|
مؤتمر “اليسار والثورات العربية” يوصي برفع القداسة عن الأحزاب الدينية وفضح ممارساتها
خالد عبدالراضي
الحوار المتمدن-العدد: 4087 - 2013 / 5 / 9 - 20:44
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
متابعة : خالد عبدالراضي
قال فلاديمير لينين ” لا توجد حركة ثورية بدون نظرية ثورية ” ومن هنا كانت البداية ، بعد ان وضع قائد الثورة البلشيفية الاسس الاولي لبناء التنظيمات التي تشكلت علي أساسها مختلف الاحزاب اليسارية باختلاف توجهاتها ، والتي ناضلت عبر عشرات السنين في مواجهة الرأسمالية الحاكمة في شتي بقاع الأرض، ومهدت الطريق أمام الثورات العربية في مصر وتونس واليمن حاملة شعارت الخبز والحرية والعدالة الاجتماعية .
تحت عنوان “اليسار والثورات العربية ” أقام منتدي البدائل العربي للدراسات مؤتمرا بأحد فنادق القاهرة لمناقشة دور اليسار في الثورات العربية والخروج بروشتة توصيات حول دور فاعل لليسار خلال الفترة القادمة، اعترف قادة عدد من الاحزاب اليسارية المشاركة ان اليسار لم يلعب الدور المأمول في الالتحام مع الجماهير الثائرة خلال الثورات التي شهدتها المنطقة في الاعوام الماضية ، وخيم الأحباط علي الاجتماع الذي عقد في مصر الاسبوع الماضي، وطالبوا بسرعة تصحيح المسار والخروج من مقار الاحزاب والعمل بين صفوف الجماهير ، كما أكدوا علي أهمية رفع القداسة عن الأحزاب الدينية وفضح ممارساتها التي لا تتفق مع معايير العمل السياسي ، وتفعيل المواثيق التي تنص علي إلغاء الانتخابات التي استخدمت فيها شعارات دينية.
انقسام التيار
قالت نبيلة منيب أمين عام الحزب الاشتراكي الموحد المغربي ، اثناء مشاركتها في المنتدي ، أن المغرب العربي يمكن ان نضع له عنوان ، “الثورة المجهضة والديمقراطية المؤجلة”، حيث ان الانظمة الحاكمة تخلق ديمقراطية الواجهة فقط، في حين ان اليسار عرف انقسامات منذ الاستقلال، وهو ما حدث بعد استقلال البلاد ورجوع الملك من المنفي، وكانت هي الفرصة الاولي التي اضعناها للديمقراطية الحقيقية .
كما أكدت امين عام الحزب الاشتراكي الموحد ( أول سيدة مغربية تقود حزبا سياسيا بالمغرب) أن اليسار أضاع فرصة أخري والنظام ربح في هذه المحطة، في اشارة الي الانتفاضات التي أطلق عليها حركة 20 فبراير، كما تري أن اليسار فقد الكثير من مصداقيته لان جزءا كبيرا منه شارك في التوافق مع الملك، واشارت إلي ان الحزب الاشتراكي لم يشارك ولكن ناله نصيب من انعدام الثقة لدي الجماهير ، حيث رأت ان اليسار كله بصفة عامة لم يجلب اي مكاسب للمواطن .
وأضافت “منيب” أن الحزب الاشتراكي الموحد يعمل علي التنسيق بين الاحزاب اليسارية في المغرب الكبير ، قائلة : عندما انتقلت حركة 20 فبراير في عام 2011 ، قلنا ان الشباب التقط ما يحدث في المنطقة عندما شاهدوا الانتفاضات في مصر وتونس ووجدت الحركة اليسارية قوي داعمة لها، ولكن في هذه المحطة ايضا تفرق اليسار، و لم تصل لأن تكون حركة اجتماعية قادرة علي فرض التغيير لان النظام حاربها بشتي الطرق، والقرار السياسي مازال متحكماً بعد ان فرض انتخابات قاطعناها عام 2011 ودستور ايضاً قاطعناه ، مؤكدة ان الحزب الاشتراكي الموحد عمل علي تقوية التحالفات مع بعض الاحزاب المستقلة ، ورفض المشاركة في الاستفتاء علي الدستور، لان هدفنا هو خلق قوي اجتماعية قوية تفرض التغيير غداً .
