أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - انجي وحيد فخري - العلاقة بين الدين والدولة في فكر جماعة الاخوان المسلمين















المزيد.....



العلاقة بين الدين والدولة في فكر جماعة الاخوان المسلمين


انجي وحيد فخري

الحوار المتمدن-العدد: 4086 - 2013 / 5 / 8 - 16:24
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


جماعة الإخوان المسلمين والعلاقة بين الدين والسياسة وشكل الدولة:
السؤال المحوري الذي طرحته الثورات العربية هو: ما هي طبيعة الدولة الجديدة التي ستشيد على أنقاض مرحلة الاستبدادية العربية، واكتسب هذا التساؤل خطورة وإلحاحا بعدما لاح في الأفق إمكانية وصول حركات الإسلام السياسي إلى السلطة، وطفت الإشكالية على السطح بعد بروز فئات تطالب بإحياء الخلافة ذاهبين إلى القول: إنها مؤسسة دينية وهو خطأ، فالمفهوم الذي استعمل في العصر الراشدي، وهو العصر الذي يتخذه أنصار الخلافة نموذجا يحتذى، هو مفهوم لغوي بحت، ليست له علاقة بمعنى ديني أو سياسي. يقول العرب خلفته أي جئت بعده، و خلفه في قومه خلافة، أي أصبح مسؤولا عنهم، واستخلف أبو بكر عمر، أي جعله خليفة لإدارة شؤون الناس، والدليل أنه ليس له معنى ديني هو رفض عمر أن ينادى به فلما ولي قال للناس : ماذا ستقولون خليفة خليفة رسول الله، وماذا ستقولون لمن سيأتي بعدي، فهذا أمر لا يستقيم، أنتم المؤمنون، و أنا أميركم، فأنا أمير المؤمنين.
لما بدأت مرحلة الاستبدادية والتوريث مع الدولة الأموية في دمشق أعطي للمفهوم معنى ديني، وقال المفتون الجدد المواكبون دائما للركب السلطني: "جاز أن يقال للأئمة خلفاء الله في أرضه"، بل ذهبوا بعيدا فوظفوا النص القرآني خدمة للسلطة، مؤولين قوله تعالى "يا داود إن جعلناك خليفة في الأرض….."، ومن هنا برزت بعد ذلك مقولة "خليفة الله في أرضه"، وهي مقولة لا علاقة لها بالدعوة الإسلامية، فلم يدع أحد من الخلفاء الراشدين أنه خليفة الله في أرضه.
جماعة الاخوان المسلمين هي جماعة إسلامية، أسسها الإمام حسن البنا في مصر فى مارس عام 1928م، وفى فتره تاليه نشأت جماعات تتبنى أفكارها فى اغلب الدول العربية ، وقد جعلت الجماعة شعارها (الله غايتنا، والرسول قدوتنا، والقرآن دستورنا، والجهاد سبيلنا، والموت في سبيل الله اسمي أمانينا). ومرشدوا الجماعة هم : حسن البنا(1928 - 1949)، حسن الهضيبي (1949 - 1973)،عمر التلمساني (1973 - 1986) ، محمد حامد أبو النصر (1986 - 1996)، مصطفي مشهور (1996 - 2002)، مأمون الهضيبي (2002 - 2004) ، محمد مهدي عاكف (يناير 2004 - 16 يناير 2010)، محمد بديع (16 يناير 2010- حتى الان).
فكرة الخلافة والوحدة الاسلاميه هي من الأصول الفكرية لجماعه الإخوان المسلمين دعوتهم إلى الوحدة الاسلاميه او الخلافة، مع ملاحظه ان تصورهم لها هو تصور تدريجي يستند الى مفهوم اقرب ما يكون الى مفهوم الدولة التعاهديه (الكونفدراليه) ( الإخوان المسلمون يجعلون فكرة الخلافة والعمل لإعادتها في رأس مناهجهم ، وإن كان ذلك في نظرهم يحتاج إلى كثير من التمهيدات الضرورية من قبيل التعاون الثقافي والاجتماعي والاقتصادي بين الشعوب الإسلامية ، ثم يلي ذلك تكوين الأحلاف والمعاهدات ، وعقد المجامع والمؤتمرات بين هذه البلاد ، ثم يلي ذلك تكوين عصبة الأمم الإسلامية ، حتى إذا تم ذلك للمسلمين نتج عنها الاجتماع على " الإمام " واسطة العقد ، ومجمع الشمل ، ومهوى الأفئدة ، وظل الله في الأرض)( الموسوعة الاخوانيه)
اما عن الدولة المدنية والدولة الدينية في فكر الجماعة فيشير بيان الإخوان بتاريخ 18 يونيو 1994 إلى أنها ترفض الدولة الدينية بالمفهوم الغربي، وتقبل بدوله مدنيه ذات مرجعيه إسلاميه ( ويرى الإخوان ، إن المخاوف والشكوك التي يثيرها البعض - بقصد أو بغير قصد - حول الحكومة الدينية بالشكل الذي عرفه العالم عن الكنيسة في العصور الوسطي ، ليس لها وجود في الإسلام ولا في فكر الإخوان المسلمين كما أوضحوا ذلك في كثير من كتبهم ورسائلهم . فالحكومة التي تلتزم تطبيق شرع الله تعالي بكماله وشموله هي حكومة مدنية ذات مرجعية إسلامية ، بمعني أن نظامها السياسي يعتمد الشورى الملزمة ، ولا يتحكم فيها رجال دين ، وتقيم العدل وتصون الحريات العامة ، وتقر التعددية السياسية ، وللشعب حق مساءلتها وتعيينها وعزلها).
