول هي محدودية الأرض الصالحة للزراعة. فماذا نستنتج من هذه النقطة الأولى أو الملاحظة الأولى، فقضية توزيع الأراضي في المغرب لا يمكن أن نقوم بها بنفس الطريقة التي تحدث في أمريكا اللاتينية مثلا، في أمريكا اللاتينية نتحدث عن التوزيع اللاعادل للأراضي ، فكم تبلغ أكبر الاستغلاليات في الأرجنتين مثلا انها تلك التي تبلغ 10 آلاف هكتار فما فوق أو 158 ألف هكتار لمالك واحد أما نحن في المغرب فهذه الحيازات غير موجودة. يشير الإحصاء الأخير لسنة 1996 –1997 إلى أن هناك 3182 ضيعة تتجاوز 100 هكتار فهذا هو كل ما هو موجود، طبعا تمثل هذه الأراضي 0,2 % من المجموع ولكن يظهر بشكل أكثر وضوحا القول بأن هناك 3182 ضيعة تفوق 100 هكتار، وهذا لا ينفي طبعا أن هناك تفاوت في توزيع الأرض، طبعا هناك تفاوت ولكن يجب ان نعلم بأن هذه هي الكعكة المتوفرة وأنها مقسمة بصفة لا عادلة طبعا ولا متساوية ولكن هذا هو كل ما هناك، المشكل الأساسي هو أن 70 % من الضيعات لديها أقل من 5 هكتارات وهذا إكراه موضوعي وهذا يعني أن الضغط الأول هو الأرض، وليس فقط أقل من 5 هكتارات بل ان تلك ال5 هكتارات موزعة على 7 أو 8 قطع أي انتشار ظاهرة تفتت الأرض، فهذا مشكل هيكلي بنيوي كبير وعندما سنتحدث عن المشاكل والآفاق لا بد أن نتحدث عن هذه الإشكالية، فقضية إعادة تجميع الأراضي قضية أساسية في مجال الإصلاح الزراعي. تشكل الأنظمة العقارية إشكالية أساسية، هناك 75 % من الأراضي عبارة عن ملك، فما هو الملك، ملك بدون أوراق أو عقود فمن الناحية الاقتصادية وحتى نكون واعين بذلك وندخل في دينامية التراكم أي تحسين الإنتاج طبعا لابد من القيام بالإستثمار أي الحصول على قروض ثم مراكمة الأشياء أما إذا لم نكن تتوفر على ضمانة قائمة على الأرض وإذن على الملكية فتلك الأرض ستبقى على حالها، أظن أن هذه المشاكل لا تتعلق تحديدا بانعدام المساواة ولكنها مشاكل موضوعية. المشكل الثاني الذي يعاني منه القطاع الفلاحي هو الماء، فهناك أراضي مسقية وأخرى غير مسقية وكل شيء يتغير بحسب هذا المعطى، إذن فمن يتوفر على مصادر الماء بهكتارين ستكون وضعيته أحسن ممن لا يتوفر على الماء ولديه 50 هكتارا فالماء يغير كل شيء بشكل جذري. أقترح النظر إلى الأشياء في شموليتها، الحديث يجب أن ينصب على توزيع الماء وأن نطرح قضية مشاريع ما يسمى بالمناطق السقوية والمناطق غير السقوية أي ما يعني سياسة الدولة فيما سمي بالسدود الكبرى وممكن حقيقة القول بسياسة اللاتوزيع في هذا المجال، المفارقات والتي أذكتها سياسة الدولة كانت أكثر فاعلية عبر عامل الماء أي أنها أعطت الماء للبعض ولم تمنحه للبعض الآخر أي لطبقات سياسية تمييزية أكثر مما فعلته في مجال الأراضي، إن مساحة الأراضي محدودة إذن في المغرب فقد قيل بأن هناك مليون هكتار من أراضي الإستعمار منها 300 ألف من أراضي الاستعمار الرسمي والتي ذهبت إلى الإصلاح الزراعي والباقي تم استرجاعه من طرف صوديا و سوجيطا من 300 إلى 320 ألف هكتار سنة 1972 بينما ذهب الباقي إلى المعمرين الجدد و ومعلوم أن 300 ألف هكتار التابعة لصوديا و سوجيطا تم توزيعها ولم يتبقى منها سوى 56 أو 76 ألف هكتار أي أنه حتى تلك الهكتارات ذهبت أي بصفة سياسية وأضحة للحكم بهدف تنمية طبقة معينة عبر توزيع أراضى صوديا و سوجيطا على الزبناء السياسيين و العسكريين إلى آخره. لكن سياسة الدولة محدودة بمحدودية مجال الأرض، أما بالنسبة للماء فان سياسة الدولة كانت سياسة مضبوطة لديها استراتيجية تكمن في انه حتى و إن كان لديك فقط 10 هكتارات فإذا ما قدمت لك الماء فإني اقدم لك إمكانية الاغتناء على حساب مصالح الجميع لان هذا هو المال العام بناء السدود و التجهيزات هو مال عام. النقطة الثالثة هي مواد الإنتاج الأخرى، هناك الأرض و الماء و الإنسان و هناك أيضا التجهيزات، لننظر مثلا إلى التوزيع الآليات الفلاحية وتوزيع الأسمدة ومن يستعمل الأسمدة والبذور المنتقاة مثلا ومن يستعمل الأدوية هذه هي العوامل التي إذا ما تضافرت يمكن أن تحصل على مردودية كبيرة أو صغيرة، فأيضا كل هذه المعطيات تدل على ان سياسة الدولة كانت متجهة و بدعم من المال العام عبر الإعانات كانت متجهة لكي تركز استعمال مواد الإنتاج في أيدي محدودة من المحظوظين الجدد.
* الحسين الهناوي منذ1957 تم إنشاء ما يسمى بالاتحاد المغربي للفلاحة وتضم هذه المؤسسة التي خلقتها الدولة الفلاحين الكبار وشبه الإقطاعيين والتي كان اهتمامها منصبا على الاستيلاء على الأراضي و الوقوف ضد أي إصلاح زراعي فخلال هذه الفترة كان في ذلك تقدمت مجموعة من القوى السياسية الديموقراطية والوطنية صيغ مشاريع للاصلاح الزراعي تروم توزيع الأرض التي اغتصبها الاستعمار من القبائل على اصحابها وأبنائهم لكن أمام قوة هذا اللوبي الفلاحي تم إحباط مختلف هذه المشاريع وتم الاستمرار في الاستيلاء على الأراضي الفلاحية بطرق ملتوية ومشبوهة. فيما يخص المياه نفس الشيء، حيث نجد أن الدولة اعطت اهمية كبرى لما يسمى بسياسة السدود لكن بأي ثمن بنيت هذه السدود، ليس لدينا تقييم في هذا المجال رجعنا الى مجموعة من القروض التي تم اقتراضها في ذلك الوقت سنجد أن المبالغ المقترحة جد مرتفعة ففي سنة 1966 تم اقتراض 8,56 مليون درهم في إطار برنامج بناء مشرع بالفصيري كما تم اقتراض46 مليون درهم من الصندوق الكويتي نفس الشيء تم مع USAID مبلغ 26 مليون درهم على 40 سنة وفي 1967 ومن فرنسا سنة 1968 وبلجيكا 30 مليون درهم، الحقيقة كان هناك نزيف كبير للقروض و هي من أوصل المغرب إلى ما وصل اليه من مديونية متفاقمة رهنت مستقبل البلاد لعقود عديدة كل ذلك لبناء سدود تستفيد منها حفنة محدودة من كبار ملاكي الأراضي.
* الكبير الميلودي سأعود الى تطور بنية ملكية الأراضي، فهي في الحقيقة مسالة اساسية فكما هو السؤال مطروح قبل الاستعمار وخلال فترة الحماية تم بعد فترة الحماية . نعلم جميعا ان من بين وسائل الإنتاج الأساسية التي كانت سائدة في مرحلة ما قبل الاستعمار كانت هي الارض وليست لدينا معطيات حول فترة ما قبل الاستعمار و هل كان المغرب موحد حول ملكية معينة في شكلها او ان كل منطقة تتوفر على خصوصية معينة. ففي المنطقة التي اعرفها جيدا في الاطلس المتوسط كانت الملكية جماعية لا بالنسبة للارض او الماء او الغابة او حتى بالنسبة للمعادن المستخلصة من الارض فالمسالة جماعية، تعرفون المنطقة القائمة بين مكناس و فاس و محيطها كانت الملكية بها جماعية مثل كروان ، وايت النير وايت يوسي و ما وراء ذلك بني وراين في الجانب الاخر من فاس هناك أولاد جامع، فحسب ما نعلمه تاريخيا لم يكن ابدا للملك او لحاشيته او جيوشه أراضى في تلك المنطقة ، فالحكم كان محدودا بالضبط في أسوار المدينة و كان هناك دائما صراع دائم موضوعه اختراق تلك القبائل لكي يمتلك الأرض. الطريقة التي تم اتباعها لتغيير ملكية الارض كانت عنيفة من خلال خلق ما يمكن أن نسميه بعصابات حتى يتم الاستيلاء على الأراضي عبر وسائل غير شرعية و يمكنني أن اقدم لكم هنا نصا لكاتب فرنسي "فوستو بابان" الذي كتب سنة 1929 كتابا اسماه "صاحب الجلالة او المغرب بدون قناع" و هدا الشخص كان صحافيا و عاش في مراكش مع القائد لكلاوي و كان شاهدا على كيف كان يتم الاستيلاء على الأراضي عن طريق شخص ليست له مكانة داخل المجتمع بل انه فرض عن طريق الولاء للنظام فماذا يقول : " فلم يبق للفلاحين البؤساء المسربين داخل المناطق الجهنمية التي يرهبها الكلاوي سوى ان يتخلوا على ارض الآباء و بيت الأجداد و يتجهوا فارين نحو المناطق الأقل جبنا و الاقل بهتا او نحو المدينة او يجتازوا البحر مما يفسر تدفق اليد العاملة الرخيصة إلى المدن الفرنسية " هناك نص اخر يبين كيف تم تشكيل عصابة للاستيلاء على الأراضي باسم المخزن، في أحد الأوقات في مراكش عين القائد القاضي بنفسه وكان القاضي يعين أمناء الحرف منهم أمين رحبة الزرع فماذا كان يفعل؟ كان الناس ياتون لبيع الحبوب فيقوم بفرض سيطرته عليهم لكي يشتري بالثمن الذي يريده و هذه الأشياء وقعت فيما بين 1900و 1915 فقد كان الفلاحون البسطاء يبيعون ب 75 فرنك و كان الأمين يتسلط عليهم و كان الفرنسيون في نفس الرحبة يبيعون ب 160 فرنك الى 170 فرنك اما الفلاحون فيبيعون ب 75 فرنك عبر ارهابهم، و عندما بدأت الاحتجاجات في البداية كان يقوم بالقبض على المحتجين ويأخذهم الى القاضي الذي هو شريك له و في حجر الكلاوي ، و عندما ياتون الى القاضي يطول الحديث معه وعندما يعودون يجدون ان بهائمهم قد اختفت من السوق وقد دفع ذلك الناس لعدم القبول باللجوء الى القضاء. الآن اقدم مثالا اخر في الاطلس المتوسط لكن مع الاسف ليست هناك كتابات تاريخية في هذا المجال ، فبعد موت موحا اوحمو الزياني في معركة اولعلو تم تعيين ابن محا اوحمو الزياني الذي هو الباشا حسن، وكان الباشا حسن طاغية لا مثيل له فماذا كان يفعل؟ ، كان بفرغ جيرانه او الناس القريبين منه الشيئ الذي دفع الناس الى اللجوء إلى الجبل، لقد كان الباشا حسن يعتقل المحموعة التي مارست الاحتجاج ويقوم بدفنها إحياء ، فكان يحفر للناس قبور و يدفنهم فيها ولا يظهر منهم الا الرأس و يقوم بوضع سريات الخيل و عندما تقوم بالركض و ترتطم حوافرها برؤوس هؤلاء تنفجر و لا تنصرف اخر سرية من الخبل حتى يموت اخر هؤلاء. من خلال كل هذه الامثلة يمكن القول بان تغيير ملكية الارض لو يتم الا عبر العنف وإرهاب القبائل.