ضد النيوليبرالية
ويري وائل جمال الباحث الاقتصادي وأمين طلاب الاشتراكيين الثوريين السابق في مصر : أن الثورة المصرية التي نحن بصددها الآن هي ثورة ضد الليبرالية الجديدة، وهي الموجة الثالثة التي تواجهها حيث كانت الاولي عام 89 حيث اسقطت الاحزاب الستالينية، في انحاء الاتحاد السوفيتي، والموجة الثانية في عام 1997 في اندونيسيا وتايلند وبلاد شرق اسيا، كما ان في مرحلة التسعينيات بدأت مجموعة من الانتفاضات الجماهيرية في انحاء العالم كافة، والاخيرة هي اكثر ما تعبر عنه الثورة المصرية وتنتمي اليه، وأشار “جمال” الي ان الجماهير في اوربا الشرقية اسقطت انظمة ديكتاتورية ولكن السياق السياسي العام في ذلك الوقت كان رغبة في استنساخ النموذج النيوليبرالي، من خلال الخصخصة وحرية الاستثمار، وغيرها من المظاهر الرأسمالية، وما يحدث الان مشروع سياسي متكامل حيث تمر مصر اليوم بمرحلة لا يجوز فيها الاجراءات الاصلاحية، وهو ما جعلها تأخذ شكل الثورة وجعلها مستمرة حتي الان.
تساءل جمال : هل يجوز ان يكون اليسار موجودا دون جذور جماهيرية، لافتاً الي أن هذا يجوز اذا اخذنا ان اليسار هو فكرة تخلق في العقول بين المثقفين او استاذة الجامعة او غيرهم من التكتلات الحيوية، اما اذا كنا نتحدث عن حركة جماهيرية فمن المستحيل ان تكون هناك رؤية متكاملة الا من خلال اشتباك مباشر مع الحركة الجماهيرية، في حين ضعف حركة الجماهير ومحاولات القضاء عليها مراراً ، ومحاكمة الكوادر الشابة المنتمية الي الثورة محاكمات عسكرية وهو ما يجب ألا يجعلنا نستمر في جلد الذات.
كما أكد جمال أنه لا يوجد ما يسمي اليسار المصري في معزل عن اليسار العالمي، مشيراً الي ان الفروق من الممكن أن تكون طفيفة في كل منطقة جغرافية ولكن تبقي القضايا الاساسية متشابهه تماماً في كل مكان، واقتبس مقولة من كتابات كارل ماركس وانجلز : ” يمكن تمييز الحزب الثوري علي الحركة الجماهيرية فقط بتصوره للنظرة العامة للتحرك الافقي، ومهمته هي تقديم تصور للحركة الجماهيرية عن المكان الذي هي فيه وكيفية تحركها”، واختتم جمال حديثه بانه يجب ان يحدد اليسار وضعيته في مصر، وتحريك الجماهير الي الطريق الصحيح فالليبرالية الجديدة هي ما قامت الثورة من اجل مقاومتها، وهي في ضعف مستمر ودرجة مرونة العالم لتقبلها ككل اصبح ضعيفا، ولا يوجد بديل سوي ان نقفز في بحر من الامل في وسط المعركة تماماً، حينها سيكون النضال اوضح والعمل من خلال الشارع وليس فقط التنظير .
زواج متعة
وقال جارو جرفاريو الباحث الايطالي في الشئون السياسية المصرية أن اليسار لعب دورا مهما جداً في الحركة الجماهيرية والوطنية ضد الاستعمار في الاربعينيات وخمسينيات القرن الماضي، وكان جزءا من الحركة الوطنية، وكانت اهدافه التقدم والتنمية وبناء دولة حديثة، ثم حدث نوع من الزواج بين اليسار والقومية العربية، وهو اشبه بزواج المتعة، وأشار “جرفاريو” إلي أن العلاقة بين الشعوب والانظمة تغيرت تماماً وهو ما يكفينا لأن نسميها ثورات وليست مجرد انتفاضة .
