|
جريمة الختان 140: هل الختان عملية تجميل؟
سامي الذيب
(Sami Aldeeb)
الحوار المتمدن-العدد: 4089 - 2013 / 5 / 11 - 08:16
المحور:
الصحة والسلامة الجسدية والنفسية
يشير البعض أنه يمكن إعتبار الختان عمليّة تجميليّة. وهو ما يتحجج به دعاة الإخوان المسلمين في مصر وفي تونس مثل وجدي غنيم لتأييد ختان الإناث. أنظر هذا الشريط http://www.youtube.com/watch?v=uaAYn2BL09I. وعندها يكون تدخّل الطبيب ليس للوقاية من مرض أو لعلاجه، بل لأسباب نفسيّة. والمشرّع قد أباح مثل هذه العمليّات.
هناك حالات شاذّة ونادرة عند الإناث (مثل تضخّم الغلفة أو البظر أو الشفرين بصورة مبالغ فيها) والذكور (مثل تضخّم الغلفة بصورة مبالغ فيها). وقد يكون سببها تدخّل الأطبّاء أو الفرد على تلك الأعضاء. وفي هذه الحالات، يعتبر التدخّل الجراحي لإرجاع هذه الأعضاء إلى حجمها الطبيعي أمراً مشروعاً. إلاّ أنه من المبالغ به إجراء الختان بحجّة التجميل على هذه الأعداد الهائلة من الذكور والإناث، ببتر أعضاء طبيعيّة يلد معها كل فرد، حتّى وإن كان هناك إختلاف من شخص إلى آخر في شكل وحجم هذه الأعضاء. وللعلم تزيد نسبة النساء المختونات في مصر عن 95%.
ونشير هنا إلى أن الفقهاء المسلمين يتشدّدون في عمليّات التجميل، معتمدين في ذلك على أحاديث نذكر منها: «لعن الله الواشمات والمستوشمات، والنامصات والمتنمّصات والمتفلّجات للحسن، المغيّرات خلق الله». وقد فسّر الفقهاء تحريم الوشم لأنه نوع من التدليس وتغيير لخلق الله تعالى بإضافة ما هو باق في الجسم عن طريق الوخز بالإبر والتعذيب لجسم الإنسان بلا حاجة ولا ضرورة.
وقد وضع مؤلّف مسلم حديث حدوداً لعمليّات التجميل بالجراحة وفقاً للشريعة الإسلاميّة: 1) الجراحة تعذيب وإيلام للإنسان الحي، فلا تجوز إلاّ لحاجة أو ضرورة. 2) أن يتعيّن على الإنسان إجراء العمليّة الجراحيّة بحيث لا توجد وسيلة أخرى تقوم مقام تلك العمليّة في سد الحاجة أو دفع الضرورة. 3) أن يغلب على ظن الطبيب نجاح تلك العمليّة، فلا يجوز له إتّخاذ جسم الإنسان محلاً لتجاربه. 4) أن لا يكون فيها تغيير للخلقة الأصليّة المعهودة، فلا يجوز تغيير هيئة عضو من الأعضاء بالتصغير أو التكبير إذا كان ذلك العضو في حدود الخلقة المعهودة. 5) أن لا يكون فيها مثلة وتشويه لجمال الخلقة الأصليّة المعهودة. 6) أن لا يكون فيها تدليس وغش وخداع، فلا يجوز للمرأة العجوز إجراء عمليّة جراحيّة بقصد إظهار صغر السن. 7) أن لا يترتّب عليها ضرر أكبر كإتلاف عضو. 8) أن لا تكون بقصد تشبّه أحد الجنسين (الذكر والأنثى) بالآخر. فلا يجوز للرجال التشبّه بالنساء في الزينة التي تختص بالنساء ولا العكس. 9) أن لا تكون بقصد التشبّه بالكافرين. فلا يجوز للمسلمين التشبّه بالكافرين فيما يختص بهم من أمور الزينة. 10) أن لا تكون بقصد التشبّه بأهل الشر والفجور.