* اجرار محمد بالنسبة لشكل الملكية هناك بالفعل مشكل هيكلي و الذي أعتبر ان الدولة واعية به ، لان هناك اناس لهم مصلحة في الحفاظ على هذا الشكل من الملكية ، بحيث انه كانت هناك الملكية العصرية التي جائت بها الدولة الحديثة سواء في عهد الحماية او الاستقلال وحافظت على هذا الغموض من اجل ان الناس الذين لم تكن لديهم الارض اصبحوا يجمعون المال ويقومون بشراء الأراضي خارج المدن هؤلاء من يمكن تسميتهم بالملاكين الجدد او المعمرين الجدد و ما يشرح ذلك هو عدد الاراضي المحفظة و الشكل الذي تعمل به المحافظة العقارية، ففي المغرب حاليا لا يمكن للانسان ان يقول بان الأمر يتعلق بمسالة ادارية فقط وليس لديهم تقنين. لكن هناك مناطق بأكملها لم تدخلها المحافظة العقارية، اذن لا يمكن للانسان ان يكون ساذجا و يقول بان هذا مشكل اداري فقط، فهناك اذن خلفيات كبيرة لا سيما اذا علمنا ان تاريخ المغرب يشير الى ان من يحكم هو من يملك اكبر عدد من الاراضي فمن يريد ان يحكم عند القبائل يجب ان يكون تاجرا كبيرا و ليس بناء معامل او شركات او اسهم في البورصة بل ان يملك الاراضي و هذه مسالة تاريخيا و سوسيولوجيا في المغرب ثابتة و لا زالت ذهنية المغاربة اليوم فمن اصبح غنيا في المدن يذهب الى البادية لشراء الأراضي لتحقيق وجاهته وسط الطبقة الحاكمة او السائدة. هناك مشكل اخر هو اراضي الجموع او ما تبقى من اراضي الجموع التي تشرف عليها وزارة الداخلية و حاليا بدات المبادرات لتفويت هذه الاراضي رغم ان هناك خوف من رد فعل الفلاحين و لكن بدا تفويت اراضي الجموع للملاكين الكبار بدعوى انه يجب خلق التنمية و الاستثمار و التشغيل......الخ هناك مشكل الماء ايضا ففي الماضي لم يكن المغاربة يتحدثون عن ملكية الماء، لكن مع العولمة دخلت اشكالية الماء لدى الفلاحين في المناطق الجافة ، لان الماء باتي من الجبل و الان بدات تقام السدود على الوديان و يتم اختطاف المياه ونقله إلى اصحاب السهول و يظل الفلاحين جائعين. هناك مشكلة الغابة ، فالغابة في المغرب مند ملايين السنين، جئنا نحن ووجدناها لكن منذ سنة 1946 إلى الآن أصبحت تابعة للمخزن تخربت لماذا لأنه من قبل كانت محمية من طرف القبائل و ينظمون استغلالها و عندما أصبحت في ملكية المخزن اصبح كل طرف باستطاعته ان يفعل في الغابة ما يشاء و بالتالي اندثرت الغابة، حاليا بدات تظهر شركات مجهولة لا يعرفها الفلاحون لكنهم يعلمون بان هناك اناسا يكترون الغابة و يحيطونها بالاسلاك ليطلقوا فيها الوحش والغزال و طبعا فان هذه المسالة تشكل خطورة بالنسبة للكسابة الذين يعيشون في المناطق الجبلية. هناك مشكلة اخرى اساسية مرتبطة بالنخبة ، فالملاحظ مثلا ان الفلاح و الارض هما الغانيين عند النخبة سواء في خطاباتهم او في كتاباتهم او عند الاحزاب، يتحدثون عن كل شيء الا عن الفلاح و الارض فهل هذه المسالة فيها وعي على ان تلك منطقة محرمة ولا يجب ان يتحدث عنها أي شخص، يمكننا الحديث عن السياسة لكن الأرض لا نتحدث عنها ، او لان نخبتنا استوعبتها المدينة رغم انها كلها من اصول بدوية حيث ان الانسان يدرس وينجح يصبح مهندسا او استاذا او فيلسوفا و ياتي للمدينة و ينسى البادية ، لا ادري سبب ذلك. * الزبير شرفي بالنسبة للمؤهلات الطبيعية للقطاع الفلاحي، هناك فعلا اشكالية محدودية الارض و التراب فاذا ما اعتبرنا انها نصل الي (6مليون هكتار ) نصف الاراضي هي التي يمكن اعتبارها صالحة للزراعة في نفس السياق هناك اشكالية الماء أي محدودية المياه، فهناك 20 مليار من الماء منها 14 مليار جوفية و 16 مليار سطحية ، فيما يتعلق بالسدود يمكنها حاليا ان تختزن 14 مليار من المياه السطحية ، اذن لم يبق هاجس كبير لبناء السدود. هناك مشكل الجفاف فهناك تقديرات تقول بان المؤهلات الطبيعية للفلاحة منذ 1980الى الان تقلصت بشكل كبير. فعندما يتقلص المطر فحتى تلك المساحة الصالحة للزراعة تتقلص مردوديتها، فهناك نقص فنحن لسنا في بلد فلاحي اصلا، بل فقط نظرا لغياب الصناعة او غياب ثروات اخرى كالبترول نجد ان الفلاحة تصبح هي الاهم، فاذا لم يستطع تنمية الصناعة فان الفلاحة تبقى المجال الوحيد ، و معلوم ان فلاحتنا لا يمكنها ان تضمن عيش السكان في البادية ف %60من السكان موجودين في المناطق الجافة الفلاحة الموجودة لا يمكنها ان تضمن المعيشة تماما، مع العلم ان مصاد دخل السكان القرويين يجب ان ياتي من الفلاحة، فالفلاحة لا يمكنها ان تضمن عيش الا 10 الى %20من ساكنة البادية ففي البلدان المتقدمة الناس الذين يعيشون على الفلاحة نسب قليلة جدا، لذلك فان الانشطة الزراعية الوحيدة في البادية مع انشطة اخرى غير كافية بتاتا لضمان العيش لهؤلاء السكان، فلابد من الهجرة القروية لانها مسالة طبيعية ، لذلك فالمدينة هي التي يجب ان تتشكل لاستقبال هؤلاء عبر خلق نشاطات اخرى صناعية سياحية، و الاراضي اذا قسمتها فان حصة كل فلاح من الاراضي ستكون بسيطة جدا فيجب على الاقل 5 هكتارات في المناطق السقوية و 20 هكتار في مناطق البور حتى تشكل الاستغلالية مصدرا لتوفير العيش الكريم لاصحابها. لذلك فان المؤهلات الطبيعية الممتوفرة مع السكان هناك خلل لذلك فالفلاحة لا يمكنها ان توفر هذه الاشياء لسكان البادية اذن فهناك محدودية المؤهلات الطبيعية ، بطبيعة الحال هناك توزيع غير عادل للاراضي و التي يجب ان نجد لها حلول ، فلا بد لكل فلاح ان يتوفر على مساحة قادرة ان توفر له مستوى من العيش و الا من الضروري توفر نشاط اخر. * محمد العمراني منذ الاستقلال الشكلي ، انتبه المخزن الى انه و كما جاء في مذكرة الاختبار الثوري للمهدي بنبركة، ان المخزن يجب ان يخلق قاعدة اقتصادية تعتمد اساسا على ملكية الارض، أي خلق ما يمكن تسميته بالبرجوازية الزراعية، فقد كانت تتكون و تتوسع مع دخول الاستعمار عبر القياد و الزوايا والأعيان و كل من يدور في فلك الاستعمار او المخزن حيث كان هناك نوع من التكامل بين هذه الفئات فهذه هي القاعدة التي انطلق منها المخزن على أساس أن البرجوازية بالمفهوم الحديث المالية والاقتصادية والتجارية كانت ولا زالت ضعيفة، صحيح ان ما جاء به الأستاذ اقصبي بان موارد الارض في بلادنا قليلة نسبيا علما بان هناك ملاكين يملكون آلاف الهكتارات 10 الاف الى 20 الف هكتار ولكن تحكم أعيان القبائل و أعيان المدن وهذه هي خاصية المغرب حيث نجد شخصا تاجرا ملاكا للأسهم في المدن ويتوفر على صناعة معينة تقليدية او حديثة وفي نفس الوقت فلاح فيستولي على مجموعة من الأراضي، و لكن الخطير في الموضوع هو أن هؤلاء الملاكين رغم محدوديتهم يصبحون الذراع الطويلة للمخزن في كل المناطق والقبائل ومن هنا يكون التحكم في جميع المجالات لجمع الضرائب والمكوس و كذا تطبيق سياسات و اختيارات معينة ....الخ . وحتى بالنسبة للماء فهو ثروة نادرة و ثمينة في بلادنا يوزع بطرق واختيارات سياسية معينة، و هنا يمكننا ان نستحضر قولة المغرب النافع و المغرب غير النافع، ونجد الآن في الوثيقة التي أعدتها وزارة إعداد التراب الوطني أن هناك خصاص في بعض المناطق مقارنة ببعض المناطق الأخرى ولفهم ذلك يجب العودة إلى الخلفية السياسية التي أشرفت على ذلك. و بان هذه المنطقة رغم مؤهلاتها و التي ليست في منطقة جبلية و ليست فارغة من السكان و ليست صحراوية او شبه صحراوية بل في بعض أراضي الوسط مثل الشياظمة او الحوز او الرحامنة متخلفة من حيث التجهيزات ومن حيث حتى العنصر البشري. * علي فقير هناك بعض الملاحظات التي يجب طرحها من خلال هذه الندوة، حول طبيعة النشاط الزراعي أو الحرفي في المدينة قبل الاستعمار وفي عهد الاستعمار ، فقد قيل انه قبل عهد الاستعمار كانت الملكية جماعية للأرض رغم انه كانت هناك ملكية خاصة في واحات تافيلالت و في الاطلس و في الاماكن التي يتوفر فيها السقي، اذن فقد كانت الملكية الخاصة موجودة و منذ زمن بعيد و يمكن الإشارة الى ما يمكن تسميته بالإنتاج البضاعي الصغير بمعنى ان الافلاح او الحرفي في المدينة ينتج ويستهلك جزء من انتاجه ويقوم ببيع الجزء الآخر المتبقي لكي يستفيد من ثمنه لشراء حاجياته المختلفة وهو ما يمكن تسميته بالإنتاج البضاعي الصغير ، و في اواخر القرن التاسع عشر بدأ يظهر ما يمكن تسميته براس المال و لكن ليس الراسمالية، بل راس المال عند ذلك الشخص الذي يشتري من اجل ان يبيع حيث يحقق فائض من خلال هذه العملية ، وقد ظهر هؤلاء في المدن الكبيرة مثل فاس و مكناس و تطوان و مراكش ولكن في وقت لاحق بدا الإنتاج من اجل البيع، فهناك إحصائيات في أواخر القرن التاسع عشر 1880 بالضبط تشير إلى هؤلاء مثل التازي الذي كان يتوفر على 1130 هكتار بالقرب من فاس وهناك البناني و بنيس و بنشقرون وبرادة وبنسليمان وبنكيران وفي وقت ما ظهرت قضية التصدير نحو الخارج إذن فالأشخاص في المدن الذين لهم إمكانيات يشترون من اجل