ونعرض في السطور القادمة لافكار الجماعة من خلال التركيز على اهم الشخصيات المشكلة لفكر الجماعة قديما وحديثا ، فنجد في فكر الدكتور" يوسف قرضاوي"- باعتباره الأب الروحي الحالي لتنظيم الإخوان المسلمين العالمي- رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، يرى " الدولة الإسلامية كما جاء بها الإسلام، وكما عرفها تاريخ المسلمين دولة مدنية تقوم السلطة فيها على البيعة والاختيار والشورى... ومن حق كل مسلم، بل كل مواطن أن يُنكر على رئيس الدولة نفسه إذا رآه اقترف منكراً أو ضيَّع معروفاً... أما الدولة الدينية مرفوضة في الإسلام، تلك الدولة التي عرفها الغرب في العصور الوسطى"، والتي "يحكمها رجال الدين باسم الحق الإلهي".ويضيف انه "ليس في الإسلام رجال دين، وإنما فيه علماء دين وليس لهم سلطان على ضمائر الناس" . هدا الرفض من الشيخ القرضاوي للدولة الدينية في الإسلام يدفعه لبسط رؤية اخوانية لهوية الدولة المفترضة، فهي "دولة مدنية تقوم السلطة بها على البيعة والاختيار والشورى والحاكم فيها وكيل عن الأمة أو أجير لها" ليضيف بأنه"على الشعب أن يعلن الثورة عليه-الحاكم- اذا رأى كفرا بواحا عنده من الله برهان".
هذا الموقف ينم عن نظرة لموضوعة الدين والدولة ترى أن مشروعية الدولة وانتظامها يعودان إلى مرجعية شرعية وأخرى تاريخية، بمعنى أنّ النص والسير البشري هما العاملان المفضيان إلى تحديد الموقف من الدولة وشكلها ودورها. وهذا ما يسمح بالمؤالفة بين القيم الشرعية والقيم الوضعية، وإعطاء الدولة طابع المدنية، بما هي في مقابل الدولة الدينية، أو دولة الاستبداد الديني... وخاصة أنّ محاسبة الحاكم وشورى الحكم وحرية التغيير وتغيير السلطان كلها مؤشرات إلى نزع البعد القدسي في الدولة، وهذا ما عبّر عنه الشيخ القرضاوي بالمدنية.
وفي البيان الصحفي للجماعة حول الثورة الشعبية في 9 فبراير 2011 جاءت مقومات للدولة المدنية وهي أن الشعب "صاحب السلطات وصاحب السيادة "، كما أن "الدولة تقوم على أساس مدني وعلى دستور بشري أي كان مصدره وعلى احترام القانون وعلى المساواة وحرية الاعتقاد".
وهي بذلك على عكس الجماعة الإسلامية التي ترفض مصطلح الدولة المدنية من أصله، وتعتبره غير موجود في الإسلام. غير أنها تؤكد– للتخفيف من حدة الانتقادات الموجهة لهدا التيار وإلصاق نعت الدولة الدينية بتصوره ونهجه - على أن الدولة وان كانت لها مؤسسات يتولى إدارتها الأكفأ من أهل العلم بها وان الشريعة الإسلامية هي المرجعية التي تدار بها مؤسسات الدولة فان "الدولة المدنية- بهكذا شكل- تكون اصطلاحا مقبولا إسلاميا". الشيخ أسامة حافظ في مقال بعنوان " الإسلام والدولة المدنية".
ولو تصفحنا عددا من كتب ومراجع الإخوان فإننا سنجد خطين متوازيين في الفكر الإخواني بقيا يمارسان تأثيراً على فكر حركة الإخوان عالمياً، الأول رسائل حسن البنا، والثاني فكر سيد قطب.
اما عن حسن البنا فأهم ما في رسائله هو إعطاء دعوته صفة الشمولية تبعاً لطبيعة الدين الذي تنتمي إليه، فالإسلام دين ودولة، وسيف وقرآن. والوطنية حدودها أرض الإسلام والقومية تحدها تعاليم الإسلام.فالبنا يقول في رسالة المؤتمر الخامس للإخوان: "نحن نعتقد أن أحكام الإسلام وتعاليمه شاملة تنتظم شؤون الناس في الدنيا والآخرة... فالإسلام عقيدة وعبادة, ووطن وجنسية, ودين ودولة, وروحانية وعمل, ومصحف وسيف".
فقد قدم البنا في تعاليمه ورسائله الأسس النظرية والعملية لإقامة النظام السياسي والدولة في الإسلام وسبل تحقيقها. وهذا ما جعل مشروع البنا هو المعتمد للصحوة الإسلامية حتى في الأوساط غير المنتمية للإخوان المسلمين، فلم يقتصر في مشروعه على الجانب الروحي أو التربوي والاجتماعي كما فعل مشروع الإمام محمد عبده، أو على الجانب السياسي "الثوري ـ الحركي" كما فعل جمال الدين الأفغاني في أواخر القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين، بل جمع ما بين هذا وذاك، مضيفاً إليها الكثير مما قام بتحصيله عبر سنوات الدراسة والعمل السياسي والدعوي الطويلة.
عند مراجعة مجمل التراث الذي تركه الإمام البنا فإنه من الملاحظ أن مسألةَ إقامة الدولة والحكومة الإسلاميتَيْن كانت هي المحور الذي دَارت حوله أفكار وتفاعلات المشروع الإخواني. ولذلك وعند مراجعة ثوابت فكر ومشروع الإمام البنا يمكننا رصد بعض ملامح منه تتعلق بأولويات الأهداف والغايات التي وضعها في هذا التوقيت من حياة الأمة الإسلامية، وكان على رأسها تدعيم فكرة الرابطة الإسلامية، واستنقاذ أرض المسلمين من براثن الاستعمار؛ تمهيداً لإقامة دولة الخلافة الإسلامية، وكذلك التمسك بالأسس التنظيمية للحكومة كما جاء في الشريعة الإسلامية.
