|
حرب مؤسسة الكهنوت من أجل السيطرة
قاسم حسن محاجنة
مترجم ومدرب شخصي ، كاتب وشاعر أحيانا
الحوار المتمدن-العدد: 4088 - 2013 / 5 / 10 - 11:20
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
حرب مؤسسة الكهنوت على السيطرة كأي مؤسسة لها امتيازات ، تخوض مؤسسة الكهنوت حربا يومية شرسة ضد كل من تسول له نفسه ، أو على الاصح يسول له عقله ، مناقشة المسلمات التي فرضتها المؤسسة الكهنوتية والتي قد تكون متعارضة مع النصوص المؤسسة أو مع العقل والمنطق . وللمثال فقط فأن النص المؤسس الاسلامي يترك الخيار للانسان في اختيار الايمان أو الكفر ، لكن المؤسسة الكهنوتية لا تعترف بهذا الحق للانسان ، بل وترى من واجبها أن تقمع كل ظاهرة من ظواهر الحرية ، حرية المعتقد . لا يتوقف الامر عند حرية الاعتقاد ، ففرض الفهم المؤسساتي للدين وطقوسه ، تمارسه مؤسسة الكهنوت بكل قوة ، وتقمع كل فهم أو تفسير مغاير أو مناقض لفهم المؤسسة . فالمؤسسة الكهنوتية تستمد اسباب وجودها من الاحتكار الحصري لفهم وتفسير النصوص ،اضافة الى احتكارها ومسؤوليتها عن تقديم الخدمات الدينية للمؤمنين . وبهذا فأن المؤسسة الدينية وعبر احتكارها للفهم ، فأنها تخلق " واقعا افتراضيا " ، يقول بأن "العلوم الدينية " هي علوم معقدة لا يستطيع الخوض فيها أو دراستها الا من كان ذا مقدرة خاصة ، وبالطبع فهم قلة قليلة "مختارة " من العناية الالهية ، لحفظ "جذوة" الدين ، وتطبيق ارادة "الخالق " والتي لا يفهمها الا "المختارون " . لقد ذوتت "الامة" هذا الفهم وهذا التعامل مع الكهنوت ،بحيث انك ترى اساتذة جامعيين وباحثين جديين في مواضيع علمية ، يجلسون بخشوع بين يدي "الشيخ " ، ويأخذون دون اي نقاش أقواله التي تناقض كل ما تعلموه وما يعلمونه لتلاميذهم من علوم طبيعية أو انسانية . لهذا فأن اية محاولة لقراءة النص قراءة مغايرة أو اية محاولة لتبسيط الامور والقول بأن الدين بسيط وواضح ولا يحتاج الى وسطاء لشرحه ، كما يقول القرأن نفسه ، تجابهه المؤسسة الكهنوتية بشدة وصرامة ، بل بتكفير كل من يقول هذا . فالامر ليس دينيا ، بل يعود السبب الى شعور المؤسسة الكهنوتية ، بأن طرحا كهذا يفقدها مقومات وجودها ، هذا الوجود الذي تتم ترجمته الى مناصب مربحة ، (ملايين الدولارات ) تصب في جيوبهم ،والى مكانةاجتماعية تحيط بها هالة من التقديس ، اضافة الى احتياج السلطة الدنيوية الى غطاء ديني تقدمه هذه المؤسسة بكل رحابة صدر ،لتصبح هي كذلك جزءا من منظومة السلطة . وهذه المكاسب الحقيقية على أرض الواقع يهددها الاحتكام الى النص المؤسس والمقدس ، ولهذا فالمؤسسة الكهنوتية ترى من واجبها "اعلان الجهاد " على كل من تسول له نفسه تهديد مصالحها المادية والمعنوية . ومؤسسة الكهنوت موجودة في كل الديانات ولدى كل الفرق ، ولا يهم اذا كانت رسمية أم لا ، فلدى الاحزاب الدينية مؤسساتها الكهنوتية ، والتي تدافع بقوة عن امتيازاتها المادية والمعنوية . ويدور هذه الايام صراع كبير في اسرائيل حول صلاة النساء اليهوديات في باحة حائط المبكى ، وخاصة الصلوات في المناسبات الدينية . وهناك مجموعة من النساء تطلق على نفسها " نساء حائط المبكى " ، تؤدي صلواتها خلافا