كما أكد “جرفاريو” اثناء مشاركته في المنتدي، أن الحركة اليسارية في الالفينات مختلفة عن الستينيات، حيث ان اليسار الان يواجه ابعادا اقتصادية واجتماعية وواقعا مختلفا، واليسار بمعني اوسع عن التنظيمات لعب دوراً مهما جداً في الحركة الاجتماعية الجديدة، لافتاً الي أن هناك يسارا تلقائيا عبر الحركات العمالية الجديدة والطلابية والصحافة المستقلة، حيث يمكننا ان نعرف فوراً أن شعار الثورة عيش حرية عدالة اجتماعية هو شعار يساري بالاساس كان يرفعه الجماهير في شتي بقاع الاحتجاجات .
وشدد الباحث في الشئون السياسية المصرية علي أن اليسار يجب أن يوجه الجماهير الي رفض ديمقراطية الصندوق، والانتفاضات حول العالم سواء حركة ” occupy wall street”، أوالانتفاضات المستمرة في اليونان وغيرها من الاحتجاجات علي مستوي العالم وهو ما يدل علي أزمة تمرير السياسيات الاقتصادية الرأسمالية، كما أكد انه من المهم أن نربط بين هذه الازمة والحرية الصورية التي تأتي عبر الصناديق، حيث إن الازمة الان ازمة فكرة الليبرالية بوجه عام، وقبل كل شيء الثورات كانت قائمة لرفض السياسيات الليبرالية الجديدة، والتجربة اليونانية امامنا ليست ببعيدة كما أن هناك نماذج اوربية ابرزها اسبانيا والبرتغال وايطاليا .
وأضاف “جرفاريو” أنه يجب علي يسار الوطن العربي ان يأخذ درسا من اخطاء اليسار الاوربي، وهو من حاول تبني فكرة الاشتراكية الديمقراطية، وكان يرحب بعناصر ليبرالية خطيرة في نفس الوقت، لافتاً الي أن اليونان كمثال بها يمين متطرف وجماعات شبه نازية، وهناك حركات يسارية غير منظمة في نفس الوقت، وهو كاليسار الايطالي او الاسباني او البريطاني او المصري الجميع يواجه نفس المشكلات .
استيعاب التناقضات
وحول الثورة السورية يري المفكر الماركسي الفلسطيني سلامة كيلة أن الثورة مستمرة لكنها لم تحقق الخطوة الاولي للانتصار كما حدث في مصر او تونس ، والاحزاب اليسارية مالت الي مناحي متعددة فكان هناك حزبان شيوعيان في سوريا مشاركان في السلطة حتي الآن ، ولكن اصبح الميل الليبرالي مهيمنا علي قطاعين كبيرين منها، والجزء الاخر من اليسار ركز كل نشاطه السابق حول مسألة الديمقراطية، والوضع السوري كان يسير منذ 1991 حول تسريع التحول الي النظام الليبرالي الجديد، دون الاهتمام للسياق الموضوعي لتناقضات الواقع التي تنشأ عبر النضالات.
و أضاف “كيلة” اليسار اصبح يمتلك مصطلحات رنانة بما يجعلها جامده لتستوعب تناقضات لا يمكن ان تتوافق مع الواقع ، وحيث إن اليسار مشروع سياسي يتعلق باللحظة المعنية للقوي التي تعمل علي التغيير، فلا نستطيع ان نحكم علي قوة في المطلق انها يسار ، فهذا المنظور عندما نلمس واقع اليسار العربي بشكل عام واليسار السوري في القلب منه ، نلاحظ ان اليسار الذي هو بالسلطة الان في سوريا لا يمكن ان يكون يسارا لانه يدافع عن سلطة مافياوية تمارس اشد انواع الوحشية ضد المجتمع، كما أن هناك اتجاهات اخري بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، ولا استطيع ان اعتبر ان هذه القوي يسار لانها تكرث ما يتشكل علي الارض من هيمنة للاقتصاد الليبرالي كما اشرت سابقاً .