وقد حدد الإمام البنا الأسس اللازمة لإقامة الدولة الإسلامية المعاصرة، مستفيداً من الرؤية القرآنية:
1- العبادات المختلفة: الصلاة والذكر والتوبة والصيام والزكاة.. إلخ.
2- الأخلاقيات العامة: مثل العفة والتحذير من الترف والأمر بالمعروف وبذل النصيحة والنهي عن المنكر ومقاطعة مواطنه وفاعليه وحسن المعاملة وكمال التخلق بالأخلاق الفاضلة.
3- التكافل: الإنفاق في سبيل الله والصدقة؛ وصولاً إلى مستوى التضامن الاجتماعي بين الحاكم والمحكوم بالرعاية والطاعة معاً.
4- بناء شخصية المسلم: عبر الكسب والعمل وتحريم السؤال، والتزود بالعلم والمعرفة لكل مسلم ومسلمة في فنون الحياة المختلفة، كل فيما يليق به، والحرص على سلامة البدن والمحافظة على الحواسّ، وكذلك الحج والسياحة والرحلة، واكتساب المعرفة عبر النظر في ملكوت الله.
5- الجهاد وحماية حدود ومصالح الدولة: كفريضة توجب القتال في سبيل الله، وتجهيز المقاتلين، ورعاية أهليهم ومصالحهم من بعدهم.
ويحرص الإسلاميون من أنصار الإمام البنا وتراث الإخوان المسلمين على التشديد على الفواصل والتمايزات بين مفهوم الدولة الإسلامية ومفهوم الدولة الدينية، فالثانية غريبة عن تعاليم الإسلام وتجربته السياسية، ويمثل الإمام حسن البنا تياراً قوياً يناضل في مواجهة الفصل بين الدين والدولة (العلمنة) ويدعو إلى الربط بينهما.
اما فكر سيد قطب فمن المؤكد أن منطلقات سيد في التعبير عن قضيته تتلاقى مع فكر حسن البنا، لأن موضوع فكره بالأساس يدور حول وجوب تحكيم شرع الله، ولكن وجه الاختلاف أن حسن البنا كرس نفسه للتنظيم وللإصلاح وأعطاهما الأولوية، أما سيد قطب فقد أعطى الفكر والاعتقاد السياسي الأولوية، فكرس نفسه للتمييز بين الكفر والإيمان في علاقة الحكم والحاكم بالمحكومين، علاقة النظام الكافر، والمجتمع المحكوم الراضي بهذا الحكم والآثار المترتبة على ذلك.
فسيد قطب قسم المجتمعات تقسيماً ثنائياً، مجتمع إسلامي وآخر جاهلي، المجتمع الإسلامي: هو الذي يطبَّق فيه الإسلام عقيدة وعبادة، شريعة ونظامًا، وخلقًا وسلوكًا. والمجتمع الجاهلي: هو المجتمع الذي لا يطبق فيه الإسلام، ولا تحكمه تصوراته وقيمه وموازينه، ونظامه وشرائعه، وخلقه وسلوكه. ليس المجتمع الإسلامي هو الذي يضم ناسًا ممن يسمون أنفسهم "مسلمين"، بينما شريعة الإسلام ليست هي قانون هذا المجتمع، وإن صلى وصام وحج البيت الحرام، ومن ثم فالجاهلية التي أصابت المجتمعات الإسلامية -بل البشرية كافة- والتحرر منها والانعتاق من أسرها بتطبيق (الحاكمية).
وتبنت هذا الفكر مع تداعياته ومآلاته جماعات إسلامية، فكفرت المجتمع المسلم في الدول الخاضعة لغير حكم الله ولم يحرك ساكناً، واتهمته بأنه مجتمع جاهلي، بينما اكتفى قسم بتكفير النظام وأجهزته وأجازوا إباحة دماء من ينتمي لهذا النظام، وترتب على ذلك موجات عنف أصابت بعض الدول العربية ولا سيما مصر.
ولهذا الأمر قام حسن الهضيبي المرشد الثاني بعد حسن البنا -أثناء فترة سجنه عام 1969- بإجراء مراجعة لفكر الإخوان الذي ظهر خلال فترة الصدام مع النظام الناصري وعلى وجه التحديد ما ارتبط منه باجتهادات سيد قطب، فأكد في المراجعة على فكر الجماعة كما استقر به الأمر إبان حياة المؤسس حسن البنا، ووفقاً للأصول العشرين، وهو عدم تكفير أي من المسلمين، وأن واجب الدعاة هو الدعوة إلى الله فقط أما الحكم بالكفر من غيره فليس إليهم، وذلك في كتاب (دعاة لا قضاة)، والمشهور أن الكتاب أعده الهضيبي بنفسه فيما ينسبه بعض قياديي الإخوان إلى لجنة أعدت لهذا الغرض.
