أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ميثم الجنابي - الهوية العراقية ومشروع البديل الوطني (25)















المزيد.....

الهوية العراقية ومشروع البديل الوطني (25)


ميثم الجنابي
(Maythem Al-janabi)


الحوار المتمدن-العدد: 4086 - 2013 / 5 / 8 - 11:01
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


الأوزان الداخلية للتربية والتعليم الثانوي


إذا كانت مهمة التربية والتعليم في المدرسة الابتدائية تهدف إلى صنع نفسية وذهنية متكاملة و"مستقيمة" وذلك بسبب ضرورة بناء أسسها المتينة، فإن المرحلة الثانوية تهدف إلى جعل تربية التعليم وتعليم التربية عملية غير متناهية من خلال صنع نفسية وذهنية تتسم بالقوة والمرونة، أي تربية التفكير الحر وتأسيس الإبداع.
وهي شخصية ممكنة الصنع من خلال عرضها على مكونات "متضادة" ظاهريا ومتكاملة باطنيا. فالمرحلة الابتدائية تتعامل مع كيان متصير، بينما تهدف الثانوية إلى صقله بطريقة تجعله قادرا على مواجهة إشكاليات المعرفة والحياة والوجود، بوصفها عملية تجمع بين المتضادات. من هنا ضرورة وأهمية تربية "المتضادات" في نفسية وذهنية التلميذ، من اجل بلوغ نموذج الحق المطلق في الحس والعقل والحدس. وليس مصادفة أن يجيب أحد المتصوفة، عندما سألوه عن كيفية معرفته الله، بعبارة "عرفت الله بجمعه بن الضدين". بمعنى معرفته المطلق من خلال وحدة المتناقضات فيه. فالحياة والمعرفة والوجود هي وحدة للمتناقضات. من هنا أهمية وقيمة الجمع الضروري بين "المتضادات" في تربية الإرادة والعقل والروح التي احصرها هنا، كما هو الحال بالنسبة للمرحلة الابتدائية، بسبع مكونات وهي وحدة الخيالي والعلمي، الأخلاقي والنفعي، الحرية والنظام، الرومانسي والواقعي، النقد واليقين، التعلم والإبداع، و"أنا الحق".

الخيالي والعلمي: وهي الصيغة الأكثر رقيا للتربية العقلية وذلك بسبب توليفها للعلم والخيال، باعتبارهما المكونان الأساسيان في شحذ الذهنية العقلية للتلميذ في مرحلة تكونه الثانوي. فإذا كانت حقيقة العلم تقوم في تحديد ماهية وحقيقة الأشياء والظواهر كما هي، فإن حقيقة الخيال تقوم في تركيب نتائج العلم بالشكل الذي يجعلها قادرة على تجاوز حدود الحاضر واستشراف آفاق المستقبل. وبالتالي، فأن مهمة تعريض الذهنية الفردية والجماعية للتلاميذ إلى تربية الرؤية الخيالية والعلمية تهدف إلى صقلها أمام تيارات متضادة ظاهريا ومتكاملة باطنيا. وفي مجرى هذه العملية يمكن تربية ذهنية دقيقة ومرنة في نفس الوقت. أما أهم مبادئها الأساسية فهي:
1. تأسيس فكرة الخيال باعتبارها الصيغة الأكثر "غرابة" لتركيب الوقائع والحقائق.
2. وأن الخيال هو حرية ومستقبل.
3. وترسيخ ماهية العلم باعتباره منطق وحقيقة الأشياء والظواهر.
4. وأن العلم هو تقييد ملموس وحاضر أبدا في الأعمال والأقوال والرؤية والاستشراف.

الأخلاقي والنفعي: وهي الصيغة الأكثر رقيا للتربية الروحية. فإذا كانت مهمة التربية الأخلاقية تقوم في تهذيب روح السمو المعرفي، فان مهمة التربية النفعية تقوم في تعديل (اعتدال) السمو الروحي صوب الجوانب العملية. ذلك يعني أن مهمة تعريض الذهنية الفردية والجماعية للتلاميذ إلى تربية الرؤية الأخلاقية المتسامية والنفعية العملية هو استمرار في صقلها بالشكل الذي يجعلها قادرة على ربط التربية العقلية بقضايا الوجود الاجتماعي ككل. آما أهم مبادئها الأساسية فهي:
1. جعل التربية الأخلاقية منظومة تتوحد فيها الرؤية المتسامية بالإدراك العقلي (العملي).
2. تنسيق وتوحيد العقل والوجدان في الرؤية الأخلاقية.
3. تأسيس وترسيخ أهمية المنظومة الأخلاقية بالنسبة لتقاليد العمل.
4. إبراز أهمية القيم الأخلاقية بالنسبة للأبعاد السياسية والحقوقية في الدولة والمجتمع.