الإنتاج ولاجل البيع و يمكن ان نتعبر ذلك تحولا، وبعد دخول الاستعمار وقع تحول كبير في المجال الفلاحي حيث ظهر العمل المأجور، وظهر الإنتاج من اجل البيع بحيث ظهر ما يمكن تسميته بالراسمال الفلاحي و هذه الاشياء تترك اثرها حتى في مسالة التحول الاجتماعي حيث تظهر طبقات اجتماعية جديدة هم العمال الزراعيين وأولئك العمال لم يبق لديهم أراضي فهذه التحولات جد مهمة لمعرفة التطور الحاصل في البادية المغربية. * عبد الرحيم الهندوف في فترة الاستعمار كانت هناك فلاحة للمعمرين وفلاحة تقليدية، ففلاحة المعمرين كانت عصرية و على الاراضي الخصبة اما التقليدية فقد كانت ضعيفة المردودية و قد استمر هذا التقسيم الى يومنا هذا حيث لدينا فلاحتين ، يعني فلاحة عصرية وفلاحة تقليدية . لقد قال الأستاذ اقصبي بان القضية لم تكمن في التوزيع و لكن المشكل الأساسي هو قلة الأرض انا لا اتفق مع هذه الأطروحة لأننا اذا ما أخذنا هذه الأراضي كاملة 9 ملايين هكتار وقمنا بتقسيمها على عدد المزارعين حاليا الذي هو مليون ونصف سوف نحصل في المعدل على 5 هكتارات لكل فلاح، ففي عدد كبير من البلدان التي هي رأسمالية كاليابان مثلا التي يوجد بها تحديد للملكية ومعدل مساحة كل مزرعة 5 هكتارات وقد كان بإمكانهم أن يفعلوا مثل فرنسا أو أمريكا بحيث يصبح %2 من السكان يعيشون من الفلاحة و %98 يعيشون من الأنشطة الأخرى وتكون هناك 200و 300و 1000هكتارللملاك الكبار ولكن كان لديهم هذا الاختيار ودون شك أن لديهم خصوصيات تاريخية ونظرا لأنهم أرادوا المحافظة على الأمن الغذائي خاصة في مادة الأرز، إذن فليس هناك نمط يمكننا أن نقول عنه نهائيا بل أن لكل بلاد خصوصياتها. في المغرب لدينا خصوصياتنا وهي ما أشرت إليه في بداية الاستقلال حيث كان لدينا تقريبا 10 ملايين نسمة منها 7ملايين تسكن في البادية وعلى حسب التقدير يمكن القول أن هناك مليون فلاح ففي ذلك الحين كان من الممكن تقسيم الأرض عليهم حيث يحصل كل فلاح على 7 هكتارات تقريبا. لكن ما وقع عندنا في المغرب هو أن عدد السكان تكاثر بشكل كبير وهنا لا يمكن فصل الفلاحة عن باقي القطاعات الأخرى الاقتصادية، ففي المغرب لم ينشأ لدينا اقتصاد قوي من شانه أن يستوعب فائض ساكنة العالم القروي وبالتالي وقع تكاثر في عدد سكان البادية ولم يعد تستوعبهم ربما تلك المساحة وما زاد من تعميق المشكل اكثر هو ذلك التوزيع الذي حدث بعد الاستقلال، لأنه بعد استرجاع مليون هكتار، 300ألف هكتار هي التي وزعت في إطار الإصلاح الزراعي و تقريبا الثلثين ذهبت إلى الملاكين الكبار وهنا خلقنا طبقة من الملاكين الكبار عصريين لم تكن من قبل في عهد الاستعمار، ففي فترة الاستعمار كان هناك بعض المستفيدين إلى جانب المعمرين ولكن كانوا قلة مثل لكلاوي، ولكن أغلبية الناس الذين كانوا يشكلون طبقة فلاحية برجوازية هم المعمرين فثلثي أراضي المعمرين ذهب للملاكين الكبار الشيء الذي خلق طبقة الملاكين الكبار الجدد بعد الاستقلال، أما الثلث فقد ذهب في إطار الإصلاح الزراعي فلماذا؟ نظرا لان العالم كان يشهد انتشارا عالميا للقوى التقدمية وكان هناك شعار سائد هو التأميم والإصلاح الزراعي أما اليوم فنعيش العكس فعندما تتحدث اليوم عن الإصلاح الزراعي أو التأميم يقال لك بانك معتوه فلم يبق هناك تأميم بل الخوصصة. فالأحزاب السياسية للأسف لا أحد منها يتحدث عن قضية الإصلاح الزراعي والتي هي قضية وطنية ، فقد كان لدينا إصلاح زراعي سنة 1966وحتى في سنة 1972 و 1973 حيث خفف ذلك على الأقل من الضغط الذي كان واقعا على الأرض لأنه في المغرب لا يجب أن تتجاوز الملكية 20 هكتار لأننا لا نتوفر على الصناعة التي يمكنها أن تستوعب كامل الساكنة القروية و هؤلاء بالتالي إلى حدود اليوم يجب أن يعيشوا من الفلاحة فليست لدينا مجالات أخرى لنقلهم إليها، لدينا بطبيعة الحال% 35من الساكنة النشيطة تشتغل في الفلاحة تساهم ب 15أو % 20من الإنتاج الداخلي الخام ولكن ليس لدينا خيار آخر فإلى يومنا هذا يجب على هؤلاء أن يعيشوا من الفلاحة والحل الموجود هو إعادة توزيع تلك الأراضي التي استحوذ عليها الملاكون الكبار و بطبيعة الحال إذا وقعت تطورات في الاقتصاد المغربي وكان هناك حاجة في التصنيع إلى اليد العاملة آنذاك وطبيعيا سيكون هناك انتقال من مجال الفلاحة إلى مجال الصناعة لسد النقص في اليد العاملة أو الساكنة النشيطة في المدن. * نجيب اقصبي لكل شخص أن يقترح الحلول التي يراها ناجعة وعادلة ولكن في اطار من الصرامة العلمية تجعلنا ننطلق من الواقع الذي نعرفه جميعا ثم بعد ذلك نقدم الحلول التي نريدها، ما هو الفرق بيننا وبين اليابان هو انه بالنسبة للخمسة هكتارات كلها مسقية و مرة اخرى نعود الى القول بان الماء يغير كل شيء ف 5 هكتارات مسقية بل مكثفة الانتاج عبر وسائل تكثيف الانتاج و الدولة عبر دعمها للزراعة، فلماذا سعر الارز في اليابان هو مرتين او ثلاثة أغلى من السعر العالمي لان الدولة تدعم هذا المجال فهم هنا مضادين لمنظمة التجارة العالمية لماذا، لقد قاموا بوضع سياسة تقول بأنهم يريدون الحفاظ على هذه الضيعات و اكثر من ذلك الحفاظ على الفلاح حتى يظل في مكانه بل الرفع من مستوى عيشه، اقدم له ارضا و ماءا ووسائل الإنتاج وتكثيف الإنتاج وتمكينه من تطوير الزراعة القائمة. سؤال اخر هل نحن في المغرب في وضعية شبيهة بما حدث في اليابان؟ اذا ما قسمنا 9ملايين من الأراضي على مليون و نصف نحصل على 5 هكتارات و معلوم ان % 95من الاراضي محكوم عليها ان تبقى غير مسقية و يمكن ان نصعد بالسقي الى % 20من الأراضي فمعلوم بان 4 اخماس من هذه الاراضي ستبقى بورية والخلاصة هي ان استغلالية من 5 هكتارات بورية لا يمكنها ان تعيش الفلاح اذن فما هو الحل لا يمكننا القول بان الحلول يجب ان تكون في تكثيف الإمكانيات و لكن على أساس الحفاظ على ملكية كل فلاح الآن ، أي انه مثلا تكوين تعاونيات التي يمكنها ان تجمع جميع الضيعات الصغيرة و تجمع إمكانياتها وتجمع إمكانيات التسويق وتكثيف الإنتاج وهذا حل يمكن ان يصبح واقعيا ولكن لا نوهم أنفسنا بان إعادة توزيع الارض سيخلق حلا يمكنه ان يحل مشكل 4او % 5ولكن لا يتم حل المشكل بكامله، إذن فمع الأسف لا يبقى سوى حلا هامشيا بالنسبة للمشاكل الكبيرة النائمة. * الكبير الميلودي: عندما نتحدث عن الفلاحة ، فإننا لا نتحدث سوى عن مسالة الزراعة الا أن هناك مسائل أخرى، فالأرض غير المسقية تكون صالحة لأشياء أخرى يمكن غرس الزيتون او الرعي فيها، هناك سؤال كم من خروف يباع في البادية تعلمون ان الرواج الذي يتم خلال الأسبوع في هذا المجال هو 7مليون درهم تقريبا فهو اهم ما يحصل في مجال الرواج وهو رقم مهم، إذن فالأرض غير الصالحة للزراعة تكون صالحة لأشياء أخرى ، فانا لدي سؤال مهم في هذا المجال ، فقد اتفقنا في البداية ان هناك تطور في مجال الملكية تاريخيا وتحدثنا عن المرور من الملكية الجماعية الى الملكية الفردية هناك بعض الاستثناءات لكنها لا تشكل شيئا كبيرا، فبصفة عامة هناك ملكية جماعية ، هناك سؤال في اطار تطور الملكية سنقراها في تطور مسالة عيش الفلاح هذا هو المهم هو الإنسان هل فعلا ان التطور في الملكية، بالشكل الحالي هل سيطور مستوى العيش ام سينزل به الى الوراء، من المؤكد ان هناك رجوع الى الوراء و يمكن ان اقدم لكم ظواهر بسيطة تؤكد ذلك، يمكنك ان تلاحظ ان من كان لديهم الخيام ويذهبون سابقا الى فاس لشراء الثوب والجياد وترى أصحابها من الفلاحين اناس اغنياء، الان ذلك الشخص الذي كان يملك الفرس اصبح يغذي الفرس فقط للمناسبات إذا كان قادرا على اعالته الان ذلك الشخص اصبح راكبا الحمار او يمشي على رجليه ، فهذه ظواهر بسيطة لكنها تبين ان هناك رجوع الى الوراء فيما يخص مستوى العيش وهذا ناتج عن ماذا ليس فقط عن سياسة السدود بل عن نزع الملكية وعن التهجير وسياسة المخزن ومحاولة السيطرة فلا زلنا في امتداد سياسة المخزن الى يومنا هذا، كيف يمكن في مجال الاثمنة و كيف تطورت لدى الفلاح و كيف تطورت في الميدان الصناعي لقد وقع نوع من الاختلال فالظاهرة الأساسية التي نلاحظها هي ان وضعية الفلاح تسير الى الوراء نتيجة للتغيير الذي حصل في بنية ملكية الارض. * محمد الموساوي كملاحظة تاريخية هو ان الملكية الكبيرة بصفة عامة هي تمت في ظل سيطرة السلطة المركزية سواء في شكلها التقليدي او شكلها العصري لقد تحدث منذ قليل علي افقير عن أسماء كلها مسبوقة ب بن بن بن وكان يمكننا ان نضيف بن مخزن أي انه تحت ظل المخزن كان هناك من ينمي و يراكم الثروات، الشكل الوحيد الذي تم في الفترة الاستعمارية هو انه تم سن قوانين جديدة التي يمكن القول بأنها عصرية ووضعية من هنا ظهر نوع من الاستقرار فبالنسبة للملاكين اصبحوا يشعورن بالامان في استمرارية ثرواتهم بينما في السابق كان يعيش بطش السلطة فاذا ما تم التركيز على شخص كان كافيا لكي تتحول ثروته الى الصفر فهذا ما تم في الفترة الاستعمارية و التي جاء تأكيدها في السياسة العملية في مسالة سياسة السقي و التي أعطت أفضلية وأسبقية لنوع من الحيازة. الا ان هناك سؤال يمكن العودة اليه، لماذا لا نتصور الأراضي المسقية على شكل واحات كبيرة فقط ولا نتصورها في شكل ملكيات صغيرة او قزمية، فعبر التنظيم المعقلن حيث يدرس الناس منظومة السقي في الواحات او في المناطق الجبلية، يعودون مبهورين لا توجد لها أمثلة في الدول الغربية. هناك اشياء اخرى يمكن ان نعمق حولها النقاش، علينا ان لا نطرح القضية بشكل حسابي كم هي المساحة الكلية للأراضي وكم عدد السكان....