وهذه الشروط لا تجتمع إلاّ نادراً جدّاً في ختان الذكور والإناث. لذلك لا يجوز شرعاً إجراء الختان بصورة عامّة بحجّة التجميل. يقول القاضي صلاح محمود عويس بخصوص ختان الإناث: «عمليّات التجميل التي أصبحت ضمن الجراحات الطبّية يقصد بها إصلاح عضو أو تقويمه أو إزالة زائد فيه، أو بمعنى آخر محاولة إعطاء عضو من أعضاء الجسم أو جزء منه الشكل الطبيعي الفطري. وهذه هي الغاية من عمليّة التجميل. فهل يتّفق ذلك مع عمليّة الختان وهي في كل صورها تعتبر تغييراً للشكل الطبيعي للعضو التناسلي للأنثى حسب فطرته التي خلقه الله عليها. بالطبع لا. ومن ثم فلا تكون هذه العمليّة بمثابة تجميل بل هي في حقيقتها إنتهاك لجسد الأنثى».
ونجد عند مؤيّدي ختان الذكور تشبيه بينه وبين ثقب الأذن للتجميل. فالدكتور «نيجل زولتي»، وهو موهيل (خاتن) يهودي وعضو في جمعيّة تدريب الموهيلين، يقول: «يستعمل منتقدو عمليّة الختان كلاماً انفعالياً مثل البتر، ويتحجّجون بمضاعفات الختان. غير أن البتر هو في نظر من يقول ذلك. فما يعتبره البعض بتراً هو عمليّة تجميل حسب الغير، مثل عمليّة ثقب أعضاء الجسم. فهل الأهل الذين يثقبون أذن أطفالهم يلقون مثل هذا الهجوم الشديد ضد الختان؟ إن عمليّة الختان في أساسها عمليّة تجميليّة ولا يحق للمجتمع إيقاف الناس عن إجراء عمليّات التجميل».
ويرد على هذا القول معارض لختان الذكور بأن للبتر تعريف موضوعي في القواميس لا علاقة له مع رأي الناس، فهو يعني قطع أو إتلاف جزء من عضو في جسم. ولا يمكن مقارنة ثقب الأذن بالختان لأنه ليس قطع أو إتلاف جزء. وعلى كل حال، هناك فرق بين عمليّة تجميل تجرى على صغير وعلى كبير. فالأستاذ «بولتير» يعتبر الوشم تحت سن 18 سنة مخالفاً للقانون لأنه قد يمثّل خطراً على الشخص ولأنه علامة دائمة قد يرفضها الطفل عندما يكبر إذا ما إعتبرها غير جميلة. وهذا في الواقع ينطبق على ختان الذكور.
ونشير هنا إلى أنه عندما طرحت مشكلة منع ختان الإناث في الولايات المتّحدة أمام الكونجرس الأمريكي، تبيّن ضرورة إحترام مبدأ المساواة أمام القانون. فتغيير الجسم لأسباب دينيّة وثقافيّة يجب أن لا يعامل بصورة مختلفة عن عمليّة تغيير الجسم لأسباب تجميليّة. ولهذا السبب لا يعاقب قانون العقوبات الفدرالي على ختان الإناث الذي يتم على البالغين.
ويشار هنا إلى أن منع ختان الإناث في الولايات المتّحدة يقصد به حماية قرابة خمسة أطفال يقعون يومياً ضحيّة لبتر البظر جزئيّاً أو كاملاً وبتر الشفرين الصغيرين، ليس إلاّ لأن الطبيب يظن أن تلك الأعضاء أكبر ممّا يجب. فهناك موازين ثقافيّة خاصّة إذا لم يتم التوافق معها، فإن الشخص يُعتبر ما بين الجنسين أو خنثى. فعندها يتم إجراء عمليّة له خلال الثلاثة أشهر التي تتبع الولادة أو قَبل خروج أمّه من المستشفى. والأطفال ذو القضيب الصغير، يتم بتر خصيتيهم وقضيبهم ويشكّل لهم فرجاً وبظراً ويربّون كبنات. وقد قام البعض بمطالبة مجلس الشيوخ بأن يتم تطبيق القانون الذي يمنع ختان الإناث على مثل هذه العمليّات الجراحيّة.
