|
عناد الوزير الذى تجاهل وعد الرئيس
سعد هجرس
الحوار المتمدن-العدد: 1173 - 2005 / 4 / 20 - 10:02
المحور:
الصحافة والاعلام
كان من المفترض أن أواصل الكتابة عن ذلك الحوار بالغ الأهمية الذى استضافه المركز الدولى للدراسات المستقبلية والاستراتيجية حول "العراق وآفاق المستقبل".. لكننى مضطر لقطع الحديث عن هذه الندوة الاستثنائية بعد صدور حكم محكمة جنايات القاهرة يوم الأحد الماضى بمعاقبة ثلاثة صحفيين بـ "المصرى اليوم" بالحبس سنة مع الشغل غيابيا لاثنين منهما، وحضوريا اعتباريا للثالث وإلزام كل واحد منهم بدفع تعويض مؤقت لوزير الاسكان قيمته عشرة ألاف جنيه وواحد جنيه. فهذا تطور مؤسف ويبعث على القلق والغضب .. لأكثر من سبب: السبب الأول هو أنه حلقة جديدة فى مسلسل حبس الصحفيين واغتيال الصحافة، فبصرف النظر عن "موضوع" القضية التى تم بسببها الحكم بحبس الزملاء عبد الناصر على الزهيرى وعلاء الغطريفى ويوسف العومى يظل واقع الحال هو انه ما من بلد متحضر فى العالم بأسره يزج بالصحفيين الى غياهب السجون بسبب النشر، واستقرت كل بلدان الدنيا التى تحترم حرية التعبير على توقيع الغرامة فى مثل هذه القضايا. أما نحن فيبدو أن بعضنا ما يزال يتلذذ بحبس الصحفيين حتى لو أدى ذلك إلى تشويه سمعة مصر وإظهارها أمام العالم بأسره بمظهر الدولة القمعية المعادية لحرية الصحافة. السبب الثانى – أن هذا التطور المؤسف الأخير جاء فى ظل وعد الرئيس حسنى مبارك شخصيا منذ أكثر من ثلاثة عشر شهرا باتخاذ التدابير العاجلة لالغاء مواد القوانين التى تجيز حبس الصحفيين وغير الصحفيين فى قضايا النشر. وهذا يعنى ان تحالف البيروقراطية والفساد – الذى هو أعدى أعداء حرية الصحافة – نجح فى الالتفاف على الوعد الرئاسى وتعطيله لاكثر من أربعمائة يوم، بما يتضمنه ذلك من إساءة لصاحب الوعد، أى للرئيس ذاته. ويضاعف هذه الشكوك أن أولئك الذين نجحوا فى وضع وعد الرئيس فى ثلاجة التأجيل البيروقراطى كل هذه المدة هم أنفسهم الذين أذهلوا الناس بقدرتهم العجيبة فى سلفق أخطر القوانين – التى تأتى على هواهم وتنسجم مع مصالحهم – فى ساعات معدودات. السبب الثالث – أن المسألة لا تقتصر على تلكؤ الجهات التشريعية فى تحويل وعد الرئيس الى قوانين نافذة، وإنما تتعدى ذلك إلى أركان السلطة التنفيذية أيضا. فكيف يسمح هذا الوزير أو ذاك لنفسه باستخدام قوانين يعلم أن الرئيس شخصيا وعد الرأى العام بإلغائها؟ وكيف يقتنع الرأى العام بهذا التناقض بين ما يقوله الرئيس وبين ما يفعله وزراؤه؟ السبب الرابع- أن الحلقة الجديدة فى مسلسل حبس الصحفيين تأتى فى توقيت بالغ الحرج، وكان على كل من شمر عن ساعده لخوض غمار هذه الحرب غير المقدسة على الصحفيين أن يفكر أبعد من مصالحه الشخصية ، وان يتفكر فى تداعيات صدور مثل هذا الحكم بحبس ثلاثة من الصحفيين على مسألتين تهمان كل مصرى : المسألة الأولى هى انتخابات الرئاسة التى تحل بعد أربعة شهور .. فاى "دعاية انتخابية " يقدمها بعض أركان السلطة التنفيذية للرئيس باقدامهم على مثل هذه الامور التى تسمم المناخ العام ؟ المسألة الثانية هى ملفات الإصلاح السياسى والاقتصادي المفتوحة ، والتى تستقطب اهتماما محليا وخارجيا متزايداً . هل لم يفكر من يفرحون بحبس عدد يزيد او يقل من الصحفيين فى ان فعلتهم هذه تصب مزيدا من الزيت على النار ، وتعطى الفرصة للأطراف الخارجية للتنطع على شئوننا الداخلية ؟! السبب الخامس – ان الدكتور مهندس محمد إبراهيم سليمان وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية الذى حبس الصحفيين الثلاثة كان قد وعد زميلنا محمود سعد ، فى حديث على الهواء شاهده ملايين المصريين فى برنامج " البيت بيتك " بالتليفزيون المصرى ، بانه سوف " يفكر " فى التنازل عن القضية قبل صدور الحكم بحبس الزملاء