أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - خالص جلبي - توظيف الدين للإيديولوجيا














المزيد.....

توظيف الدين للإيديولوجيا


خالص جلبي

الحوار المتمدن-العدد: 4086 - 2013 / 5 / 8 - 08:16
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


اجتمع جحا يوماً بشخص لم تسبق له معرفته فأخذ جحا يحدثه على نحو حميم وكأنهما صديقان منذ أمد بعيد. ولما همّ الرجل بالانصراف سأله جحا: عفواً يا سيدي إنني لم أعرف حضرتك فمن أنت؟ فتعجب الرجل وقال وكيف حدثتني من دون كلفة طول هذه الفترة، وكأن بيننا معرفة سابقة؟ قال جحا: اعذرني فقد رأيت عمامتك مثل عمامتي وقفطانك مثل قفطاني فخيل لي أنك أنا؟!

هذه النكتة تقرب إلينا مصطلح أسلمة العلوم فنظن أن أسلمة العلم يعني العلم؟

وفي الحقيقة فليس أكثر سلباً للعقل من الشعارات. ولا أضر على العلم من معالجته بأدوات السحر. ولا أسوأ من توظيف الدين للأيديولوجيا. ولا حماقة أكبر من التورط بفكرة الإعجاز العلمي. ولم يكن القرآن الكريم يوماً كتاب فيزياء بل منبر هداية. ولم تذكر السنن في القرآن الكريم ويقصد بها المعادلات الكيميائية بل السنن النفسية الاجتماعية.

وفكرة أسلمة العلوم، مثل اختصار كل الألوان إلى اللون الرمادي وانكماش الأبعاد إلى نقطة رياضية. وهو يناقض روح القرآن وتركيب الكون وجدل العقل. ومجال الدين غير مجال العلم، وإن كان بينهما تقاطع. ولكن تقاطع خطين مستقيمين في نقطة لا يعني أنهما واحد. وبقدر ما يقدم الدين إجابات نهائية ومحددة على قضايا غير محدودة ولا نهائية، بقدر ما تفتح الفلسفة على كل سؤال بمزيد من الأسئلة. وليس هناك أشد إزعاجاً وقلقاً من ركوب سفينة الفلسفة كما يقول نيتشه، فمن أراد أن يرتاح فليعتقد، ومن أراد أن يكون من حواري الحقيقة فليسأل؟

وادعاء "أسلمة" العلوم يمكن أن يقابل بـ"تهويد" أو "نصرنة" و"بوذذة" العلوم؟ وهو ادعاء لم يدعُ له أتباع بقية الديانات لحسن الحظ. ويبدو أن هذا الاتجاه له أرضية (نفسية) من الهزيمة العلمية الساحقة التي ينوء تحت ثقلها العالم الإسلامي. فهو يستورد المعرفة مع السيارات والأفكار مع مساحيق التجميل. وأما الأحزاب والبرلمانات والديمقراطية فتخرج في نسخ مزيفة تماماً.. ولكن سر الحداثة ما زال في يد ملك الجن الأزرق فنحن ندفع ثمن التقليد مالاً يهدر وعرقاً يتصبب.

نحن في تعبير "أسلمة" العلوم ننزع إلى خلع الأيديولوجيا على الوجود. وكلمة "الأسلمة" في النهاية خدّاعة ولا تزيد عن خيالاتنا. وفي شوارع دمشق تلاحظ ملابس النساء من "الملايا الزم" إلى الألبسة الفاحشة، ما يوحي بأن المجتمع مجتمعات. وأن كل امرأة تعيش زمناً مختلفاً من العصر المملوكي أو العثماني أو الشانزيلزيه في باريس.

وهذا المصطلح "أسلمة العلوم" لم يعتمده علماؤنا قديماً لسبب وجيه أن الكون كله أسلم لله. وكل كشف لحقيقة علمية هو قراءة مختلفة لآية غير قرآنية. وهناك من حاول توظيف القرآن لمصلحة الأيديولوجيا فزعم أن سرعة الضوء موجودة في القرآن، ولكن اللافت للنظر أن هذه الحقيقة لم يكتشفها كل علماء العالم الإسلامي بمن فيهم دعاة الإعجاز العلمي، وهم يقرؤون القرآن منذ ألف سنة، ومن وصل إلى تحديد سرعة الضوء لم يرجع إلى آية واحدة في النصوص المقدسة (الكتاب التدويني) بل قرأ الآية في كتاب الكون الأصلي (التكويني).

إن "أسلمة العلوم" و"الإعجاز العلمي" في القرآن كلها محاولات طفولية لإضفاء عظمة على مسلمين لم يبقوا عظاماً بل تحولوا إلى عظام. ويحاول أطباء الصحوة الإسلامية معالجة قصر القامة بلبس بدلة طويلة.

لقد وصف لجحا يوماً امرأة ذات عيون تسحر الألباب فطار قلبه، ووقع في غرامها، ولم يصبر حتى تزوج بها فاكتشف أنها حولاء. وفي يوم العرس قدم لها طبقاً من قشطة وعسل، فقالت على استحياء لماذا أحضرت طبقين؟ وفي الليلة التالية أطرقت بخجل، وقالت يا جحا لم تخبرني عن الزائر المسن بجانبك؟ قال جحا: أما أن يكون الصحن اثنين فهو علامة كرم، ولكن وجود شخصين بجانب امرأة واحدة خطير ولا علاج له إلا الطلاق.

ونحن في أسلمة العلوم نتأمل العالم بعين حولاء فنتخيل العلم من دون وجود علم.



#خالص_جلبي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بؤس الطاغية
- طاغية بلا شجاعة
- -نصر الله- من جديد!
- عيد الميلاد والفتاوى المكذوبة
- مصير الطغاة
- نهاية الظالمين ومصارع الغابرين
- أيها التوانسة إنها فرصتكم التاريخية
- خالص جلبي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: ثقافة السلم ...
- نحو خطاب أكثر إنسانية ورحمة
- أفكار لأزمنة الجنون الإنساني
- أفكار لأزمنة الحروب
- زيارة بوش الأخيرة للعراق
- حينما يكون لون جواز السفر زفتيا ؟!
- يوم المحزنة 8 آذار المشئوم
- أسطورة الذكر
- عندما يقدس الأشخاص؟
- لكونها أنثى
- قيامة الحزب
- البنية الموضوعية للقرآن
- مفاتيح السعادة الثلاث


المزيد.....




- 82 قتيلاً خلال 3 أيام من أعمال العنف الطائفي في باكستان
- 82 قتيلا خلال 3 أيام من أعمال العنف الطائفي في باكستان
- 1 من كل 5 شبان فرنسيين يودون لو يغادر اليهود فرنسا
- أول رد من الإمارات على اختفاء رجل دين يهودي على أراضيها
- غزة.. مستعمرون يقتحمون المقبرة الاسلامية والبلدة القديمة في ...
- بيان للخارجية الإماراتية بشأن الحاخام اليهودي المختفي
- بيان إماراتي بشأن اختفاء الحاخام اليهودي
- قائد الثورة الاسلامية آية الله‌خامنئي يصدر منشورا بالعبرية ع ...
- اختفاء حاخام يهودي في الإمارات.. وإسرائيل تتحرك بعد معلومة ع ...
- إعلام العدو: اختفاء رجل دين اسرائيلي في الامارات والموساد يش ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - خالص جلبي - توظيف الدين للإيديولوجيا