سعد محمد حسين
الحوار المتمدن-العدد: 1174 - 2005 / 4 / 21 - 10:59
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
في الوقت الذي شكلت فيه الانتخابات العامة لاختيار اعضاء الجمعية الوطنية العراقية التي جرت نهاية كانون الثاني من هذا العام بداية لمرحلة جديدة من تاريخ العراق السياسي المعاصر ليس كونها اول انتخابات تجرى بعد سقوط نظام صدام الديكتاتوري بل انها دفعت بأكثرية ابناء شعبنا الى الانخراط بالعملية السياسية و وجهت بذلك ضربة كبيرة لقوى الارهاب والديكتاتورية ورهانها على البقاء على سلبية الجماهير واستمرار ترهيبها جراء الاعمال الاجرامية التي تقوم بها تلك القوى, والتي بطبيعتها معادية لابسط حقوق الشعب العراقي. لقد مهدت الانتخابات الطريق لمعرفة واقع الشارع السياسي من جهة ومصداقية البرامج السياسية التي طرحتها الاحزاب واللوائح الانتخابية المشاركة في الانتخابات, ورغم ما سبق تلك الانتخابات بالكثير من الجدل حول توقيتها وشكلها ومستلزمات توفير الشروط السياسية والامنية الفنية لانجازها بشكل يتضمن وضوح الرؤية والمصداقية وان تكون انتخابات حرة ونزيهة ومتكافئة وتحت اشراف دولي واسع ومع اختلاف دوافع القوى والاحزاب التي طالبت تأجيل موعد اجراء الانتخابات وتلك القوى التي رفضت المشاركة فيها بل و دَعَتْ الى مقاطعتها والاسباب والدوافع وراء موقف تلك القوى المعلن. ومع ظهور النتائج النهائية ثمة مؤشرات اولية يمكن استخلاصها وتحديدها من تلك النتائج وهي:
1) لم تعكس الانتخابات التنافس الحقيقي للبرامج السياسية ومايميز بين القوائم والمرشحين بل عكست بوضوح التنوعات القومية والدينية الطائفية وذلك بعد الحصول على اكثرية اصوات الناخبين والذي يمكن تبريره كونه جاء كرد اولي وعفوي على ممارسات نظام صدام المقبور من الشوفينية والطائفية مما عكس ذلك بوضوع على بعض المنظمات الماركسية المتواجدة في اقليم كردستان العراق والتي انظمت الى قائمة التحالف الكردستاني رغم وجود بعض المؤشرات الايجابية لتلك القائمة فيما صوتت غالبية ابناء شعبنا في وسط وجنوب العراق لقائمة الائتلاف العراقي الموحد فيما عمقت هذا التوجه الممارسات الراهنة لقوى الارهاب والديكتاتورية.
2) ضعف وتدني الوعي السياسي بل وتشوهه وعدم نضوجه وتبلوره نحو اسس واتجاهات صحيحة لدى المواطن العراقي بشكل عام للأسباب التي اشرنا اليها آنفا وكذلك القمع المستمر والمنظم لقوى اليسار والقوى الديمقراطية فيما عكس ذلك على تدني اصوات تلك القوى فمثلا لم تحصل قائمة اتحاد الشعب وهي قائمة الحزب الشيوعي العراقي المتحالف مع الشخصية المستقلة حكمت حكيم سوى على مقعدين في الجمعية الوطنية رغم التاريخ النضالي للحركة الشيوعية في العراق, ناهيك عن تشتت اليسار بشكل عام والشيوعيون بشكل خاص وتباين موقفهم من عملية الانتخابات نفسها بين الرفض والتأجيل والاشتراك, كما ظهر ضعف الوعي والتشوه لدى ابناء شعبنا في كردستان حيث صوتوا بنسبة 90% لصالح انفصال اقليم كردستان عن العراق في الاستفتاء الذي اجرته احدى منظمات المجتمع المدني العاملة في هذا الاقليم في الوقت نفسه صوتت نفس النسبة اعلاه لصالح مرشحي قائمة التحالف الكردستاني لانتخابات الجمعية الوطنية العراقية.