والإخوان المسلمون يجعلون فكرة الخلافة والعمل لإعادتها في رأس مناهجهم، وهم مع هذا يعتقدون أن الأمر يحتاج إلى كثير من التمهيدات التي لا بد منها، وأن الخطوة المباشرة لإعادة الخلافة لا بد أن تسبقها خطوات. فلا بد من تعاون عام ثقافي واجتماعي واقتصادي بين الشعوب الإسلامية كلها، يلي ذلك تكوين الأحلاف والمعاهدات وعقد المجامع والمؤتمرات بين هذه البلاد. ثم يلي ذلك تكوين عصبة الأمم الإسلامية، حتى إذا تم ذلك للمسلمين نتج عنه الاجتماع على "الإمام" الذي هو واسطة العقد. ودعاة العلمانية يعتبرونها أساس الدولة الحديثة التي يجب أن تقوم على مبدأ فَصلَ الدين عن الدولة. هم لا يقولون للناس صراحة: "كفوا عن الإيمان بالله... بل إن الدين مكانه خاص ولا علاقة له بتدبير شؤون الحياة... أنْ تؤمن أو لا تؤمن شأنك الخاص... لكن الحيز العام لا يحكمه الدين... الدين ينظم علاقة الإنسان بالله... لكن علاقة الإنسان بالدولة يحكمها القانون.. والقانون يجب أن يكون علمانياً كي تستطيع الدولة أن تتعامل مع مواطنيها بحياد، أياً كان هذا المواطن: مسلماً، ملحداً، سنياً، صوفياً، شيعياً، مسيحياً، يهودياً، رجلاً، امرأة... فالمواطنة هي المحك لا الدين الذي لا يصح أن نقحمه في تنظيم حياتنا السياسية والقانونية والاجتماعية وهم يعتبرون العلمانية الجوهر الذي لا يمكن الاستغناء عنه لبناء دولة مدنية حديثة.
وعن ضوابط التداول السلمي للسلطة والموقف من الليبرالية فإذا كانت جماعه الإخوان المسلمين قد التزمت بالتداول السلمي للسلطة كأسلوب للتغيير استنادا إلى موقف فقهي قائم على أباحه الإسلام للتعددية السياسية بشرط عدم مخالفه أو عدم الاتفاق على مخالفه القواعد الأصول ، وباعتبار أنها شكل من أشكال التعددية التي اقرها الإسلام ويؤكدها التاريخ الإسلامي، فانه يجب أضافه جمله من الضوابط لهذا الأسلوب فى التغيير لضمان عدم انحرافه عن أهدافه ، ومنها:
أولا: ان تجعل الأحزاب الاسلاميه التي ارتضت للتداول السلمي للسلطة الدين هو الأصل - والسياسة هي الفرع ، اى ان الدين للسياسة بمثابة الكل للجزء يجده فيكمله ولكن لا يلغيه ،ولا تجعل الغاية هي السلطة والوسيلة هي الدين.
ثانيا: انه يجب تقرير أن النشاط السياسي للأحزاب الاسلاميه ليس صراع ديني بين مسلمين وكفار بل صراع سياسي يدور فى إطار الاجتهاد في وضع حلول للمشاكل التي يطرحها الواقع.هذا التقرير مبنى على تقرير أهل السنة أن الامامه( السلطة) من فروع الدين لا أصوله( بخلاف الشيعة الذين قرروا أن الامامه من أصول الدين وبخلاف الخوارج الذين كفروا مخالفيهم). كما هو مبنى على عدم نفى القران صفه الأيمان عن الطوائف المتصارعة" وان طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فان بغت أحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلي أمر الله". كما هو مبنى على أن الصحابة اختلفوا في مسالة السلطة إلي حد القتال(على بن أبى طالب ومعاوية- على وعائشة... رضي الله عنهم) دون أن يكفر احدهم الأخر.
ثالثا: ضرورة منع تحول الأحزاب الاسلاميه التي ارتضت بالتداول السلمي للسلطة، إلى أحزاب ذات شكل ليبرالي ،والتي هي المعادل السياسي للنظام الرأسمالي القائم على المنافسة الحرة من اجل الربح،فيصبح نشاطها السياسي شكل من أشكال التجارة بالدين.
رابعا: تخليص الديمقراطية من حيث هي نظام فني لضمان سلطة الشعب ضد استبداد الحكام من الليبرالية (أي من العلمانية والرأسمالية والفردية..) وذلك بالديمقراطية ذاتها لا بإلغاء الديمقراطية. وهذا الموقف نجد له سندا من دستور المدينة الذي اقر الحريات الدينية والسياسية لغير المسلمين( اليهود).
ويمكن اجمال مرتكزات الجماعة لبناء الدولة بعرض ما جاء بمقالة "عصام العريان" – احدى قيادي الجماعة- في مقال له عام 2007 وهي كالتالي:
أ- دولة تعاقدية دستورية: تقوم على الاختيار الحر المعبر عن إرادة الأمة.. والإمامة عقد بين الحاكم والأمة ممثلة بأهل الاختيار (الحل والعقد). والأمة مشرفة ومراقبة للعقد تملك مساءلته ومحاسبته، وتملك الحق في خلعه إذا لم يوف بشروط العقد، وينظم ذلك دستور مكتوب وأعراف دستورية مستقرة تحدد مسئولية الحاكم وطريقة محاسبته، كما تحدد سلطات الدولة والعلاقة فيما بينها الذي يحقق التوازن والتكامل، كما يحمى حقوق المواطنين والحريات العامة.
ويستشهدوا في هذا الامر بوثيقة المدينة منح الرسول صلى الله عليه وسلم اليهود أسس الحقوق المدنية والسياسة في إطار الاعتراف بالتعددية الدينية في الدولة الإسلامية، جاء في هذه الوثيقة: ".. وإنه من تبعنا من يهود، فإن له النصر والأسوة غير مظلومين ولا متناصر عليهم، وأن اليهود ينفقون مع المؤمنين ما داموا محاربين، وإن يهود بني عوف أمة مع المؤمنين، لليهود دينهم، وللمسلمين دينهم، مواليهم وأنفسهم إلا من ظلم وأثم فإنه لا يوتغ (أي لا يهلك) إلا نفسه وأهل بيته". ثم تعدد الوثيقة بطون يهود بطنا بطنا وتعطيهم من الحقوق ما أعطت يهود بني عوف. لقد كانت هذه (الصحيفة) الوثيقة أولى الوثائق السياسية في تاريخ الدولة الإسلامية، التي أسست للاعتراف بالتعددية الدينية في إطار المرجعية الإسلامية، وانطلقت هذه الحقيقة مع الدولة الإسلامية أمثولة حضارية في التاريخ الإنساني.