الخ فعلا هناك قلة الموارد المائية والأرض بل علينا ان ننظر الى العلاقات الاقتصادية والاجتماعية القائمة المترتبة عن هذه الوضعية، لماذا هذه القلة في الاصل ما تم حدث في ظل تركيز السلطة وتركيز الهيمنة و تركيز الاستغلال، اما فيما يتعلق بالتثبيت او التجميع فهي أمور ثانوية و تقنية أي ما هي المسائل التي سأدعم بها هذا الاتجاه او الاتجاه الآخر. * عبد السلام اديب شكرا للسادة المتدخلين على مختلف الجوانب التي تطرقوا اليها والتي رسموا من خلالها حدود البنيات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والقانونية التي تميز المسألة الزراعية في البادية، ونظرا لمحدودية الزمن المخصص لهذه الندوة أقترح عليكم مجموعة من التساؤلات لكي نوسع حولها النقاش دفعة واحدة. التساؤلات الممكن الانطلاق منها تتمحور حول كيف تتعامل الدولة مع الأراضي الفلاحية: أراضي المعمرين وأراضي الجموع وأراضي الدولة ... الخ وما هي توجهات سياسات السدود وانعكاساتها على السياسة المائية على العموم؟ ثم ما هي سياسة الدولة في مجال توفير عناصر الانتاج أي كل ما يتعلق بالمياه والبذور والأسمدة والمعدات الفلاحية والتجهيزات والطاقة؟ ثم ما هي توجهاتها في مجال تمويل القطاع الفلاحي سواء على مستوى سياسة القروض أو على مستوى السياسة الجبائية؟ ثم كيف يتم تسويق المنتوج الفلاحي وآثار كل ذلك على الأثمان والسوق الخارجية؟ إن الحديث عن الأوضاع القائمة في العالم القروي سيدفعنا للتساؤل عن ما العمل لمواجهة هذه الأوضاع سواء على مستوى المدى القصير أو المتوسط أم الطويل. * محمد العمراني حول إشكالية الإنتاج و التسويق والتمويل وتوجهات او خلفيات بناء السدود الكبرى وتوفير عناصر الإنتاج للأرض والماء والبذور والتمويل والتجهيزات والأدوية كل هذه العناصر متداخلة. هناك بعض الدراسات التي تفيد ان مردودية الانتاج الزراعي في المغرب في مجال الحبوب منذ 1960 الى اليوم تطور ب %0.5في السنة، خلال 20 سنة تقريبا اظن منذ1965 الى سنة 1985و أكيد ان اللوحة لم تتغير منذ سنة 1985الى اليوم حيث يمكن زيادة 3 قناطر من الحبوب فقط وعندما نقوم بمقارنات مع معدل العالم الثالث بكامله % 2.5 هناك من وصل % 10بطبيعة الحال هناك مراحل فيما قبل الثورة الخضراء كما حدث في المكسيك و في بعض البلدان ثم ما بعد الثورة الخضراء وما بعد هذه التحولات التكنولوجية الخطيرة والثورة البيولوجية والوراثية، إذن فالمغرب لا زال منغلقا عن الجميع بشكل قوي جدا بالمقارنة مع حتى معدل دول العالم الثالث. ففي ظرف فقط 20 سنة نضيف فقط 3قنطار في مردودية الارض معنى ذلك متى سنصل الى المعدلات المقبولة بشكل عالمي وهذا ليس فقط بالنسبة للبور بل حتى بالنسبة للاراضي المسقية، لاننا الان لدينا ضيعات نموذج صوديا سوجيطا كمقياس وكذلك بعض المزارعين الكبار فلا زالوا يصلون بصعوبة الى 40و 45قنطار للهكتار، فهذه الأراضي مسقية عبر السدود او الابار في الوقت الذي اصبح البعض ينتقدها و نحن نكتفي بعنصر المردودية عندما نتحدث عن التسويق لا بد ان يكون مقارنا بمعطى وهو التنظيم فبدون تنظيم مليون ونصف من المزارعين فان عملية التسويق سيطالها الارتباك و فيها ضياع لارزاق الفلاحين التي يستولي عليها الوسطاء. هذا بغض النظر عن الضياع الذي يحدث بسبب ضعف البنيات في مجال التخزين، فعندما يكون الموسم الزراعي جيدا و يكون هناك فائض في الحبوب مثلا الكليمونتين او البطاطس او الطماطم اذن فبنية التخزين ضعيفة كما ان بنية قنوات التوزيع هي ايضا ضعيفة و غير منظمة ثم بالتالي حتى الاسعار و الاثمان في صعود و نزول بحيث ليس هناك استقرار في الاسعار، و في ما عدا الحبوب فان جميع المنتجات الاخرى تصبح اسعارها غير مستقرة، هناك ايضا مقارنات حيث نجد بعض البلدان والتي هي عالم ثالثية على كل حال بلغوا % 90من مزارعيهم منظمين في جمعيات ورابطات، ما هي عملية التنظيم هو انهم يحضرون ادوات الانتاج بشكل مشترك في اطار تنظيم و تعاون، و يحضرون الادوية و السماد و البذور المنتقاة أي ان كل واحد يقوم بالتسويق حيث ان كل واحد يقوم بالتسويق بشكل جماعي من 20 الى 50او 80من الفلاحين يقومون بتزويد هذه الاشياء ، و حيث تكون كلفة التوريد ارخص نفس الشيء بالنسبة للتوزيع فيما بينهم كذلك الامر في مرحلة الانتاج والتسويق حيث ان كل واحد ياخد ما يمكن من انتاجه كما يتم الاتفاق او يحمله الى اقرب نقطة و في مرحلة وفرة الانتاج يقومون بالبيع باقل ثمن، و امكانيات التخزين باقل ثمن و كذلك التسويق الأحسن بأعلى سعر و في الوقت الذي يتم فيه الاختيار. علينا ان نعترف بان سياسة السدود انقدت المغرب من المجاعة فعلا و لنتذكر انه عندما تكون هناك سنتين او ثلاثة او اربعة من سنوات الجفاف يصبح انتاج السدود % 15او % 25فقط بالنسبة للبور في السنوات الممطرة يكون العكس اعتقد % 40من البور و % 60في المناطق المسقية و يمكن للأساتذة تصحيح هذه الأرقام فعلى الأقل أن هذه النسبة أي %75 تحقق في إحدى سنوات الجفاف منذ الاستقلال إلى اليوم كانت تذهب من 20الى % 37الى % 38من الاستثمارات العمومية الى المجال الزراعي ومنها % 80نحو السدود لوحدها وقد كان المغرب سيصبح واحة بكامله لأنه في آسيا يسمون تلك المساحات الصغرى بالحدائق بمعنى ان المساحة كلها خضراء و فواكه و كلها تنظيم و انتاج رائع، لكننا ليس لدينا ذلك في المغرب فاذن فما تم توظيفه من استثمارات كان من شانه على الاقل بالنسبة للمساحة في المغرب لصالح الزراعة المسقية على الخصوص عبارة عن حدائق كان المغرب سيكون من المنافسين اللاقوياء و بشكل كبير لبلدان اخرى مثل اسبانيا و فرنسا، و كان من الممكن ان يكون الفقر في المغرب اقل بكثير مما هو عليه الان نتيجة لهذه الاستثمارات التي وظفت، فاذن الاستثمارات هائلة لكن المردودية هزيلة و حقيقة كادت ان تكون منعدمة لا سيما اذا ما اضفنا معطى الصيانة من حيث المبدا عدد مناصب الشغل التي تخلقها الصيانة اكثر من عدد مناصب الشغل التي يخلقها التجهيز يعني بناء تلك الوحدة مثل السد مثلا ثم الصيانة و ترك التجهيزات بدون صيانة معناه ضياع لاستثمار مهم والمثال للمكتب الجهوي للغرب الان اصبح كارثيا والذي هو اكبر مساحة مسقية في السهول الغربية بحيث ان % 60تقريبا من التجهيزات لم تبق صالحة الماء لا يصل في الوقت الذي هو محسوب على الفلاح ان يؤدي رسوم سنوية على اساس ان ارضه يصلها الماء بينما الماء لم يعد يصل. مسالة التمويل فان وسائل الانتاج من ارض و عنصر بشري و الماء و القروض و التنمية الفلاحية فمن يستفيد من هذه الاشياء هناك تكامل بين قانون الاستثمار الفلاحي و صندوق التنمية الفلاحية و البنيات و التجهيزات الفلاحية، الفلاح غير منظم ، الصغير او المتوسط، فكيف يصل الى مصادر التمويل ، فهناك تقريبا %15 من الاراضي هي القابلة للدخول في الحركة الانتاجية الحديثة لان الاراضي اما صغيرة او متوسطة لكنها مجزءة في عدد كبير من البقع النووية اذن فغير قابلة للاستشمار حاليا و دخول التكنولوجيات المتطورة اذن فعدد قليل من الفلاحين من يستفيد من صندوق التنمية الفلاحية فقد تم التراجع الى ان وصل الى 70 الف فلاح منذ اربع سنوات فالفلاحين الذين استمروا سنة 1999و2000 مسجلين عند القرض الفلاحي و قد اخذوا قروضا و نفس الأشخاص 70 ألف فلاح هم المستفيدين من صندوق التنمية الفلاحية و هم كلهم يشكلون فقط % 5 أما باقي البنوك التجارية فتساهم ب % 3 فقط فالصندوق الوطني للقرض الفلاحي يساهم فقط ب 14 % الى % 20من احتياجات التمويل اما باقي البنوك فتساهم ب 3 % وهنا تظهر اللوحة و كيف سيكون الانتاج في المغرب فعلا في احصاء وزارة إعداد التراب الوطني هناك رقم مفاجئ حيث قيل ان الفلاحة المغربية تصل الى 14 مليار درهم او الدولار لا اتذكر درهم طبعا و لا يمكن ان تكون بالدولار (مساهمة الفلاحة في الناتج الداخلي الاجمالي هي 14مليار درهم) و التهريب فقط من مليلية و سبتة يؤدي الى مداخيل ب 15مليار درهم فهذا الرقم يتجاوز الناتج الفلاحي، فالقول ان المغرب بلد فلاحي في هذه الحالة يضع علامة استفهام كبيرة على الرغم من نسبة الساكنة الفلاحية في البادية.