الثلاثة . ورغم ان مناشدة الزميل محمود سعد كانت ممعنة فى الاستعطاف والاسترحام - وهو ما كنا لا نتمناه لاننا لا نطلب معروفا من احد وانما نطالب بحق حصل عليه زملاؤنا الصحفيون فى كل بلدان العالم المتحضر - رغم ذلك فان وعد الوزير بان " يفكر " ، انتهى الى لا شئ . وأنا شخصياً ليس بينى وبين الدكتور محمد ابراهيم سليمان اى مشكلة ولا اعرف تفاصيل القضية بينه وبين زملائنا الثلاثة فى " المصرى اليوم " ، لكنى استغرب ان يتجاهل معالى الوزير وعد الرئيس مبارك للصحفيين وان يتمسك بالمضى فى اتخاذ الإجراءات القضائية باستخدام القوانين المنافية لحرية الصحافة التى تعهد رئيس الجمهورية بإلغائها . واستغرب ان احداً من زملاء الوزير – الذى قرر ألا "يفكر " – لم ينصحه بان يسحب دعواه التى تسئ الى الجميع ، وتسئ الى مصر بأسرها قبل ان تسئ الى ثلاثة من الصحفيين الذين سيتضامن معهم كل صحفيى العالم بطبيعة الحال . ان هذه المسألة بملابساتها المشار اليها ، تبين ان ثقافة التغيير والإصلاح السياسى والدستورى مازالت بعيدة عن أذهان الكثيرين من أركان السلطة التنفيذية ، الذين يتمسكون بترسانة القوانين المقيدة للحريات حماية لمصالح ضيقة وصغيرة حتى لو كان هذا التشبث يؤدى الى الإساءة الى البلاد والعباد
#سعد_هجرس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
علمـاء بـريطـانيا يهـددون بمقـاطعة الإسـرائيليين المتـواطئين
...
-
! ومازالت صاحبة الجلالة فى بيت الطاعة
-
هل يحمل أخطبوط الإرهاب شهادة منشأ مصرية؟
-
حوار عراقي.. بدون سلاح.. في القاهرة
-
ثورة السوسن .. واللوز.. والليمون
-
»ولفويتز« يقتحم البنك الدولي بأسلحة الدمار الشامل
-
قاطرة مشروع الشرق الأوسط الكبير .. تدخل المحطة اللبنانية
-
الفشل التاسع والعشرون
-
يد تقود ثورة البرمجيات .. ويد تحمي الحرف التقليدية
-
إسرائيل تحتل الأرض التى ينسحب منها -التنابلة- العرب .. فى ال
...
-
الوطن اكبر من الاقتصاد .. والمواطن ليس مجرد مستهلك
-
أحوال أكبر ديمقراطية في العالم
-
باب الشمس ) اهم من المكاتب الاعلامية .. ومقررات التاريخ المي
...
-
»ملاسنة« بين أصحاب المعالي
-
-يد- أبو الغيط.. و-جيب- السادات
-
! شعار البنوك المصرية : حسنة وأنا سيدك
-
لمن تدق الأجراس فى بلاد الرافدين؟
-
اغرب انتخابات فى التاريخ
-
!عـــدلى .. ولينين
-
برلمان العرب .. كوميديا سوداء
المزيد.....
-
الحوثيون يزعمون استهداف قاعدة جوية إسرائيلية بصاروخ باليستي
...
-
إسرائيل.. تصعيد بلبنان عقب قرار الجنايات
-
طهران تشغل المزيد من أجهزة الطرد المركزي
-
صاروخ -أوريشنيك-: من الإنذار إلى الردع
-
هولندا.. قضية قانونية ضد دعم إسرائيل
-
وزيرة الخارجية الألمانية وزوجها ينفصلان بعد زواج دام 17 عاما
...
-
حزب الله وإسرائيل.. تصعيد يؤجل الهدنة
-
مراسلتنا: اشتباكات عنيفة بين مقاتلي -حزب الله- والقوات الإسر
...
-
صافرات الانذار تدوي بشكل متواصل في نهاريا وعكا وحيفا ومناطق
...
-
يديعوت أحرونوت: انتحار 6 جنود إسرائيليين والجيش يرفض إعلان ا
...
المزيد.....
-
السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي
/ كرم نعمة
-
سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية
/ كرم نعمة
-
مجلة سماء الأمير
/ أسماء محمد مصطفى
-
إنتخابات الكنيست 25
/ محمد السهلي
-
المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع.
/ غادة محمود عبد الحميد
-
داخل الكليبتوقراطية العراقية
/ يونس الخشاب
-
تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية
/ حسني رفعت حسني
-
فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل
...
/ عصام بن الشيخ
-
/ زياد بوزيان
-
الإعلام و الوساطة : أدوار و معايير و فخ تمثيل الجماهير
/ مريم الحسن
المزيد.....
|