|
دردشة فقهية: حدّ الرِّدة في الإسلام
هشام آدم
الحوار المتمدن-العدد: 4079 - 2013 / 5 / 1 - 21:59
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
في أورقة الفقه الإسلامي يدور نقاشٌ محتدٌ بين فقهاء المسلمين وعلمائهم حول حدِّ الرِّدة في الإسلام: هل هو موجودٌ أم غير موجود، وكثيرٌ من المسلمين المعتدلين، أمثال الشيخ جمال قطب (الرئيس السابق للجنة الإفتاء بالأزهر) وغيره يذهبون إلى أنَّه لا يوجد حدّ للمرتد في الإسلام، وقد صرّح الشيخ جمال قطب بذلك علنًا في الندوة التي عقدت بمركز يافا للدراسات والأبحاث لمناقشة ظاهرة (الإسلاموفوبيا) في العام 2010. والبعض الآخر يقول إنَّ الخارج من الإسلام لا حدّ عليه، وإنَّما الحد في الخارج على الإسلام، وذلك للفارق النوعي الكبير بين الخروج (من) الإسلام والخروج (عليه)، على اعتبار أنَّ الخروج على الإسلام يعني مُعاداته ومهاجمته، فيكونُ القتل جزاءه من هذا الباب، وليس من باب ردَّته عن الإسلام، في هذا المقال، سوف أُسلِّط الضوء على هذه القضية في محاولة لمعرفة حقيقة حدِّ الرِّدة في الإسلام.
يعتمد الفقهاء المُؤيدون لحدِّ الرِّدة في الإسلام على حديث نبوي مشهور ينص صراحة على هذا الحد، فنقرأ: "من بدل دينه فاقتلوه"(صحيح البخاري) وهذا الحديث يتناول قضيةً مُحددة، وهي لا تتعلق بالخروج من الإسلام، وإنَّما تبديل الديانة، فالحديث لم يقل: "من يرتد عن دينه فاقتلوه" وإنَّما حدد الأمر بتبديل الديانة، وعلى هذا فإنَّ حجة هؤلاء تحتاج، عندها، إلى مُراجعة؛ إذ أنَّه وفقًا لنص الحديث، فلا حدَّ على من يترك الإسلام ويُقرر أن يصبح بلا ديانة (لادينيًا)، فلماذا، وكيف جوّز الفقهاء لأنفسهم إطلاق المُقيّد في هذا النص النبوي الصحيح؟ ولقد أورد أئمة المسلمين هذا الحديث في كتبهم، تحت تبويب (حدّ الرِّدة) على الإطلاق، وليس بتقييد، كما جاء في سنن الترمذي (كتاب الحدود – باب ما جاء في قتل المرتد) الحديث رقم (1458 ) وهو حديث صحيحٌ حسن، والحديث ذاته أورده الإمام أحمد في مسنده، حديث رقم (1874 ) وفي سُنن ابن ماجه الحديث رقم (2535 ) على أنَّ ذلك لا يُحل الإشكال في شيء، بل يزيده تعقيدًا، فلماذا يقتل علي بن أبي طالب المُرتدين إذا كانوا لم يعتنقوا ديانةً أخرى كما ينص الحديث؟ ولماذا لم يعترض ابن عباس على ذلك، وأقر قتلهم عوضًا عن حرقهم بالنار؟ خلاصةُ الأمر أنَّ من يقولون بأنَّ المُرتد يُقتل حدًا يستندون على هذا الحديث الصحيح، ولقد رأينا كيف أنَّ الحديث ليس به إطلاقٌ في الرِّدة بل تقييد بتبديل الديانة.