3) تشتت وضياع اكثر من مليون صوت ممن صوتوا لقوى واللوائح الانتخابية والتي لم تحصل على مقعد واحد في الجمعية الوطنية والتي بلغ مجموع هذه الاحزاب 99 حزبا فيما كان الاجدر بهذه الاحزاب ان تتوحد بقائمة واحدة وايجاد قواسم مشتركة فيما بينها لغرض تلك الانتخابات.
4) ضعف اداء المفوضية العليا المستقلة للانتخابات وسكوتها على العديد من التجاوزات والخروقات الكبيرة والتي انصبت لصالح القوائم الفائزة بأغلبية اصوات الناخين كما حصل ذلك عندما وضعت قائمة الائتلاف العراقي الموحد بصورة المرجع الديني علي السيستاني على اعلاناتها الانتخابية واعتبار قائمتها هي قائمة المرجع الديني نفسه, ناهيك عن العديد من فتاوى وخطب رجال الدين التي حثت بهذا الاتجاه عدا ما اشيع عن العديد من الممارسات كالضغط والاجبار والتصويت بالنيابة التي رافعت الانتخابات نفسها, كما حدثت الكثير من حالات التزوير والتلاعب لابطال اوراق التصويت وقد ظهر ذلك واضحا في محافظة ذي قار حيث ان مجموع من صوتوا لقائمة الحزب الشيوعي العراقي لمجلس المحافظة قد بلغ اكثر من 18الف صوت فيما تراوحت مجموع الاصوات الممنوحة لقائمة اتحاد الشعب للجمعية الوطنية العراقي قد بلغ كثر من 8 الاف صوت. كما ظهر ضعف اداء المفوضية في المناطق السنية والتي ساعدت قوى الارهاب في تدني المشاركة فيها من جهة وضعف المفوضية من جهة اخرى كما غابت صناديق الاقتراع في سهل نينوى وحرمت بذلك مدن عديدة كالحمدانية وبرطلة وغيرها حيث حرمت بذلك مايقدر باكثر من ربع مليون صوت.
5) غياب التكافؤ وضعف إمكانيات بعض القوى واللوائح الانتخابية في تنافسها مع قوى ولوائح انتخابية اخرى كانت تحظى بدعم حكومي او من دول الجوار فعلى سبيل المثال ان تكلفة ما تبثه الشاشات العربية من الاعلانات الانتخابية لصالح هذه القوى او تلك بلغ ماكلفته الفي دولار للثانية الواحدة, كما يلاحظ التفاوت الواضح في شكل وطبيعة وتكاليف الاعلان.
6- يبقى اصرار الولايات المتحدة الامريكية والدول المتحالفة معها ومع بعض القوى السياسية والاجتماعية العراقية على جعل تمثيل الشعب العراقي لاعتبارات قومية ودينية وطائفية لمنع تبلور قوى حقيقية ومواقف صحيحة تمثل مصالح اجتماعية تتعارض مع اجندة ومصالح تلك الدول والقوى المتحالفة وعلى مستقل مصالحها في العراق من جهة وعلى عدم تأسيس ديمقراطية حقيقية فيه.
7) لاتعكس النتائج المعلنة ثبات الشارع السياسي العراقي حيث ان الاخير مرهون بعوامل ذاتية وموضوعية عديدة قد تؤثر على نتائج الانتخابات المقبلة. ان وحدة قوى اليسار والشيوعيون تحديدا حول برنامج يلبي طموح الجماهير ونضوج وعي هذه الجماهير بمصالحها وتسارع ازمة اللوائح والقوى الفائزة بأغلبية اصوات الناخبين بسبب عدم وضوح برامج هذه القوى وعجزها على تلبية تلك المصالح. وان استقرار الوضع الامني وتوسيع مشاركة الجماهير وتعزيز دورها في العملية السياسية وتوفر هذه الشروط كفيلة بتغيير نتائج الانتخابات المقبلة.
#سعد_محمد_حسين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