ب- دولة مواطنة: المواطن هو الفرد الذي ينتمي إلى كيان سياسي (دولة)، والانتماء الوطني لا يتعارض مع الانتماء القومي أو الديني، ومصطلح مواطن تشمل كل إنسان ينتمي إلى الوطن، دون تمييز بسبب العرق أو الجنس أو اللون والدولة الإسلامية تضم المواطنين على اختلاف عقائدهم الدينية شريطة أن ينتموا إلى هذا الوطن، وعنوان الانتماء هو وثيقة الجنسية الوطنية. وهى تضم كذلك العربي، وغير العربي شريطة أنه ينتمي إلى هذا الوطن، وقد كانت وثيقة المدينة خير مثال على أن الدولة المسلمة دولة مواطنة، فاليهود والمسلمون (المهاجرون والأنصار) والمشركون مواطنون متساوون في الحقوق والواجبات. والجماعة ترى أن الآية الكريمة: {والذين استجابوا لربهم وأقاموا الصلاة وأمرهم شورى بينهم ومما رزقناهم ينفقون}.. هذه الآية تتضمن أن الأمة هي مصدر السلطات فهي التي تولي من تثق بدينه وأمانته وخبرته وعلمه ومواهبه وكفاءته ليقوم على أمر من أمورها،... وأن رئاسة الدولة لا تؤخذ غصبا وبحد السيف بل بالاختيار الصحيح، وأن الأمة الإسلامية تدين بالعبودية لله وحده، وتقدس أحكام القرآن الكريم والسنة المطهرة وتؤمن بأن الناس لا يملكون الحكم إلا بما أنزل الله -تعالى- بمقتضى شريعة الإسلام، ومن ثم فهي لا تملك أن تفوض من أجازته ليلي أمرا من أمورها إلا بما قرره الشرع الحنيف وأن يسوسها على مقتضى أحكام الدين.
ويضيف العريان إننا -مع التسليم بأن أحكام القرآن الكريم والسنة المطهرة هما الدستور الأسمى- ولا يعتد ولا يقبل ما خالف أيهما- فإن الأمة لابد أن يكون لها دستور مكتوب تقوم نصوصه على مبادئ الشريعة الإسلامية الغراء، وتحقق مراميها وغايتها وقواعدها الكلية، وأن الدستور يجب أن يضمن توازنا بين اختصاصات مختلف المؤسسات التي تدير شئون الدولة، حتى لا يطغى بعضها على بعض أو يستبد أحدها بالأمر.
جـ - دولة برلمانية: ففي بيعة العقبة الثانية طلب الرسول صلى الله عليه وسلم أن يخرجوا له نقباءهم (ممثليهم) وقد أخرجوا اثني عشر نقيبا كانوا كفلاء على قومهم.
وأهل الحل والعقد، أو أهل الاختيار، هم الذين يمثلون في النظم الدستورية الحديثة السلطة البرلمانية.وهذه السلطة البرلمانية واجبها هو صياغة وسن القوانين طبقا للمرجعية الدستورية الشرعية، والرقابة على السلطة التنفيذية
ومحاسبتها، وكذلك إقرار الخطط والسياسة العامة للدولة بجانب الرقابة المالية على الحكومة.
د- دولة تعددية: في المدينة المنورة ومع أول يوم لقيام الدولة الإسلامية ذات السيادة، كانت تؤمن بالتعدد، وقد ظهر ذلك في وجود غير المسلمين فيها وتمتعهم بكافة الحقوق والواجبات، كما ظهر في اختلاف الآراء بين الصحابة رضوان الله عليهم في مختلف المواقف في السلم والحرب.والله عز وجل أقر التعايش بين المسلم وغير المسلم، حسم هذا الأمر بقوله تعالى: {لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين}.
وتؤكد الجماعة على أنها تؤمن بتعدد الأحزاب دون الإخلال بثوابت الأمة، وأنه لا حاجة لأن تضع السلطة قيودا من جانبها على تكوينها ونشاطها، وإنما تكون ثمة جهة قضائية مستقلة هي التي يجري التحاكم إليها إذا لزم الأمر.وتؤمن الجماعة أن مصلحة الأمة وأمنها واستقرارها يكمن في حرية العمل العلني للأحزاب والجماعات، وهذا لن يتم إلا بإقرار الحريات العامة، وإشاعة ثقافة الحوار في المجتمع ثقافة الإقصاء وثقافة التعايش ثقافة الاستئصال.
هـ- دولة تداولية: من التداول اشتق العرب كلمة (دولة)، والتعددية السياسية تؤدي إلى التداولية، وهي المقابل لحالة (الملك العضوض) الذي جاء بولاية العهد.. بدلا من اختيار الأمة بواسطة الاقتراع الحر والنزيه، وهي المقابل الموضوعي لحاكم مدى الحياة نجح أو أخفق.. "إن أحسنت فأعينوني، وإن أسأت فقوموني، أطيعوني ما أطعت الله فيكم، فإن عصيته فلا طاعة لي عليكم". والتداولية هي تداول بين القوى والأحزاب السياسية بمناهجها واجتهاداتها.