أمَّا الذين يُفرِّقون بين الخروج من الإسلام والخروج عليه؛ فإنَّما يعتمدون على آيةٍ واضحة وصريحة، تُحدد عقوبة محاربة الإسلام، فنقرأ {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ}(المائدة:33) والخارج على الإسلام يدخل في باب المُحارب لله ورسوله، فمحاربة الإسلام عقوبتها القتل وفقًا لهذه الآية، أمَّا الخروج من الإسلام دون معاداته، فهو مما لا تشمله الآية، ولا حدَّ عليه، على أنَّ حدَّ الحرابة هذا قد يُقام على المسلم المُفسد في الأرض، فهو مما لا يتعلق مباشرةً أو حصرًا على المُرتد، فالمُرتد مشمول في هذه الآية، ولكنها ليست مقصورةً عليه. على أنَّ الآية لم تُحدد العقوبة بالقتل مُطلقًا وإنَّما وضعت خيارات مُحددة على النحو التالي: 1) القتل 2) الصلب 3) تقطيع الأيدي والأرجل من خلاف 4) النفي
فهنالك تخيير بين هذه العقوبات، والتخيير يُفهم من استخدام أداة التخيير (أو) في الآية، ويقول بعض الفقهاء بجواز الجمع بين هذه العقوبات، مُستندين في ذلك على ما فعله الرسول بالعُرنيين الذين طبَّق عليهم جميع العقوبات الواردة في الآية (فيما عدا النفي طبعًا) وبإضافة عقوبة غير واردة في الآية وهي (سمل الأعين)، وقال العلماء أنَّ هذه العقوبة جاءت مماثلةً وقصاصًا بما فعله العُرنييون الذين قاموا بسمل أعين الرُّعاة، ومما يُثير الغرابة أنَّ حادثة العُرنيين هذه وقعت قبل نزول الحدود وآية الحرابة أساسًا، لأنَّ الإسلام ينهى عن المثلة، ويدور جدلٌ بين العلماء حول إمكانية أن يكون هذا الحديث ناسخًا أو منسوخًا، وهو أمر يطول الحديث عنه. وما نخلص إليه من هذا الكلام أنَّ القائلين أنَّ القتل لا يكون إلا في الخارجين على الإسلام وليس في الخارجين منه يعتمدون على آية الحرابة الواردة في سورة المائدة، على أنَّ هذه الآية قد تشمل، كذلك، غير المُسلمين، وغير المُرتدين على الإسلام، لتشمل المسيحيين واليهود وغيرهم ممن يحارب الإسلام ويُعاديه، على أنَّ المُحاربة هنا لا تعني القتال بالسيف أو خلافه، وإنَّما المُعاداة والطعن في الإسلام.
أمَّا الرافضين لقتل المُرتد جُملةً وتفصيلًا، فهم يستندون على آية {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ}(البقرة:256) كما يستندون على أنَّ حدّ الرِّدة غير منصوص عليه في القرآن صراحةً، ويستدلون بآيةٍ تناولت الرِّدة ولم تورد عقوبةً لها: {وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}(البقرة:217) ويقولون إنَّ عقوبة الرِّدة هي إنَّما عقوبة آخروية وليس دنيوية؛ وإلا لكانت الآية نصَّت على ذلك صراحةً. على أنَّنا نتساءل عن معنى قوله {فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا} فمن المعلوم أنَّ الدنيا هي إنَّما دار عمل، والآخرة هي دار ثواب أو عقاب، فيكون تقييم هذه الأعمال في اليوم الآخر وليس في الدنيا، وعندها يُصبح القول ببطلان الأعمال في الدنيا لا قيمةَ له، لأنَّه باطل في الآخرة أصلًا(!) فما معنى أن يحبط عمل المرء في الدنيا؟ وعلى أيَّة حال، فإنَّنا لسنا على خلاف يُذكر مع أصحاب هذا الرأي، ويظل خلافنا قائمًا مع أصحاب الرأيين السابقين.