* الحسين الهناوي
بالعودة إلى بنية الإنتاج، هذه الإشكالية التي طرحت عقب مغادرة الاستعمار الفرنسي للتراب المغربي والشروع في عهد الاستقلال الشكلي، حيث طرح السؤال هل ننتج من أجل الحاجيات الغذائية للشعب أم ننتج من أجل التصدير؟ فأي إختيار فرض نفسه إلى حد الآن؟ بطبيعة الحال الخيار منح للتصدير، حيث تم اسناد أجود الأراضي ومنابع المياه المهمة إلى المصدرين. السؤال الذي يطرح نفسه حاليا هو ما هي حصيلة هذا الإختيار؟ نحن نستورد الآن القمح سنة جيدة أو سنة سيئة، فحتى عندما نعيش سنة جيدة من حيث الأمطار نقوم بإستيراد القمح، حيث نستورد في المتوسط 30 مليون قنطار من القمح ومعنى ذلك أن المغرب أصبح مستورد بنيوي للحاجيات الغذائية الأساسية
والآن، ما هي الصادرات التي نقوم بتصديرها؟ الطماطم البرتقال الكليمنتين، فإذا ما لاحظنا ميزان المدفوعات بالمقارنة بين الصادرات والواردات الفلاحية فسنلاحظ أن العجز يتراوح بين 10 إلى 30 % ويعني ذلك أننا نستورد أكثر مما نصدر، علما أن هذه المواد الفلاحية التي نقوم بتصديرها مستهلكة للمياه وأن المغرب يعاني من عجز عميق في المياه فكما لو أننا نصدر الماء ونستورده بكل بساطة، فهذه السياسة عرجاء ولا زالت مستمرة إلى حد الآن، وها نحن نلاحظ في اتفاقيات التبادل الحر سواء مع أوروبا أو أمريكا ويقال لنا أنه لا يجب علينا أن نقوم بانتاج القمح لأنه موجود في السوق بأسعار منخفظة، فلا يجب علينا الإستمرار في زراعة الحبوب، علما بأن زراعة الحبوب تشكل 5 مليون من الهكتارات ويمكنها أن تشغل تقريبا 80 % من الضيعات، فليس هناك فلاح لا يقوم بزراعة الحبوب باستثناء بطبيعة الحال الضيعات الكبيرة التابعة للبرجوازية العصرية والتي تخصصت في نواحي آكادير في المزروعات الموجهة نحو التصدير. إذن فمن المطروح علينا الآن كقوى يسارية أن ندفع بأن هذه المزروعات مستهلكة للمياه وأن المغرب في حاجة لهذه المياه وبأن هذا التصدير لا يغطي حتى وارداتنا وبالتالي فإن هذه المسألة خطيرة ولا زالت مستمرة. فيما يخص التسويق فقد تحدث عنه الرفيق العمراني حيث أن الوسطاء هم المستفيدون بالدرجة الأولى، فالمنتجون الزراعيون والمستهلكون هم الخاسرون، وكثرة الوسطاء ، وقد حاولت وزارة الفلاحة أن تعمل في السنوات الأخيرة منذ خمس أو ست سنوات في منطقة سوس ماسة وآكادير أن تقيم قاعدة للتسويق، أي سوق نموذجي يتواجد فيه الجميع حيث تعطى له نوع من الشفافية، لكن على الرغم من الشروع في انجاز المشروع إلا أنه أجهض. نفس الشيء فيما يخص اقامة سوق للماشية حيث يمكن احضار هذه الماشية والتعامل بالموازين لكن كثرة الوسطاء ونفودهم اجهض هذا المشروع أيضا. هناك مجموعة من الناس لهم مساحات ويتقاضون أجورا ليس لديهم أي دخل، يأتون بالميزان ويضعون الخضر، ثم يأخذون حصة من كل ذلك. هناك كذلك المستفيدون من دعم الدولة، سواء فيما يخص اقتناء الآليات الفلاحية أو مداخيل الإنتاج الأخرى، هناك أيضا ما يخص القرض الفلاحي وكما نعلم جميعا بأن القرض الفلاحي شكل وسيلة لإخضاع الفلاحين الصغار وفقراء الفلاحين حيث يدخلون في دوامة من الديون المسترسلة، حيث لن يتمكن ذلك الفلاح الصغير من تحديث إنتاجه بقدر ما يصبح في صراع مع القرض الفلاحي وعندما نتحدث عن القرض الفلاحي نتحدث عن الدرك وعن مختلف الأجهزة الأمنية للنظام، والتي يحاول بواسطتها أن يحافظ على الحصار المضروب على البادية، فالقرض الفلاحي أصبح مثل قوات الدرك للتضييق على الفلاح المغربي. الآن فيما يخص السؤال ما العمل؟ أرى أن على القوى الديموقراطية أن تعود إلى طرح شعار الإصلاح الزراعي الذي كانت المناداة به خلال عقد الستينات من القرن العشرين وحيث لم تعد القوى السياسية تتحدث عنه حاليا، إذن فعلينا اعادة هذا الشعار الى الصدارة بطبيعة الحال ليس بالأسلوب الذي كان سائدا في عقد الستينات أي بإقتسام الأراضي ... الخ، وإنما هناك أشكال أخرى، مثلا تلك الأراضي التي منحت للجنرالات الذين لا يتوفرون على صفة الفلاح، فهناك مجموعة من الضيعات التي تخلى عنها الاستعمار واستحودت عليها السلطة ومنحت لهؤلاء الذين أقاموا فيها منتزهات ولا يأتون إليها إلا أيام السبت والآحاد، وحيث تم طرد السكان الأصليين منها. فعلينا كقوى ديموقراطية مناضلة أن نطرح هذا المشكل، فهذه الضيعات التي هي في الأصل ملكا للشعب والتي منحت بطرق غير مشروعة للجنرالات ويجب استرجاعها للشعب، كذلك الأمر بالنسبة للمساحات الكبيرة فهو أيضا نقاش آخر وحيث قيل أن المساحات الزراعية لا تتجاوز مليون هكتار، فنجد أن من له 4000 و5000 هكتار، وهناك شخص في منطقة الرماني يملك أكثر من 1600 هكتار، فماذا يفعل بها؟ وما هو الإنتاج الذي يقدمه للدولة مقابل ما يستنزفه من دعم وقروض ومياه واعفاء من الضرائب ... الى غير ذلك، فهو يأخذ كل شيء ولا يقدم شيئا. فعلينا كقوى ديموقراطية أن نطرح بأن على الفلاحين الكبار أن يساهموا في خزينة الدولة وأن يؤدوا الضرائب للدولة، فحتى وإن قدموا هذه الضرائب للدولة فإنهم لن يستوفوها حقها مما أخذوه منها بطبيعة الحال.
* نجيب أقصبي إذا ما طلب مني تلخيص 40 سنة من السياسة الفلاحية يمكنني القول بأن هناك ثلاث مراحل بصفة عامة، هناك في البداية مرحلة ما يسمى بسياسة السدود، فبهذا المعنى دامت هذه السياسة إلى غاية بداية عقد الثمانينات من القرن العشرين، أتت بعدها مرحلة ما يسمى بسياسة التقويم الهيكلي في القطاع الفلاحي إلى أواسط عقد التسعينات ومنذ هذه الفترة يمكننا القول بأننا نعيش مرحلة لا سياسة ولا نظرة ولا أي شيء، فهناك إذن ثلاث مراحل. فالمرحلة الأولى أي مرحلة سياسة السدود، فقد قيل حولها الكثير، وحتى نلخص ذلك، حقيقة أن المشروع الذي كان وراء سياسة السدود، كان هو مشروع تحديث الفلاحة (...) في المرحلة الأولى وهي مرحلة سياسة السدود أضن أنه حقيقة مشروع، فالمشروع الذي كان وراء سياسة السدود كان هو مشروع تحديث الفلاحة. فبالنسبة للدولة كانت الفكرة هي أنه سيتم تركيز الإمكانيات المالية والمادية والبشرية والمعنوية في مناطق محدودة جدا من الناحية المجالية أي من 8 إلى 10 % من الأراضي والمساحات. لكن على أنه في تلك الأراضي أو المناطق نجعل منها كواحات تلعب دور القاطرة التي تجر ال 90 % من الأراضي الأخرى، لكن مع الأسف هذا لم يحدث، فالملاحظ أن امكانيات هائلة وظفت وركزت في مجال محدود جدا وأيضا استفاد من ذلك محضوضين أيضا هم نسبيا أقلاء جدا، حيث أن النتيجة الأولى كانت هي تعميق الفوارق، فلا المجالية أولا ولا الإجتماعية ثانيا ولا حتى الإنتاجية ثالثا. ففي تلك المناطق المسقية كان تشجيع بعض المنتوجات وعدم تشجيع منتوجات أخرى، فماذا كانت النتيجة؟ حقيقة أن الأهداف التي حددتها سياسة السدود بنفسها، كانت بطبيعة الحال أولا تشجيع التصدير وثانيا تنمية انتاج المواد الموجهة نحو السوق الداخلي البديلة للواردات، بالنسبة لهذه الأهداف كانت النتيجة هي الفشل الدريع لأنه لم يتم التوصل إلى إنتاج المواد الأساسية بشكل كافي لتحقيق ذلك الهدف الذي هو الاكتفاء الذاتي أي أننا سنصل إلى عدم استيراد لا سكر ولا زيت ولا حليب ... الخ بالنسبة لهذه النتيجة كان الفشل دريعا. فالتبعية الغذائية حاليا هي أكبر بكثير من الوضع الذي كنا عليه في عقدي الستينات والسبعينات، فمن ناحية الأمن الغذائي يعتبر المغرب حقيقة في وضع لا يحسد عليه ولا زالت هذه الوضعية في تدهور مستمر ومع الأسف ليس لدينا الآن إحصائيات للدخول في التفاصيل. بالنسبة للصادرات تم حقيقة بناء قدرة تصديرية كان من شأنها أن يقوم قطاع التصدير بجر حركة التصدير وجر باقي الاقتصاد الوطني ... الخ. لكن الملاحظ أنه مع الأسف وحتى نكون موضوعيين كانت النتائج محدودة في بعض القطاعات المعنية ولكن بصفة عامة ما هو المؤشر الذي يمكنه الحكم على هذه القضية ، الميزان التجاري الغذائي. فالملاحظ أنه إلى حدود سنة 1974 كان الميزان التجاري يتوفر على فائض ومنذ 1974 والى الآن أكثر من ثلاثين سنة دخلنا في وضع أنه سنة على سنة الواقع هو عجز هذه الميزانية والعجز لا زال يتفاقم إذن فحتى هدف تحسين الصادرات وجعله قاطرة للنمو لم نتمكن من تحقيقه. نعم ليس لدينا الوقت لتقييم سياسة السدود حتى من ناحية تقنياتها مثل اختيارات الري، أو الصيانة التي هي بحد ذاتها تشكل مشكلا كبيرا يمكن الحديث عنه طويلا، أود الإشارة فقط إلى الاستغلال العقلاني للتجهيزات مقارنة مع الإمكانيات المفتوحة فيما يتعلق بما يسمى بالأراضي المغطاة بالسدود والمساحات المجهزة، فالأرقام الرسمية تقول أن هناك 130 إلى 135 ألف هكتار وأخيرا 134 ألف هكتار لنكون أكثر دقة قابلة للري لكنها غير مسقية، فهذا تبذير هائل للموارد. لنمر الآن إلى المرحلة الموالية التي هي مرحلة سياسة التقويم الهيكلي، فبالنسبة لأهدافها لم تكن هناك أية نتيجة، فما هي المشكلة فلقد وقع تحرير بعض القطاعات فوقع مثلا تراجع في دعم بعض المنتجات كما وقع تحرير بعض الأسواق ... الى آخره، فما هي الغاية من هذا التحرير؟ الغاية هي أن هناك قطاع خاص الذي من شأنه أن يأخذ المبادرة ويستفيد من امكانيات السوق الحرة للاستثمار وتكتيف الإنتاج. النتيجة هي أننا أصبحنا خاوين الوفاض (لا حمار ولا سبعة فرانك) بحيث لم تعد لنا إمكانيات التأطير، لم نصل إلى وضع أن القطاع الخاص أصبحت له القدرة والإرادة لأخذ زمام الأمور والدفع بها إلى الأمام، فمثلا الوضعية في كل المناطق المسقية خير دليل على ذلك، بحيث أن هناك تبذير هائل، فالفلاحون في المناطق المسقية لم يبقوا مؤطرين إذن فهناك تراجع في مسألة التأطير وحتى في مجال التكثيف. فمثلا استعمال الأسمدة فهناك تراجع فحتى بالنسبة لتلك الوضعية المتواضعة التي وصلناها في عقد السبعينات هناك الآن تراجع عنها في مجال امكانية تسيير الإنتاج وخصوصا بالنسبة للفلاحين الصغار فحتى بالنسبة للدعم من طرف صندوق التنمية الفلاحية يمكن القول بأن هناك 10 % من المستفيدين. الآن، وبعد 1994 و1995 دخلنا مرحلة جديدة أي الانتهاء من فترة التقويم الهيكلي، ماذا قيل الآن، قيل بأنه يجب وضع استراتيجية فلاحية للتنمية القروية، لقد قمت بعملية رصد سنة بسنة، فهناك على الأقل اثني عشرة من الوثائق التي وضعت كلها بعد عدة نقاشات وأعمال ولجان ومحاضرات ومؤتمرات بحيث تم الوصول إلى بلورت وثيقة تقول أن هذه هي الاستراتيجية التي نريد القيام بها في الميدان الفلاحي، فعندما يتم وضع الوثيقة يتم وضعها في الأدراج ثم يذهب الوزير ليستبدل بوزير آخر لكي يبدأ من جديد في عقد الاجتماعات واللجان والمؤتمرات لوضع وثيقة استراتيجية أخرى لكي توضع أيضا في الرفوف، فإلى يومنا هذا يمكن القول بأن لدينا تضخم في الوثائق الاستراتيجية لكنها نائمة في الأدراج الباردة، من هنا يمكن القول بأنه ليست لدينا نظرة حتى بالنسبة للسؤال هل المغرب بلد فلاحي أم لا، فلكل وزير نظرة مختلفة فقد جاء الحبيب المالكي وقال بأن المغرب بلد فلاحي ثم تبعه اسماعيل العلوي الذي قال بأن المغرب ليس بلدا فلاحيا، فهذا نقاش ولكن هل هذا مبني على صعيد الدولة، فالنقاش يمكن أن يكون بين المثقفين وكل واحد منهم يمكن أن يكون لديه رأي مخالف. لكن هؤلاء المسؤولين عليهم أن يطبقوا فهذه حكومة واحدة إلا أن وزرائها لا يعرفون هل المغرب بلد فلاحي أم غير فلاحي. فمن من بين هؤلاء الوزراء يمكن أن تكون لديه فكرة عن الأمن الغذائي مثلا، لا أحد منهم يمكنه أن يقول لي ما هو الأمن الغذائي بالملموس، هل سنعتبر بأن لدينا أمن غذائي إذا ما أنتجنا 50 % من الحبوب أو 10 % فمنظور المنظمة الدولية للزراعة ترى بأن الأمن الغذائي هو الولوج وامكانية بلوغ التغذية، فحتى بالنسبة لذلك المنظور البدائي لا يتوفرون على رؤية، والخطير في الأمر هو أن المغرب اليوم في سنة 2005 يوقع على اتفاقيات ترهن مستقبل المغرب والفلاحة المغربية ومستقبل الفلاح المغربي، في حين أن المسؤولين لا يتوفرون لا على نظرة أو برنامج أو أي شيء، هذا هو الخطير في الأمر. والآن بالنسبة للسؤال ما العمل؟ أضن أنه في أول الأمر يجب أن تكون لدينا نظرة وبرنامج وسياسة، نتمنى لو قام المسؤولون بسياسة ليبرالية وعملوا بها، فعلى الأقل ستكون لديهم رؤية، ويعملوا بالتالي على تطبيقها، لكن ليس هناك شيء من ذلك. ما العمل إذن؟ عمليا هناك ثلاث محاور، ففي مجال الفلاحة هناك ثلاث أشياء هي الماء والأرض والإنسان، فبالنسبة للأرض نعم يجب القيام بإصلاحات فلاحية، فيمكن القيام باصلاح زراعي حتى وإن قلنا أن مضمونه في سنة 2005 ليس هو مضمون 1965. فالمضمون يجب أن تكون له نظرة جديدة فليس فقط الإصلاح بل هناك أولويات أخذا بعين الإعتبار واقع اليوم فمع الأسف فإن هامش الإصلاح هو مليون هكتار. هناك إشكالية الأرض ونسبة واتساع مجال تفكك الأراضي الزراعية إضافة إلى تعقد الأنظمة العقارية وتسيير الأراضي الفلاحية بطريقة فيودالية، إن إدخال إصلاح زراعي في هذا المجال يمكن أن يتم عبر تمليك أراضي الجموع للفلاحين. بالنسبة للماء يجب وضع استراتيجية بعيدة المدى للحفاظ على مصادر المياه. على مستوى الإنسان حيث نصادف 81 % من الفلاحين الأميين فلا مستقبل للفلاحة ببلادنا، كما أن معدل سن الفلاحين هو 45 و50 سنة، فللنهوض بالإنسان في البادية يجب محاربة الأمية والتثقيف والتشبيب.
* الحسين العنايت: في ما يخص مسألة اعادة توزيع الأراضي وموارد المياه، يجب أن نجعل منه الشعار الأساسي سواء كيسار أو لدى كل من له غيرة على تنمية هذه البلاد وذلك لسببين، السبب الأول، فمثلا سهل سوس ماسة فإن الأراضي التي كانت عند القواد الكبار، تسلم الآن بكرائها لمدة 99 سنة للاستعماريين الجدد يعني للفرنسيين والهولنديين والألمان لإنتاج الطماطم والورود ... الخ. وهؤلاء الناس الذين ينتجون في سوس كما لو أنهم ينتجون في دولة من دول الإتحاد الأوروبي، يعني أنهم لا يخضعون لنظام الحصص ولا لأي شيء، فكل ما ينتجونه يصدرونه، إذن فإن الانعكاس هنا سيكون شاملا على الفلاح المتوسط ودون أن نتكلم عن الفلاح الصغير الذي ينتمي إلينا كيسار، نتحدث عن الفلاح المتوسط الذي ينتمي إلى الليبراليين، فهو أيضا يتعرض للضرب لأن نظام الحصص مفروض عليه بينما الآخر يصدر كما لو أنه يعيش في أوروبا، إذن فهذه خيانة مستمرة للقواد الكبار. سنعود الآن إلى أراضي الدولة صوديا وسوجيطا ... الخ، فجميع الأراضي التي هي في ملك الدولة يجب أن توزع هي أيضا، لماذا؟ لأن الدولة المخزنية عميلة للإمبريالية وعميلة للاستعمار، عندما ذهب المالكي عندما كان وزيرا للفلاحة إلى أمريكا فما هو السؤال الذي طرح عليه؟ قالوا له أن مشكلتكم في المغرب هي ملكية الأراضي الفلاحية، فالناس يمكنهم كراء الأرض لمدة 99 سنة فقط، والمطلوب هو أن يتمكن الأجنبي من شراء الأرض في المغرب لكي تصبح ملكه، إذن فهذه الدولة التي تخدم دائما مصالح الأجنبي ولا تهتم بمصالح البلاد، يعني أن شعار اعادة توزيع الأراضي واعادة توزيع مصادر المياه هو شعار أساسي بالنسبة لنا كيسار، كذلك الأمر في الغرب فقد كانت هناك ضيعات للإسبان، فماذا كان يفعل الإسبان، كانوا يعملون على انتاج المنتوجات البكرية للدخول بها الى السوق الأوروبية والتي تسبق موسم انتاجها في اسبانيا وأوروبا نظرا لإنتشار البرودة، إذن فعندما نقول بأن الحكومة لا سياسة لها، فأية سياسة كانت للحكومة، فالنظام المخزني هو الذي يشرف على تسيير البلاد، والبلاد تعتبر ضيعته الكبيرة فهو ينصب المالكي وزيرا لكي يقول شيئا ثم ينصب اسماعيل العلوي وزيرا ليقول شيئا آخر، ولكن من يسير البلاد في واقع الأمر، إنه النظام المخزني الذي يوزع الأراضي على العساكر وعلى البرجوازية الإدارية ويتم كرائها للأجانب حاليا لمدة 99 سنة من طرف القواد الكبار الذين كانو خونة للشعب المغربي، لأنهم هم من كانوا يتوفرون على الأراضي الكبرى. وعندما ننظر الى الأراضي في منطقة الغرب نجد أن هناك دواوير تعيش على أراضي مساحتها 4000 هكتار، لذلك لا يمكننا القول بأنه يجب علينا أن نطالب بتوزيع الأراضي بل نحن نريد اعادة توزيع الأراضي على الشعب المغربي، بعد ذلك سنرى إذا ما كنا في حاجة الى تعاونيات أو ما هي الصيغة الأنجع سنعمل بها في المجال الفلاحي. فيما يخص مسألة المياه التي يسدد الفلاحون أسعارها نجد مثلا أن سد يوسف ابن تاشفين في سهل سوس ماسة غير صالح لأن المياه مقطوعة بشكل دائم على الفلاحين سواء توفرت الأمطار أم لم تتوفر، نظرا لأن الدراسات غير موجودة، فمثلا عندما أبحث في الانترنيت أجد دراسات حول السدود في الصين وتبين مدى انعكاساتها الإيكولوجية، لكننا في المغرب لا نجد دراسات حول التوازن البيئي للسدود، فالوديان لم تعد جارية، وعندما لا تجري الوديان فمعنى ذلك انعدام التوازن البيئي، فالشتاء لا تسقط لوحدها رحمة من الله، بل يجب أن تتوفر مجموعة من الشروط خاصة منها تكدس السحب والتبخر، فالأمطار يجب أن تجد في بيئتنا مجموعة من الشروط لكي تسقط، أما إذا لم تجد سوى الجفاف فإنها تمر وتذهب للتساقط في أوروبا، ببساطة لأن هؤلاء الناس يحافظون على التوازن البيئي وعلى الطبيعة، لذلك يجب علينا أن نتحدث عن سياسة السدود ومدى نجاعتها وعواقبها على التوازن البيئي، لكن يبدوا أن المغاربة لا يتحدثون عن هذه الأشياء، فقد قيل لنا أن هناك بترول في تالسينت، ولم يكن لدينا أي مهندس يتوفر على مستوى علمي يؤكد لنا حقيقة الأمر، بل تجرأ فقط السرفاتي على ذلك وأخبرنا بأن هناك مغالطات خطيرة في المسألة. وحتى بالنسبة للسدود لا نجد بيننا أي مهندس يمكنه القول بأن هذه السدود تدمر البيئة، فأي مستوى علمي للمثقفين عندنا، إنهم لا يساوون شيئا سواء على المستوى التقني أو العلمي أو الثقافي. نعلم جيدا أننا نوجد في منطقة متاخمة للصحراء، فإذن عندما نقوم ببناء السدود فإننا نقوم بقطع الوديان مما يترتب عنه بالضرورة انعكاس على التوازن الإيكولوجي وبالتالي يكون لها انعكاس على مدى سقوط الأمطار من عدمه، فهي إذن عملية بسيطة يمكن تأكيدها داخل المختبر، ولكنني أنا لست مختصا في تقنيات المياه، ولا نجد أي دراسة لأي مغربي حسب علمي قد تحدثت عن هذه الظاهرة.
