نبيل رومايا
الحوار المتمدن-العدد: 4087 - 2013 / 5 / 9 - 01:40
المحور:
المجتمع المدني
كل عام في شهر أيار يحتفل اعضاء الاتحاد الديمقراطي العراقي في الولايات المتحدة الامريكية وزملائهم بذكرى تأسيس منظمتهم التي تعمل في هذا المهجر وبدون انقطاع منذ ثلاثة وثلاثين عاما، وربما اكون مخطأ، ولكني اعتقد بأن هذا الكم من السنوات يضع الاتحاد في المرتبة الاولى بين منظمات المجتمع المدني العراقية في المهاجر من حيث العمر واستمرارية العطاء وعدم الانقطاع.
فقبل ثلاثة وثلاثين عاما وبالتحديد في 15 اَيار 1980 عقدت مجموعة من الديمقراطيين العراقيين في مشيكان اجتماعا وشكلت تنظيما باسم رابطة التقدميين الديمقراطيين العراقيين والذي تحول لاحقا الى الاتحاد الديمقراطي العراقي في الولايات المتحدة الأمريكية (ا.د.ع).
وقد تشكل هذا التنظيم في حينها لجمع شمل الجالية العراقية ودعم الديمقراطية وحقوق الإنسان في العراق للرد على الانتهاكات المستمرة لتلك الحقوق. وكان للاتحاد وليومنا هذا هدفان اساسيان. الاول, مساندة تطلعات الشعب العراقي من اجل الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان ومن اجل اقامة نظام فدرالي تعددي موحد, يدعم حقوق كل مكونات الشعب العراقي ويرفض كل اشكال التعصب الطائفي والقومي. والثاني, رفع شأن الجالية العراقية من خلال التعاون والتنسيق بين مؤسساتها وزيادة اواصرها مع الوطن والحفاظ على الهوية الوطنية العراقية، واغناء الثقافة والتراث العراقي ورفع القيود عن الفكر والابداع.
ومنذ تأســيسـه عمل الاتحاد على ان يكون صورة للعراق في تكويناته القومية والدينية والعرقية المتآخية. وقد كانت جاليتنا العراقية هي الحاضنة والداعمة والمؤازرة لهذا الاتحاد, فأين ما وجدت الجالية على أرض المهجرين الأمريكي والكندي وجد الاتحاد ونشطت فروعه في برامج عمل متواصلة ومتكاملة, وقد كان من الطبيعي ان يكون مركز الاتحاد في ولاية مشيكان لحجم الجالية الكبير هنا, والذي انعكس على الكم الهائل لنشاطاته وفعالياته, واضاف الى هذا الزخم الدور الكبير الذي لعبته فروع الاتحاد في كاليفورنيا وشيكاغو وأريزونا ونيويورك وفي الكثير من الولايات الأخرى والتي تنشط فيها ركائز الاتحاد وفي كندا قبل أن يستقل فرع الاتحاد هناك عام 1996.
وعكف الاتحاد الديمقراطي العراقي ومنذ تأسيسه على استضافة شـخصيات سياسية وثقافية من مختلف الاتجاهات واستضاف العشرات من الباحثين والسياسيين وممثلي الاحزاب السياسية العراقية والناشطين في الشأن العراقي. ودعم الاتحاد التطلعات الديمقراطية في العملية السياسية في العراق, وشارك في دعم وتنظيم الانتخابات لعراقي الخارج في 2005 و 2010. ودعم ممثلي التيار الديمقراطي المدني العراقي في انتخابات مجالس المحافظات الاخير.
وبالتعاون مع منظمات الجالية جرى تنظيم اربعة مؤتمرات دولية كان الاول لرفع الحصار عن الشعب العراقي, وثلاث مؤتمرات من اجل عراق ديمقراطي حـر. وقد شارك في هذه المؤتمرات شخصيات سياسية عراقية وامريكية رفيعة ومسؤولين وباحثين عراقيين من كل انحاء العالم.
وهنالك اعتزاز كبير من قبل العراقيين بالمســيرة النضالية الكبيرة للاتحاد والتي شملت مئات النشاطات والفعاليات وشارك فيها الالاف من ابناء الجالية على مدى اكثر من ثلاث عقود لدعم تطلعات شعبنا العراقي في الديمقراطية والحرية والاستقرار.
وقد عمل الاتحاد على تفعيل وإبراز النشاطات الأدبية والفنية واحتضان القابليات والمواهب لأبناء الجالية وذلك من خلال عشرات الأنشطة والفعاليات الناجحة, فأقام العديد من الندوات واللقاءات والمهرجانات الأدبية والفنية وأستضاف العديد من الرموز الثقافية والأدبية والفنية من خارج أمريكا وداخلها وعشرات من الفنانين والشعراء والمبدعين.
