|
الدكتور سيد عويس والشخصية المصرية
طلعت رضوان
الحوار المتمدن-العدد: 4081 - 2013 / 5 / 3 - 15:13
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
الدكتور سيد عويس والشخصية المصرية طلعت رضوان شاء حظى الطيب أنْ ألتقى مع د. سيد عويس عام 82عندما قرّرتُ أنْ يكون أحد المُتحدثين فى سلسلة ندوات فى أتيليه القاهرة استمرتْ لعدة شهور، اخترتُ لها عنوانا ثابتا (أبعاد الشخصية المصرية بين الماضى والحاضر) رحّب د. عويس بالفكرة واختارلمحاضرته عنوان (الشخصية المصرية وتعدد الثقافات) فذكرأنه لايعترف بوجود شخصية مصرية، وإنما بوجود ثقافة مصرية. وأنّ كل مجتمع له ثقافته. الفلاح الأمى له ثقافة، لأنّ الثقافة هى أساليب الحياة. الثقافة المصرية وحضارة الاتصال : يرى د. عويس أنّ شعبنا استمربثقافته القومية عبرآلاف السنين بغض النظرعن الديانة ووفق نص كلماته ((وهذا ظاهرفى الولادة والاحتفال بسبوع الطفل وطقوس الموت. تجد الطقوس هى هى بصرف النظرعن الأديان وتعاقبها)) (نص المحاضرة فى كتابى " أبعاد الشخصية المصرية بين الماضى والحاضر- هيئة الكتاب المصرية عام 99) وأن تقديس المصرى للطفولة وللمرأة وللأسرة يعود إلى تاريخ مصرالقديمة. وذكر((الشعب المصرى تربطه علاقات وثيقة رغم تعدد الأديان، فتجد امرأة مسيحية تصوم شهر رمضان كى ينجح ابنها أوتزورالسيدة زينب، وبالعكس مسلمة تصوم صيام العذراء أوتزورمارى جرجس أوالقديسة دميانه)) ومن بين خصائص التواصل ذكرأننا نستخدم فى حياتنا اليومية آلاف الكلمات التى كان جدودنا يستخدمونها إما عن الهيروغليفية أوالقبطية مثل بلح، بصاره، بتاو، بورى، بساريه، نبوت إلخ حتى العنصرالمادى من تراث مصرعكس نفسه، فمثلا فإنّ ابن إياس ذكرقصة العثورعلى تمثال، فقال (المتعصبون) هذا صنم، ومع ذلك أخذوه ((وعملوه قاعدة لعمود فى مسجد قلاوون والتمثال كان يُشبه أبا الهول)) وعن العادات ذكراستخدام شعبنا (مسيحيين ومسلمين) للبخورعن اعتقاد فى طرد الشر. وعندما يمرض الطفل نعمل له (عروسه) مع ملاحظة أنّ الخمسه وخميسه والعروسة والبخورإلخ منذ مصرالقديمة. أما ظاهرة الكتابة للموتى ، فهى كما كانتْ موجودة فى التاريخ المصرى القديم ظلتْ متواصلة عبرالزمن رغم تعدد الأديان. وأنّ البرديات المصرية بها رسائل للموتى، نشرها العالم جاردنرفى أحد كتبه. وبعد دخول المسيحية كان الجدود يطلبون من الملائكة بعض الطلبات ثم انتقلت إلى القديسين وبعد دخول الإسلام انتقلت إلى الأولياء. وهنا يجب الإشارة إلى كتاب د. عويس الذى نشرفيه رسائل إلى الإمام الشافعى. وربط بين أسطورة إيزيس ودورها فى تجميع أشلاء أوزير، وما حدث للحسين وأخته زينب. قطعوه قطعًا صغيرة. وأحضروها لزيد بن معاوية الذى أمسك عصا لعب بها فى شفتىْ الحسين. فلماذا إهتم المصرى (المسلم) بالحسين؟ هل لأنه (فى اللاوعى) يتمثل ما حدث لأوزير((وتستمرهذه النظرة رغم مجيىء الإسلام)) وأضاف ((أنا كمصرى فى ضوء ثقافتى المستمرة ، شفتْ جدودى يحملون نفس الأفكار. لما أروح الجامع والكنيسة أرضع ، ليس فقط صدرأمى ، أنا أرضع ثقافتها وأرضع كل ما حولى من مناخ ثقافى اجتماعى برغم أنه ضد الدين)) وذكرعلاقة التشابه بين الثالوث المصرى (إيزيس، أوزير، حورس) والثالوث المسيحى. وعن التواصل أيضًا ذكر((لايمكن أنْ أنسى دراستى مع الموسيقى سليمان جميل. رحنا ندرس حلقة (زكر) وجدنا وزيرًا سابقا . وبائعًا متجوّلا. طوابيرفى الحضرة الصوفية. وجدنا الكلام أحدث من اللحن. اللحن كنسى والكلام إسلامى، مدح فى الرسول والحسين والأولياء)) ومن الأشياء ذات الدلالة فى شخصية شعبنا الأمى ذكر((كتبتُ عشرة أسئلة فى استمارة عن الأزهر، ومن هوالحاكم. كانت الأسئلة بعد يوليو52 أخذها أ. صلاح عيسى (وكان فى شبابه) لاستطلاع الرأى فكانت الاجابة هكذا: واحد قال إنّ الأزهرفى مكة. وقال آخرإنّ حاكم مصرهو الملك فؤاد وهكذا. وهذه الاجابة تدل على أنّ الأميين مشغولون بالعمل والبحث عن لقمة العيش أكثرمن إهتمامهم بأى شىء آخر. وعن تأثيرمصرفى اليونان ذكر((جامعاتنا التى كانت فى عين شمس أوطيبة أومنف تعلم فيها طاليس وصولون وأفلاطون الذى عاش فى مصر13سنة وهوأستاذ أرسطو. وتعلم فيها فيثاغورث وعاش فيها 23سنة. كانت الجامعة المصرية هى مصدرالعلمانية والعقلانية. وفى العصرالوسيط عاش ابن خلدون فى مصر20سنة فغيّرفى المقدمة التى كتبها وغيّرفى أفكاره عندما رأى مجتمعنا لأنه أدرك أنه مختلف عن المجتمعات التى كان يعيش فيها من قبل. وفى رده على سؤال عن الوحدة مع العرب قال ((أنا أوافق على التعاون مع العرب فى منطقتيْن: الاقتصاد والسياسة. هناك فروق بين المصرى والعراقى والسورى إلخ العراق قديم به جزء فينيقى وجزء أشورى وجزء إيرانى. وفى العراق يتكلمون العربية ولغات أخرى. والمجتمع السورى له تاريخ مختلف. توجد اختلافات كثيرة (بين الشعوب) فى النظرة نحوالحياة والموت إلخ واختلف مع أ. يحى حقى الذى قال إنّ اللغة وعاء الفكر، إذن فكرنا عربى، فقال د. عويس أنّ هذا غيرصحيح. وضرب مثالا بظاهرة الثأرفقال إنها عربية وليست مصرية. وأدان التدين الشكلى مع انتشار التطرف ، فنجد أنّ رجال الدين يُواجهون العلمانية. وقال أنا لستُ ضد الدين ولكن هذه منطقة وتلك منطقة. وفى ختام محاضرته قال ((العلم إما أنْ يكون منهجًا أومادة جاءتْ عن طريق المنهج. العلم يُحاول أنْ يُجيب عن سؤاليْن: كيف حدث ولماذا حدث؟ والعلم ضد المطلق وهذا لايوجد إلاّفى الدين. فى العلم لاشىء يأتى من لاشىء)) 000 وفى كتابه (لا للعنف) الصادرعن كتاب الهلال- عدد أكتوبر88) فرّق بين أشكال العنف ، فهناك (العنف الجماهيرى) أى عنف الجماهيرضد ممثلى السلطة وهو((سلوك عدوانى ايجابى)) وأحيانا ضد فئات أخرى على أساس انتمائهم لجماعة معينة أودفاعهم عن قيم معينة تتعارض مع قيم المجتع أوتتعارض مع القيم التى يرعاها ممثلوالسلطة. وضرب مثالا بتمرد جنود الأمن المركزى فى شهرفبراير86لأنّ المجند وقع تحت تأثيربعض الأمورالاستفزازية كإنسان يحس بإنسانيته. وهناك عنف يتستربغطاء دينى مثل حادث اغتيال د. محمد حسين الذهبى وزيرالأوقاف الأسبق. وحادث الفنية العسكرية الذى راح ضحيته 14إنسانا من الطلبة وحرس الكلية. ثم