* الميلودي الكبير الملاحظ أن جميع الرفاق ركزوا على سياسة السدود وأعطوا أهمية كبيرة لنتائجها والشيء الذي تم تغييبه هو جزء كبير من الفلاحين، وهنا يمكن طرح السؤال حول الفلاحين الذين لا يتوفرون على إمكانية الاستفادة من السدود، فإذا ما أخذنا نسبة الأراضي المسقية بالنسبة لمجموع الأراضي فسنلاحظ أنها ليست كبيرة، وإذا أخذنا مجموع الفلاحين الذين يستفيدون من السقي بواسطة السدود نسبة إلى مجموع الفلاحين فلن نجد عددا كبيرا. فالسؤال المطروح ماذا تقدم الدولة لهذا الفلاح الذي يوجد خارج تغطية السدود. على مستوى التشخيص لن نختلف حول مسألة أن الدولة لم تفعل شيئا بل أكثر من ذلك تقوم بمعاقبة هؤلاء الفلاحين، فالدولة تعتمد سياسة العقاب الجماعي وتتجلى في كيفية تعاملها مع الأطلس المتوسط ومنطقة الريف، فهناك مناطق تتوفر على امكانيات هائلة لكنها لا تستفيد من هذه الإمكانيات المتوفرة لديها، فمثلا في ولماس نجد بأن فاكهتها هي أغلى فاكهة في الأسواق الممتازة، كما نلاحظ مثلا بالنسبة للمياه المعدنية لسيدي على وولماس حيث تباع القنينة بستة دراهم والانتاج قائم 24 ساعة على 24 ساعة بدون توقف، فالمنطقة تنتج أكثر مما ينتجه بئر للبترول، فتكلفة البترول مرتفعة عن تكلفة هذه المياه لكن البترول يباع بسعر أرخص أي بدرهمين فقط. ويتجلى العقاب إذن في الحصار المضروب على الفلاحين في هذه المنطقة وعدم استفادتهم من الخيرات التي تختزنها أراضيه. فلو تسائلنا من المستفيد من استغلال مياه سيدي علي فسنجد أناسا آخرين لا علاقة لهم بساكنة المنطقة. الجانب الثاني لظاهرة العقاب الجماعي لهذه المناطق تتمثل في البنيات التحتية، فالدولة لا تهيئ أي شيء بالنسبة للبنية التحتية بل أكثر من ذلك فإنها تعقد هذه العملية وسأقدم أمثلة، فمثلا التعليم فإن تكلفته داخل المدن غير تكلفته في البادية، فالتكلفة ترتفع عندما تبتعد المدرسة ب 20 كيومتر عن الساكنة القروية وعندما يدرس مستويين في القسم الواحد، فالاب يضطر إلى كراء بيت لابنه حتى يكون قريبا من المدرسة إذا كان يرغب في تمدرسه، لذلك إذا كانت هناك مساواة في الكتاب المدرسي ومصاريف المدرسة والتأمين فليست هناك مساواة من حيث قرب المدرسة من المواطنين. * محمد العمراني الحكومة الحالية أو السابقة اختاروا الخيار السهل الذي سيهدم البنيات الإنتاجية وهو التحرير، في الوقت الذي نجد فيه أن بلادنا لا يمكنها أن تواجه المنافسة، باختصار يجب الحفاظ على الإنتاج وعلى البانيات الإنتاجية للبلاد أولا يجب أن أن يتم دعم القطاع الفلاحي كما تفعل العديد من البلدان، فالدولة تتفق على عدد من المجالات خدمات الصحة والأمن والفلاحة تدخل في مجال الأمن الإستراتيجي للبلاد فأولا تقديم الدعم للفلاحة ثانيا الإهتمام بالعنصر البشري ضعيف لأنه دون المستوى الذي تتطلب المرحلة لذلك يجب العمل على إرشاد الفلاح كمراكز الأشغال والمكاتب الجهوية الاستثمارية الفلاحي وتأطيرهم وتنظيمهم ووضع الإمكانيات رهن إشارتهم. الآن المرشدين الفلاحيين أقلا ء جدا فقد قمت بمقارنة فوجدت أن المغرب من اضعف البلدان التي تتوفر على تقنيين في المجال الفلاحي فالمغرب يتوفر على معدل ضعيف جدا في هذا المجال، وحتى بالنسبة لما هو متوفر فإنه غير مستغل على الإطلاق حيث نجدهم يعشون على البطالة، فإذن يجب تدعيم عملية الإرشاد الفلاحي وتنظيمهم. ثالثا، يجب على الدولة أن تستثمر في البحث العلمي فهناك عدد من الأساتذة الجامعيين يخرجون من المختبرات باختراعات وابتكارات ويصبحون رجال أعمال وتثوير المجال الفلاحي عبر ثورة الإعلاميات والميكروبيولوجي وعلم الوراثة وعدد من المنتجات التي تدخل بها هذا الجانب الثورة التكنولوجية التي أصبحت تملأ رفوف الأسواق الممتازة فنحن طبعا نخصص 0.3 % من الناتج الداخلي الإجمالي في مجال البحث العلمي وهناك دول وصلت الى تخصيص 3 % ، وبدون بحث علمي لبس باستطاعة بلادنا أن تتطور في جميع المجالات فمن سيطبق كل هذه السياسات، يجب تنصيب حكومة ليس من طينة هذه الحكومة الحالية، حكومة تطيق اختبارات اقتصادية مؤطرة باختيارات سياسية مختلفة تماما عن الحكومات المتعاقبة. من بين الأمور التي تعرقل التنمية ببلادنا هي تخلف العالم القروي فإذا كان لدينا 80 % من الفقراء في العالم القروي فبجب أن تبدأ التنمية من هناك تعلم أن لدينا الآن 45 % من السكان يعشون في البادية وإذا أضفنا إليهم بعض المراكز الحضرية ذات الطابع القروي فسنجد أكثر من 45 % ، 80% من فقراء المغرب. إن 3 على4 من الفلاحين فقراء ، بعض التقديرات تقول لدينا 88 % من الفقراء. في العالم القروي هناك فائض في لليد العاملة، هناك أيضا فائض في ساكنة في بداية القرن 20 كان المغرب كله يتوفر على 5 ملايين حوالي 4 مليون في البادية و12 ألف في المدن الآن هناك أكثر من 12 مليون في البادية ويمكن لهذه البادية أن تضم أكثر من هذا العدد ولكن في ظروف تأطير وتدخل فعال للدولة وهذا غير موجود، فإذن يجب أن تقوم الدولة بمجهود جبار للتطوير والدفع بالتنمية الاقتصادية المحلية للقطاع الفلاحي ففي القطاع الفلاحي هناك 3 مستويات عبر توفير تكامل في المجال الفلاحي من أعلى إلى أسفل: شراء الأدوات وآلات فلابد من خلق اقتصاد مكمل وموازي وبديل لاستيعاب فائض اليد العاملة والكثافة الساكنة في بعض المناطق القروية، طبعا لابد من إدخال التكنولوجيات المتطورة التي تساهم في الرفع من المردودية الإنتاجية الزراعية البورية أو المسقية. سأعود هنا إلى قضية تربية المواشي فتفكك شركة تربية المواشي كارثة على هذا القطاع (مثلا في برطانيا لديها 16 مليار من للأبقار) فما هي أدوات الدولة عندنا للتدخل حتى يساهم هذا القطاع بشكل إيجابي، نعرف ثمن اللحم في المغرب نعرف معدل استهلاك اللحوم الحمراء السنوي في المغرب، إنه هزيل وضعيف بالمقارنة مع بلدان أخرى لكن الدولة تتخلى عنه بكل بساطة، فهناك مقدرات اقتصادية كبيرة صنعته هذه التركة والتي نلاحظ الآن أن أموال الشعب المغربي التي صنعت بها هذه الشركة هاهي تتخلى الآن عن صوديا وسوجيطا فأموال المغرب كلها أصبحت في المزاد العلني. كتنظيمات يسارية حزبية تقدمية ديمقراطية بسارية نجد أن لدينا أيضا نوع من الاستسلام ليس فقط الحكومة، أتمنى أن تجمع اليسار يصبح فرصة لاسترجاع الزخم وروح المبادرة وطرح شعارات قوية جريئة ولم لا أن تكون حالمة حتى نحقق أقل من الحلم، لكن نحن من متفائلون لكي نتدارك هذه الأشياء نحن والأجيال اللاحقة. * عبد الرحيم الهندوف أريد أن أعطي فقط خبرا، ففي فرنسا صدر قانون لتحديد الملكية حيث لم يبق من الممكن أن تبيع وتشتري الأرضي في سوق حرة في فرنسا فلا بد لك من ترخيص وقد تم تحديد سقف لا يمكنك تجاوزه وإذا كنت تريد أن تبيع أو تشتري الأرضي فلا بد من ترخيص بذلك ، إذن فقضية الإصلاح الزراعي وتحديد الملكية نجد حتى الدول الرأسمالية تقومون بها. * محمد الموساوي في ما يخص الأوضاع الحالية 19 إلى 27 % من الفلاحين يعيشون بدولار في اليوم وإذا ما رفعت ا؟لأمر إلى دولارين فإن المعدل سيمر إلى65 % من الفقراء في المغرب، وفي بعض المناطق البدوية يصل معدل الفقر إلى 50 و60 % من الفقراء، وفي إحصاء نشر سنة 1998 و1999 وحتى بالنسبة للدراسات التي قدمها البنك الدولي وكذا دراسة وزارة إعداد التراب الوطني التي أخرجت عدد من خرائط الفقر وهناك في بعض المناطق حيث نجد مظاهر صارخة جدا للظهر فعلى سبيل المثال فيما بين مكناس وتافيلالت وصلت المعدلات إلى 36 % في البوادي و28 % في الحواضر ومعرفة ما هي الحواضر في تلك المناطق حيث هناك مراكز صغيرة قروية تسمى بحواضر فكل هذه المعطيات مهمة، وإذا ما تفحصنا وقارنا بين هذه المناطق سنلاحظ ما يسمى بالمغرب النافع والمغرب غير النافع، وداخل كل منطقة نجد أن هناك بقع كالفسيفياء بعضها من ذهب والأخر من الخز أو القصدير حيث هناك حفرا للفقر الصارخ. حتى بالنسبة لتوزيع السكان، ما بين البادية المدينة فحتى سنة 2003 و2004 سيصبح العدد الإجمالي يتناقص أما الآن فلازال العدد في تنامي مفرط حتى على هذا المستوى تتوفر بعض المناطق على كثافة عليا في الهكتار في جبال الريف تصل إلى 150 نسمة في الهكتار والأطلس الصغير...إلخ أما نسبة النزوح أي عدد الذين ينزحون للحواضر ففي العشر سنوات الأخيرة هناك معدل يقارب سكان مدينة المحمدية، حوالي 180 ألف سنويا تنزح نحو المدن مما يتبع ذلك من مشاكل في المناطق الحضرية. سأعود الآن إلى مسألة الآفاق فإن ما يبدو لي فإن المسألة الزراعية تطرح نفسها نظرا لمحدودية الأرضي ونسبة عدد السكان ونظرا للموقع الذي تحتله في اقتصاد البلاد ...