و- دولة مؤسسات: يتم العمل فيها بروح وجهد الفريق، ويتولى أصحاب الاختصاص مهامهم في كل ميدان، وفي إطار المؤسساتية يتحول الجيش إلى جيش وطني (غير فئوي) يحمي الوطن (كل الوطن)، وتتحول المؤسسة الأمنية إلى مؤسسة تحمي حرية المواطن، وفي إطار المؤسساتية ستجد العقول المهاجرة مكانها في سياق وطني عام منتج.ودولة المؤسسات تقوم على الشورى؛ ضد الدولة الفردية، التي تقوم على الأهواء والمصالح الشخصية والعشائرية.الشورى في المفهوم الإسلامي ليست مجرد مبدأ سياسي يحكم أشكال العلاقات السياسية فحسب.. بل هي نمط سلوك تعبدي ومنهج عام لإدارة مختلف جوانب الحياة في الدولة.. بالإضافة إلى كونه قيمة إيمانية وخلقية توجه سلوك الأفراد وعلاقاتهم الاجتماعية، يتربى عليها الفرد والمجتمع والحكام لتصبح جزءا من مكونات الشخصية المؤمنة وأحد مقوماتها، ويصطبغ بها كل المواطنين.
ويرتبط بذلك مفهوم الشورى التي تعني إرساء مبدأ تداول السلطة وحق الشعب في تقرير شئونه واختيار نوابه وحكامه ومراقبتهم ومحاسبتهم وضمان التزامهم في ما يصدرونه من قرارات ويحدثون من أوضاع لتحقيق مصلحة المجتمع، آخذا برأي الشعب مباشرة أو عن طريق نوابه، حتى لا يستبد بالأمر فرد أو ينفرد به حزب أو تستأثر به فئة، وهى إلى جانب ذلك تحدد القواعد الأساسية التي يقوم عليها نظام الحكم ودستور الدولة.
ز- دولة القانون: يتقدم فيها أمن المجتمع على أمن الحاكم.. ويحترم فيها الدستور من قبل الحاكم والمحكوم.. يستمد النظام القانوني في الدولة الإسلامية من القرآن والسنة كقانون أعلى تجذر في المجتمع واستقر في وجدانه فصار فيه الأساس الوحيد للشرعية، والمقياس المعتبر للمشروعية الصادرة عنه، ومن خلال هذه الحقيقة يتحدد المعنى الحقيقي لمبدأ سيادة القانون، فالقانون كأداة اجتهادية للضبط الاجتماعي لا يكون له القبول والاحترام إلا بقدر اتساق أحكامه الجزئية مع مبادئ وقواعد القانون الأعلى في المجتمع؛ فيتسق وينسجم مع ما ترسخ في ضمير الأمة ووجدانها من مبادئ وقواعد وقيم، فيمتلك بالتالي أهلية السيادة ووجوبها عند التطبيق، بحيث يخضع له وينزل عند حكمه جميع الأفراد بصرف النظر عن المكانة التي يحتلونها اجتماعيا أو المركز الوظيفي الذي يشغلونه سياسيا أو إداريا، كما تخضع له سلطات الدولة بمختلف مستوياتها، وكذا الأعمال الصادرة عن مؤسساتها وأجهزتها، فتتحقق بالتالي دولة النظام والقانون.إن مبدأ سيادة القانون هدف أساس نسعى لتحقيقه وترسيخه ونعمل على تحقيق جملة من المهام تتضمن تعزيز هذا المبدأ وتجسيده في الواقع العملي من أهمها:
- ضمان صدور التشريعات كافة وفقا لأحكام الشريعة الإسلامية لتحقيق مقاصدها العامة حتى يكون كل فرد في المجتمع حريصا على تطبيق القانون حارسا له.
- بسط سلطان القضاء وضمان استقلاله.
- ضمان خضوع سلطات الدولة للقانون وانضباطها به واحتكامها إليه، واعتبار كل تصرف يصدر من السلطات العامة مخالفا للدستور والقانون باطلا يستوجب المساءلة.ويقوم المجلس التشريعي "البرلمان" في هذه الدولة بسن القوانين وصياغتها مستعينا بالخبراء والمتخصصين في كل مجال بجانب مهامه الأخرى في الرقابة على السلطة التنفيذية وإقرار خطط الدولة وسياستها العامة، وهو وحده صاحب الحق في سن القوانين؛ حيث يلتزم في ذلك بعدم مخالفة الدستور، لا نصا ولا روحا، وتقوم المحكمة الدستورية العليا بمراقبة مدى التزام هذه القوانين وتوافقها مع الدستور الذي ينص على أن مبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع، وأن دين الدولة الرسمي هو الإسلام، وهذا هو التطبيق العملي لسيادة القانون لأن التشريع هو لله ابتداء وللمجلس التشريعي أو الأمة ابتناءً.
ومن هنا تضمن الأمة صدور القوانين التي تنظم حياتها على أساس الإسلام وليس لأحد سلطة فوق سلطة المجلس التشريعي إلا سلطة المحكمة الدستورية العليا، وليس لأحد رقابة على المجلس التشريعي إلا الأمة التي انتخبت أعضاءه، ومن حقها تغييرهم إذا خالفوا قواعد التوكيل الذي أعطتهم لهم الأمة.هذه أهم صفات الدولة الإسلامية في مشروعنا، وهي دولة مدنية، تقوم على التعاقدية، والمواطنة، والبرلمانية، والتعددية، والتداولية، ودولة مؤسسات وقانون.