اغتيتال السادات. ومن خلال دراسته فى علم الاجتماع ركزعلى مستوى تعليم الجماعات التكفيرية، فتبيّن أنّ أغلبهم من ذوى المؤهلات الجامعية. ولايوجد أميون بينهم. وأنهم استفادوا من المجلات والكتب الدينية خاصة الصادرة عن المجلس الأعلى للشئون الإسلامية ومجمع البحوث الإسلامية. وتأثرهم بكتب أبوالأعلى المودودى. ووصل شطط بعضهم أنهم ((رفضوا الإقراربأنّ الإماميْن مسلم وبخارى من المسلمين)) وأنّ أرض مصرهى أرض كفر، وأرض حرب. وأنّ الكافرأصل الحكم فيه أنه حلال الدم والمال والعرض. يرى د. عويس أنّ العنف الذى مارسته الجماعات الإسلامية دخيل على الشخصية المصرية، وذلك ((فى ضوء تراثنا الثقافى المصرى.. (إذْ) نجد أنّ المصريين القدماء عرفوا أنّ الرجل الفاضل يُسمى محبًا للسلام وبالنص الحرفى ((حامل السلام)) وكتب ((إننى أدعوللسلام القائم على العدل. مع ملاحظة أنّ مفهوم العدالة نبت فى تربة مصرمنذ آلاف السنين فى شكل إلهة العدالة (ماعت) وكان شجاعًا وهويُقربالحقيقة التى يتغافل عنها الإسلاميون إذْ كتب ((أعترف بأنّ الدين الإسلامى متغير، زمانا ومكانا. فالواقع يؤكد أنّ إسلام الخلفاء غيرإسلام العصرالحاضر. وإسلام المصريين غيرإسلام الأندونيسيين والسعوديين والإيرانيين إلخ. وأرجع السبب إلى الخصوصية الثقافية لكل شعب، فكتب أنّ المسيحية والإسلام عندما دخلا مصر((لم تكن مصرأرضًا بكرًا أوصحراء جرداء)) بل إنّ مصرأعطت العالم القديم كله التحضر بعد أنْ نقلته اليونان عن مصر. وإذا كان العنف دخيلا على الثقافة القومية المصرية، فإنّ جذوره تعود إلى العنف المتأصل فى التاريخ العربى/ الإسلامى، فذكرد. عويس الكثيرمن الأمثلة منذ اغتيال عثمان بن عفان وعلى بن أبى طالب وذبح الحسين، إلى المؤامرة التى دبّرها الخليفة المأمون ضد البرامكة والذى غدربأخيه الأمين، إلى جرائم الحاكم بأمرالله الذى ((قبض على جماعة كبيرة من الغلمان والكتاب والخدم الصقالبة وأمربقطع أياديهم ثم قتلهم. وقتل العلماء حتى أباد معظمهم. وانتهى أمره بأنْ قتلته أخته. وارتبط عنف الحكام المادى بعنف الكلمة، فعندما غضب كافورمع المتنبى هجاه من تقول عليه الثقافة المصرية والعربية أنه أشعرشعراء العرب فقال ((لا تشترالعبد إلاّوالعصا معه/ إنّ العبيد لأنجاس مناكيد)) هكذا بمجرد منع (صرة) الذهب عنه هجاه، وعمّم الهجاء ليشمل كل إنسان ظلمه الواقع السياسى العربى الذى كرّس لمنظومة العبودية. 000 وفى كتابه (من وحى المجتمع المصرى المعاصر) الصادرعن كتاب الهلال- يوليو89أكد على الخصوصية الثقافية فذكرأنّ المجتمع المصرى ((متميزوفريد فى سماته وملامحه. فهوأصل حضارة الإنسان. وأنّ مصرأصل حضارة العالم. وأنّ كاهن المعبد فى مصرالقديمة كان يُطلق عليه (الطاهر) وأنّ جدودنا المصريين القدماء كانوا يقضون حاجاتهم داخل البيوت بشهادة المؤرخ اليونانى هيرودوت، بمعنى وجود شكل من أشكال الصرف الصحى بينما اليونانيون يقضون حاجاتهم خارج البيوت. ومن خصائص الحضارة المصرية أنّ تعدد الآلهة رسّخ للحب وللتعديية فنجد أنّ ((الآلهة المحلية عاشت فى وفاق مع