إلخ في نفس لوقت هناك بعض المناطق التي تعاني من بعض التأخر في نمو قوى الإنتاج بصفة عامة ولكن في نفس الوقت تعيش عدد من المناطق علاقات إنتاج استغلالية جدا. إذن كيف يمكن ضمان المصلحة الوطنية من خلال ضمان الأمن الغدائي ومحاربة المنتوجات الأجنبية، لكن من هي الفئات المرشحة أكثر من غيرها للقيام بهذه القضية، وهناك يمكن طرح القضية في إطار الدمقرطة بصفة عامة والانتقال الديمقراطي حتى نبقى في إطار إصلاحي واضح، كيف نتصور الدمقرطة في البوادي المغربية مع بنية توسيع الأراضي عندنا، كيف تتصور الدمقرطة مع الإبقاء على مستويات وعدد من القوانين المجحفة التي تتم بواسطتها أشكال الاستغلال وكذلك قضايا الولوج إلى بعض الخدمات ذات الطابع العام، المرافق العمومية الماء بهذا الشكل من التفاوت الفاحش. في بداية الاستقلال كان المشروع الأول لسبو يطرح نوع من النمو الذي من شأنه أن يتمحور على أساس الدواوير أي أن الدوار هو من سيتحكم وليس الملكية الكبرى وسنذهب الآن إلى أي مجلس إداري للمكاتب الجهوية للاستثمار الفلاحي أو للتعاونيات الفلاحية وحتى مراكز الأشغال العمومية سنجد أن القياد وأعيان البادية هم من يتحكمون في جميع المسائل، هناك قضية الإصلاح الزراعي نفسه كما نمت في البداية أي كمية الأراضي التي من المفروض أن تذهب إلى صندوق الإصلاح الزراعي لم تذهب إليه. المساهمة المالية للمستفيدين من الماء هل قدمت أم لا، ويمكن أن نطرح أيضا قضية العدالة الإجتماعية، فهناك عدد من المناطق التي تم تهميشها ولم تستفد من خيرات هذه البلاد فماهو مصيرها، فالمسألة تطرح نفسها باسم إنصاف عدد من الفئات المنتجة أو تساهم في اقتصاد البلاد أو باسم الحفاظ على عدد من المصالح ؟ للبلاد لمنح البلاد نوع من المناعة فيما يخص تأثير الأسواق الأجنبية كذلك قضية المثقفين المناضلين، ليس المسألة قضية وعي بل هناك نقصان في الجرأة السياسية لطرح مختلف هذه المشاكل فعلى الأقل بالنسبة للمثقفين والباحثين في وزارة الفلاحة منذ خطاب مراكش حينما تم الحديث عن توزيع الفقر الجميع سكت ولا أحد تحدث عن الإصلاح الزراعي، كان كل مرة يرددها لا أحد استطاع أن يرد عليه، يقال أنه يلزمنا إصلاح زراعي لا أحد يرد على ذلك فهو قول حق يراد به باطل، فحتى وإن تم توزيع الأراضي إلى حدود 15 هكتار إذا لم تكن هناك عدد من الإجراءات الإصلاحية لهذه العملية من تشكيل تعاونيات من دعم كما تم في البلدان الأخرى فإن التجربة محكوم عليها بالفشل. ولكن أعتقد أن الجماهير الكادحة لم تدخل بعد على الخط، لحد الآن، العرقلة الأساسية هي بالضبط الإصلاحات البسيطة، تضارب المصالح بين الفئات المسيطرة، فالأجانب لديهم مشكل ومن يمولون السوق الداخلية لهم مشكل آخر وكلهم يجتمعون في استغلال الفلاحين واستنزاف الموارد الطبيعية وعندما يلتقون الجميع يصمت وينتظرون من الأجانب أن يفتوا عليهم شيئا ما ولكن الجمود الحالي هناك من يدافع عنه من المستفيدين الكبار، ولكن سواء من حيث الفئات المنتجة أو الشعبية فأنا أظن أنه بالنسبة لمصلحة هذه الفئات بعينها أن تدخل الجماهير على الخط وتقدم وجهة نظره فيما يتعلق بهذه القضايا وخصوصا التوجيهات الجديدة التي ترمي إلى فتح الأبواب على مصراعيها. * عبد الرحيم الهندوف بالنسبة لقطيعة المثقفين هناك ظاهرة لاحظتها، فوزارة الفلاحة سنة 1998 أو 1997 على ما أظن قامت بورشات تقريبا 3 أشهر جرب بها بين جميع أطر وزارة الفلاحة وحتى من خارج الوزارة، فالملاحظة التي فاجئتني وأثارت انتباهي في تلك الساعة هي أن جل الأطر التقنية التي تعمل في إطار وزارة الفلاحة غير المؤطرة سياسيا ولا تتقن خطابا سياسيا آخر من غير خطاب المخزن والبنك الدولي وبالتالي عندما يتدخل عنصر مناضل ويطرح فكرة تبدو لهم أن هناك جرأة كبيرة غريبة أن تطرح بتلك الصفة تم ثانيا يقال بأن هذه الأفكار لم يتم سماعها من قبل، فلا يتم رفضها وتبدو لهم واقعية ويقولون بأنهم لم يستمعوا إليها من قبل وهنا يأتي دور القوى الديمقراطية فهي التي عليها أن تأطر تلك الاطر من خلال الجمعيات هناك الكثير من الجمعيات التقنية والتي تقاعس المناضلون عن الذهاب إليها والتي في الواقع أن هذه الجمعيات كانت تلعب دورا في التاطير. في جامعة عقد السبعينات كان هناك نقاش جريء بين الطلبة الآن الحركة الطلابية اندثر منها مثل هذا النقاش بل أن الأحزاب الديمقراطية لا تناقش في جرائدها الخيارات الكبرى كما كان الأمر خلال السبعينات وعقد الثمانينات وبالتالي فإن الأطر التقنيين التي تعمل على التخطيط لا تتوفر على تأطير كافي، فهذا الدور هو دور القوى من خلال الندوات والإعلام ..إلخ ولكن كذلك من خلال الجمعيات المهنية والتقنية التي بإمكانها أن تقدم خطابا جريئا آخر والذي لم نسمعه من قبل. * الميلودي الكبير بالحديث عن النخبة وعن الحلم الذي نطرحه، في الحقيقة أن الحلم يجب أن يأتي من المعنى بالأمر ففي أي سياسة يمكن أن يتم طرح ذلك ثم كيف نقوم بذلك. إن ما يبدو لي هو أن البادية والفلاحين هم خارج العمل السياسي وليس ذلك بشكل إرادي بل يفرض عليهم الأمر الواقع ؟ فمن بين الحلول السياسية التي يمكن طرحها هي مسألة الجهوية فيجب على القوى الديمقراطية أن تعطيها أهمية خاصة على أساس أن الحلول الاقتصادية في جوهرها يجب أن تقوم على المشاركة السياسية الديمقراطية وبخلاف ذلك لا يمكن القيام بأي شيء.
#عبد_السلام_أديب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الرواتب والأجور في قطاع الوظيفة العمومية
-
نهب وتبدير المال العام في المغرب
-
المرفق العمومي بين الخوصصة والترشيد
-
مبررات إهدار المال العام
-
ميزانية الانكماش والتفقير والتهميش
-
المرأة المغربية بين مدونة الأسرة والمواثيق الدولية لحقوق الإ
...
-
راهن المخزن على صناعة باطرونا مغربية تضمن له البقاء والاستمر
...
-
اتفاقية التبادل الحر كمدخل لاستعمار جديد
-
تتوخى اتفاقية التبادل الحر المغربية الأمريكية تحويل المغرب إ
...
-
عربدة المخزن الاقتصادي حول البلاد إلى إقطاعية رأسمالية خاصة
-
الحوار المتمدن مكان فسيح لتبادل مختلف الآراء بل وربط علاقات
...
-
دروس من آسيا الشرقية
-
قراءة نقدية في مشروع ميزانية سنة 2004
-
التحولات الاقتصادية والسياسية للطبقات الاجتماعية في المغرب (
...
-
عولمة الأزمة وآفاق الثورة
-
حتى لا ننسى إفريقيا
-
بناء سبل تحقيق عالم بديل لنعمل معا على عولمة المقاومة
-
سوء التنمية ومحاربة الفقر
-
أوهام التأهيل والمنافسة الحرة
-
النساء والعولمة الليبرالية
المزيد.....
-
وقف إطلاق النار في لبنان.. اتهامات متبادلة بخرق الاتفاق وقلق
...
-
جملة -نور من نور- في تأبين نصرالله تثير جدلا في لبنان
-
فرقاطة روسية تطلق صواريخ -تسيركون- فرط الصوتية في الأبيض الم
...
-
رئيسة جورجيا تدعو إلى إجراء انتخابات برلمانية جديدة
-
وزير خارجية مصر يزور السودان لأول مرة منذ بدء الأزمة.. ماذا
...
-
الجيش الإسرائيلي يعلن تدمير بنى تحتية لحزب الله في منطقة جبل
...
-
برلماني سوري: لا يوجد مسلحون من العراق دخلوا الأراضي السورية
...
-
الكرملين: بوتين يؤكد لأردوغان ضرورة وقف عدوان الإرهابيين في
...
-
الجيش السوري يعلن تدمير مقر عمليات لـ-هيئة تحرير الشام- وعشر
...
-
سيناتور روسي : العقوبات الأمريكية الجديدة على بلادنا -فقاعة
...
المزيد.....
-
-;-وقود الهيدروجين: لا تساعدك مجموعة تعزيز وقود الهيدر
...
/ هيثم الفقى
-
la cigogne blanche de la ville des marguerites
/ جدو جبريل
-
قبل فوات الأوان - النداء الأخير قبل دخول الكارثة البيئية الك
...
/ مصعب قاسم عزاوي
-
نحن والطاقة النووية - 1
/ محمد منير مجاهد
-
ظاهرةالاحتباس الحراري و-الحق في الماء
/ حسن العمراوي
-
التغيرات المناخية العالمية وتأثيراتها على السكان في مصر
/ خالد السيد حسن
-
انذار بالكارثة ما العمل في مواجهة التدمير الارادي لوحدة الان
...
/ عبد السلام أديب
-
الجغرافية العامة لمصر
/ محمد عادل زكى
-
تقييم عقود التراخيص ومدى تأثيرها على المجتمعات المحلية
/ حمزة الجواهري
-
الملامح المميزة لمشاكل البيئة في عالمنا المعاصر مع نظرة على
...
/ هاشم نعمة
المزيد.....
|