الحرية والنظام: إنها الصيغة الأكثر رقيا للتربية الحقوقية، لأنها توليف بين تربية الحرية والنظام. فإذا كانت فكرة الحرية وأساليبها تهدف إلى تحرير المشاعر والعقل والمواقف من ثقل التقليد أيا كان شكله ومحتواه، فإن مهمة النظام تقوم في ضبط الحرية (أو تعديلها) ضمن معايير الإدراك العقلاني للضرورة والفائدة والأحسن. ذلك يعني أن مهمة تعريض الذهنية الفردية والجماعية للتلاميذ إلى تربية وحدة الحرية والنظام، تقوم في صنع الذهنية القادرة على ربط فكرة الواجب بأساليب الاختبار والبحث الدائم، وربط الحقيقة بالحق في تناول إشكاليات الوجود والمعرفة. أما أهم مبادئها الأساسية فهي:
1. تأسيس فكرة الحرية باعتبارها مبدأ وقيمة محدودة بالعقل والضرورة.
2. وغرس فكرة الحرية باعتبارها مرجعية للعلم والعمل.
3. تربية الحرية بوصفها نظاما، وتربية النظام بوصفه حرية.
4. ربط قيم النظام بقواعد القانون والأخلاق.

الرومانسي والواقعي: أنها الصيغة الأكثر رقيا للتربية الجمالية. فإذا كانت تربية الأبعاد الرومانسية تهدف إلى غرس قيم ونماذج الوجدان الصادق، فإن تربية الأبعاد الواقعية تهدف إلى جعل الوجدان الصادق التزاما مخلصا تجاه إشكاليات الحاضر والمعاصرة. ذلك يعني أن مهمة تعريض الذهنية الفردية والجماعية للتلاميذ إلى تربية الأبعاد الرومانسية والواقعية ترمي إلى صنع ذهنية قادرة على حب المغامرة المقيدة بالواقعية والنبل، أي البحث عن النسبة المثلى لتذوق الجمال والجميل في العلم والعمل والإبداع. أما أهم مبادئها الأساسية فهي:
1. تنسيق الوجدان الصادق والإخلاص العملي في الموقف من الأشياء والظواهر والأشخاص والأحداث.
2. تجسيد القيم المتسامية والموضوعية الملتزمة في ثقافة بيئية جميلة ونظيفة للجسد والطبيعة والعقل والروح.
3. ربط جمال المجهول والبعيد المدى بنفسية وذهنية الآن الدائم.
4. ربط نفسية المغامرة النبيلة بذهنية الحساب الدقيق.

النقد واليقين: أنها الصيغة الأكثر رقيا لتربية الحرية. بمعنى تربية الذهنية الفردية والاجتماعية للتلاميذ بالشكل الذي يجعلها قادرة على الجمع بين النقد واليقين. فإذا كانت تربية النقد تفترض تهذيب الشك العقلاني وإخضاع كل شيء لمبضع الرؤية السببية لكي يتحرر العقل والجسد من قيود التقليد والقهر، فإن اليقين هو الغاية الضرورية للحرية. لاسيما وانه الأسلوب القادر على صنع شخصية تتقن معنى الوجود ومنطق المعرفة وقواعد اللعبة العقلية للحياة. أما أهم مبادئها الأساسية فهي:
1. جعل النقد العقلاني والأخلاقي أسلوب بناء المعرفة الحية والفاعلة.
2. النقد العقلي والعقلاني هو مبدأ دائم وشامل يتمثل الهدم والبناء، بوصفها عملية دائبة للفناء والبقاء في كافة مستويات وميادين العلم والمعرفة والعمل.
3. جعل الشك واليقين منظومة عقلية وعقلانية متكاملة.
4. تربية منهج وتقاليد النقد المتجدد واليقين المتجدد.

التعلم والإبداع: أنها الصيغة الأكثر رقيا لتربية الروح المبدع. بمعنى تربية نفسية وذهنية الإبداع الدائم، بوصفه حقيقة ومعنى الوجود الفردي والاجتماعي للتلميذ. فإذا كانت مهمة التعليم ترمي إلى بناء قواعد الاستعداد الدائم لتمثل الإنجاز العلمي كما هو في كافة الميادين، فإن مهمة الإبداع تقوم في جعله حافزا ذاتيا في المحاكاة الحرة أو النفي العقلاني أو البدائل العملية. فهو الأسلوب القادر على صنع شخصية يشكل الإبداع والتجديد مصدر هواجسها الدائمة وهمومها الكبرى. أما أهم مبادئها الأساسية فهي:
1. جعل التعلم تلقينا عقليا مبنيا على وحدة الشك واليقين حسب قاعدة "شك بيقين ويقين قابل للشك".
2. التعليم والتعلم هو محاكاة مبدعة للمعرفة العلمية.
3. والإبداع هو تجاوز لحدود التلقين والتعليم إلى فضاء البحث عن حلول للعقد والمشاكل والقضايا العصية والإشكاليات الحية.
4. الروح المبدع هو إرادة عقلية وعلمية وروحية.