واستكمل المفكر الماركسي المناهض للصهيونية حديثه قائلا:ً ” انه في المستوي الثالث هناك قوي يسارية تركز فقط علي الديمقراطية، واصبحت مدخلها وباتت تتجاهل الصراع الطبقي، والظروف الواقعية التي يتشكل فيها هذا المجتمع، وهذه ايضاً قوي أصبح سقفها ليبراليا ديمقراطيا لانها لم تطرح تغيير النمط الاقتصادي القائم ككل، وهي مجمل مشاكل الاحزاب اليسارية في سوريا ان لم يكن في الوطن العربي، فهي تحدد وضعها في ضوء هذه الاصطفافات السياسية فالبعض مازال يدافع عن السلطة ويشاركها، والبعض اخذ منحي المعارضة الداخلية مع رفض التدخل الخارجي ، وبعد الثورة تبلورت في اتجاه حاول ان يطرح مطالب كانت بالضرورة دون مستوي الحراك الشعبي نفسه وهو ما طرح في الاشهر الاولي من الثورة والتي تبلورت في النهاية في قوي التأثير الوطني الديمقراطي والذي طالب النظام ان يقوم باصلاحات وان الحل يأتي عبر الحوار، ولم تكن تعتقد ان تطور اليات الثورة من اجل الدفع نحو تغيير جذري حقيقي”.
وأضاف كيلة “الجزء الاخر ارتبط مع مجموعة احزاب بعضها اطراف بالخارج مثل الاخوان والتي شكلت المعارضة بالخارج، واعتبرت ان التغيير لا يأتي الا عبر التدخل الاجنبي، والامر طبيعي لان اتجهاتنا الاساسية تنطلق من نقطتين الاولي انها لا تري الشعب والمشكلات ، وتري ان السلطة قوية لدرجة اننا لا نستطيع ان نهزمها بقوانا الذاتية، و اختتم “كيلة” حديثة بأن هناك البعض يعتقد ان الثورة هي صراع مع الامبريالية العالمية وهو المعاكس للرؤية الماركسية التي تفترض ان يكون تأصيل الصراع حسب الطبقية اولاً، وأن الصراع علي الارض يترابط بشكل موضوعي عبر صراع طبقي من الاساس .
الانتهازية اليسارية
قالت بشري مقطري عضو اللجنة المركزية بالحزب الاشتراكي اليمني، إن اليسار في اليمن مرتبط بشكل كبير بتجربة الحزب الاشتراكي اليمني كحزب رسمي، وهي تجربة قديمة كانت في السلطة واصبحت في المعارضة فيما بعد، كما ان فصائل اليسار في اليمن في الشمال تختلف عنها في الجنوب، وهو ما احدث صراعات بينية ادت الي احداث يناير 1986 حيث حدثت مجازر بشعة، وهو ما اوضح ان الحزب الاشتراكي او اليسار بشكل عام لم يكن مستعداً لاستلام السلطة.
وأضافت “مقطري”: أن الازمة الثانية التي حدثت لليسار ازمة حرب 1994 والتي كانت بين الشمال والجنوب، وهو ما جعل الحزب الاشتراكي في الشمال يضرب في نظيره في الجنوب، واول شكل من اشكال التكتيات التي وصل اليها الحزب سلمياً فيما بعد هي مقاطعة الانتخابات، حيث تشكل المجلس الاعلي للتنسيق بين المعارضة، ولكن عناصر الانتهازية اليسارية ادخلت بين التحالف حزب يسمي حزب الاصلاح الديني وهو الذي كفر اليسار عام 1994 .
كما أكدت “مقطري” أن اليسار خلال الثورة اليمنية، تشكل عبر تكتلات شبابية قادت الاحتجاجات في اماكن مختلفة في اليمن، كما لوحظ في الامر ان تكتلات الشباب لعبت دورا كبيرا واستطاعت القيام باشكال احتجاجية جديدة كمسيرة الحياة التي قام بها الحزب الاشتراكي اليمني من تعز الي احدي المحافظات الاخري والتي احتاجت الي 6 ايام لتصل، كما نظموا مسيرة رافضة للاغتيالات السياسية، ودشنوا حملة انا ضد عسكرة الثورة .