حسنًا؛ من مُجمل ما تقدَّم نستنتجُ أنَّ المُرتد إمَّا أنَّه يُقتل إطلاقًا، كما عند بعض أهل السُّنة والجماعة، أو أنَّه يُقتل إذا ثبتت عليه تهمة معاداة الله ورسوله، وتأتي حادثة قتل الخليفة الإسلامي الأول أبوبكر للمُرتدين لتضعَ الجميع أمام خيار صعبٍ جدًا، فإذا لم يكن حدُّ الرِّدة من الإسلام في شيء، فإنَّ ما فعله أبو بكر يُعتبر ابتداعًا في الدين، وإن كان أصلًا، فعلى القائلين بعدم وجود حدٍّ للرِّدة في الإسلام مراجعة موقفهم من ذلك.قد يجنح البعض إلى القول بأنَّ الذين ارتدوا عن الإسلام في زمن أبي بكر كانوا مُعادين لله ولرسوله بحكم أنَّهم امتنعوا عن دفع الزكاة، ولا أدري أين هي وجه المُعادة في أن يمتنع المُرتد عن دفع الزكاة إذا كان لم يعد مُسلمًا أصلًا(!) غير أنَّه من الصعب تحديد فهم واضحٍ لا خلاف عليه لمعنى المُعاداة هذه، فهل يُمكن اعتبار المُجاهرة بالرَّدة نوعًا من المُعاداة أو الحرب على الله ورسوله مثلًا؟ وهي يُمكن اعتبار انتقاد الإسلام وتشريعاته، بعد الرِّدة، مُعاداةً ومحاربةً لله ورسوله؟ الحقيقة أنَّ كثيرًا من المُسلمين الذين يرفضون مبدأ قتل المُرتد لا يرون غضاضةً في قتل المُرتد المُجاهر بردته، والذي ينتقد الإسلام وتشريعاته علنًا، ويعتبرون ذلك مُعاداةً واضحة للإسلام، وهذا موقف غريب وغير مُتسق على الإطلاق؛ إذ أنَّ المُرتد لم يكن له ليرتد إن لم تكن له انتقادات واضحة ضد التشريعات الإسلامية أو بعضها، فكيف يُمكن الفصل بين الرِّدة وأسباب الرِّدة؟ الحقيقة أنَّ هؤلاء يسمحون للمُسلم بأن يرتد لأنَّهم يرون ذلك إقرارًا له بحرية الفكر والدين: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} {فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ}، ولكنهم في الوقت ذاته يرغبون في أن يفعل ذلك في صمتٍ وفي هدوء، دون أن يُعلن عن ردته، أو دون أن يُوضح أسباب ردته هذه، أو حتى دون أن يُقدَّم انتقاداته للهذا الدين، وهذا فيه تغول على حقٍ هو من الحقوق الأساسية لأيَّ إنسان، وهو حق الرأي والتعبير المرتبط بصورة وثيقة بحرية الفكر، فما فائدة أن يمتلك شخص حرية أن يُفكر دون أن يمتلك حرية أن يُعبَّر عن أفكاره هذه؟
حرية الفكر مرتبطة تمامًا بحرية الرأي والتعبير، ولهذا فإنَّه تم إيرادهما بالتتابع في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، في المادة 18 والمادة 19، فنقرأ في نص المادة 18: "Everyone has the right to freedom of thought, conscience and religion; this right includes freedom to change his religion or belief, and freedom, either alone or in community with others and in public or private, to manifest his religion or belief in teaching, practice, worship and observance."(المصدر: un.org/en/documents/udhr) وترجمة البند باختصار: "لكل فرد الحق في حرية الفكر والضمير والدين، ويشمل هذا الحق حريته في تغيير دينه أو معتقده سواءً بشكل منفرد أو بشكل جماعي وسواءً علنًا أو سرًا، كما يحق له المجاهرة بديانته أو معتقداته وممارسة شعائره وعباداته." في حين تنص المادة التالية لها مباشرةً على حرية التعبير والرأي، فنقرأ في البند 19 ما يلي: " Everyone has the right to freedom of opinion and expression; this right includes freedom to hold opinions without interference and to seek, receive and impart information and ideas through any media and regardless of frontiers "(المصدر السابق) وترجمة ذلك باختصار على النحو التالي: "لكل شخص الحق في حرية الرأي والتعبير، ويشمل هذا الحق حريته في اعتناق الآراء والمعتقدات دون مضايقة، وحرية تلقي ونقل المعلومات والأفكار بأية وسيلة متاحة دون تقييد". ويُصبح من العبث أن نسمح بحرية الفكر دون أن نسمح بحرية الرأي والتعبير.