وانطلاقا من أهدافه المتعلقة بالعمل الإعلامي والثقافي عمل الاتحاد على إصدار مطبوعاته الصحفية (صـوت الاحرار وصوت الاتحاد) والتي صــدرت لحوالي عشرين عاما. وأقام العديد من الندوات والنشاطات الثقافية والفكرية والفنية وساهم ودعم بشكل كبير النشـاطات الثقافية والمعرفية التي أقامتها منظمات أخرى تعمل على الساحة الأمريكية، وكان للاتحاد دور مميز في العمل الإذاعي من خلال إذاعـة (صوت الرافدين). واصدر الاتحاد العشرات من المطبوعات والبيانات التي صدرت حول امور تخص العراق والجالية.
وكان الاتحاد من الاوائل الذي اسس موقع خاص به ( http://www.idu.net)، والذي اصبح اليوم من المواقع العراقية المهمة التي يتابعها العراقيون في الوطن وفي مناطق تواجدهم في انحاء المعمورة.
وقد كان الاتحاد ومنذ تأسيسه مؤمنا ونصيرا وداعما لحقوق المرأة ومساواتها الكاملة بالرجل, وقد تجسد ذلك عبر الكثير من الأنشطة والفعاليات التي تبرز دور المرأة ونضالها من أجل حقوقها الكاملة وجسد هذا المبدأ الأساسي عبر الدور المهم والكبير والفرص المتكافئة التي توفرت لزميلاتنا، فلم يكن للاتحاد نشاط أو فعالية إلا وكانت زميلاتنا جزأ أساسيا منه, كما تسلمت مهام ومسؤوليات كبيرة في كافة مجالات عمل وما احتفال الاتحاد السنوي بذكرى المرأة العراقية في عيدها العالمي إلا دليلا على حرصه على حقوقها.
واذ يقف زملاء الاتحاد اليوم على اعتاب مؤتمرهم الثالث عشر فهم ينظرون باعتزاز الى مؤتمرات الاتحاد السابقة كمحطات مضيئة من تاريخ الاتحاد والتي ساهمت في دفع مسيرة الاتحاد وتقوية عزيمته.
وتمر علينا اليوم الذكرى الثالثة والثلاثين لتأسيس الاتحاد الديمقراطي العراقي وشعبنا لازال يعاني صعوبات جمة يتخللها الإرهاب والفساد الإداري والبطالة وعدم الاستقرار وتمزق النسيج الاجتماعي. ونحن اليوم لانزال على مسافة بعيدة من احلال الامن والاستقرار الكامل في وطننا. فبدون حلول سياسية شاملة وكاملة وبدون حكومة ممثِلة لكل شرائح الشعب العراقي، وبدون القضاء على المليشيات والمحاصصة الطائفية والحزبية، والحد من التدخل الاقليمي والاجنبي، وبناء دولة المؤسسات القانونية، وبدون الدفاع عن مكونات الشعب الدينية والقومية الصغيرة التي اصبحت مهددة بالزوال من بلدها الاصلي، فان الاستقرار والامن يبقى املا من الصعب الوصول له. وسوف يستمر الاتحاد الديمقراطي العراقي في مسيرته بالعمل بنفس تلك الروحية التي دافع بها عن الشعب العراقي قبل سقوط النظام الدكتاتوري, وسوف يعمل بتلك الروحية والعزيمة من أجل مساندة الشعب العراقي من أجل عراق ديمقراطي فدرالي متحرر.
ان مسيرة الاتحاد الديمقراطي العراقي عبر 33 عاما من تأسيسه والتي اصر زملاء الاتحاد على استمرارها بدون انقطاع او تلكؤ بالرغم من كل الصعوبات التي مرت على جاليتنا وشعبنا طيلة هذه السنوات وبدون اي تمويل او دعم مالي من اي جهة, تدل على خصوصية الاتحاد وعمل زملائه الدؤوب من اجل سند تطلعات شعبنا العراقي ورفع شأن جاليتنا العزيزة في هذا المهجر الامريكي الصعب. انها بحق مسيرة تستحق وقفة ودراسة وتوثيق.
وفي هذه المسيرة الطويلة لا يسعنا إلا أن نستذكر زملائنا الأعزاء الأوائل الذين غادرونا فلهم الذكر الطيب الدائم، ونحن سنستمر على العمل الدؤوب من اجل ان نرى وطننا وشعبنا ينعم بالأمان والحرية والديمقراطية وجاليتنا بالسعادة والرفاه.
#نبيل_رومايا (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