هذا وقد أشارت دراسة نشرتها منظّمة الصحّة العالميّة أن ختان الإناث ببتر غلفتها قد يكون علاجاً لعدم تجاوب المرأة الجنسي أو الفتور الجنسي. ويمكن على هذا الأساس إعتباره عمليّة تجميليّة. وكذلك الأمر فيما يخص العمليّات التجميليّة التي يتم فيها شذب الشفرين أو تحويل البظر عن موضعه كما تجرى في أوروبا وأمريكا الشماليّة. وقد تمّت مثل هذه العمليّات في النرويج على سيّدات لتهذيب غلظ الشفرين الصغيرين. وقد منع القانون النرويجي لعام 1995 مثل هذه العمليّات. وباستثناء هذه القانون، تعتبر هذه العمليّة عمليّة قانونيّة كغيرها من عمليّات التجميل إذا ما تمّت بناءاً على طلب إمرأة بالغة برضاها.
وخلاصة القول إن عمليّات الختان ليس لها سبباً طبّياً يبيحها. ولكن قد يكون هناك سبب نفسي، تجميلي في حالات نادرة جدّاً. وفي هذه الحالات، تفادياً للتعسّف، لا بد من أن يكون الذكر والأنثى اللذان تجرى عليهما هذه العمليّة بالغين، إلاّ عندما لا يمكن معها إنتظار سن البلوغ بسبب تشويه واضح للعيان. .
-------------------------------------- كتبي: http://www.sami-aldeeb.com/sections/view.php?id=14 كتابي عن الختان http://www.sami-aldeeb.com/articles/view.php?id=131 طبعتي العربية للقرآن بالتسلسل التاريخي http://www.sami-aldeeb.com/articles/view.php?id=315 موقعي http://www.sami-aldeeb.com مدونتي http://www.blog.sami-aldeeb.com عنواني [email protected]
#سامي_الذيب (هاشتاغ)
Sami_Aldeeb#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
جريمة الختان 139: الإباحة الطبية
-
جريمة الختان 138: الحق في العرض
-
لماذا يجب الحفاظ على القرآن والاهتمام به؟
-
جريمة الختان 137: الحق في عدم التعذيب
-
جريمة الختان 136: الحق في سلامة الجسد والحياة
-
جريمة الختان 135: أولوية الحقوق الفردية على الحقوق الجماعية
-
جريمة الختان 134: عقدة أُوديب... وعقدة سامي الذيب
-
جريمة الختان 133: الختان والحقوق الدينيّة والثقافيّة الجماعي
...
-
احمر يا بطيخ: خرافات الدين
-
الله يعلن استقالته
-
الإسلام لا وجود له، هناك الف اسلام واسلام
-
هل سامي يتطاول على الله ويسب ابراهيم؟
-
جريمة الختان 132: عدم وجود سبب للتمييز بين ختان الذكور والإن
...
-
جماعة الإخوان الحمير
-
لا تزعجونا بصلاتكم وصيامكم
-
جريمة الختان 131: التمييز بين ختان الذكور وختان الإناث جريمة
-
جريمة الختان 130: سكوت المشرّع عن ختان الذكور
-
جريمة الختان 129: منع المشرع الدولي ختان الإناث
-
علماء دين مغاربة اغبياء يرأسهم ملك المغرب
-
جريمة الختان 128: منع ختان الذكور في العصور الحديثة
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
الجِنْس خَارج الزَّواج (2/2)
/ عبد الرحمان النوضة
-
الجِنْس خَارج الزَّواج (1/2)
/ عبد الرحمان النوضة
-
دفتر النشاط الخاص بمتلازمة داون
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (مقدمة) مقدمة الكتاب
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (3) ، الطريق المتواضع و إخراج
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
ثمانون عاما بلا دواءٍ أو علاج
/ توفيق أبو شومر
-
كأس من عصير الأيام ، الجزء الثالث
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
كأس من عصير الأيام الجزء الثاني
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
ثلاث مقاربات حول الرأسمالية والصحة النفسية
/ سعيد العليمى
-
الشجرة الارجوانيّة
/ بتول الفارس
المزيد.....
|