ومن مقالة عصام العريان نستطيع التوصل الي ان جماعة الإخوان المسلمين ترى أن الأمة هي مصدر السلطات - في إطار شرع الله وضوابطه - وأن الشعب هو الذي له الحق أن يولى باختياره الصحيح من يرتضى دينه وأمانته وعلمه وكفاءته ليقوم على ما يحدده له من أمور الدولة ، كما ان الجماعة ترى ان رئيس الدولة ما هو إلا وكيل عن الشعب وتؤمن بتعدد الأحزاب في المجتمع الإسلامي ، وأنه لا حاجة لأن تضع السلطة قيودا من جانبها على تكوين ونشاط الجماعات والأحزاب السياسية ، وإنما يترك لكل فئة ان تعلن ما تدعو إليه وتوضح منهجها مادامت الشريعة الإسلامية هي الدستور الأسمى وهى القانون الذي يطبقه القضاء المستقل المحصن بعيدا عن أي سلطة أو جهة - والمؤهل فكريا وعلميا وثقافيا. وعلى هذا الأساس فان الجماعة ترى أن قبول تعدد الأحزاب في المجتمع الإسلامي على النحو السالف يتضمن قبول تداول السلطة بين الجماعات والأحزاب السياسية وذلك عن طريق انتخابات دورية.
الخاتمة:
ينطلق الخطاب الإسلامي في مساجلته مع العلمانية من اعتبار العلمانية فلسفة خاصة بالغرب معبرة عن خصائص تجربته التاريخية والدينية، وأنها لذلك السبب غير قابلة للاستدعاء أو التوظيف في البلاد الإسلامية وأن النظم القائمة على أساسها غير قابلة للانطباق على واقع الاجتماع السياسي في البلاد الإسلامية، والبديل هو تطبيق الشريعة الإسلامية في مجالات الحياة والحكم والتي تصلح لكل زمان ومكان.
ولكن الاشكالية التي تقع بها الجماعات الاسلامية في تفسير العلاقة بين الدين والدولة تتلخص فيما اوضحه د. حامد ربيع في "الشريعة" التي تسبب المفارقة بين المثل الدينية والنهج الواقع فالخصائص المميزة للشريعة القانونية في التقاليد الاسلامية هي شريعة متعددة تعبر عن ذلك بتعدد المذاهب الاربعة على الاقل، وهي شريعة مؤقتة حيث ان آراء الفقيه قابلة لان تخضع لاجتهاد جديد، ثم هي شرعية تابعة لانها تستمد وجودها من النصوص المنزلة، ولكن الشريعة مع انها كانت اصلا اداة تقدمية لتعزيز الاسلام، فانها فقدت حيويتها تباعا، وآلت الى ناموس جامد قديم، وذلك لعجز "العلماء" عن تجديد القانون الديني وتكييفه مع الواقع، وان الفكر السياسي الاسلامي، مع وجود انفصال تنظيمي فعلي بين الدين والدولة، واصل الادعاء بوجود التحام تام بين المهمتين الدينية والسياسية يقوم بأدائها جهاز وحدوي.
وفي نطاق الحوار بين انصار الدولة الدينية والدولة المدنية ظهر شعار الاسلام الديمقراطي, وهذا شعار غير واقعي لان الدين منزل والديمقراطية فكر وممارسة من وضع البشر, وهي خاضعة للتعديل حسب متطلبات المجتمع والتطور الحضاري والاقتصادي لكل الامة. وقد حصلت مخاطر جمة بسبب استغلال شعارات الديمقراطية من قبل الجماعات الدينية للاستحواذ على السلطة, مثلما حصل في العراق اثناء الانتخابات العامة التي جرت عام 2005 , حيث اجبر الناخب على التصويت لقوائم محددة بغض النظر عما تحتويه من اسماء , لانها تفتح الطريق الى الجنة, وخدمة ال البيت وطاعتهم , ومن يخالف ذلك فهو يدخل النار ويصبح طلاق زوجته شرعا . وبذلك تكون الانتخابات قد تحولت الى مجرد طقوس عبادة تحمل خيارا بين الكفر والايمان, وهنا تتجسد مسألة المزج بين الدين والسياسة لتحقيق هدف منشود وهو القفز الى السلطة على اكتاف المغفلين.
ومن ثم فتثبت في العقل البشري (العلماني) ان الدولة الدينية كانت اداة للقمع والاكراه عبر العصور وقد اخفقت في الحفاظ على المبادئ الاسلامية، واولئك الذين يطمحون في احيائها انما هم المتعصبون المضللون الذين يرغبون في التنازل عن حرية الفكر والمعتقد، التي احرزت بتقديم الكثير من التضحيات.
ويمكن عرض اخطاء الجماعات الاسلامية التي تنفر من قبول فكرة الدولة الاسلامية من جانب العلمانيين فيما يلي:
1- رفض الدولة الدينية فيه خلط بين أن تكون الدولة هي نتاج الدين، أو أن تكون الدولة هي الناتج الإنساني الذي يستند في قيمه الأساسية الى الدين. وهناك فارق بين الأمرين، ففي الحالة الأولى قد نستطيع سلخ الدولة عن الدين بشكل طبيعي، أما في الحالة الثانية فإنّ إبعاد الدين عن الدولة هو إبعاد للدولة عن أهم ركائزها الإنسانية.
2- الإفراط في التعصب الذي يمكن أن نلمسه في بعض الانتماءات الدينية، أو المجتمعية يتعارض مع وسعة الخير والمنفعة والصلاح الذي يمكن أن تقدّمه الدولة. لذا، لا يمكننا الحديث عن دولة حديثة على أصول من عصبيات الانتماء، وإن كانت الانتماءات الطبيعية أو الأهلية مؤهّلة للتوحّد في إرادة المصلحة العامّة التي تمثلها الدولة الحديثة.