لما قررته المؤسسة الكهنوتية . فأنهن يضعن غطاء الصلاة الرجولي ، " التاليت " بالعبرية ، على اكتافهن ويؤدين الصلاة في الساحة العامة أمام الحائط . وبهذا يخرقن أوامر المؤسسة الدينية ، وهي عدم ارتداء "التاليت " التي يرتديها الرجال فقط ، والصلاة في الساحة الرئيسية ، رغم أن أوامر المؤسسة الكهنوتية تطلب من النساء الصلاة في الجزء المخصص للنساء . فهاته النسوة يخضن صراعا من أجل المساواة في الصلاة ، الصلاة هل تدركون ؟ لكن الصلاة لا تهم المؤسسة الكهنوتية ، بل ما يهمها هو اثبات تفضيل الرجال "الذكور " وأبقاء المرأة في الظل . فلو اصبحت الصلوات ديموقراطية ، وتمارس المساواة بين الرجال والنساء ، لما كانت هناك حاجة للمؤسسة الكهنوتية اطلاقا . واللافت للنظر ان المؤسسة الكهنوتية للمتزمتين اليهود ، جندت نساءها للتظاهر ضد حركة "نساء حائط المبى " وقذفهن بالمياه ، اضافة الى الشتائم . نساء ضد نساء !! وهذا هو الحال في كافة الديانات ، فحينما قامت أمرأة مسلمة في امريكا بأمامة الصلاة ، نذكر جميعا ردود فعل المؤسسة الكهنوتية ، فقد كفرتها ولا اذكر اذا قامت بأهدار دمها . صراع المؤسسة الكهنوتية ، هو في المحصلة صراع من أجل الحفاظ على الامتيازات والسيطرة ، وليس صراعا من أجل " اعلاء " كلمة الدين .
#قاسم_حسن_محاجنة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تعقيب على مقال الاستاذ جمشيد- العنصرية هي الحل
-
الصحة تاج على رؤوس الاغنياء
-
المطلوب منظومة قيمية .. -لا صهيونية ولا سلفية -
-
ملاحظات على مقال - في حب اسرائيل -
-
حروب الجبناء
-
جسر مؤقت (للاسنان ) ... أو اسرائيل سنة 2017
-
العودة .....مسيرة الى الذكريات
-
اخبار خفيفة تراجيكوميدية
-
الايمبوتنتسيا وال ...Mass Psychosis
-
قانون الحاضر الغائب
-
الشقق الشيوعية وسوء التطبيق
-
في نقد رومانسية -الربيع العربي -
-
الاتلاف والائتلاف
-
طلاسم بحاجة الى تفسير في السياسة والدين
-
مزمور للسلام...!
-
الذئب الفلسطيني والحمل الاسرائيلي ...؟!
-
اللامرئيون أو العمالة المهاجرة
-
جدلية الدين ، الجنس والسيطرة
-
فتاوى بيدوفيلية
-
العنصرية الصهيونية...!!!
المزيد.....
-
رئيس وزراء الإحتلال الأسبق ايهود باراك: الإطاحة بوزير الحرب
...
-
المقاومة الإسلامية في لبنان تستهدف موقع الراهب بقذائف المدفع
...
-
لماذا يصوت مسلمو أميركا لمرشحة يهودية بدلا من ترامب وهاريس؟
...
-
غدا.. الأردن يستضيف اجتماعا للجنة الوزارية العربية الإسلامية
...
-
بعد دعمها لفلسطين.. منظمة أوقفوا معاداة السامية تختار غريتا
...
-
المقاومة الإسلامية في لبنان تستهدف تجمعا لجنود الاحتلال في ت
...
-
الهيئة الإسلامية المسيحية تحذر من تصاعد إرهاب المستوطنين الم
...
-
“شغلها 24 ساعة وابسط ولادك” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024
...
-
قائد الثورة الإسلامية يؤكد لدى استقباله الفرق الإيرانية المش
...
-
قائد الثورة الإسلامية: منعوا دولة من المشاركة في الألعاب الأ
...
المزيد.....
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
-
جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب
/ جدو جبريل
المزيد.....
|