"أنا الحق": أنها الصيغة الأكثر رقيا للتربية الثقافية القومية. ذلك يعني أنها الصيغة التي تتجمع فيها وتتكامل انساق التربية والتعليم ومكونات المعرفة الضرورية للفرد والمجتمع. فالغاية النهائية للتربية والتعليم تقوم في بناء شخصية متكاملة في وحدتها ومستعدة لأن تكون مرآة تعكس الوجود وإشكالاته. وهو الأسلوب الضروري لجعل الشخصية طاقة مستعدة للنمو الدائم في مراحل التأهيل القادمة (الجامعية)، بحيث يصبح العلم والمعرفة مصدر الحق والحقيقة بالنسبة لها، ومن ثم مصدر تكونها الفردي وينبوع إبداعها الشخصي. أما أهم مبادئها الأساسية فهي:
1. جعل الحقيقة مصدرا لتناسق الوجود.
2. الحقيقة هي نسبة في الوجود، ونسبية في العلم والعمل.
3. الحق هو تهذيب وتشذيب عملي للحقيقة.
4. الحق الفعلي هو شخصنة الحقيقة وتجسيدها الممكن في صور الإبداع غير المتناهي.
مما سبق يتضح بأن فلسفة الأنساق التربوية تهدف في المرحلة الابتدائية إلى توجيه "الفطرة الإنسانية" صوب اعتدالها من خلال تنسيق مكوناتها عبر التربية العقلية والروحية والحقوقية والجمالية وتربية الحرية والروح المبدع والثقافة القومية، بينما مهمة المرحلة الثانوية تقوم في "امتحان" "الشخصية الابتدائية" وتأهيلها لمواجهة إشكاليات الواقع وتناقضاته الدائمة. من هنا ضرورة وضعها على محك الوحدة المتناقضة من خلال تربية الخيالي والعلمي، الأخلاقي والنفعي، الحرية والنظام، الرومانسي والواقعي، النقد واليقين، التعلم والإبداع، وأنا الحق. بمعنى العمل من اجل صنع موازاة علمية ونفي حقيقي لمكونات التربية الابتدائية في التعليم الثانوي. بحيث تحصل التربية العقلية على استمرارها ونفيها في تعليم وحدة الخيال والعلم. وتحصل التربية الروحية على استمرارها ونفيها في تعليم وحدة الأخلاق المتسامية والنفعية. وتحصل التربية الحقوقية على استمرارها ونفيها في تعليم وحدة الحرية والنظام. وتحصل التربية الجمالية على استمرارها ونفيها في تعليم وحدة الرومانسية والواقعية. وتحصل تربية الحرية على استمرارها ونفيها في تعليم وحدة النقد واليقين. وتحصل تربية الروح المبدع على استمرارها ونفيها في تعليم وحدة التعلم والإبداع. وتحصل التربية القومية الثقافية على استمرارها ونفيها الفعلي في تعليم "أنا الحق".
وإذا كان غاية هاتين المرحلتين هو تربية شخصية قادرة على تحسس وعقل وحدس المطلق، فإن غاية المرحلة الجامعية هو نفيهما الأكثر رقيا من خلال التأهيل العقلاني والعملي للروح المبدع. فهو الروح القادر لاحقا على الدخول المباشر في الحياة وتجسيد مشاريعه الخاصة والعامة. وهي المقدمة الضرورية لتكامل العلم والعمل من خلال إشراك الإمكانيات المتنوعة والعمل العقلاني للدولة والمجتمع.
***




#ميثم_الجنابي (هاشتاغ)       Maythem_Al-janabi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الهوية العراقية ومشروع البديل الوطني (24)
- الهوية العراقية ومشروع البديل الوطني (23)
- الهوية العراقية ومشروع البديل الوطني (22)
- الهوية العراقية ومشروع البديل الوطني (21)
- الهوية العراقية ومشروع البديل الوطني (20)
- الهوية العراقية ومشروع البديل الوطني (19)
- الهوية العراقية ومشروع البديل الوطني (18)
- الهوية العراقية ومشروع البديل الوطني (17)
- الهوية العراقية ومشروع البديل الوطني (16)
- الهوية العراقية ومشروع البديل الوطني (15)
- الهوية العراقية ومشروع البديل الوطني (14)
- الهوية العراقية ومشروع البديل الوطني (13)
- الهوية العراقية ومشروع البديل الوطني (12)
- الهوية العراقية ومشروع البديل الوطني(11)
- الهوية العراقية ومشروع البديل الوطني (10)
- الهوية العراقية ومشروع البديل الوطني (9)
- الهوية العراقية ومشروع البديل الوطني (8)
- الهوية العراقية ومشروع البديل الوطني (7)
- الهوية العراقية ومشروع البديل الوطني (6)
- الهوية العراقية ومشروع البديل الوطني (5)


المزيد.....




- رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن ...
- وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني ...
- الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
- وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله- ...
- كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ ...
- فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
- نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
- طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
- أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ميثم الجنابي - الهوية العراقية ومشروع البديل الوطني (25)