تراجع الخطاب الطيفي
كما ذكرت عضو اللجنة المركزية بالحزب الاشتراكي اليمني أنه علي المستوي الداخلي حدثت ثورة شبابية داخل الحزب وهو ما اثبت ان هناك صراعا بين جيل الشباب والجيل القديم، حيث نفذ الشباب اعتصاما مفتوحا ضد القيادات واسقطوا السكرتارية وانتخاب سكرتارية جديدة وهو ما يثبت ان هناك رؤية شبابية جديدة، وأضافت جاء هذا ايضاً بعد اتساع القاعدة الشعبية لليسار وانضمام العديد من الشباب بعد تجربة الثورة وهو نتيجة ان شباب اليسار كان قريباً من الطبقات المسحوقة، وكانت هناك صياغة مطالب مدنية واجتماعية يسارية جديدة استطاعت ان تقدم خطابا جديدا كما دافعت عن قضايا المرأة .
كما أكدت “مقطري” أن اهم السلبيات التي تشوب اليسار في اليمن هي خفوت الخطاب الطبقي وتمييعه، وصمت الحزب الاشتراكي عن انتهاكات حزب الاصلاح الديني .كما أضافت أن التحديات امام اليسار اليمني حتي يستطيع ان يبرز هو ضعف الكادر التنظيمي، والعجز عن تسويق خطاب يساري اعلامي للخارج لمواجهة القوي الدينية المتشددة في اليمن بجناحيها السني والشيعي، والوقوف ضد الخطاب التكفيري، وتموضع القوي العسكرية والقبلية، ومواجهة الانفلات الامني في المدن وهو ما ادي الي استهداف الشخصيات الحزبية كما يجب أن يواجه الحزب تشتت القوي المدنية في اليمن سواء اليسارية أوالقومية .
تعويم الأيديولوجيا
وقال نادر المتروك : إن الثورة البحرينية وأدت بواسطة جيوش عربية كما يعرف الجميع، واليسار في البحرين عبارة عن تكتلات يسارية وهو أم النضال هناك منذ الاربعينات، وأشار ان اليسار يعاني من 3 ازمات اساسية وهي العصبوية الحزبية، وتبجح النخبة وعدم الاعتراف بفشلها، بالاضافة الي تعويم الايدلوجيا، مضيفاً ” اليسار كانت علاقته بالثورة وطيدة من اللحظة الاولي” .
و أضاف “المتروك” أن البحرين كانت من البلدان القليلة جداً وتكاد تكون الوحيدة التي استطاعت ان تستلهم النموذج المصري وتضيف خصوصياتها فهي اندلعت مبكراً جداً في 14 فبراير اخذه النموذج المصري من ناحية السلمية وووضح الرؤية والجماهيرية، وأشار أن البحرين هي دولة خليجية، ويحكمها اكثر من شرط، ومحاطة بالعديد من التحديات حيث كونها قاعدة امريكية وتهدد مصالح امريكا بالمنطقة بشكل مباشر .
كما أكد “المتروك أن اللجان الشعبية عقب الثورة تبلورت بشكل واضح وهو ملمح مهم ، حيث اخذت سندها من المصادر والمرجعيات الحقوقية، فانطلقت بسمات عامة ابرزها مطالب سياسية واجتماعية بلا مواربة، وهذا قبل الربيع العربي، حيث اعتلت موجة من الخلاف الحاد، وبعد اندلاع الثورة 14 فبراير اختفت الفجوة بين الشارع والاحزاب لتوحد المطالب السياسية، كما أضاف انه في الفترة الذهبية للثورة وهي اعتصامات دوار اللؤلؤة الي دخول درع الجزيرة وهي فترة شهر كامل حيث تدخلت قوات درع الجزيرة في مارس، هذه الفترة برز الاختلاف علي سطح المطالب، وبين الاختلاف علي سقف المطالب واساليب تحريك الثورة، كان حضور اليسار متناغماً مع الاجواء الثورية ولكن اجتياح درع الجزيرة في 17 مارس وقمع المحتجين ادي الي حدوث اختلال في المواقف السياسية بعد ذلك .