تصبح المُشكلة الأساسية في هذه الحالة اعتقاد البعض أنَّ مُجرَّد انتقاد العقائد والأديان في حد ذاته مُعاداةً أو محاربةً لها، فلا شيء يُمكن أن يُقال عنه أنَّه فوق أو خارج حدود النقد، بما في ذلك النصوص الدينية، لأنَّها وإن كانت مُقدسة عند أتباع الديانة إلَّا أنَّها ليست كذلك لدى الآخرين، ومن الغريب جدًا أن يُطالب أصحاب المُعتقدات من الآخرين احترام مُعتقداتهم، وهذه النقطة بالتحديد قد تشي لنا بسوء فهم كبير جدًا لمعنى احترام المُعتقدات، فماذا يعنون بالتحديد من عبارة (احترام كريم المُعتقدات) التي نقرأها ونسمعها تتردد كثيرًا؟ هل يقصود أن نحترم المعتقدات ذاتها أم نحترم لهم اعتقادهم بهذه المعتقدات؟ الحقيقة أنَّ الفارق هنا كبير وعميق جدًا، فنحن، فعلًا، مُطالبون بأن نحترم للمسلمين إيمانهم بعقيدتهم ومُقدساتهم، وأن نحترم للمسيحيين إيمانهم بعقيدتهم ومُقدساتهم، وأن نحترم للهندوس إيمانهم بعقيدتهم ومُقدساتهم، وهذا النوع من الاحترام يُعتبر في أساسه نوعًا من احترام الإنسان نفسه، باعتباره كائنًا مُفكرًا وصاحب حرية في فكره، ولكن هل نحن مُلزمون باحترام هذه المعتقدات نفسها؟ وهل يُمكن اعتبار انتقاد هذه المُعتقدات عدم احترام لها؟
الواقع أنَّ دعوة الآخرين لاحترام معتقدات الغير (وليس احترام الغير في أن يعتقدوا بما يشاؤون) وربط ذلك بضرورة عدم التعرُّض لهذه المُعتقدات بالنقد، دعوة صريحة لممارسة النفاق الاجتماعي والفكري، فأنا في الحقيقة لا أحترم عقيدة المسيحيين في قيام يسوع من بين الأموات وأعتبر ذلك ضربًا من الخرافة، ولا أحترم عقيدة المسلمين في تقديس الكعبة والطواف حولها أو الاتجاه نحوهها في الصلاة وأعتبر ذلك امتدادًا وتأصيلًا للوثنية البائدة، وسواء أعلنتُ ذلك أم لم أُعلن فإنَّ هذا هو رأيي حول هذه المُعتقدات، ومُطالبتي بعدم الإفصاح عن هذه الآراء أو مُناقشتها، هو طلب صريح لي بممارسة النفاق، وعندها يُصبح حكم قتل المُجاهرة بالردة (عبر طرح هذه الآراء ومُناقشتها) تغوَّلًا على حقي الأصيل في التعبير عن هذه الآراء، وعندها سيكون عقوبة الرِّدة بالنسبة إليّ عقوبة لعدم ممارسة النفاق.
الحقيقة أنَّ المُسلمين يُجاهرون بمُعتقداتهم التي هي في بعض أجزائها احتقار ونقد لمُعتقداتٍ أخرى، وكذلك بالنسبة للنصوص المقدسة لدى المسيحيين؛ فلماذا لا يُمكن مُطالبتهم بممارسة النفاق الفكري بالمُقابل؟ إنَّ مطالبة الآخرين باحترام المُعتقدات عبر مُطالبتهم بعدم التصريح بآرائهم المُخالفة يُعبِّر عن ضعفٍ في منظومة الأفكار الدينية التي تخاف من المواجهة المُباشرة مع الآراء الأخرى المُخالفة، لأنَّ المفروض هو أن تتقابل جميع الآراء المطروحة، وأن تتصارع وأن تُفنَّد مع ضمان الحق الكامل لكل شخص، بعد ذلك، بالاعتقاد بما يشاء، أمَّا الاعتقاد بشيء ما، مع إخراس الأصوات الأخرى، لا ينم عن شيء إلَّا عن الخوف من الخسارة أمام الآراء الأخرى في معركة عادلة ومشروعة. وإنَّني أقول لهؤلاء الخائفين: "إن كنتم تؤمن فعلًا بأنَّ ما تعتقدون به هو الحقيقة؛ فلماذا تخشون من النقد؟" هنالك المئات من المسلمين الذين انتقلوا إلى المسيحية عن قناعة كاملة وشعروا بالراحة النفسية لذلك، وهنالك المئات في المقابل انتقلوا من المسيحية إلى الإسلام عن قناعة كاملة، وشعروا، كذلك، بالراحة النفسية لذلك، فلولا تلاقح الأفكار والآراء لما كان للمسلمين أن يبتهجوا بازدياد عدد المسلمين حول العالم، وكذلك الأمر بالنسبة للمسيحيين؛ فلماذا الخوف إذن؟ ما أراه أنا: أنَّ الأفكار الدينية قد لا تخشى التلاقح مع بعضها البعض، وقد يتقبَّل المسلمون أن يعيش المسيحيون بين ظهرانيهم، وقد يتقبل المسيحيون أن يعيش المسلمون بين ظهرانيهم، ولكن الأفكار الدينية تشعر بالضعف والخواء أمام الأفكار غير الدينية التي لا تعترف بالمُقدس، بل تفتح على الدوام نافذة للعقل في جُب الخرافات واللامعقولات التي تزخر بها هذه الأديان، وعندها يشعر المُتدينون بالخوف والرعب، وهذا الخوف يتمظهر في إحالته إلى الخوف على المُقدسات، ولكنه في الحقيقة ليس كذلك، فلو كانوا مؤمنين فعلًا لعرفوا أنَّ لأديانهم إلهًا باستطاعته حماية دينه.