آلهة طيبة وممفيس. ولم يكن الكهنة من المتعصبين، فديانتهم اتسمتْ بأنها متسامحة فحالت دون إفرازمتعصبين)) وانعكس ذلك على سلوكنا حتى العصرالحديث فتجد السيدة المصرية (المسلمة) تـُقدّم الشموع للكنيسة إذا نجح ابنها فى الامتحان. وظاهرة الصيام المُتبادل بين المسيحيين والمسلمين. ودافع عن طه حسين الذى رأى أنّ مصرأثرتْ فى الفكراليونانى عندما جاء فلاسفه يونانيون كثيرون إلى مصر. وأنّ مقولة سقراط (إعرف نفسك) لم تكن من بنات أفكاره، فهى مكتوبة على المعابد المصرية. وأنّ الفضائل الأربع التى ذكرها أفلاطون فى جمهوريته مصدرها مصر وهى الحصافة والعدل والاعتدال (ضبط النفس) والمثابرة على العمل. الراحل الجليل د. سيد عويس هوأحد علماء الاجتماع الذى إهتم بخصوصية الثقافة القومية. وركزفى كل كتبه على التواصل الحضارى لشعبنا. فمثلا يرى أنّ ظاهرة ولع شعبنا (مسيحيين ومسلمين) بالموالد هى امتداد لما حدث فى التاريخ المصرى القديم، لذا ذكرفى كتابه (الازدواجية فى التراث الدينى المصرى) أنّ ((مكانة الآلهة المصرية انتقلتْ فى فترات التحول فى تاريخنا المصرى بعملية توفيقية إلى الأنبياء والقديسين ثم الأولياء)) ***
#طلعت_رضوان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
فلسطين بين الصهاينة والعروبيين
-
المغزى الاجتماعى للأمثال المصرية
-
عتمة افتراضية - قصة قصيرة
-
سيناء وتوابع زلزال يناير2011
-
العلاقة بين الحضارة المصرية وأفريقيا
-
عقوبة الجلد وبداية سعودة المصريين
-
الفنان خالد حمزة وفن كتابة السيرة الذاتية
-
رد على آخر رسالة من الأستاذ طاهر النجار
-
هل تخرج الثورة من غرفة الإنعاش ؟
-
صفاء الليثى ناقدة من طراز نادر
-
هيكل الأستاذ المقدس وآفة الأيديولوجيا
-
تحية شكر وتقدير للأستاذ طاهر النجار
-
رد على الأستاذ محمد بن عبد الله عندما سأل : دنشواى أم كفر ال
...
-
جمال حمدان وتعريب مصر
-
محمد نجيب بين سجن الواقع ورحابة الخيال
-
تطور دراماتيكى فى نقابة الصحفيين
-
العلاقة العضوية بين الحداثة والديمقراطية
-
متعلمون محسوبون على الثقافة المصرية
-
الأهرام وحضارة البناء والتشييد
-
حوار بين حواء وآدم عام 1915
المزيد.....
-
24 ساعة أغاني.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 على النايل
...
-
قائد الثورة الاسلامية:فئة قليلة ستتغلب على العدو المتغطرس با
...
-
قائد الثورة الاسلامية:غزة الصغيرة ستتغلب على قوة عسكرية عظمى
...
-
المشاركون في المسابقة الدولية للقرآن الكريم يلتقون قائد الثو
...
-
استهداف ممتلكات ليهود في أستراليا برسوم غرافيتي
-
مكتبة المسجد الأقصى.. كنوز علمية تروي تاريخ الأمة
-
مصر.. حديث رجل دين عن الجيش المصري و-تهجير غزة- يشعل تفاعلا
...
-
غواتيمالا تعتقل زعيما في طائفة يهودية بتهمة الاتجار بالبشر
-
أمين عام الجهادالاسلامي زياد نخالة ونائبه يستقبلان المحررين
...
-
أجهزة أمن السلطة تحاصر منزلا في محيط جامع التوحيد بمدينة طوب
...
المزيد.....
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
المزيد.....
|