3- الدولة الحديثة هي حقيقة موضوعية مستجدة، وهي وإن عبّرت عن نتائج لتراكمات عهود النهضة والتنوير والحداثة، إلا أنها تبقى موضوعاً قابلاً لأخذ الحكم بحقه، على المستوى الديني، إما بالتبنّي، أو التعديل، أو التوفيق، أو الرفض. تحت قاعدة «ما من واقعة إلا ولله فيها حكم».
4- ثنائية الغيبي والزمني لا تصح في حق الدولة، وخاصة منها الإسلامية، إذ الزمني درب التوجّه نحو الغيب، وما ظهور الغيب إلا بوسيط الزمانيات التي لها أحكامها الخاصة السائرة نحو التصالح أو التضاد مع أحكام الغيب دون الغيب نفسه.
بينما يرى فهمي هويدي أن استحالة إقامة الدولة الدينية مع استمرار هجائها والتنفير منها، وكيل المدائح للدولة المدنية، لا يمكن تفسيره إلا بأن المراد به التنفير والتخويف مما هو منسوب إلى الدين، خصوصا في ظل الصعود الإعلامي للتيارات الإسلامية في المجتمع المصري بعد ثورة 25 يناير. وإذا صح ذلك فإن الجدل الراهن حول الدولتين يصبح في حقيقته جزءا من التعبئة التي تمهد للحملة الانتخابية المقبلة، في شهر سبتمبر.
قائمة المراجع
أولا: الكتب:
1. حامد عبد الله ربيع، مدخل في دراسة التراث السياسي الاسلامي، القاهرة: مكتبة الشروق الدولية ، 2007.
2. كمال اليازجي، الدين والدولة في المملكة العربية السعودية، المملكة العربية السعودية: دار الساقي، 1987 .
ثانيا: مواقع شبكة الانترنت
1. شفيق جرادي ، الدولة المدنيّة والدولة العلمانيّة: دراسة في المفاهيم، موقع جريدة الاخبار، http://www.al-akhbar.com/node/11812
2. فهمي هويدي، الدولة الديمقراطية قبل المدنية أو الدينية، 19-4-2011، http://www.aljazeera.net/pointofview/pages/f2e4ae2d-3637-43f4-98e5-cd749eeaad9a
3. الحبيب الجنحاني ، الـدولـة الـديـنـيـّة والـدولـة الـمـدنـيّـة، 28/9/ 2011، http://www.alawan.org/%D8%A7%D9%84%D9%80%D8%AF%D9%88%D9%84%D9%80%D8%A9.html
4. صبري محمد خليل، جماعه الإخوان المسلمون: قراءه منهجيه لأصولها الفكرية، 5 يونيو 2012، http://www.sudanile.com/2008-05-19-17-39-36/252-2009-09-06-09-34-16/40882-2012-06-05-07-34-42.html
5. عبد الرحيم بندغة ، الإسلاميون... بين الدولة الدينية والدولة المدنية حالة مصر، http://www.hibapress.com/details-30470.html
6. بيان صحفي من الإخوان المسلمين في اليوم السادس عشر من الثورة الشعبية المباركة، 9-2-2011 ، موقع جماعة الاخوان المسلمين، http://www.ikhwanonline.com/Article.aspx?artid=78899&secid=212
7. شفيق شقير، منهج حركة الإخوان المسلمين ورؤاها الفكرية، 3-10-2004، موقع الجزيرة نت ، http://www.aljazeera.net/specialfiles/pages/32ba5d85-bb46-4035-b2b6-54d47c3b288c
8. عصام العريان ، الاخوان المسلمون ومفهوم الدولة ، 8 نوفمبر 2007، http://marebpress.net/articles.php?id=2789
9. صبري محمد خليل، جماعه الإخوان المسلمون: قراءه منهجيه لأصولها الفكرية، 5 يونيو 2012، http://www.sudanile.com/2008-05-19-17-39-36/252-2009-09-06-09-34-16/40882-2012-06-05-07-34-42.html
10. الدين والدولة في فكر الإمام الشهيد حسن البنا، 11-05-2011، http://www.hassanelbana.com/news.php?action=view&id=280
11. طلال احمد سعيد ، الدولة الدينية والدولة المدنية، الحوار المتمدن-العدد: 2231 - 2008 / 3 / 25 ، http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=129229



#انجي_وحيد_فخري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السياسة الخارجية في الخطاب السياسي لرئيس الجمهورية محمد مرسي


المزيد.....




- -لا يتبع قوانين السجن ويحاول التلاعب بالشهود-.. إليكم ما نعر ...
- نظام روما: حين سعى العالم لمحكمة دولية تُحاسب مجرمي الحروب
- لأول مرة منذ 13 عامًا.. قبرص تحقق قفزة تاريخية في التصنيف ا ...
- أمطار غزيرة تضرب شمال كاليفورنيا مسببة فيضانات وانزلاقات أرض ...
- عملية مركّبة للقسام في رفح والاحتلال ينذر بإخلاء مناطق بحي ا ...
- إيكونوميست: هذه تداعيات تبدل أحوال الدعم السريع في السودان
- حزب إنصاف يستعد لمظاهرات بإسلام آباد والحكومة تغلق الطرق
- من هو الحاخام الذي اختفى في الإمارات.. وحقائق عن -حباد-
- بيان للجيش الإسرائيلي بعد اللقطات التي نشرتها حماس
- اختتام أعمال المنتدى الخامس للسلام والأمن في دهوك


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - انجي وحيد فخري - العلاقة بين الدين والدولة في فكر جماعة الاخوان المسلمين