لا يستطيع المُسلم أن يُناقش المسيحي حول خرافة قيامة يسوع من بين الأموات، لأنَّ تراثه زاخر بالعديد من الذين أقامهم الله من بين الأموات، ولا يُمكن أن يُناقشه في قضية ميلاد يسوع المُعجز لأنَّه مُؤمن بهذه القضية، ولكنه لا يملك أمام اللاديني إلَّا تلك الحجة العتيقة: "الله على كل شيء قدير" وعندما تفقد هذه الحجة منطقها أمام قوة العلم الذي ينطلق منه اللاديني، فإنَّه يشعر بالخوف، ليس الخوف من مُقدساته فحسب؛ بل الخوف من اعتقاده هو الشخصي، فهم يخشون من اهتزاز عقيدتهم في مثل هذه المواجهات، وعندها لا يكون هنالك حلٌ آخر لتهدئة هذا الخوف إلَّا بقتل هؤلاء حتى تهدأ نفسوهم عندما تستقر وتسكن العقيدة في أذهانهم، آمنةً ممن يهزها ويُزعزعها. قتل المُرتد والمحارب لله ورسوله ينبع تمامًا من هذا المفهوم النفسي القابع بخفاءٍ في لاوعيهم؛ وإلَّا فلا وجود لحكمة على الإطلاق من عبارة (محاربة الله ورسوله) فلا أحد يستطيع أن يُحارب الله، وإذا حدث ذلك، فالله لا يحتاج لمن يُدافع عنه، فهو قادرٌ على الدفاع عن نفسه، والرسول قد مات، فلا خوف من محاربة الموتى، ولكنهم في الحقيقة يتخفون وراء هذه العبارة المُرعبة، لأنَّهم يعلمون أنَّ الله ليس بقادرٍ على الدفاع عن نفسه، ويستشعرون أنَّهم من واجبهم، كمؤمنين، أن يقوموا بذلك عوضًا عنه.
#هشام_آدم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عن العلمانية مرَّة أخرى
-
الحواس التوأمية للإنسان
-
انفجار .. فجأة .. صدفة .. تطوّر
-
السَّببية مقبرةُ الإله
-
فنتازيا التطوُّر
-
دردشه فقهية: تعدد الزوجات
-
خرافة التكليف الإلهي للإنسان
-
كوانتم الشفاء
-
شرح وتبسيط لنظرية التطوّر
-
لا تناظروا المسلمين حتى ...
-
العلم من وجهة النظر الدينية
-
في الرد على د. عدنان إبراهيم - 3
-
في الرد على د. عدنان إبراهيم - 2
-
في الرد على د. عدنان إبراهيم - 1
-
بين موت المسيح وقيامته
-
تفسيرٌ غير مُقدَّس لنصٍ مُقدَّس
-
تأملات في العقيدة المسيحية
-
عن المسيحية والبالتوك - 6
-
عن المسيحية والبالتوك - 5
-
عن المسيحية والبالتوك - 4
المزيد.....
-
وجهتكم الأولى للترفيه والتعليم للأطفال.. استقبلوا قناة طيور
...
-
بابا الفاتيكان: تعرضت لمحاولة اغتيال في العراق
-
” فرح واغاني طول اليوم ” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 اس
...
-
قائد الثورة الإسلامية: توهم العدو بانتهاء المقاومة خطأ كامل
...
-
نائب امين عام حركة الجهاد الاسلامي محمد الهندي: هناك تفاؤل ب
...
-
اتصالات أوروبية مع -حكام سوريا الإسلاميين- وقسد تحذر من -هجو
...
-
الرئيس التركي ينعى صاحب -روح الروح- (فيديوهات)
-
صدمة بمواقع التواصل بعد استشهاد صاحب مقولة -روح الروح-
-
بابا الفاتيكان يكشف: تعرضت لمحاولة اغتيال في العراق عام 2021
...
-
كاتدرائية نوتردام في باريس: هل تستعيد زخم السياح بعد انتهاء
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|