الحدود الضيقة
وأضاف “المتروك” ان ملاحقة الثوار لم يؤثر في شيء علي مسار الثورة ، حيث تعول الثورة انطلاقاً واستمرارا علي قوي جماهيرية لا تنتمي بغالبيتها لليسار فضلاً عن انتمائها الفكري له، ولم يحقق اليسار البحريني ما طلب منه وابرزت الثورة عن العوار باليسار التقليدي او النخبوي حيث افتقاد الرؤية السياسية، والانغلاق الحزبوي والنخبوي، وعدم القدرة علي بلورة خطاب سياسي يتفاعل مع الاحتجاج العام، والميل الي تكوين علاقات مع السلطة وليس تطوير علاقات مع الجمهور في الشارع ، واختتم قائلا أن بعض الحركات التقدمية اصبح جزءا كبيرا منها متحالفا مع النظام، وهناك يسار قومي داعم للثورة له حدود نخبوية ضيقة .
قال محمد العجاتي الرئيس التنفيذي لمنتدي البدائل العربي أن حركات الاحتجاج في الشارع العربي، وابرزها الحالة المغربية، يجعلنا نطرح السؤال : لماذا لم تحدث الثورة في المغرب وتم الاكتفاء باصلاحات صورية فقط، اما باقي اليسار فكان هناك تواجد ضعيف في البرلمانات علي المستوي السياسي ولكن علي المستوي الاجتماعي كان محركاً اساسياً، وكانت مظاهر لعودة اليسار علي الساحة بعد فترة غياب منذ انهيار الاتحاد السوفيتي، لذلك لايجب ان ينفق اليسار الكثيرمن عمره علي النقد الذاتي اكثر من العمل علي الارض .
وأضاف العجاتي، أن فكرة التنسيقيات بين الحركات الاجتماعية حدثت في المغرب بشكل اضعف من الحالة التونسية كمثال ثم انتقلت الي دول المشرق العربي، التي كانت تركز علي فكرة النقابات، ثم تلتها فكرة تكوين احزاب جماعية لليسار وهي في كل الحالات لم تنجح في ضم اليسار ككل ، ولكن في اغلب الحالات ضمت طوائف كثيرة من اليساريين، ولكن المعضلة كانت رد فعل علي الاحداث الداخلية والعالمية، ولم تكن في اغلب الاحيان فعلا استباقيا.
الخطاب المعقد
وأكد “العجاتي” أن الحركات السياسية اليسارية في الوطن العربي باتت تهتم بالمواطن بخطابها المعقد احياناً وليس بخطاب المواطن نفسه، لافتاً الي انه عندما يتحرك اليسار في الاوساط الاجتماعية لا يجب ان ينفي عنه الثمة اليسارية لأن ذلك يضر الحركة بشكل كبير، وقال إن اليسار استخدم الادوات التقليدية القديمة الي ان جاء الانترنت وثورة التكنولوجيا وهو الذي سيتحول مع مرور الوقت لشكل تقليدي جديد، مشيراً الي ان هذه الادوات ابتدعها الشباب ولم تخرج عن التنظيمات اليسارية، وانتقد المدير التنفيذي لمنتدي البدائل العربي انتقال خبرات التنظيم السلبية الي كيانات ما بعد الثورة، قائلاً ان الانفتاح بين الحركات قبل الثورة كان له حدود في العمل مع كل من التيارات الاسلامية، والليبرالية بشكل عام، لافتاً الي انه مازالت العلاقة بين التيارات الليبرالية والاسلامية مضطربة بشكل كبير مع اليسار، وحل ذلك هو الاشتباك والعمل علي الارض وليس الاساس النظري الذي ينفق اليسار به وقت زيادة .
وفي نهاية المؤتمر قال جورج فهمي : “من خلال ما قدم من دراسات نستطيع ان نقول ان الملمح الاول للتجربة اليسارية العربية أن هناك نخبة يسارية معزولة عن المجتمع باستثناء اليمن لظروف ان اليسار متمثل في الحزب الاشتراكي اليمني، كما يمكننا القول ان الانقسامات بين القوي اليسارية بها محوران اساسيان، اولهما انقسامات ناتجة عن توجهات الاحزاب نفسها، ومن الملامح المهمة في المشهد تصاعد الحركات العمالية غير المسيسة قبل الثورة مثل ما حدث في دمياط والمحلة حيث برزت مطالب اجتماعية غير مسيسة، كما ان السبب الثاني في الانقسام هو مشكلة التواصل بين اليسار والقطاعات العمالية، مع مراعاة ان هناك تقاربا بين التيار المدني والديني كما حدث سابقاً في حركة كفاية، وحركة اعلان دمشق في سوريا .
وأضاف “فهمي” أن الاحتجاج الاجتماعي غير مرتبط بالمطالب السياسية وهو الامر السيء، وكانت امام اليسار فرصة للتواصل مع حركة الجماهير سواء في دوار اللؤلوة، أو ميدان التحرير، او جميع ساحات التغيير بالوطن العربي ، كما أشار ان الثورات العربية عليها ان تتجنب الوقوع بين فخي ثورات قصيرة أوعسكرتها .
كما أكد أن الزخم الثوري العمالي قبل سقوط نظام مبارك بايام كان له تأثير كبير في اسقاط النظام، كما حدث في اضراب صفاقس قبل هروب بن علي بيومين، لافتاً ان في الحالة المصرية كان هناك جماعتان عملتا علي انهاء الثورة من الشارع سريعاً وهما الاخوان والقوات المسلحة وذلك نظراً لخطورة تواجد رجالهم في الشارع ومشاركتهم في النقاشات والحوارت مع جموع المواطنين باختلاف انتمائهم ، واختتم فهمي كلامه موضحاً ان ازمة اليسار تتخلص في خلق مساحات جديدة داخل المجال العام.
#خالد_عبدالراضي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
النسخة الإليكترونية من جريدة النهج الديمقراطي العدد 583
-
تشيليك: إسرائيل كانت تستثمر في حزب العمال الكردستاني وتعوّل
...
-
في الذكرى الرابعة عشرة لاندلاع الثورة التونسية: ما أشبه اليو
...
-
التصريح الصحفي للجبهة المغربية ضد قانوني الإضراب والتقاعد خل
...
-
السلطات المحلية بأكادير تواصل تضييقها وحصارها على النهج الدي
...
-
الصين.. تنفيذ حكم الإعدام بحق مسؤول رفيع سابق في الحزب الشيو
...
-
بابا نويل الفقراء: مبادرة إنسانية في ضواحي بوينس آيرس
-
محاولة لفرض التطبيع.. الأحزاب الشيوعية العربية تدين العدوان
...
-
المحرر السياسي لطريق الشعب: توجهات مثيرة للقلق
-
القتل الجماعي من أجل -حماية البيئة-: ما هي الفاشية البيئية؟
...
المزيد.....
-
الاقتصاد السوفياتي: كيف عمل، ولماذا فشل
/ آدم بوث
-
الإسهام الرئيسي للمادية التاريخية في علم الاجتماع باعتبارها
...
/ غازي الصوراني
-
الرؤية الشيوعية الثورية لحل القضية الفلسطينية: أي طريق للحل؟
/ محمد حسام
-
طرد المرتدّ غوباد غاندي من الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي ) و
...
/ شادي الشماوي
-
النمو الاقتصادي السوفيتي التاريخي وكيف استفاد الشعب من ذلك ا
...
/ حسام عامر
-
الحراك الشعبي بفجيج ينير طريق المقاومة من أجل حق السكان في ا
...
/ أزيكي عمر
-
الثورة الماوية فى الهند و الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي )
/ شادي الشماوي
-
هل كان الاتحاد السوفييتي "رأسمالية دولة" و"إمبريالية اشتراكي
...
/ ثاناسيس سبانيديس
-
حركة المثليين: التحرر والثورة
/ أليسيو ماركوني
-
إستراتيجيا - العوالم الثلاثة - : إعتذار للإستسلام الفصل الخا
...
/ شادي الشماوي
المزيد.....
|